بيدرو سانشيز: إسبانيا تثمن عاليا جهود الملك محمد السادس من أجل الاستقرار الإقليمي    مجموعة بريد المغرب تصدر طابعا بريديا خاصا بفن الملحون    الأستاذة لطيفة الكندوز الباحثة في علم التاريخ في ذمة الله    المجلس الأعلى للدولة في ليبيا ينتقد بيان خارجية حكومة الوحدة ويصفه ب"التدخل غير المبرر"    السعودية .. ضبط 20 ألفا و159 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    لقاء بوزنيقة الأخير أثبت نجاحه.. الإرادة الليبية أقوى من كل العراقيل    أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم    المغرب أتلتيك تطوان يتخذ قرارات هامة عقب سلسلة النتائج السلبية    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    التوافق المغربي الموريتاني ضربة مُعلمَين في مسار الشراكة الإقليمية    من الرباط... رئيس الوزراء الإسباني يدعو للاعتراف بفلسطين وإنهاء الاحتلال    ال"كاف" تتحدث عن مزايا استضافة المملكة المغربية لنهائيات كأس إفريقيا 2025    مسؤولو الأممية الاشتراكية يدعون إلى التعاون لمكافحة التطرف وانعدام الأمن    المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة بطنجة تقدم توصياتها    توقع لتساقطات ثلجية على المرتفعات التي تتجاوز 1800 م وهبات رياح قوية    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    سابينتو يكشف سبب مغادرة الرجاء    الدرك الملكي يضبط كمية من اللحوم الفاسدة الموجهة للاستهلاك بالعرائش    ألمانيا تفتح التحقيق مع "مسلم سابق"    التقلبات الجوية تفرج عن تساقطات مطرية وثلجية في مناطق بالمغرب    مدان ب 15 عاما.. فرنسا تبحث عن سجين هرب خلال موعد مع القنصلية المغربية    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025        توقيف شخص بالناظور يشتبه ارتباطه بشبكة إجرامية تنشط في ترويج المخدرات والفرار وتغيير معالم حادثة سير    جلسة نقاش: المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة.. الدعوة إلى تعزيز القدرات التمويلية للجهات    علوي تقر بعدم انخفاض أثمان المحروقات بالسوق المغربي رغم تراجع سعرها عالميا في 2024    نشرة إنذارية: تساقطات ثلجية على المرتفعات وهبات رياح قوية    أميركا تلغي مكافأة اعتقال الجولاني    الحوثيون يفضحون منظومة الدفاع الإسرائيلية ويقصفون تل أبيب    بطولة انجلترا.. الإصابة تبعد البرتغالي دياش عن مانشستر سيتي حوالي 4 أسابيع        "فيفا" يعلن حصول "نتفليكس" على حقوق بث كأس العالم 2027 و2031 للسيدات    مهرجان ابن جرير للسينما يكرم محمد الخياري        دراسة: إدراج الصحة النفسية ضمن السياسات المتعلقة بالتكيف مع تغير المناخ ضرورة ملحة    بريد المغرب يحتفي بفن الملحون    اصطدامات قوية في ختام شطر ذهاب الدوري..    كيوسك السبت | أول دواء جنيس مغربي من القنب الهندي لتعزيز السيادة الصحية    العرض ما قبل الأول للفيلم الطويل "404.01" للمخرج يونس الركاب    الطّريق إلى "تيزي نتاست"…جراح زلزال 8 شتنبر لم تندمل بعد (صور)    جويطي: الرواية تُنقذ الإنسان البسيط من النسيان وتَكشف عن فظاعات الدكتاتوريين    مراكش تحتضن بطولة المغرب وكأس العرش للجمباز الفني    طنجة: انتقادات واسعة بعد قتل الكلاب ورميها في حاويات الأزبال    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    مؤتمر "الترجمة والذكاء الاصطناعي"    البنك الدولي يدعم المغرب ب250 مليون دولار لمواجهة تغير المناخ    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    المستشفى الجامعي بطنجة يُسجل 5 حالات وفاة ب"بوحمرون"    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصطفى الوالي، مؤسس البوليساريو يتحدث عن قضية الصحراء .. نزاع المغرب والجزائر وحرب الحدود

في يناير 1973، قدم الوالي مصطفى السيد، مؤسس جبهة البوليساريو، للقادة الاتحاديين، مذكرة حول الصحراء شدد من خلالها على الارتباط التاريخي بين الصحراويين وباقي إخوانهم المغاربة. وهي وثيقة ثتبت بما لا يدع مجالا للشك أن الانفصال السياسي والجغرافي كان بعيدا عن تطلعات البوليساريو التي كان لها ارتباط كبير بجيش التحرير وزعماء الحركة الوطنية، أكثر من ذلك رد مؤسس الجبهة الشعبية على المشروع الاسباني المنادي بدولة مستقلة في الصحراء قائلا: «كما أن الشعار الاستعماري المغالط المستنزف لطاقتنا وهو توجيهنا إلى صديقنا بعد أن فرض علينا انه عدونا، وذلك كي يستدرج هو منا وهو عدونا الأساسي والأصلي و الرئيسي الأبدي، شعار انه يحمينا من الدول المجاورة، فإنه كما قلنا شعار استعماري ليس إلا، إما في أصل الحقيقة فإن الشعوب المجاورة لنا هي شعوب عربية افريقية إسلامية أصيلة، ومصيرنا هو مصيرها وهي صديق دائم لنا بل هي جزء منا، وهذه حقيقة خالدة خلود السماء فوق الأرض...».
