أغلب الانقلابات العسكرية في العالم نسبتها التكرارية تميل لصالح أشهر الصيف الثلاثة. انقلاب تركيا الأخير حصل هذا الصيف، وانقلابات المغرب حصلت في فصل الصيف، وانقلاب الضباط الأحرار بمصر بقيادة عبد الناصر حصل في الصيف، وانقلاب العراق الذي سيحمل حزب البعث الى السلطة حدث في يوليوز من سنة 1968 لماذا يختار الانقلابيون فصل الصيف للقيام بعملياتهم؟ فأغلب الانقلابات التي شهدها العالم بصفة عامة، كما شهدتها المنطقة العربية وافريقيا بصفة خاصة، تم في فصل الصيف، حيث يقول السوسيولوجي الاستاذ نور الدين الزاهي: «أغلب الانقلابات العسكرية في العالم نسبتها التكرارية تميل لصالح أشهر الصيف الثلاثة. انقلاب تركيا الأخير حصل هذا الصيف، وانقلابات المغرب حصلت في فصل الصيف، وانقلاب الضباط الأحرار بمصر بقيادة عبد الناصر حصل في الصيف، وانقلاب العراق الذي سيحمل حزب البعث الى السلطة حدث في يوليوز من سنة 1968م»، ويضيف أنه «من الناحية الرمزية الثقافية يرتبط الصيف، سواء في الميثولوجيا اليونانية أو في المتخيل الرمزي عامة بالحرارة والنار والدم، واللون الأحمر هو صورته الرمزية. يكثف الجمر كل هاته الترميزات، والجمر في المتخيل السياسي اليساري عموما له علاقة قرابة بالرصاص والعسكر. فالانقلابات العسكرية هي ديكتاتوريات صاعدة تحصل في الأغلب الأعم ضد ديكتاتوريات مماثلة لها تهدد وجودها أو تستهدف ديموقراطيات ناشئة تهدد وجودها كذلك . في الحالتين معا يكون العسكر الانقلابي حاملا للون الجمر والدم في سريرته ، وفي بعض محاولات الانقلاب كان اختيار الصيف لأن من يحكمون البلد يفضلون قضاء عطلتهم خارج بلدانهم. فالصيف يترك كرسي الحكم فارغا ويحفز العسكر للاستيلاء عليه». وهكذا شهد العالم انقلابات ملفوفة بشعارات مغموسة في «الحفاظ على الديمقراطية»، «حماية الشعب»، «الحرية»، وهي الشعارات التي رفعها الانقلابيون في محاولة لتجميل الانقلاب وتبريره أمام الشعب والعالم الخارجي. وقد شهد القرن الحادي والعشرين انحسارا كبيرًا في ظاهرة الانقلابات العسكرية على المستوى العالمي، فمن أكثر من 20 انقلابا في العام الواحد خلال الفترة من ستينيات القرن الماضي وحتى منتصف الثمانينيات، إلى خمسة انقلابات في العام خلال القرن الجديد، وذلك بفعل الوعي السياسي المتنامي، وبسبب السمعة الدولية السيئة للانقلابات العسكرية وللقائمين بها. ومنذ عام 2010 وحتى قبل الانقلاب العسكري في تركيا شهد العالم 21 محاولة انقلابية نجح منها 4 انقلابات فقط في النيجر ومالي وغينيا بيساو وإفريقيا الوسطى، وهي انقلابات تتم في الغالب الأعم في الصيف، أو على عتباته أو مشارفه. انقلابات ضد الحسن الثاني شهد المغرب في بداية السبعينيات من القرن الماضي محاولتين انقلابيتين ضد الحسن الثاني ، باءت بالفشل، وتزامنت في فصل الصيف أي شهري يوليوز وغشت . ففي 10 يوليو ز 1971، قامت مجموعتان عسكريتان تابعتان للمدرسة الحربية الملكية بمداهمة قصر الصخيرات الملكي أثناء الاحتفال الذي كان يجري بمناسبة «عيد الشباب»عيد ميلاد الملك. انقلاب الصخيرات أو انقلاب 1971 كان محاولة فاشلة تمت بمدينة الصخيرات في القصر الملكي. وقد تزعمها بعض الجنرالات العسكريين وبالأخص الكولونيل أمحمد أعبابو قائد مدرسة أهرمومو العسكرية والجنرال محمد المذبوح، لاغتيال ملك المغرب الحسن الثاني في يوم 10 يوليو 1971 المصادف لذكرى عيد ميلاده ال42. وكانت هذه أول محاولة انقلاب ضمن العديد من الانقلابات