2- من مجموعة "مصرف السّلف الرّحيم"3 (1919) 1- عُمْر يا فجْر، وداعاً! أخرجُ من الغابة المسكونة؛ أُواجه الطّرقات، التي هي صلبان مفرطة الحرارة. أوراقٌ مبارِكة تُضِلّني. غُشت هو بلا شُقوق مثلما طاحون. اِحفَظِ المنظر البانورامي، اِستنْشق الفضاء واجْعل كُبّة الأدخنة تنحلّ آلِيّاً. سأمضي لأختار لنفسي سِياجاً مؤقّتاً: سيتمّ العبور إن لزم ذلك من فوق شجرة البَقس. الإقليم ذو أزهار البِغونيا المُسخَّنة يُقوقئ، يُنظّم. ولْتحتشد بلطف كلابٌ خلف المقاود المزيَّنة للتّنانير! أين أبحثُ عنها، انطلاقاً من السّواقي؟ بالخطأ، وثقتُ في عِقد فقاعاتها... عيونٌ أمام نباتات الجُلْبان ذي الأريج. * قُمصان رائبةٌ على الكُرسيّ. قبّعةٌ من حرير تفتتح بانعكاساتٍ مطاردتي. يا رجل... مِرآةٌ تثأرُ لك وإذْ يُهْزَم يعاملني كلباسٍ منزوع. تعود اللحظة لِتلامس الجسد. أيّتها البيوت، أنّي أتخلّص من الجدران الدّاخليّة النّاشفة. هنالك من يَرجّ! سرير رقيق يُمازَحُ بتيجان. صِلْ إلى شِعر بَسَطاتِ السّلالم المُفْحِم. .............................. 2- بيتٌ غير مَكين حارس العمارة التي تُنشأ يقعُ ضَحيّةً لإخلاصه منذ زمن طويل، اعتبرَ أهل الحيّ أنّ أسلوبَ بناء عمارةٍ بِشارع الشُّهداء كان غيرَ معقول. فلمْ يكنْ أيّ جزء من الغِماء4 قد بدا بعد للعيان حين باشَر الصّبّاغون وواضعو ورق الجدران تزيينَ الشّقق. كانتْ صقائلُ جديدة تُنْشأ في كلّ يوم لإسناد الواجهة المترنّحة، فيما اشتدّ انزعاج العابرين الذين كان يُطمئنهم حارسُ البناية المُتكوّنة. فيا للحَدث المؤسف! لقد قُيِّض لهذا الأخير أنْ تكون حياتُه ثمناً لتفاؤله، فبالأمس، على السّاعة الثّانيّة عشرة والنّصف، وفيما كان العُمّال قد ذهبوا ليتغدّوا، هوى هيكل البناء، طامِراً إيّاه تحت الأنقاض. عُثِر على طِفْل مُغمى عليه في مكان الكارثة، وسرعان ما استعاد وعيه. إنّه ليسپوار5 الصّغير، ذو السّبع سنوات، وقد أُخِذ إلى بيتِ أبويه دونما إبطاء. وكان قد انتابه خوف شديد دون أن يلحق به ضرر يُذكَر. وقد بدأ بالمطالبة بدُرّيجته ثمّ انطلق فوقها بسرعة من أعلى الشّارع. يروي الصّبيّ أنّ رجلاً يحمل عصاً كان قد هَرع نحوه صائحاً «حذار!» فعزم على الفرار. ذلك كلّ ما يتذكّره. والبقيّة نعرِفها. فمنقذُه، المعروف جيِّداً لدى أناس الجِوار تحت اسم غِيّوم أپولينير، كان في نحو السّتّين. كان أيضاً قد حصل على ميداليّة الشّغل وكان رفقاؤه يُقدّرونه. متى سيمكننا أن نُقدّم مفتاح هذا اللغز؟ إنّ البحث جارٍ، بلا جدوى حتّى الآن، عن المقاول والمهندس المعماريّ المشرفين على البيت المائل. التّأثّر هائل. 1- العنوان الفرنسيّ : Poisson soluble ( صدر في طبعة أولة سنة 1924). 2- الكتابة : نوع من الشّجر. 3- العنوان الفرنسيّ : Mont de piété (طبعة أولى : 1919). 4- الغِماء : مجموع ما يُسْقف به البيت. 5 – ليسپوار : وتعني "الأمل" في الفرنسيّة.