قال الكاتب الأول إدريس لشكر إن الاتحاديين متشبثون بمرجعيتهم الديمقراطية،الكونية، التي ترفض العنف والانقلابات، لكنها ترفض في نفس الوقت التغول والقمع وحملات التطهير، وضرب حقوق الإنسان ، لذلك كنّا واضحين منذ البداية، في ما حصل في تركيا، كما نحن واضحون، في إدانة الجرائم الإرهابية، سواء تلك التي وقعت في فرنسا أو ألمانيا، أو في العراق وغيرها من مناطق العالم وأكد لشكر خلال اجتماع اللجنة الإدارية أن الاتحاد الاشتراكي عمل تعرية المفارقة بين دستور متقدم، وحكومة متخلفة، لم تتمكن قيادتها من استيعاب روحه ونصه، وأن على الاتحاديين العمل على تحضير الحزب كبديل ذي مصداقية، من خلال المواقف التي عبر عنها، والصمود في مواجهة كل المؤامرات والحملات الذي عبرت عنه كل تنظيماته الحزبية. وفيما يلي كلمة الكاتب الأول نعقد هذا الاجتماع، في ظل تطورات، تشهدها الساحة السياسية على الصعيد الوطني والقاري والدولي، من أهمها التحول الكبيرالذي تشهده قضية وحدتنا الترابية، بعد الرسالة الملكية، لقمة الاتحاد الإفريقي، والتي يمكن اعتبارها وثيقة تاريخية، لما تضمنته من تحليل سياسي وقانوني ومرجعيات وطنية وتحررية، ولما خلفته من ردود فعل قوية على صعيد القارة، والتجاوب الذي لاقته من 28 دولة، تطالب الآن بتجميد الكيان الوهمي المصطنع، وهذا تطور كبير وحاسم، كان ينبغي أن ينال كل الاهتمام من طرف جهات محسوبة على الذين يقودون الحكومة، غير أن هواهم، يتجه نحو منطقة أخرى بعيدة عن وطننا بآلاف الكيلومترات وليست حاضرة لدى شعبنا بنفس الأهمية. نحن في حزبنا متشبثون بمرجعيتنا الديمقراطية،الكونية، التي ترفض العنف والانقلابات، لكنها ترفض في نفس الوقت التغول والقمع وحملات التطهير، وضرب حقوق الإنسان ، لذلك كنّا واضحين منذ البداية، في ما حصل في تركيا. كما نحن واضحون، في إدانة الجرائم الإرهابية، سواء تلك التي وقعت في فرنسا أو ألمانيا، أو في العراق وغيرها من مناطق العالم، التي تعاني من هذه الآفة الجهنمية، التي تسفك دماء الأبرياء، وندين بشدة الجهات التي تقف وراءها، ليس فقط المنفذون، بل أيضا المحرضون. لقد قمنا بدورنا كاملا في المعارضة. تذكرون جميعا موقف المعارضة الذي جاء بناء على قرار المؤتمر الوطني الثامن وقرار اللجنة الإدارية، وكرسه المؤتمر الوطني التاسع. ما حصل زكى وأثبت صحة موقفنا: التجربة الحكومية التي قادها حزب العدالة والتنمية، يمكن وصفها بأنها فاشلة، لأنها : أولا، هناك تنافر بين مكونات الحكومة، دخول وخروج حزب الاستقلال، دخول التجمع الوطني للأحرار.. عدد كبير من الحقائب، عدد ضخم من التقنوقراط... تصريحات متناقضة، بين أعضاء الحكومة... حكومة غير منسجمة. ثانيا، عجز رئيس الحكومة عن فهم دوره، طبقا للدستور، ولم يتمكن من الخروج من جلباب أمين عام حزب أصولي منذ تحمله للمسؤولية. ثالثا، عجز الحزب الذي يقود الحكومة عن تطبيع العلاقات مع الأحزاب الأخرى، سواء تلك التي معه في الأغلبية، هيمنة مطلقة في المواقف السياسية والإيديولوجية، حيث يذوب منطق الائتلاف الحكومي، وسواء في العلاقات مع المعارضة حيث تجاوزت أي منطق سياسي. رابعا، تهميش المؤسسة البرلمانية، رغم دورها المحوري في الدستور. خامسا، التعامل الاقصائي مع النقابات ومنظمات المجتمع المدني حقوقيا وثقافيا . سادسا، ضعف التشريع كميا ونوعيا. سابعا، مواقف معادية لحرية التعبير وحقوق الإنسان و خاصة النساء ومبدأ المناصفة... هذه الحصيلة السياسية السلبية يمكن تعزيزها بأرقام حول النتائج الاجتماعية والاقتصادية ... لكن بالإضافة إلى كل هذا لقد تميزنا بشكل واضح.