أخيرا وافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على اتفاق لمدة عامين مع المغرب لتجديد القرض الائتماني أو ما يعرف بخط الوقاية والسيولة ، وذلك بقيمة تناهز 3.47 مليار دولار أمريكي، أي ما يعادل 280% من مساهمة المغرب في الصندوق. ويتيح هذا الاتفاق في عامه الأول إمكانية سحب المغرب لمبلغ يناهاز 1.73 مليار دولار أمريكي . غير أن تجديد خط السيولة ، كما في المرات السابقة ، لم يكن متاحا لولا موافقة الحكومة على شروط و إملاءات البنك الدولي الداعية إلى مزيد من التقشف للتحكم في عجز المالية العمومية و ضبط النفقات العمومية . وحسب صندوق النقد الدولي، فإن المغرب ملزم بالتقيد بتنفيذ 10 وصايا رئيسية للاستفادة من مقتضيات القرض الائتماني ويتعلق الأمر بتقليص مواطن ضعف الميزانية ، تحقيق معدل نمو أعلى، ضبط الإنفاق العمومي ، الإصلاح الضريبي، و إصلاح التقاعد، تنفيذ اللامركزية في المالية العمومية، تحرير سعر الصرف ، إصلاح مناخ الأعمال ، خفض مستويات البطالة، وإشراك النساء في سوق الشغل. وبالتفصيل، قال الصندوق إن الحكومة يجب أن تبقى «ملتزمة بمواصلة العمل على تقليص مواطن الضعف في المالية العامة والحسابات الخارجية مع تدعيم الركائز اللازمة لتحقيق نمو أعلى وأكثر احتواء لمختلف شرائح السكان.» وأوصى الصندوق الحكومة المغربية بالاستمرار في سياسة «شد الحزام» عندما قال في بيانه حول خط السيولة « ينبغي أن يرتكز الضبط المالي على كل من مراقبة الإنفاق وإجراء مزيد من الإصلاحات الضريبية « من جهة أخرى، طالب الصندوق الحكومة بالتعجيل بتنفيذ إصلاح التقاعد، وقال « يجب أن يجري في حينه تنفيذ الإصلاح المقرر في معاشات تقاعد الخدمة المدنية « كما دعا إلى «التحول بحرص نحو لامركزية المالية العامة». وأوصى الصندوق بضرورة تحرير سعر الصرف وقال « ينبغي أن تمضي السلطات قدما في خطتها الموضوعة للتحول إلى نظام استهداف التضخم وزيادة مرونة سعر الصرف، مما سيساعد بدوره في الحفاظ على التنافسية وتعزيز قدرة الاقتصاد على امتصاص الصدمات.» على صعيد آخر، طالب الصندوق الحكومة المغربية بمواصلة إصلاح مناخ الأعمال وخلق فرص لامتصاص البطالة. وقال " من الضروري استمرار الإصلاحات لتحسين مناخ الأعمال والقدرة التنافسية وسياسات سوق العمل، بغية رفع النمو الممكن وتخفيض مستويات البطالة المرتفعة المزمنة، وخاصة بين الشباب، وزيادة مشاركة النساء في سوق العمل». وإذا كان خط السيولة والوقاية لا يمنح إلا بمبرر وجود مخاطر تتهدد الدولة التي تطلبه ، فإن التبرير الذي قدمه تقرير الصندوق أول أمس، يستند إلى مخاطر أمنية وجيوسياسية، بالإضافة إلى مخاطر الركود الاقتصادي عند الشركاء الرئيسيين للمملكة ،ويؤكد الصندوق أن الاقتصاد المغربي " يواجه مخاطر تطورات سلبية كبيرة. وعلى وجه التحديد، يمكن أن يؤدي ارتفاع المخاطر الأمنية والجغرافية-السياسية، أو استمرار تباطؤ النمو لفترة مطولة لدى شركاء المغرب التجاريين، أو زيادة تقلب الأوضاع المالية العالمية، إلى ترك أثر كبير على الاقتصاد من خلال ارتفاع أسعار النفط، أو حدوث اضطرابات في إيرادات التصدير والسياحة وتحويلات العاملين والتدفقات الرأسمالية الداخلة، أو ارتفاع تكاليف الاقتراض. وفي هذا السياق، سيكون عقد اتفاق جديد للاستفادة من خط الوقاية والمرونة بمثابة تأمين فعال ضد المخاطر الخارجية ودعم للسلطات في تنفيذ سياساتها الاقتصادية.