إن هذه المذكرة، التي ننشر نصها الآن، تؤكد أن الشباب المؤسس للبوليساريو لم يكن انفصاليا بالضرورة. فالكثير من أعضاء القيادة كانوا طلبة مناضلين في الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وكان همهم الأساس هو تحرير الصحراء من المستعمر الإسباني والعيش في وطن حر ديمقراطي.
ومن هنا يتضح، لولا بعض الأخطاء التاريخية ولولا الدور الجزائري والليبي، لكان بالإمكان أن يساهم هؤلاء الشباب في تسريع وتيرة البناء الديمقراطي بالمغرب، و تحقيق حلم الشراكة المنصفة في الثروة و السلطة و القيم الذي أجهضته الطريقة التي دبر بها ملف نزاع الصحراء،
دول المحور تتخذ من وضعية الصحراء أساسا لكل المشاكل الثانوية
هكذا إذن تطورت قضية الصحراء وأصبحت منطقة السخونة بالنسبة لهذا الجزء على الاقل من العالم، اي شمال افريقيا.. ان لم تكن افريقيا كلها ثم تبلورت فكرة تقرير المصير كطريق وحيد لتحرير الصحراء من براثن الاستعمار وأطماع الامبريالية. ولكنها في محتوى ساذج أيضا.
ونتيجة لتنبؤ موريتانيا بنتائج تقرير المصير والتي تريدها في صالح التبعية. كانت تسير في منطق هذا الاتجاه. وكانت الجزائر لا تمانع كثيرا في هذه الفكرة. ولما طرحت المشكلة من جديد في الجلسة العمومية لسنة 1966 في جلستها 22 كونت موريتانيا وفدا عنها من السكان الموريتانيين ذوي الاصل الصحراوي للمطالبة بالمنطقة كجزء من موريتانيا. كما كونت اسبانيا الفاشية وفدا من العملاء والمستشرقين الاسبانيين لتأييد التبعية لاسبانيا. وبقاء المنطقة ناقة حلوبا لاسبانيا ثم بضاعة رائجة تعرضها في سوق الامبريالية كي تحتل اسبانيا المحتلة بنظامها العسكري المتوحش المركز اللائق بها في المجتمع الامبريالي المنحرف، كما أرسل المغرب بعض الصحراويين في وفد رسمي بجبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب. وطالب بتقرير المصير. انضم رئيس الوفد الموريتاني إلى الجبهة لأن خطها في نظره صحيح.
وهكذا، استطاع تشويه مفهوم تقرير المصير أن يعطي لاسبانيا إمكانية الدخول كمنافس في نفس الطريق. وعلى كل حال، بعد رجوع الجبهة إلي المغرب. لم تقم بأي دور مناهض للاستعمار في المجال العملي. اي في مجال تسليح الجماهير الشعبية ووضعها في الإطار الكفيل بتمكينها من تقرير مصيرها تقريرا حقيقيا. وذلك لأنها لم تتوصل إلى الوسائل الكفيلة بذلك. كما أنها لم تسلك للحصول عليها أكثر من طريق واحد. وعندما سد، رجع أعضاؤها إلى وظائفهم. هذا مع العلم أن الملك المغربي الحسن الثاني قد قال في خطاب العرش لسنة 1967 إن العبء الأول في تحرير الصحراء يقع على الصحراويين. وإنني وشعبي مستعدان للمساعدة الفعلية،« ويظهر أن الجبهة وصلت إلى الهدف الذي انشئت من أجله سنة 1969 وهي السنة التي جمدت فيها نهائيا.
