في يناير 1973، قدم الوالي مصطفى السيد، مؤسس جبهة البوليساريو، للقادة الاتحاديين، مذكرة حول الصحراء شدد من خلالها على الارتباط التاريخي بين الصحراويين وباقي إخوانهم المغاربة. وهي وثيقة ثتبت بما لا يدع مجالا للشك أن الانفصال السياسي والجغرافي كان بعيدا عن تطلعات البوليساريو التي كان لها ارتباط كبير بجيش التحرير وزعماء الحركة الوطنية، أكثر من ذلك رد مؤسس الجبهة الشعبية على المشروع الاسباني المنادي بدولة مستقلة في الصحراء قائلا: «كما أن الشعار الاستعماري المغالط المستنزف لطاقتنا وهو توجيهنا إلى صديقنا بعد أن فرض علينا انه عدونا، وذلك كي يستدرج هو منا وهو عدونا الأساسي والأصلي و الرئيسي الأبدي، شعار انه يحمينا من الدول المجاورة، فإنه كما قلنا شعار استعماري ليس إلا، إما في أصل الحقيقة فإن الشعوب المجاورة لنا هي شعوب عربية افريقية إسلامية أصيلة، ومصيرنا هو مصيرها وهي صديق دائم لنا بل هي جزء منا، وهذه حقيقة خالدة خلود السماء فوق الأرض...». إن هذه المذكرة، التي ننشر نصها الآن، تؤكد أن الشباب المؤسس للبوليساريو لم يكن انفصاليا بالضرورة. فالكثير من أعضاء القيادة كانوا طلبة مناضلين في الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وكان همهم الأساس هو تحرير الصحراء من المستعمر الإسباني والعيش في وطن حر ديمقراطي. ومن هنا يتضح، لولا بعض الأخطاء التاريخية ولولا الدور الجزائري والليبي، لكان بالإمكان أن يساهم هؤلاء الشباب في تسريع وتيرة البناء الديمقراطي بالمغرب، و تحقيق حلم الشراكة المنصفة في الثروة و السلطة و القيم الذي أجهضته الطريقة التي دبر بها ملف نزاع الصحراء، الجدير بالذكر أن شعار «اسبانيا هنا بإرادتكم» قد ضربته مذبحة الزملة، وحطمته نهائيا، كي تظهر للجماهير انا الاستعمار استعمار من أجل مصالحه، وأن اسبانيا تبني معاملها في مدريد وبرشلونة وملاقا، وتأخذ أمونال الامبريالية الغربية ومساندتها على حساب ثروتنا. وأنها هناك كي تمتص خيراتنا. وهذا يوضحه الاسلوب الذي ابتدأت تشغل به الفوسفاط .وهو الأسلوب الوحيد من نوعه في العالم. وهو أحدث طريقة لسرقة خيرات الشعوب المغلوبة على أمرها والمنومة والتي يخشى الاستعمار من استيقاظها فحمل ما استطاع حمله قبل وعيها. كما أن الشعار الثاني «شعار نحن هنا لنكونكم» قد تحطم أيضا خصوصا بعد تقديم طلب المعارضة للاستعمار بتكوين كوادر صحراوية - أي مهندسين في الفوسفاط وفي غيره من المعادن وكذلك أساتذة قادرين على تعليم جامعي وكذلك أطباء وسياسيين وخبراء عسكريين صحراويين للدبابات والطائرات الحربية والمدنية وكذلك تأسيس جيش صحراوي مدرب على كل أنواع الاسلحة الحديثة، ورفضه بكل إلحاح لذلك. كما رفض طلب بعض الشباب الذين فطنوا للطريقة الاستعمارية البيروقراطية التي يكون الاستعمار بها الشباب الصحراوي، وهي الطريقة الانسانية التي تحقر الشباب في مجتمعه ويحبب اليه المجتمع الاستعماري. كما انه يغرس في رأسه انه لم يولد الا ليحكم ويحكم لمصلحة من؟ وتحت قيادة؟ انه يحكم لمصلحة الاستعمار وتحت قيادته. وضد الصحراويين! ورفض طلبهم أن يتابعوا دراستهم في الدول العربية. كما أن الشعار الاستعماري المغالط المستنزف لطاقتنا وهو توجيهنا الى صديقنا بعد أن فرض علينا انه عدونا. وذلك كي يستدرج هو منا وهو عدونا الاساسي والاصلي والرئيسي والابدي. شعار انه يحمينا من الدول المجاورة، فإنه كما قلنا شعاراستعماري ليس إلا. اما في أصل الحقيقة فإن الشعوب المجاورة لنا هي شعوب عربية افريقية اسلامية اصلية. ومصيرنا هو مصيرها. وهي صديق دائم لنا. بل إنها جزء منا. وهذه حقيقة خالدة خلود السماء فوق الأرض. فنحن عربا وأفارقة ومسلمين ضروري ان نرتبط بعضنا ببعض وإلا ضعنا، كما أن الذي يحرر نفسه لن يستطيع أحد استعماره. هذه الحقيقة التالية تدحض بكيفية بسيطة ومرئية ما يدعيه الاستعمار بانه يحمينا. ولنتساءل ما أقوى الاستعمار واكثر طائرات أم احدى الدول لمجاورة؟ واذا كان الجواب الاستعمار أقوى، فإن الجواب الصحيح اذن هو اننا اذا طردنا قويا فإننا أيضا نست طيع مجابهة غاز أخر اضعف منه. هذا ما بلغته جرأة الدويلة الاستعمارية الديكتاتورية الاسبانية حتى أصبحت تسول لها نفسها مساعدة الامبريالية الغبية والمواقف المتخاذلة لبعض العرب. وشعار عدم التبادل الدبلوماسي مع اسرائيل تتخذه هذه الدويلة التي تدعى انها تعبر باسم الصحراويين وتسول لها أطماعها الاستعمارية ان تتصور ان الجماهير الصحراوية ستبقى تحت لواء الذل والهوان والصدقية. والسجون ملأى بها، وخيراتها تسرق على مرأى ومسمع منها. وهذه الاستهتارات الهرمة هي التي دفعتها الى وضع المنطقة كعمالة اسبانية بتمثيل في الكورطيس بواسطة عملائها المقربين. وبانتخاب بنفس طريقة الانتخاب الاسبانية الفرنكوية الانحرافية منذ 1971 وعدد اعضائها 40 عضوا يعينون على اساس قبلي. ولكن الاستعمار اشاع حاليا انهم سيصبحون يعينون بما يسميه الانتخاب، ونسميه التحايل على إرادة الجماهير التي لن يسير فيها الا عميل يبيع نفسه وتاريخه وشرفه وكرامته ودينه بجزء من خيراته. بقي أن نشير ولو بصورة خاطفة. الى نتائج نضالات السنة الماضية بوصفها امتدادا لانتفاضات الزملة بكيفية مصححة. وبصفها أيضا تصعيدا لنضالاتها بعد المذبحة المذكورة. تلك النضالات التي أبانت عن تصميمها من جهة، وعن هادفيتها وجماهيريتها. تلك الهادفية التي ظهرت في استخدام كل أساليب النضال ضد الاحتلال والعبودية من ملصقات ومناشير وشعارات حائطية وتظاهرات شعبية وطلقات نارية وهي التي يمكن ان نقول بحق انها الطريق الوحيد للحرية. مهما تكن الصعاب، ثم ان مردودها في مؤتمر القمة الافريقيا التاسع كان رديئا لسيطرة الفكر الاصلاحي عليه، من جه، ولانصياعه بعد تزكية اسبانيا الفاشية له من جهة أخرى. بل كان بمثابة كمامة وضعت على الافواه الصائحة، الحرية، ضرب الاستعمار، لولا صوت تحرري باهت. والتعليق في برقية منظمة تحرير الجزر الكنارية الى المؤتمر. وعلى كل حال. فقد تبع المؤتمر موقفا جديدا للمغرب سيتم منه تنازل عن تقرير المصيروتسوية المشكل في إطار امبريالي كما اعلنت »"منظمة رجال الزرق"« التواطئية من طرف الدوائر الغربية الامبريالية ، اي صوت واشنطن. وهنا لندن. وباريس، وانطلقت بتجريم الصحراويين وتهديدهم وطرح شوفيني للقضية .. ثم تبع ذلك النقاش الأخير في الجمعية العامة للأمم المتحدة، والموقف الجديد للمغرب الذي يظهر منه انه رجع الى موقفه الصحيح والاصلي رغم انه لم يصوت على التوصية التي لا نعرف الى حد الساعة محتواها. وعلى كل حال فإن تحرير الصحراء، أو تحقيق تقرير مصير صحيح ، يحصل من انطلاقة شعبية، أي حرب التحرر الشعبية، مهما كانت صعوبتها ومشاكلها. وفي اطار تحرري وعاد جدا ومنطقيا اذا قلنا ان اخواننا العرب والتقدميين والتحرريين المعادين للاستعمار والامبريالية سيقفون إلى جانبنا، كما ان المسلمين الحقيقيين ايضا سيشعرون انها حربهم لأنه يظهر من نفس الاستعمار الاستيطاني والعنصري انه اقتصادي وديني أيضا، إذ يحارب بعنف، الأفكار الدينية. والذي لم يقض عليه مباشرة، يحاول القضاء عليه في إطار التعامل. والله معنا، وإلى الامام، لتحرير أرضنا من الاحتلال - الساقية الحمراء ووادي الذهب، أو تحرير أنفسنا من الذل. ويشاع أن اسبانيا ستقيم استفتاء لتقرير المصير في السنة القادمة، واننا لنطلب من الرأي العام العربي والافريقي والانساني ان يقف ضد تزوير ارادة الصحراويين والتي لا يمكن سد الباب أمام تزويرها إلا. 1 - باعتراف بتشكيلة شعبية لتسيير المنطقة خلال مدة الاستفتاء 2 - إنشاء حرس أهلي يكون خاضعا للقيادة الشعبية. 3 - خروج الادارة الاسبانية والعساكر الاسبانية الفاشيستية من المنطقة. 4 - الاعتراف بعضوية الصحراويين داخل اللجنة الأممية التي ستشرف على الاستفتاء.