ربما لن تتمكن القوة المسلحة وحدها من إنقاذ الزعيم الليبي معمر القذافي، لكن حتى مع تقلص الجيش بسبب انحياز كثير من أفراده إلى المحتجين ما زال القذافي يملك من القوة العسكرية ما يمكنه من إثارة الفوضى أو ربما الحرب الأهلية. ويقول محللون يراقبون الأزمة الليبية، إن النتيجة المتوقعة هي أن يستولي الثوار على العاصمة طرابلس في النهاية، لينتهي الأمر بقتل القذافي أو القبض عليه مع مجموعة من أهم مؤيديه. ويقول كثيرون ممن يعرفون القذافي، إنه سيقاتل حتى النهاية، على الرغم من أن الفرص تتضاءل أمام حكمه المستمر منذ 41 عاما، بعد فقده السيطرة على عدة مدن، وانشقاق كثير من جيشه عنه، وتخلي مسؤولين ودبلوماسيين ليبيين أمام العالم عن صلتهم بالحكومة الليبية. وفي علامة مشؤومة للقذافي خرجت أحياء فقيرة في طرابلس عليه صراحة خلال جنازة، يوم السبت، وقال سكان بالعاصمة الليبية، إن قوات الأمن تركت حي تاجوراء الذي يقطنه سكان من الطبقة المتوسطة بعد أيام من الاحتجاجات. لكن هزيمة القذافي قد لا تحدث بهذه السلاسة، وعلى المدى القصير ربما لا تكون الاحتمال الوحيد، وفيما يلي عدة سيناريوهات بديلة: أن يصد القذافي التمرد على حكمه، وتنتهي الأزمة مع المطالبين بسقوطه. قال جون ماركس، رئيس مركز معلومات عبر الحدود البريطاني الاستشاري: إن القذافي مع امتلاكه لعدة آلاف من الجنود المدعومين بالمدرعات الثقيلة والمنتشرين حول العاصمة، ومع القمع العنيف الذي يقوم به أنصاره المسلحون للمحتجين داخلها ربما كان لدى الزعيم الليبي ما يكفي من القوة العسكرية في الوقت الحالي، لحرمان معارضيه من أي مكاسب في طرابلس. وقال ماركس: إن المعارضين في العاصمة ينتظرون «تعزيزات»، لكنه قال إن التعزيزات قد لا تصل إذا نجح خميس نجل الزعيم الليبي في سحق التقدم على الطرق المؤدية للعاصمة بفرقته الثانية والثلاثين، التي يقال إنها فرقة قوية. ويقول الخبراء الأمنيون، إنه بالإضافة إلى أن المئات وربما الآلاف من عناصر الأمن الداخلي المسلحة في طرابلس قد تقوم بدور جهاز الإنذار أمام أية محاولة مفاجئة لتسلل المسلحين إلى العاصمة من المناطق الخارجة على حكم القذافي. ويقول الخبراء العسكريون، إن القذافي يستطيع جمع ما بين 10 إلى 12 ألف جندي، إلى جانب الموالين له في الأجهزة الأمنية والمرتزقة، كما أنه يسيطر على مطار طرابلس ومينائها. ومن الممكن أن تمنح الأزمة القذافي وقتا كافيا كي يمد جسورا اقتصادية أو شبه عسكرية إلى إي من القبائل التي لم تعلن بعد انشقاقها عليه. أن يفر القذافي من طرابلس ويبدأ حرب عصابات من الصحراء. قال سعد جابر، المحامي الجزائري المقيم في لندن، والذي يعرف عددا كبيرا من كبار مسؤولي النظام الليبي: إن استمرار القذافي في الحكم قد أصبح مستحيلا. وقال: ان الأمر أصبح الآن يتعلق ببقاء القذافي على قيد الحياة لا بقائه في الحكم. وقال: إن القذافي سيخلق الظروف المناسبة لحرب عصابات، وأن هذا هو السبب الذي قاده إلى دعوة الليبيين إلى حمل السلاح. ومن الممكن أن يفر القذافي إلى أراضي قبيلته في منطقة سبها الصحراوية الجنوبية، ليحاول ضرب استقرار البلاد من هناك، كما أنه من الممكن أن يتجه إلى مدينته سرت، وهي خطوة تنطوي على خطورة لقربها من الشرق الذي سقط في أيدي المحتجين. وقال جابر، إن شخصا مثل القذافي بالتأكيد قد أقام لنفسه مخابئ في الصحراء، وأنه من هناك قد يبدأ القتال من أجل استعادة السيطرة على البلاد أو على جزء منها. وقال جيف بورتر، المحلل الأمريكي المستقل: إنه يتصور أن الأزمة ستنتهي بعملية بحث عن القذافي الذي قد يسقط من السلطة، لكنه يفر مع جمع من الموالين له ليختفي لعدة أسابيع دون أن يعرف مكانه. أن يفر القذافي من طرابلس، وأن توافق القبائل على هدنة منعا للفوضى قال جابر: إن وقت القذافي قد انتهى، لكن السؤال يتعلق بمقدار الدمار الذي سيسببه قبل أن يرحل بالفعل. وأضاف، أن مقدار الارتباك الذي قد تثيره هزيمة القذافي يعتمد على إخلاص قبيلته وأقاربه له. وعند مرحلة ما قد تقرر قبيلة القذاذفة التي ينتمي إليها القذافي التفاوض مع القبائل الأخرى، والاتفاق على وقف القتال. ويقول الخبير الليبي منصور الكيخيا: إن الانقسامات داخل قبيلة القذاذفة قد بدأت بالفعل بين المؤيدين للقذافي والمعارضين له، وتريد القذاذفة أن تفعل أي شيء حتى لا تتعرض للملاحقة من أي سلطة انتقامية جديدة في ليبيا ما بعد القذافي. أن يشعل القذافي حربا أهلية حقيقية. هذا هو السيناريو الأرجح في الوقت الراهن، لكن ماركس قال، إنه قد يتصور أزمة بين «دولة عجيبة على هيئة مدينة تحكمها هذه الفئة من قوات القذافي، بينما تحكم بقية البلاد المعارضة غير القادرة على الاستيلاء على العاصمة بسرعة، وإذا استمر هذا الموقف فربما تقع البلاد في الحرب الأهلية». وقال جابر: إنه كلما طالت فترة قمع القذافي للاحتجاجات ازدادت صعوبة تفاوض قبيلته على تسوية سلمية. أن يسقط القذافي ويهرب إلى الخارج. قال جابر: إنه يتصور أن يرضخ القذافي لنصائح أقرب أقاربه بالتفاوض مع زعماء القبائل الحليفة وكبار ضباط الجيش، من أجل الحصول على الخروج الآمن من البلاد. وقال: إنه لاحظ لجوء العديد من المنشقين من أنصار الزعيم الليبي إلى قبائلهم، وهو ما يسلط الضوء في نظره على أهمية القبائل في تحديد مستقبل القذافي. وأضاف أن القذافي وأقاربه قد يتفاوضوا مع القبائل الحليفة على وقف القتال بشرط السماح للقذافي بمغادرة البلاد دون محاكمة. ومن المتوقع ألا ترحب دول كثيرة باستضافة القذافي، وبمجرد خروجه من ليبيا سيكون الزعيم الليبي عرضة لأية محاولة مستقبلية لتسليمه إلى المحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية لارتكاب جرائم حرب.