الأطراف المعنية
توقفت العمليات البطولية النضالية المناهضة للاستعمار. والمنظمة كذلك منذ حل جيش التحرير. كما أشرنا سابقا. وبقي السكان ينتظرون تحقيق الشعار الذي نظموا في اطاره وهو الجهاد في سبيل الله حتى لا يبقى النصراني مسيطرا على المسلم. لذلك فقد توجهت انظارهم الى الخارج من المرة الأولى تحت هذه الشعارات لأن القيادة كانت من داخل المغرب. ومن طبيعة الحال، كان هناك غموض في المفاهيم. لم يترك للمواطنين امكانية تحويل أنظارهم عن الخارج، كما أنهم وسعوا مفهومه. ومن طبيعة الحال كانت الجبهة وتقرير المصير بصيصا جديدا. ولكن لم يكد يعتني به حتى يصبح مشعلا يهدي الجماهير. وكأن هذا كله لا يعنيها وهذا صحيح. ولكنها أخضعت في تفسيره، إذ أصبحت تعتبر حتى نتائجه لا تعنيها. ومن طبيعة الحال في هذه سلبيات لها نتائجها الوخيمة التي لم تزل الجماهير تعاني منها، وهي التلقائية التي أصبحت الجماهير تتسم بها.
المغرب والجزائر
ابتدأ النزاع بين المغرب والجزائر بعد الاستقلال الجزائري مباشرة، وكانت من مظاهر هذا الخلاف، حرب الحدود وأحداث سنة 1963. وبدأ التقارب من سنوات 1968 فيما بعد. وخصوصا سنة 1969، وذلك بعد جهود طويلة في هذا المجال. ثم إن المؤتمر الاسلامي المنعقد في الرباط سنة 1969 الذي تبعه الاعتراف بموريطانيا وبعد الاعتراف بنظام موريتانيا، والتمثيل الدبلوماسي وزيارات الوفود، ثم اللقاء في مؤتمر نواذيبو 1970، والذي أشيع أنه يهدف إلى تقسيم المنطقة وتشكيل جبهة ثلاثية موحدة على هذا الأساس ضد الاحتلال الاسباني. وكانت خطة التقسيم التي أشيعت عن المؤتمر تعطي الساقية الحمراء وهي منطقة الفوسفات للمغرب، لكي يطمئن على مستقبل اقتصاده باعتباره يعتمد على الفوسفاط، ثم إعطاء وادي الذهب لموريتانيا لأنه منطقة للحديد (كويرة. أغرشة) وإعطاء ممر للجزائر للتنفس على المحيط الاطلسي، ولكن المؤتمر سواء كان يهدف لهذا أو غيره، لم يتوصل إلى نتيجة تذكر. ولا ندري ماهي الأسباب، وعلى كل حال مادام الذي يهمنا هو العلاقة الثنائية الجديدة بين المغرب والجزائر، فإن البلدين توصلا إلى إبرام اتفاقيات اقتصادية وثقافية وتقنية. وأخيرا أصبحا معا يقومان بدور في إطار المغرب العربي. ثم كانت سنة 1972 وفرصة انعقاد المؤتمر الافريقي في الرباط، وشعار المصالحة الذي انعقد تحته لإبرام اتفاقيات الحدود بين البلدين كتتويج لتلك الاتفاقيات ومشروع استغلال الجبيلات المشتركة عبر سكة حديد تمر بمحاذاة المنطقة المستثمرة التي لا ندري هل تكون حارسته أم هو حارسها؟
وعلى كل حال، فقد لعب الاستعمار لعبة أخرى لتخفيف تأثير مذبحة 17 يونيو، وذلك بتصريح وزير المصالح الصهونية وزعيم الاستعمار الجديد لوبيز برافو . ان اسبانيا ستقوم بتقرير مصير الصحراء، ولكن في الوقت الذي يطلب ذلك السكان الصحراويون دون أي ضغط من الخارج، ولكن متى سيريد السكان؟ وألم يريدوا يوم 17 يونيو؟
وتكالب نشاط الاستعمار على الاستيطان بكفية جنونية وان خفضها بداية الفزع كما شنوا حملة مسعورة من إبعاد السكان عن كل شيء عن المنطقة ككل عن المدن إلى البادية عن المجالات الحيوية في المجتمع عن البادية نفسها إلى البوادي المجاورة، وكان موقف الدول المجاورة التاريخي مشجعا للاستعمار على تطبيق كل خططه، لأن الحادثة كانت بمثابة تجربة. وقد استطاع الاستعمار بعد هذه التجربة ان يزيل القناع عن نفسه وهذا سفير اليهود وفي غرب افريقيا واوربا لوبيز برافو يقول عند زيارته للعيون في 19 يناير 1972 أمام السكان، »ان الدولة الاسبانية امام الموقف المتمثل في ولاء سكان الصحراء لاسبانيا وللجنرال فرانكو لا يمكن ان ترد إلا بالإخلاص التام وبدافع واحد هو الاستجابة لمطامح السكان... ان تكون لنا اتصالات مع جميع دول افريقيا وخاصة مع الجيران، ولكن الهدف من هذه الأسفار هو قبل كل شيء ان يتركوا الصحراويين واسبانيا يعيشون في أمان وهدوء.
