يسود توتر شوارع جوبا عاصمة جنوب السودان السبت في الذكرى الخامسة لاستقلال هذه الدولة الفتية بعد يومين من اشتباكات بين قوات الحكومة والمتمردين السابقين أسفرت عن «أكثر من 150 قتيلا». ووجهت اشتباكات الخميس والجمعة صفعة جديدة إلى اتفاق السلام الهش الذي وقع في غشت 2015 بين الرئيس سلفا كير وزعيم المتمردين آنذاك رياك مشار الذي عاد نائبا للرئيس بموجب هذا الاتفاق. وأرخت هذه المواجهات بثقلها على ذكرى الاستقلال. وبخلاف الأعوام السابقة، لم تنظم أي احتفالات في المناسبة بداعي الافتقار إلى المال كما أعلنت السلطات. ومساء الجمعة، سمع أولا إطلاق نار كثيف في المحيط القريب للقصر الرئاسي حيث كان كير ومشار يعدان بيانا مشتركا حول مواجهة وقعت الخميس وأسفرت عن مقتل جنود موالين لكير في تبادل للنار مع متمردين سابقين. ومساء الجمعة أيضا، سمع إطلاق نار من أسلحة رشاشة ثم من مدفعية ثقيلة في مختلف أنحاء العاصمة لنحو نصف ساعة. وأعلن رومان نيارجي السبت متحدثا باسم مشار سقوط «أكثر من 150 قتيلا»، لافتا إلى ان «هذه الحصيلة مرشحة للارتفاع لأن وحدتي الحرس الرئاسي خاضتا مواجهات في معارك جديدة»، في اشارة إلى الجنود المكلفين حماية كير ومشار. ويبدو أن الهدوء عاد بعد نداء مشترك وجهه كير ومشار لقواتهما. ولم يوضح الزعيمان أسباب المواجهات واكتفيا بإبداء الأسف لما حصل. واستمر السبت الهدوء في جوبا، لكن التوتر ظل كبيرا. وسجلت دوريات كثيفة لقوات الأمن مع حركة خجولة للمدنيين في الشوارع. وفي مؤشر إلى خطورة الوضع، نصحت الخارجية البريطانية مواطنيها بعدم التوجه إلى جنوب السودان على خلفية التدهور الأمني في جوبا وطلبت من مواطنيها الموجودين هناك مغادرة البلاد. وقالت الخارجية السبت على موقعها الالكتروني «وقع عدد من الحوادث بما فيها إطلاق نار وهناك معارك قائمة. إن طاقم السفارة البريطانية محاصر وسنقلصه ونبقي فقط الطاقم الأساسي». وتزامن تجدد العنف في جوبا مع الذكرى الخامسة لإعلان استقلال جنوب السودان بعد حرب طويلة. لكن نصف عمر الدولة الوليدة طبعه نزاع أهلي دام أججته الخصومة بين كير ومشار. وفي إطار اتفاق السلام بين كير ومشار، عاد الأخير في أبريل إلى جوبا حيث تولى منصب نائب الرئيس مجددا وشكل مع كير حكومة وحدة وطنية. لكن القتال يستمر حاليا في مناطق عدة. وفي نهاية يونيو وصف مسؤول في لجنة مكلفة الإشراف على وقف إطلاق النار مستوى أعمال العنف بأنه «مخيف». وقال المدرس بيتر ماوا (40 عاما) لفرانس برس «اعتقد أن ثمة أسبابا وجيهة للاحتفال بالاستقلال حتى لو اضطررنا إلى القيام بذلك في منازلنا. على السودانيين الجنوبيين إلا يفقدوا الأمل لأن كل شيء سيسير على ما يرام بالنسبة إلى جنوب السودان يوما ما».