عرفت مدينة مراكش في السبعينات عددا من الأماكن التي كانت تباع بها متعلقات الأثاث المنزلية المستعملة على جنبات شوارعها وأزقتها، مما أساء كثيرا لحركة المرور وإلى جماليتها...، فاهتمت بعض الجهات أنذاك بتجميع هؤلاء الباعة في بقعة أرضية تابعة للأملاك المخزنية المتواجدة بين ملعب الحي الحسني والمستوصف الصحي أعطيت لها اسم «الجوطية»، هذا السوق الذي كان ضحية عدد من الحرائق منذ ذلك التاريخ ، تقضي في كل مرة على الأخضر واليابس، وعقب حدوث حريق 1995 حصل اتفاق مع المجلس البلدي، وكذا السلطات المحلية من أجل أن يتم بناء 214 دكانا بشكل يقيها من نشوب هذه الحرائق ، فتجند هؤلاء التجار، وعلى حسابهم الخاص، وتمكنوا من وضع تصاميمها وبنائها دون دعم من أي جهة، وهكذا تلقوا وعدا من مسؤولي البلدية بتسوية وضعيتهم القانونية وإعادة هيكلة سوق «الجوطية»، عندما يصبح العقار الذي بني عليه السوق ملكا خاصا للبلدية، فكانت هذه البشرى حافزا أساسيا في صرف الكثير من مال هؤلاء التجار من أجل جودة وإتقان بناء هذه الدكاكين. وهكذا ظلوا ينتظرون طيلة هذه السنوات التي تجاوزت عشرين سنة قصد تسوية وضعيتهم القانونية وإعادة هيكلة سوق «الجوطية» بالحي الحسني وتجهيز دكاكينه بالماء والكهرباء، على غرارهيكلة كل من سوقي أزلي وإزيكي المتواجدين بالأحياء المجاورة ، ونتيجة لعدم التزام المجالس المتعاقبة على تدبير شأن بلدية مراكش بما التزمت به في شأن إعادة هيكلة سوق الجوطية، اضطر عدد من تجاره لتمرير خيوط للكهرباء من منازل أو من بعض مستودعات البضائع بالحي الحسني مسافات طويلة، إما عبر قنوات الصرف الصحي أو من أعلى البنايات، قاطعة الشارع الرئيسي الفاصل بين هذا السوق ومنازل الحي، مما جعل السوق مهددا باستمرار باندلاع حرائق، خاصة وأن عددا كبيرا من تجار السوق في خضم هذه الظروف المزرية، أجبروا على استعمال قنينات الغاز من أجل إضاءة محلاتهم التجارية. وحفاظا على سلامة أرواحهم وحماية تجارتهم من كارثة لا قدر لله قد تكون أسبابها بشرية، انخرط عدد منهم في النقابة الوطنية للتجار والمهنيين بمراكش، حيث بادر كاتبها العام بفرع الحي الحسني، بتوجيه عدة مراسلات إلى الجهات المعنية ابتداء من سنة 2012 ، وذلك قصد مطالبتها بأن يستفيد سوق الجوطية هو الآخر من عملية الهيكلة والتهيئة التي أشرفت أشغالها على النهاية بملعب الحي الحسني، حيث ستستأنف أشغالها بالمستوصف المجاور أيضا لهذا السوق، وهذا في إطار المشروع الذي أطلق بتوجيهات ملكية تحت عنوان: «مراكش الحاضرة المتجددة»، ونظرا لأن سوق الجوطية، حسب تصريحات عدد من تجاره، يعرف فوضى عارمة على جميع المستويات، أصبح كذلك ملاذا لعدد من التجار الغرباء، الذين يتهافتون على شراء مفاتيح المحلات بما يفوق أربعين (40) مليون سنتيم داخل السوق وبالدروب المحيطة بهذا المرفق التجاري، وذلك بهدف التهرب بطرق ملتوية وبالتحايل على القانون من أداء الضرائب للدولة»، وقد سجلنا أثناء زيارتنا لعين المكان العديد من الاختلالات والتجاوزات، حيث احتلت أعداد من الباعة (الفراشة) أرصفة الشارع الرئيسي المار أمام مدخل السوق، مما تسبب في عرقلة حركة السير والجولان، كما ثبت بعض التجار أمام محلاتهم خارج السوق خيما يعرضون فيها سلعهم مستغلين بشكل عشوائي الملك العمومي، وقد أدت هذه الفوضى السائدة بأحدهم إلى الاستيلاء منذ سنة 2001 - مدة خمس عشرة سنة - على مرحاض عمومي بالسوق، هذا الوضع مازال قائما إلى غاية كتابة هذه السطور. وهو الوضع الذي حرم أيضا جمعية تجار سوق جوطية الحي الحسني من مقرها الرئيسي تحت مبرر توسعة مسجد داخل السوق، وكلما تحرك التجار من أجل «تحرير» هذين المرفقين، يواجهون من قبل بعض الذين من المفروض فيهم حماية ممتلكات المواطنين وضمان حقوقهم؟