المغرب وموريتانيا:
بعد الاعتراف بهذه الأخيرة، تبادلت زيارات متعددة على المستوى الرسمي كزيارة الامير عبد الله في يناير 1971 والمساعدات المادية التي عملها معه وزيارة المختار ولد دادة للمغرب سواء منها زيارات المجاملة أو الزيارات الرسمية والتي من بينها زيارة الدار البيضاء.
كل هذه العلاقات الثنائية بين الدول المجاورة والتي كان فيها من طبيعة الحال علاقات بين الجزائر وموريتانيا هي التي أثمرت مؤتمر نواذيبو الذي فشل في تحقيق ما أشيع أنه يهدف إليه وأتت محاولة انقاذه في مؤتمر وزراء الخارجية الثلاثة، الذي مر بالجزائر العاصمة والذي قال في بلاغه المشترك، أنه كان يخطط لمؤتمر قمة في الرباط. في سنة 1972 كي يضع مخطط نواذيبو محل التطبيق، ولكننا لم نسمع بعد ذلك عن المؤتمر أي شيء، كما أن البلاغ أعلن أن الصحراء ستحرر في اطار اقليمي والدول الثلاث ستتفاوض مع الدول المستعمرة بوضعها متفاوضا واحدا وقد تبع هذا التصريح المختار الذي يقول فيه. في 11 يناير 1972 بأنه سيعمل على تحرير الصحراء طبقا لما سيقرر مؤتمر 15 مارس بالرباط، ولكنه صرح أيضا بعد زيارة وفد مغربي لموريتانيا، مذكرا بمطالبة وايمان موريتانيا بأن الصحراء جزء لا يتجزأ منها. ولكنها وافقت على مبدأ تقرير المصير، لأن الأمم المتحدة صادقت عليه، وهذا التذكير يشكك فيما توصل إليه مصير مؤتمر الوزراء ثم تبع هذا زيارة القذافي لموريتانيا والبلاغ المشترك ان ليبيا على استعداد لأن تخوض معركة عسكرية لجانب موريتانيا ضد اسبانيا من أجل تحرير الصحراء الخاضعة للنفوذ الاسباني. وقال العقيد القذافي ان ليبيا تقترح على موريتانيا تقديم عون سواء كان ذلك العون عسكريا أو في أي شكل آخر. وقال القذافي اننا نشكر المختار ولد دادة من أجل الموقف الذي اتخذه نحو هذه المشكلة.. ومن ناحيتنا، فإننا أردنا دائما أن نقيم علاقات طبيعية مع اسبانيا ولكن ليس على أساس أن تكون اسبانيا محتلة لأراضي أجدادنا.وقال العقيد إن ليبيا على استعداد للاتحاد مع موريتانيا ومع كل الدول العربية التي تسعى لتحقيق الوحدة.. إن اللغة العربية لغتنا وهي لغة عظيمة. وأشار إلى أن القوى الامبريالية تسعى لأن تجعل من موريتانيا دولة تابعة لفرنسا في الوضعية التي سقفها مؤتمر نواذيبو. زار القذافي الجزائر ولم يصدر بلاغ سواء كان ذلك نتيجة لهذا أم لغيرها سواء على المستوى الدولي أو التطورات داخل المنطقة فإن المؤتمر لم يسمع عنه إلا ما قالت اذاعة لندن من أنه مؤجل لأجل غير مسمى.
