من المقرر أن يقوم وفد من الأممالمتحدة، لزيارة المنطقة، للنظر في كيفية عودة الموظفين «السياسيين»، المحسوبين على البعثة الأممية في الصحراء «المينورسو»، حيث كان مجلس الأمن، حدد مهلة تسعين يوما لمعالجة هذه المسألة، ضمن قراره الصادر يوم 28 أبريل الأخير. و من المعلوم أن المغرب، كان قد أمر برحيل هذا المُكَوِّنِ السياسي، للبعثة المذكورة، على إثر المواقف غير الدبلوماسية التي اتخذها الأمين العام الأممي، بان كي مون، أثناء زيارته للمنطقة العازلة، في الصحراء المغربية، والتي عبر فيها عن مواقف مناقضة لمهمته على رأس الأممالمتحدة. و إذا كانت السلطات المغربية، قد قَبِلَت زيارة هذا الوفد، فمعناه أن المفاوضات ممكنة، لكنها لا تعني نهائيا، الرضوخ للأمر الواقع، الذي يسعى بان كي مون، لفرضه، من أجل تكريس نوع من «السيادة الأممية»، على الصحراء، في محاولة لتوسيع صلاحيات الأممالمتحدة، كما لو كانت سلطة حاكمة. فالسلطة الحاكمة هي المغرب، الذي استرجع أراضيه، من الاستعمار الإسباني، بالكفاح، الذي انطلق مسلحا مع جيش التحرير في نهاية الخمسينات، وسلميا بالمسيرة الخضراء، منتصف السبعينات، في الوقت الذي ظلت الأممالمتحدة مكتوفة الأيدي، و لم تحرك ساكنا تجاه الاحتلال الإسباني، لتقرير المصير، كما كان المغرب يطالب في منتصف الستينات، من أجل عودة الصحراء للوطن الأم. لذلك فمسألة ما يسمى بالمُكَوِّنِ السياسي للمينورسو تكتسي أهمية بالغة، في هذا النزاع، و في دور الأممالمتحدة في الصحراء، حيث إن مبرر وجوده، في البداية كان مرتبطا بمسألة تنظيم الاستفتاء، الذي ثبت أنه أمر مستحيل، بعد فشل لجان تحديد الهوية، في حصر لوائح الناخبين. لذلك تغيرت طبيعة وجود الموظفين المدنيين «السياسيين»، في الصحراء، حيث لم يبق لبقائهم أي مبرر، بينما يبقى المُكَوِّنُ العسكري، مكلفا بمراقبة وقف إطلاق النار. الموقف الذي اتخذه المغرب، بإخراج الموظفين «السياسيين» من الصحراء، لم يكن انفعاليا، بل مدروسا، خاصة بعد تصريحات بان كي مون، التي وصفت الوجود المغربي، بالاحتلال، مما يعني، ضمنيا، أنه يمنح للمينورسو، صلاحيات «السيادة الأممية»، على التراب الصحراوي. هذا هو عمق النقاش مع الأممالمتحدة، فكيفية وظروف وشروط عودة المُكَوِّنِ السياسي، ليست مسألة تقنية، بل هي مفاوضات جدية حول المستقبل الأممي في أراضينا الصحراوية.