ظلت المخيمات الحضرية بالمغرب منذ ظهورها, رافعة حقيقية وموازية للمخيمات القارة, رعاها المؤسسون وحافظت عليها الأجيال لتستمر رغم محدودية عددها وتوزعها الجغرافي نموذجا يفيض بالإرادة والحيوية والحماس, بل يمكن التأكيد أنها ستبقى منارات مشعة متقدة ومعالم تربوية شامخة ولافتة للانتباه بسبب أن من عملوا فيها انتصروا فعلا لقيم الطفولة واشتغلوا عليها بحب وعشق صوفي, بل هناك من يؤكد بأنها تعتبر مشاتل حقيقية للتكوين والتنشيط والنزوع الذي لا حد له نحو التجديد والجودة وتلبية الحاجيات الملحة للأطفال رغم أن طبيعتها القانونية/ الادارية جعلتها تكتفي باستقبال الأطفال من المدينة الواحدة طيلة اليوم فقط, وأنه تم استحداثها منذ نهاية الخمسينات لتخفيف الضغط على المخيمات القارة وتوسيع دائرة الاستفادة لتشمل أكبر عدد من الأطفال. أمر تنظيمها وتدبيرها وتنشيطها ومراقبتها يرجع في الأصل إلى شراكة قائمة بين الوزارة والجماعات المحلية, وسرعان ما تم إيجاد تعريف لها مدعم بفلسفتها وفوائدها ومواصفاتها تسييرا وتدبيرا إلى أن جاءت مرحلة تقنينها في ظل فورة العمل الجمعوي, لتنتظم أغلبيتها في جمعيات خاصة لهذا الغرض... إلا أن ما راكمته هذه التجربة الغنية وما يستوجب تثمينه للأدوار الفعالة والقيمة التي يعرفها الجميع.. يقتضي منا ان نؤكد على ضرورة إيلاء كبير الاهتمام والدعم في ظل التحولات العميقة التي مست مستويات التغييرات الجهوية المحدثة والوظائف الجديدة للفاعلين المحليين بعد دستور 2011 في الاختصاصات والامكانيات المتاحة بأن تلتئم الجهود لتحقيق نقلة نوعية تربويا ولوجستيكيا بتوسيع العرض الحضري جغرافيا وتأسيس الحديث عن مسار تربوي متفرد بهذا المنتوج التخييمي, بناء على مشروع وطني متكامل الأبعاد بآليات جديدة تهدف تحيق الشروط البيداغوجية الحقيقية والجودة وتلبية الحاجيات الملحة للطفولة المعوزة/ المحرومة في القرى والبوادي والمداشر ومدن الهامش الحضري, وذلك في تلازم جدلي يجمع بين المساهمة في توفير بنية تربوية ستسمح بفرص أكبر لإبراز مواهب الأطفال وإبداعاتهم ومهاراتهم ورعايتها وتعزيزيها واستثمار القيم التي تبرز رسالة المخيم وأدواره ووظائفه كفضاء للتربية والتنشيط والترويج والترفيه وأخذا بعين الاعتبار الحرص على احترام وتكريس ثقافة حقوق الطفل وجعلها مرجعية أساسية في برنامج وأجندة الوزارة/ الجماعات وباقي الشركاء. إن الرؤية الاستراتيجية لهذه الفضاءات التخييمية ينبغي أن تضع في اعتبارها منطقا جديدا ومعالجة تطبعها الواقعية والجرأة في التفكير، وفي هذا السياق لا يمكن اعتبار التحولات والاصلاحات والتغييرات قطيعة مع ما تم بذله في الماضي, فالثوابت الكبرى لمرحلتي التأسيس والبناء ستظل هي الإطار المرجعي مع مايقتضيه من ملاءمات وتطوير وتجديد، بل هي في العمق امتداد له في ظل التجسيد الفعلي لنهج التراكم الذي حققته المخيمات الحضرية وبقناعة مأمولة لدى الجميع ومن كل المتدخلين والفاعلين بعد ستة عقود من البدايات الأولى, بأن عملية التطوير والتحديث والتوسيع والتجويد تندرج كلها وغيرها في إطار سيرورة متجددة وممتدة في الزمن تجمع بين الوظائف الأساسية (التنشئة الاجتماعية والتربية على القيم في بعديهما الوطني والكوني- الترفيه والتكوين والتأطير والتأهيل – الادماج السوسيوتربوي...) والرهان على ان المخيمات الحضرية كذاكرة تربوية هنا أو هناك لها مرجعيتها آلياتها وستظل في صلب المشروع المجتمعي اعتبارا لمبدأ اساسي وهو دورها في الماضي والحاضر والمستقبل في إعداد مواطني الغد وفي ضمان الحق في التربية والترفيه للجميع...إن سعينا جميعا يرنو إلى إعادة الاعتبار الحقيقي ولفت الانتباه بقوة لهذه الفئات لإحداث التغيير المنشود لمخيمات حضرية جديدة قوامها تحسين وتجويد العرض التربوي وتوفير بيئة تربوية سليمة بها وبنيات تحتية مواكبة تمتد نتائجها حتما إلى تطوير العمليات التربوية التنشيطية بإعمال مقاربات وطرائق وأساليب تربوية ملائمة وبنيات تحتية مواكبة تمتد نتائجها حتما إلى تطوير العمليات التربوية التنشيطية بإعمال مقاربات وطرائق لكل الجهود المبذولة أو المفكر فيها حالا ومستقبلا, لأن يكون التخييم في مجاله القار أو الحضري أو غيرهما حاجة مجتمعية يتحمل فيها الجميع مسؤولياته كل من موقع تواجده وغنى مؤهلاته وتجاربه إطارا تربويا أو إداريا أو فاعلا جمعويا أو منتخبا محليا أو جهويا ووطنيا.