اسبانيا والمستعمرون:
منذ توقف جيش التحرير، بقيت هناك مجابهة تطفو من حين لآخر، لم تترك للاستعمار العسكري النازي الإسباني الصامدة والمستثمرة والتي تخبو تارة وتتصاعد أخرى، منتظرة دائما نجدة عملية من الجيران. وابتدأت مع طول المدة تتطور. وتتخذ أشكالا تنظيمية،حسب الظروف. وكانت ترفضها وباستمرار التناقضات الجديدة بين الاستعمار والمستغلين الصحراويين. وكذلك ازدياد العنف والتركيز العسكري الذي خولته الإمكانيات الاقتصادية الجديدة المكتشفة والوضعية الدولية المساعدة على تركيز الاستعمار داخل المنطقة، خصوصا في الدول المجاورة التي دخلت معه في علاقات مشتركة، وكذلك على المجال العربي المغشوش بشعار مساندة العرب ضد إسرائيل بعدم الاعتراف بها دبلوماسيا.. كأن إسرائيل لا تمت بأي صلة إلى أمريكا. أو كأن العرب لا يعرفون أي شيء عن التطور الذي يحدث داخل اسبانيا ابتداء من سنة 1969 أو باعتبار أن العرب يغذون بعضهم بلحوم البعض الآخر. وقد حتمت هذا العنف الوحشي والتركيز الاستعماري أداة البقاء المستمر في المنطقة. وكان متزعمو هذه التحركات الناهضة للسيطرة هم غالبا العمال واحتياطاتهم من العاطلين وخصوصا عمال الطرق. ولكن لم تلبث تشكيلة جديدة أن برزت على السطح لتغير المعطيات السياسية في المنطقة، وعلى المستوى الدولي وهي ما أسمت نفسها «بالحزب المسلم» كنتيجة لوضعية 1965 الدولية،وانعكاسها على الصحراء.
ابتدأ اندفاع جماهيري ينصب في هذا التنظيم على أساس حلف اليمين وتأدية 2000 ريال اسباني ثم نسبة من الدخل الشهري. وبقي الحزب يكتسح الساحة الوطنية على جميع المستويات وداخل سائر الفئات الاجتماعية الصحراوية من جنود وعمال وعاطلين وبدو... وكانت مبادئ الحزب: - التحرر بالسلاح - الارتباط بالمغرب. ولم يستطع الحصول على الأسلحة رغم محاولاته مع بعض الجيران، كما أن طريقة تكوينه والمبادئ التي انطلق منها، ولأساليب كوت بها الجماهير لم تستطع تلافي العجز ولا تجاوزه، انطلاقا من الإمكانيات الذاتية، وأكبر خطأ ارتكبه هو جمع الجماهير تحت لواء مبادئ غامضة وبدون أساليب لتطبيقها. وهذا هو الذي سبب أن قاعدة الحزب تؤمن بالاستقلال الممنوح والتحرير بدون تضحية. وهذا ما جعل قواعده غير صالحة لنزع تحرير حقيقي عن طريق العنف الثوري. إذا لم تبدل هذه القاعدة مفهومها للحرية ولدورها في تحقيقها وكيف ذلك.
ومع ذلك، فقد كانت هذه المحاولة الأولى في الفترة الأخيرة تعبر عن إرادة الجماهير في التحرير من ربقة الاستعمار وهيمنة الامبريالية.
