نظم المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي،يومي 24 و25 ماي 2016 بالمدرسة المحمدية للمهندسين بالرباط، ندوة في موضوع "تأهيل مهن التربية والتكوين والتدبير والبحث، أساس الإصلاح التربوي"، جاعلا أحد أهم أنشطته العمومية التفكير في سبل الارتقاء بأدوار ومهام ومكانة الفاعلين التربويين، باعتبارهم القلب النابض لإصلاح المنظومة التربوية.وهي محطة من سلسلة ندوات موضوعاتية نظمها المجلس لتعميق النظر في المقترحات التي تضمنتها الرؤية الاستراتيجية لإصلاح التعليم(2015/ 2030). وحسب بلاغ صادر عن المجلس فان هذه الندوة تتوخى الوقوف على الإشكاليات الأساسية المرتبطة بمهن التربية والتكوين والتدبير والبحث،وتعزيز التعبئة المستدامة حول أوراش الإصلاح والاطلاع على التجارب الدولية الناجحة، واستخلاص بعض التوجهات، وإبراز واستلهام بعض الممارسات البيداغوجية الجيدة والمبتكرة وإذكاء التفكير الجماعي في الوضع الحالي لمختلف الفاعلين التربويين، وفي أنجع السبل لإتقان تكوينهم، وضمان تأهيلهم المستمر والتقييم الناجع لأدائهم. أفضت هذه الندوة إلى مجموعة من المقترحات والتوصيات ، اعتبرها المجلس رصيدا خصبا لإغناء أشغال المجلس، في أفق تعميق تصوره الاستراتيجي بخصوص تأهيل مهن التربية والتكوين والتدبير والبحث .وفي هذا السياق تضمن التقرير العام لأشغال الندوة الإشارة إلى الأبعاد الإنسانية والثقافية والاجتماعية لمختلف المهن في مجال التربية والتكوين والتدبير والبحث، التي استحضرها الفاعلون التربويون، والمنظمات النقابية والهيئات المهنية والمدنية،، والمبادئ الجوهرية التي ترتكز عليها، من قبيل: المهننة؛ التجديد المتواصل؛ الاستقلالية الواعية؛ حرية المبادرة والإبداع؛ تحمل المسؤولية المهنية والأخلاقية والمدنية والقيام بالواجبات التي تتطلبها، والتمتع بالحقوق الإنسانية والمهنية. و تم تأكيد المشاركين في الندوة على الدور الحاسم في الإصلاح التربوي للفاعلين التربويين، نساء ورجالا لكونهم القوة الحاملة للتغيير والمتطلعة لبناء مستقبل المغرب الحديث والمتقدم واعتبروا الاستثمار في تأهيل المهن التربوية استثمارا في التنمية المستديمة للرأسمال البشري، وفي ولوج مجتمع المعرفة.وشددوا على أن تحقيق الغايات الكبرى للمنظومة التربوية ذات الطابع المجتمعي خصوصاً الإنصاف والجودة والإدماج وتنمية القدرات والمعارف والقيم، يتطلب اعتماد المقاربة الشاملة والنسقية للمهن التربويةمراعاة لتكاملها. المبادئ المشتركة الموجهة لتأهيل مهن التربية والتكوين والتدبير والبحث ولوج مهن التربية والتكوين والتدبير والبحث: دعا المشاركون في الندوة إلى مراجعة أساليب ولوج المهن التربوية، بتدقيق معايير الانتقاء واختيار أجود الكفاءات "ذات العقول المتقنة البناء"، وتوفير شروط جاذبية المهنة، وتدقيق مواصفات الولوج والاختيار، على أساس الميل إلى المهنة ومحبتها، والإيمان بالرسالة التربوية ووضع إطار مرجعي للوظائف والمهام والكفايات،وتدعيم هذا التوجه بإحداث مرصد وطني للكفاءات والمهن، من أجل استشراف وتتبع المهن الجديدة. التكوين الأساس والمستمر: أكد المشاركون في الندوة ضرورة التعزيز المستديم للمهننة بتمتين التكوين الأساس والتأهيل البيداغوجي، والتكوين المستمر والتنمية المهنية، وعدم حصر التكوين فقط في المتطلبات الوظيفية، وملاءمته مع التحولات التي تعرفها المهن التربوية على المستوى الوطني والدولي،بالإضافة إلى مأسسة التنسيق الفعلي بين الجامعات ومختلف المؤسسات والهيئات المكلفة بالتكوين الأساس والمستمر للفاعلين التربويين، وتنويع برامج وصيغ التكوين والتأهيل بحسب المهن مراعاة لحاجات الفئات المستهدفة، والتوجه في اعتماد التكوين على تنمية الرأسمال البشري والقدرات على مستوى المعارف والكفايات والقيم والسلوك وتدبير العلاقات والتنمية الذاتية، علاوة على ترسيخ التشبع بالمهن التربوية بوصفها رسالة تربوية ذات بعد قيمي، وتوفير تكوين مستمر يستجيب للحاجات والمستجدات ويساير التطور التكنولوجي. البحث العلمي والتربوي: أكدت الندوة أهمية اعتماد البحث في التكوين والأداء والتخطيط والتأطير والتمكن من ابتكار المشاريع المجددة، خصوصا بالنسبة لتصور الأدوار الجديدة لمختلف المهن، وتشجيع البحث في مجال العلوم التربوية والبيداغوجية والديداكتيكية والتدبيرية على صعيد مؤسسات التربية