التي ينجو منها الملك الراحل الحسن الثاني. هذه المحاولة الانقلابية أدت إلى مقتل عشرات من المدعوين والضباط ورجال البلاط والمشاهير والشخصيات المحلية والعالمية. وكان الجنرال المذبوح هو من قاد هذا الانقلاب، ولكنه قتل أثناء الهجوم الذي حصل على قصر الصخيرات على يد الكولونيل اعبابو الذي كان من المفترض أن يكون شريكه، إلا أنه عاد وانقلب عليه. وبأمر من المحكمة العسكرية العليا تم تنفيذ حكم الإعدام بحق عشرة ضباط من بينهم أربعة جنرالات، وقد سعى الجنرال أوفقير لدى الملك من أجل إصدار عفو عام بحق 1081 من تلامذة المدرسة الحربية، ونجح بالحصول عليه. وفشلت المحاولة الانقلابية الثانية التي قادها أوفقير، والتي جرت يوم 16 غشت 1972 ، حيث قام بها أفراد من سلاح الجو المغربي لاغتيال الملك الحسن الثاني عن طريق مهاجمة طائرة البوينغ الملكية القادمة من برشلونة. فبينما كان الملك الحسن الثاني عائدا إلى المغرب قامت ثلاث طائرات من سرب الطيران المرافق له بإطلاق النيران على الطائرة الملكية، أصيبت المحركات الثلاثة للطائرة وخزان الوقود، إلا أنَّ الطائرة استطاعت الهبوط بسلام ونجا الملك من أخطر محاولة انقلاب تعرض لها. صيف رمضاني في السودان بعد انقلاب ناجح عام 1989 استطاع البشير أن يحكم قبضته على الحكم في السودان، لكنَّ تلكَ القبضة تعرضت للعديد من المحاولات الانقلابية التي فشلت جميعًا! كانت أشهر هذه المحاولات وأخطرها محاولة رمضان 1990 حينما قامت مجموعة من ضباط الجيش السوداني بمحاولة انقلاب وُئدت في مهدها. يسمي المعارضون انقلاب رمضان ب»انقلاب المذبحة»لأنَّ قادته الثمانية والعشرين قد حوكموا محاكمات عسكرية كانت جميع أحكامها الإعدام ولم يخفَّف الحكم، كان من بين القادة الفريق خالد الزين واللواء ركن عثمان إدريس، كانت الحركة قد أطلقت على نفسها اسم «الخلاص» اسمًا حركيًا. انقلابي 1990 و 1996 على صدام حسين لم يكن صدام حسين أوفر من البشير حظًا، فقد واجه نظامه محاولات انقلابية عديدة إلا أنه استطاع إفشالها جميعًا رغم الظروف الصعبة التي كانت تحيط بنظامه. في يناير 1990 وأثناء الاحتفال بتأسيس الجيش العراقي كانت الخطة الانقلابية ستسير كالتالي: بينما صدام حسين على المنصة ستقصف الدبابات المشاركة في العرض العسكري المنصة وتقوم الطائرات كذلك بقصف المنصة ويقوم بعض القيادات بالسيطرة على القصر الرئاسي وغيرها من التكتيكات التي كانت تستهدف القضاء على رجالات النظام كلها راحت هباءً بسبب أجهزة المخابرات العراقية التي أفشلت المحاولة، كان الروائي العراقي حسن مطلق أحد أعضاء هذه الحركة ما أدى إلى إعدامه. صدام حسين أفشل العديد من محاولات الانقلاب في العام 1996 قامت حركة الوفاق الوطني العراقي بمحاولة انقلاب فاشلة بالتعاون مع المخابرات الأمريكية وبعض قادة الجيش الكبار! استطاع صدام أيضًا أن يفشل هذه المحاولة وأعدم قرابة ثلاثين ضابطًا كبيرًا واعتقل قرابة المئة. الانقلاب على القذافي بعد ثلاثة شهور من انقلابه! استطاع القذافي أن يصل للسلطة في ليبيا عبر انقلاب عسكري قاده على الحكم السنوسي عام 1969 في سبتمبر، بدأَ القذافي بالاستئثار بالسلطة وتركيزها في قبضته ما جعل رفاقه في انقلابه السابق المقدم آدم حواز والمقدم موسى الحاسي في 7 ديسمبر من العام نفسه يقومون بانقلاب عسكري، عبر السيطرة على بعض المعسكرات الهامة شرق ليبيا، لكنَّ القذافي استطاع أن يحبط المحاولة في نفس اليوم وقام باعتقال