كانت اسبانيا تحضر لاستفتاء لتقرير مصير مصطنع. وعبأت له جميع جهودها الاستعمارية وجمهور الامبريالية. فجمعت الصحافة المأجورة الناطقة مسموعة ومصورة ومكتوبة. وجندوا كل إمكانياتهم الضخمة. وابتدأوا ينقلون المواطنين في سيارات مخصصة لذلك من جميع المناطق إلى العيون بحجة الاحتفال بفشل مؤتمر نواذيبة. والتظاهر للاحتجاج عليه والتلويح ب«الرابطة الصحراوية - الإسبانية». ولكن الحزب أيضا بعد أن اطلع على اللعبة المدبرة، استقدم انصاره وبنى خيامه في مكان مقابل بخيام الاستعمار وأعوانه، أي في المكان الشعبي «الزملة» تصميم تام لإفشال خطة الاستعمار اللاإنسانية واللعينة. وأحاط به الجماهير سواء العارف بأهداف الحزب أو غير العالم بها وهو الأكثر. وهكذا اكتست العملية صبغة الانتفاضة الشعبية العفوية. وبقي الاستعمار والامبريالية وعملاءها معزولين بلا مساحيق. استعطفوا الحزب عله ينضم إليهم، ولكن الجماهير كانت تريد ما كتبت على لافتاتها. وعلقت على كل خيامها، وأصبحت تنادي به من الأعماق، وهو الحرية والتحرير والسيادة كحق مشروع. تقره كل المبادئ الإنسانية، وتنادي به الأمم المتحدة وكل المنظمات الدولية، كما هو مفروض أيضا كحق أولي وأساسي. وعندما فشلت محاولة الوساطة التي قام بها الشيوخ العملاء ابتدأت محاولة العنف من طرف قبطان الشرطة وبعض الشيوخ والتي قوبلت بالأحجار وانتهت بأن أطلق القبطان الاستعماري النار على شاب صحراوي فألقاه أرضا ملطخا بدمائه، ثم ضرب آخر فكسر رجله. فابتدأت المسرحية بهذا، ثم تطورت إلى إصدار الأمر إلى 12.000 جندي فاشيستي مدججة بأحدث الأسلحة، بإطلاق النار على السكان العزل الأبرياء، لأنهم طالبوا بأول حق من حقوقهم وهو حريتهم. ودامت المعركة ساعات، وكان منع التجول. واستمر لمدة أسبوع، وكان إطلاق النار يتخلله.
ولم يكتف الاستعمار بإسقاط السكان المدنيين الأبرياء بالأسلحة الأتوماتيكية بل دفعت به الوحشية إلى حرق أربعين مناضلا كفدية لحيفه في معركة الدشيرة. كان الاستعمار اللعين قد أقام هذه المذبحة في يوم الأربعاء يونيو 1970 المشؤوم. ولم ينته الأسبوع حتى كان الاستعمار قد ملأ سجونه من مناضلي الحزب. وشن حملة إرهابية تصفوية للروح التحررية في المنطقة. ثم حمل منظم الحزب بصير محمد إلى مكان لا يعلمه إلا هو. وقد شملت سجونه الرجال والنساء والأطفال محاولة يائسة منه أن يعطي عظة للمستقبل فيرهب السكان من بطشه. فأخرج إلى جانب ما رأينا كل طائراته وسياراته وبواخره من معاقلها. ولكن ذلك لم يزد السكان إلا تصميما على الوصول إلى حقهم المشروع في الحرية والسيادة على أرضهم وثروتهم أو نيل الجنة. فابتدأت الجماهير خطواتها، ودخلت في الطريق الحقيقي، وهو طريق الحرب المسلحة في وحدات صغيرة رغم قلة الوسائل وبساطتها وبدائيتها. وقد أسس الاستعمار منها واحدة كاملة تتكون من 5 أفراد حصلوا على الأسلحة من ضابط اسباني سنة 1971. في شهر يوليوز. ولكن الأعمال استمرت رغم القوة الاستعمارية وتخطيط الاستعمار الفاشيستي الهادف الى لحم المنطقة بالاستعمار الإسباني المتوحش. ورغم تشبث الجنرالات الذين وصلوا إلى هذه الرتبة، الأرض العربية المغتصبة، وكونوا شركات عديدة على حساب نداء سكانها وعلاجهم وتعليمهم، وخصوصا شركات البناء والملاحة والتجارة والذين يسيل لعابهم على خيراتها ويحلمون بفصلها بعد موت العجوز الدكتاتور فرانكو أو حتى في حياته عند الضرورة وإنشاء نظام روديسيا جديدة في شمال افريقيا وعلى الرغم كذلك من الشعارات الاستعمارية التي تسربها أسماع الجماهير في محاولة لكسب الوقت مثل شعار نحن هنا بإرادتكم .. نحن هنا لتكوينكم ثم نخرج عنكم أو نحن لحمايتكم لأن الدول المجاورة توسعية وستغزوكم. ورغم كذلك الشبهات التي أحاط بها الدول المجاورة بأدلة تارة وبغير أدلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.