وسيحسب لنا كحزب معارض: سياسيا: التميز بالنسبة لتفعيل الدستور والدفاع عن البناء الديمقراطي وعن دولة المؤسسات والحق والقانون. إيديولوجيا: الوقوف في وجه التوجه الرجعي، المناهض للحداثة والعقل والفكر النقدي... الذي يهدد هوية المغرب، كما حددها الدستور. وبرلمانيا،سيذكر الجميع أن الفريق الاشتراكي شكل العمود الفقري، للمعارضة البرلمانية والتنسيق مع فرق البرلمانية للأحزاب المعارضة. اجتماعيا: تمكنا، بشكل تدريجي، من التجذر في الحركة الاجتماعية، نقابيا، قطاعيا، حركات احتجاجية... وأصبح الحزب الملاذ الرئيسي، لعدد من الفئات... تنظيميا، إعادة هيكلة التنظيمات، في موقع المعارضة، وفي المواجهة، وعملنا على مأسسة الحزب واسترجاع ممتلكاته. ماذا حققنا من مكاسب؟ * مكسب حزبي: استعادة المبادرة داخل المجتمع، وعودة جل التنظيمات إلى الارتباط بالحركات الاحتجاجية والعمل الجماهيري. ومراجعة برامجنا، خارج الإطار الحكومي، الذي دام حوالي 13 سنة. * التصدي للسياسة الحكومية، رغم محاولات التغليط ، على مختلف الواجهات... البرلمانية والشعبية وداخل النخبة، في كل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإعلامية. * فضح النموذج الفاشل للتركيبة الحكومية، التي أثبتت أنها هجينة وأن هيكلها صنع في ارتجال تام، لا يجمعه أي منطق سياسي واضح. *وعملنا كاتحاد اشتراكي على تعرية المفارقة بين دستور متقدم، وحكومة متخلفة، لم تتمكن قيادتها من استيعاب روحه ونصه. *علينا اليوم أن نعمل على تحضير الحزب كبديل ذي مصداقية، من خلال المواقف التي عبر عنها، والصمود في مواجهة كل المؤامرات والحملات الذي عبرت عنه كل تنظيماتنا الحزبية. الفلسفة التي تحكمت في صياغة برنامجنا لقد تميز حزبنا بكفاءاته وطاقاته، و تحظي برامجه بالاهتمام الكبير، لأنه ينطلق من مشروع مجتمعي، اشتراكي، ديمقراطي،اجتماعي. برنامجنا يعتمد أيضا على ما أمكن تحقيقه في حكومة التناوب، ومشاركاتنا بعد ذلك، حيث اكتسبنا خبرة ومعرفة بمشاكل تسيير الشأن العام. برنامجنا يهم كل المجالات، وكل القضايا، التي ينبغي أن تحظى بالأولوية، على كل المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية... لقد تمت صياغة هذا البرنامج، من طرف مناضلين وأطر وخبراء، بعد دراسات وتشاور ومناقشات متواصلة، لأننا لا نعتبر أن مثل هذا العمل، مجرد عمل شكلي، كما تقوم بذلك العديد من الأطراف، أو مجرد عمل يمكن أن يؤدى عنه من قبل بعض مكاتب الدراسات، إنه نتاج لأطر وخبراء الحزب ، ما يميز منهجيتنا هي أننا نعتبر البرنامج التزاما مع الشعب. ينطلق برنامجنا من الأولويات التالية: * معالجة الاختلالات الكبرى التي نتجت عن قرابة خمس سنوات من التسيير، الذي أدى إلى تراجعات على كل المستويات. * إدراك الاكراهات الديموغرافية والسوسيولوجية التي تطبع الواقع المغربي. *تحقيق قفزة نوعية، ذات طبيعة هيكلية وشاملة، في مقاربة المغرب لمختلف الإشكالات التي تواجهه. *تموقع المغرب في محيطه الإقليمي والقاري والدولي، ليتبوأ المكانة التي يستحقها. * التعامل مع المقترحات والبرامج بمنهجية استباقية ومستقبلية. نحن مقبلون على استحقاقات جديدة، كيف نتصور مستقبل بلادنا السياسي؟ لاشك أننا جميعا نطرح هذا السؤال، وللجواب عليه نحن في حاجة إلى طرح سؤال أشمل، أين وصلنا في البناء الديمقراطي؟ لقد كنا نتطلع إلى تطوير دولة الحق والقانون، وتكريس دولة المؤسسات. غير أننا وجدنا أنفسنا أمام آلية لإعادة إنتاج نفس النموذج، الذي جاء الإصلاح الدستوري لوضع حد له. رغم كل المجهودات التي بذلناها، من خلال موقعنا في المعارضة لتصحيح المسار، غير أن ما حصل هو التمادي في تكريس ممارسة سياسية متخلفة، ولم تتمكن الحكومة والحزب الذي يقودها، في المساهمة في الارتقاء بالأداء السياسي، والتعامل الديمقراطي مع المؤسسات التي يمنحها الدستور مكانة متميزة، في البناء الديمقراطي. ظلت ممارسة هذا الحزب، تتراوح بين التعبير عن الولاء التقليدي،خارج أي سياق يبرر ذلك، وبين استعمال لغة التهديد والابتزاز، بشكل مجاني. لكننا لا نجد أي مؤشر جدي لبناء دولة الحق والقانون والمؤسسات، لا