الرفيقين السابقين، لقي الأول حتفه في السجن وسجن الآخر لمدة عشرين عامًا. لكنَّ المحاولات الانقلابية على نظام القذافي لم تهدأ فبعد سنة واحدة حاول عبدالله عابد السنوسي القيام بانقلاب لكنه فشل قبل الشروع في تنفيذه، كذلك محاولات المحيشي عام 1975 والجبهة الوطنية 1984 وعام 1993 وعام 2008 من قبل ابنه المعتصم قد تم إفشالهم جميعًا من قبل القذافي. صيف الانقلاب في تركيا شهدت تركيا ليلة الجمعة / السبت 15 يوليوز من الشهر الماضي، المحاولة الانقلابية التركية وهي محاولة انقلاب عسكري فاشلة لمجموعة من ضباط القوات المسلحة التركية حسب تأكيد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم ، وكان قد دبرها فصيل داخل القوات المسلحة التركية، وأعلن مدبرو الانقلاب إنشاء مجلس السلم من أجل أن تكون الهيئة الحاكمة في البلد من خلال بيان بث بعد سيطرتهم على قناة «تي آر تي» الرسمية التركية والذي تضمن خلاله حظر التجول في أنحاء البلاد وإغلاق المطارات، وحسب المصادر العسكرية التركية فان قائدي القوات الجوية والبرية هما من نفذا الانقلاب على الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، وأن محرم كوسا وهو المستشار القانوني لرئيس الأركان هو من خطط للانقلاب. ودعا الرئيس أردوغان، في حديث له عبر مواقع التواصل الاجتماعي، الناس للنزول إلى الشوارع لصد محاولة الانقلاب، ووفقا لوكالة أنباء دوغان، فإن قسما من الجنود أطلقوا النار على مجموعة من الأشخاص حاولوا عبور جسر البوسفور احتجاجا على محاولة الانقلاب مما أسفر عن وقوع إصابات، في حين سمع دوي طلقات نارية قرب المطارات الرئيسية في أنقرة واسطنبول. وفي مدينة أنقرة قصفت مروحية تابعة للانقلابيين مبنى البرلمان التركي. وحسب مواقع تركية فقد تم عزل 34 من قيادات الجيش التركي بينهم 5 جنرالات واعتقل 754 عسكرياً لهم علاقة بمحاولة الانقلاب. وقتل نحو ستين شخصاً وعشرات الجرحى وحسب النائب العام فإن 42 قتيلا سقطوا في أنقرة بينهم 12 شرطيا. انقلاب 1955 في الأرجنتين تحالفت المؤسسة العسكرية في الأرجنتين بالتعاون مع أحزاب المعارضة، للإطاحة بالرئيس الأرجنتيني خوان بيرون سنة 1955، بعد أن تفاقمت المشكلات الاقتصادية في البلاد، واعتراض المعارضة على طرق حل الرئيس لهذه المشاكل. وخلال أحداث الانقلاب العسكري وثورة الجماهير في الشارع، قامت مقاتلات تابعة لسلاح الجو البحري والجوي بقصف ميدان «بلازا دي مايو»، واستمرت أحداث العنف لتسفر عن مقتل المئات من المدنيين، في حين قامت بعض الجماعات التابعة لبيرون بحرق العديد من الكنائس، إذ اندلع الخلاف بين بيرون وبين الكنيسة الكاثوليكية قبل الانقلاب بعام. انقلاب الشيلي 1973 عقب الاضطرابات السياسية والاجتماعية في الشيلي، أطاحت القوات العسكرية الحكومة بالرئيس سلفادور الليندي بانقلاب عسكري، كلف الزعيم الشيلي حياته. وقامت القوات الانقلابية خلال أول شهر بعد وقوع الانقلاب، بإعدام العديد من المعارضين اليساريين، والذين قدر عددهم بحسب بعض المصادر بالآلاف، كما صدر قرار باعتقال أي شخص رجلاً، امرأة، طفلاً، في الشوارع في صبيحة يوم 11 شتنبر ، ما أدى إلى اعتقال من 40 ألفا إلى 50 ألف شخص، بالإضافة إلى سجن وتعذيب المئات. كما اشتهر ملعب «خوليو مارتينيز برادانوس» الوطني بشيلي، باحتوائه حوالي 40 ألف معتقل على فترات متعاقبة عقب الانقلاب، حيث تم وضع الرجال في الملعب، والنساء في حمامات السباحة وغرف تغيير الملابس.