مع توالي النكسات العسكرية لتنظيم الدولة الاسلامية في مناطق سيطرته على الاراضي العراقية السورية، يستعد المسؤولون في الدول التي غادر منها متطوعون للانضمام الى هذا التنظيم المتطرف للتعامل مع مشكلة عودتهم الشائكة. اما بلجيكا فتقدر عدد مواطنيها الذين غادروا للقتال في صفوف التنظيم الجهادي بحوالى 500. في مقابلة مع صحيفة لوموند اوضح مدعي عام باريس فرنسوا مولانس «هذا ما يمكن ان نسميه خطر العودة»، مضيفا «في وقت ما سيترتب علينا ان نواجه عودة عدد كبير من المقاتلين الفرنسيين وعائلاتهم». وفي ما يتعلق بالذين يتم رصدهم اثناء سفرهم الى مناطق القتال في سوريا والعراق او المحطات اليها التي غالبا ما تكون تركيا، شددت فرنسا واغلبية الدول قوانينها لتشمل سجنهم بشكل منهجي وعقوبات اكثر شدة ومراقبة معززة لحالات الافراج المشروط. اضاف مولانس ان فرنسا تعد حاليا حوالى الف شخص «خاضعين او خضعوا لتحقيقات قضائية في قضايا ارهاب اسلامي»، بينهم 280 وجهت اليهم اتهامات و167 محتجزون. لكن مقتل كاهن في كنيسته في اخر تموز/يوليو بيد جهادي سبق ان وجه اليه الاتهام ووضع قيد المراقبة القضائية ويضع سوارا الكترونيا اظهر محدودية المراقبة امام افراد متمرسين في اخفاء المظاهر التي قد تكشف انتماءاتهم الى تنظيمات متطرفة. واوضح المحلل السابق في مجال مكافحة الارهاب في المديرية العامة للامن الخارجي (مخابرات) الخبير ايف تروتينيون لوكالة فرانس برس ان «وضع الذين نقبض عليهم واضح، فهم يوضعون قيد المراجعة القضائية». وتابع «لكن عندئذ تطرح مسألة اعتقالهم وسلوكهم في السجن والتطرف في الحبس وتطبيق العقوبات. فهؤلاء الافراد خطيرون، وان حوكموا استنادا الى الوقائع الموثقة لدى القضاء فسينالون (عقوبات بالسجن) لثلاث او اربع سنوات. ماذا سيحل بهم لاحقا؟». اضاف ان الاكثر اثارة للمخاوف هو حالة الجهاديين المتمرسين اصحاب الخبرات في التخفي بسبب بقائهم لفترة طويلة تحت رقابة اجهزة الشرطة والاستخبارات. وقال «المشكلة الحقيقية هم الافراد الذين يعودون ولا نلاحظ عودتهم، او الذين اصلا غادروا ولم نتنبه لمغادرتهم»، «والخطر الحقيقي يتمثل بالعائدين مع الاحتفاظ بقناعاتهم فيعدون الاعتداءات ويشكلون شبكات. نعلم منذ اشهر ان تنظيم الدولة الاسلامية يستعد لهزيمته العسكرية، وسيعود الى العمل الحركي السري المدني». كما يتضاعف خطر هؤلاء بحسب تروتينيون «لانهم لن يستقلوا الطائرة مباشرة الى اوروبا الغربية بل سيقومون بتحويلات في مسارهم وبمحطات قد تستغرق اشهرا في بلدان يعمدون فيها الى تغيير هوياتهم، وهذا سبق ان حصل. في هذه الحالات سيتوارون ثم يعاودون الظهور». وسط مشكلة العودة هذه، تلعب تركيا دورا حيويا نظرا الى انها بلد عبور منذ سنوات للاكثرية الكبرى من المتطوعين الاجانب الساعين للالتحاق بتنظيم الدولة الاسلامية. كما ان جيشها سيطر مؤخرا على الكيلومترات القليلة على الحدود مع سوريا التي كان التنظيم الجهادي ما زال قادرا على تهريب العناصر والعتاد عبرها». واكد مصدر دبلوماسي رفض الكشف عن اسمه للصحافة ان «الحدود باتت محكمة الاغلاق» مضيفا ان «الاتراك قاموا باعمال ضخمة وحفروا الخنادق وبنوا جدرانا. بعد اليوم ان حاولتم الدخول الى تركيا او مغادرتها بشكل غير قانوني فستتعرضون لاطلاق نار». وبالنتيجة، قال وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف الثلاثاء انه تم تسجيل «تراجع كبير» في عدد الجهاديين الفرنسيين الذين تمكنوا من الوصول الى المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الاسلامية اذ تم رصد 18 منهم فقط خلال النصف الاول من 2016 مقابل 69 خلال الفترة نفسها من العام الماضي. وقال مصدر دبلوماسي ان لائحة اسماء من يحظر دخولهم الى الاراضي التركية تتضمن اكثر من 50 الف اسم، فيما اوقف حوالى 150 مواطنا فرنسيا على اراضي هذا البلد وسلموا مكبلين الى فرنسا. (أ ف ب)