في مشاريع القوانين ولا في الممارسة و لا في التصريحات والمواقف... كل ما هنالك هو المطالبة بأن يكون هذا الحزب مفضلا لدى الدولة، وإلا فلغة التهديد والوعيد هي البديل. الآن هناك استعمال لمفهوم التحكم، كسلاح في هذه الاستراتيجية المزدوجة. نحن نعتبر أن ما تحتاجه البلاد هو الوضوح في الاختيار الديمقراطي، إذ لا يتعلق الأمر بطرف ينبغي شيطنته، بل ببنية تشكل الحكومة جزءا رئيسيا فيها، ظهرت بوضوح من خلال كل السياسات المعتمدة على المستويات القانونية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية... كما تعلمون فإن الدستور يمنح للحكومة ولرئيسها صلاحيات واسعة في معالجة العديد من الاختلالات، لكن مع كامل الأسف لم تعمل من أجلها. ما الذي منع الحكومة خلال ما يقارب الخمس سنوات، من المحاربة الفعلية للفساد؟ ما الذي منعها من القيام بإصلاحات كبرى على كل المستويات؟ المسألة الوحيدة التي تحرك فيها الحزب الذي يقود الحكومة، هي كل يتعلق بحرية التعبير والفكر والحريات الفردية. هل هذا هو ما كان ينتظره المغاربة من إصلاحات؟ هل تم القضاء على نظام الزبونية والولاءات؟ ألم تُعِدْ هذه الحكومة إنتاج نفس النموذج السائد؟ هل تحسنت ممارسة الحقوق الجماعية والمساواة والمناصفة والعدالة؟ نعتقد أن الانتخابات المقبلة، يجب أن تكون فرصة للوضوح، في اختيارات الأحزاب السياسية، ينبغي أن تكون فرصة لاصطفاف شفاف، هل هي مع الديمقراطية والحداثة، أي القطع مع أشكال الاختيارات الرجعية والديماغوجية والزبونية والانتهازية. يجب أن نقول للشعب الحقيقة، أي أن نقول أي مجتمع نريد؟ هل نلتزم بتفعيل الدستور في اتجاه التقدم نحو النماذج الحضارية الناجحة، أم نتفق على الدستور ونتراجع عن تنفيذه، بمختلف المبررات؟ لابد للحزب الذي يقود الحكومة، أن يراجع أساليبه، وأن يعمل على تطبيع مواقفه وممارسته وخلفياته مع مبادئ الدستور، ومع المتطلبات الحقيقية للمغرب والمغاربة، فنحن نعيش في المغرب لا في تركيا أو غيرها، وثوابتنا وتحدياتنا ومشاكلنا لا علاقة لها بما يجري في اسطمبول وأنقرة. نحن على النقيض من بعض الأحزاب، واضحون في اختياراتنا، تحالفاتنا ستبنى على الوضوح، وعلى الاتفاقات، بكل شفافية ومسؤولية، ونعي جيدا أن في السياسية، ليس هناك صديق دائم وعدو دائم، لكن هناك الوضوح الذي ينبغي أن يكون هو البوصلة التي تقود عمل الأحزاب، بكل استقلالية وفي خضوع تام للديمقراطية الداخلية. لذلك، ننظر إلى مستقبل المغرب، من زاوية الوضوح والشفافية، في كل الاختيارات الديمقراطية التي اتفقنا عليها في إطار الإصلاح الدستوري، ولن نقبل تحريفه أو التعامل الانتقائي مع مبادئه ونصه. هذا مقياس رئيسي في معايير تحالفاتنا المستقبلية. كيف حضرنا هذه الانتخابات؟ كنا الحزب الأول والرئيسي، الذي عبر عن موقف واضح ونقدي من انتخابات 4 شتنبر 2011، ولقد أنصفتنا التطورات. كما كنا الحزب الأول والرئيسي، الذي وجه مذكرة لرئاسة الحكومة والأمناء العامين للأحزاب السياسية، لمراجعة المنظومة الانتخابية. انطلقت مذكرتنا من حقائق ومعطيات موضوعية، سواء بالنسبة للتقطيع أو نمط الاقتراع أو العتبة أو مكاتب التصويت، بالإضافة إلى معضلة اللوائح، ثم مشاركة مغاربة العالم. جل التطورات التي حصلت بعد ذلك، بينت صحة وجهة نظرنا من الغش في اللوائح، غير أن الحزب الذي يقود الحكومة، تشبث بموقفه، في كل هذه الإشكالات، رغم أنه كان قبل أن يتولى المسؤولية الحكومية يتبنى موقفا آخر. ندخل لهذه الانتخابات في ظل هذا الوضع، لكننا مسلحون بتجربتنا ومناضلاتنا ومناضلينا، ونراهن على وعي المواطنات والمواطنين، للتسجيل الطوعي والكثيف في اللوائح الانتخابية، والمشاركة في التصويت، ومقاومة التزوير لاختيار بديل للتجربة الحكومية الفاشلة، ومواصلة ورش البناء الديمقراطي الذي أصابته أعطاب كبيرة. تصوير: ع. المساوي