يأسر نظر أي متجول زائر بمنتزه توادا على كورنيش أكَادير، مشهد سحر لوحات تشكيلية بصرية كبرى تتضمن رسومات ملاحم مدينة أكادير، قبل أن تمتد يد الزلزال إليها لتضرب بقوة ثلاثة أحياء سكنية كبرى فتحولها في دقائق معدودة إلى خراب ودمار، وهذه الأحياء السكنية هي حي إحشاش القديم وتالبرجت القديمة وحي فونتي (قصبة أكادير أوفلا ومحيطها). واحتوت هذه الجداريات البصرية ملامح بناية دمرها الزلزال في 29 فبراير 1960 كانت عبارة عن مطعم ومقهى شيدت فوق رمال الشاطئ بشكل هندسي ساحر ورائع. وأيضا ملاحم "سينما السلام" بحي الباطوار، والتي تعتبر من بقايا الزلزال إلى جانب فندق مرحبا ومقر العمالة وولاية الجهة والعمارة المحاذية لدرج سطاس بشارع محمد الخامس حاليا. كما تتضمن الجداريات ملاحم المسجد بما يحمله من رمزية قوية دالة على الدين الرسمي لمعظم سكان المدينة، وأيضا ملاحم سور قصبة أكَادير أوفلا التي يرجع بناؤها إلى العهد السعدي، زيادة على صورة إحدى السيارات القديمة والفارهة في الخمسينات من القرن الماضي، والتي أصبحت الآن من إحدى مؤثثات معارض السيارات القديمة. لذلك تعد هذه التجسيدات البصرية التوثيقية التي أنجزتها جمعية بييزاج للبيئة والتنمية بأكادير، مبادرة جريئة تستحق التنويه، لكون الجداريات لا تقل أهمية من حيث القيمة التاريخية، عن الصور الحية المعروضة حاليا بمعرض الذاكرة الجماعية لمدينة أكادير قبل الزلزال وبعده الموجود بحديقة أولهاو، والذي تشرف عليه "جمعية ملتقى إيزروان نوكادير". وإذا كانت هذه الجداريات قد شدت إليها أنظار زوار متنزه توادا بكورنيش أكَادير، من المغاربة والأجانب على حد سواء، فإن فكرة ومبادرة تأثيث الفضاء العام بجدرايات بصرية تشيكلية ينبغي ألا تقتصر على شاطئ المدينة، بل يجب أن تعمم بفضاءات عمومية أخرى بالمدينة بساحاتها العمومية ومداخل أحيائها وعلى أسوار مؤسساتها التعليمية لتمحو على الأقل ما علق بها من وشومات ورسومات خادشة للحياء وكلمات نابية تشكل نشازا وخرقا للغتنا المعيارية النقية.