والتكوين والبحث للرفع من جودة أداء الفاعلين. الحقوق والواجبات: استحضر الفاعلون التربويون في الندوة المكون القيمي و الأخلاقي للمهن في عمقه الفردي والاجتماعي والإنساني الكوني لاسيما الانتماء للمجتمع الإنساني ولمنظومة الحياة الكونية والمحافظة عليها ودعوا إلى بلورة ميثاق لأخلاقيات المهنة يضمن التمتع بالحقوق والقيام بالواجبات،ويعد بمثابة تكملة للقوانين والتشريعات والنصوص المنظمة للمهن في أفق ترسيخ ثقافة المسؤولية وثقافة الحق والواجب مع اعتبار المصلحة الفضلى للمتعلمين وللبلاد، كما أكدوا ضرورة المزاوجة بين الحفز وترسيخ الحقوق و توفير المتطلبات والظروف اللازمة للمزاولة المثلى للمهنة. تدبير المسارات المهنية: أوصى المشاركون في الندوة بخصوص تدبير المسارات المهنية ،بوضع نظام شفاف وموضوعي لتقييم الأداء المهني، يقوم على المعايير المتعارف عليها، مع تأكيد دوره التكويني الهادف إلى التأهيل المستمر للفاعلين، مما يستدعي إعادة النظر في منظومة الترقي على نحو يجعلها مفتوحة ومواكبة للمسارات المهنية، واعتماد الترقية مدى الحياة المهنية وربطها بالاستحقاق والمردودية، بالإضافة إلى ضمان الارتقاء المستمر للمسار المهني للفاعلين التربويين طيلة الحياة المهنية. التدبير الإداري للفاعلين: أوصى المشاركون في الندوة بمراجعة وملاءمة الأنظمة الأساسية للفاعلين التربويين مع تصنيف المهن الذي أقرته الرؤية الاستراتيجية للمجلس، في اتجاه التدقيق والإحاطة والحفز والتثمين والمرونة (هيئة التدريس والتكوين والتأطير والبحث، هيئة التخطيط والتوجيه والتفتيش، هيئات التدبير الإداري والاقتصادي والمالي...)والحرص على ملاءمة التدبير الإداري للفاعلين مع النهج اللامتمركز واللامركزي للمنظومة، مما يتطلب تحيين وملاءمة نصوص التسيير والتدبير داخل بنيات ومؤسسات التربية والتكوين، وتعزيزها بدلائل مرجعية؛كما دعوا إلى مأسسة عملية إشراك المتدخلين والفاعلين في المجال التربوي للمشاركة في صنع القرارات التربوية؛ووضع آليات التنسيق بين مختلف القطاعات المتدخلة والمساهمة بشكل مباشر أو غير مباشر في قطاع التربية والتكوين والبحث العلمي، مع ضمان مزيد من الدمقرطة فيما يخص اختصاصات الهيئات المنتخبة في المؤسسات (مجالس التدبير، المجالس الإدارية؛ مجالس التكوين...) بما يؤهلها لتجسيد مبدأ الاستقلالية والمشاركة في اتخاذ القرار. الارتقاء المستمر بالمهن والاستجابة لمتطلبات الأفراد والمجتمع: دعا الفاعلون التربويون إلى الاستجابة للحاجات من المهن الجديدة، و حاجات القطاعات الأخرى من المهن التربوية في إطار سياسة عمومية استشرافية منسجمة ومندمجة، مراعاة لتحولات المهن التربوية على المستوى العالمي، واستباق المهن التربوية المستقبلية وتقوية أدوار الفاعلين باعتبارهم مشاركين في بلورة مشاريع المؤسسات وتنفيذها وتتبعها وتقييمها وتدعيم أدوار الهيئات التمثيلية والجمعيات التربوية باعتبار حركية المهن وتطورها المستمر، تلبية لحاجات المجتمع، بالإضافة إلى تطوير العلاقة بين الفاعلين التربويين والإداريين والباحثين وبين هيئاتهم التمثيلية في أفق تعزيز أدوار هذه الهيئات، وتمكينها كفاعل حقيقي، من المزيد من المساهمة الفاعلة في الارتقاء بالمهن، واعتبار جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ فاعلا أساسيا في الإسهام في تمكين المدرسة من القيام بوظائفها على النحو الأمثل. متطلبات تجديد مهن التربية والتكوين أوصى المشاركون في الندوة بالنسبة لمربيات ومربيي التعليم الأولي بضرورة وضع إطار قانوني واضح لهذه الهيئة، والتلبية التدريجية للحاجات من هذه الهيئة التي يتطلبها التعميم الإلزامي للتعليم الأولي. أما بالنسبة لهيئة التدريس والتكوين، فقد خلصت التوصيات إلى أهمية تدقيق أدوارها باعتبار المنتسبين إليها فاعلين تربويين وثقافيين واجتماعيين، بإدماج مهام ذات صلة بتدبير التعلمات داخل المؤسسة المدرسية والتكوينية، والدعم التربوي، والتنمية المهنية، والتأطير المهني للمدرسين والمكونين الجدد، والمشاركة في تدبير المشاريع التربوية للمؤسسة، وفي الاستشارة والبحث. مع اعتبار خصوصيات ومتطلبات المدرسين العاملين بالوسط القروي، وبالأوساط ذات الظروف الصعبة، ومدرسي بعض الفئات في وضعيات خاصة: الأشخاص ذوي إعاقة، أبناء الرحل، الأطفال الجانحون... ولتدعيم هيئة التفتيش أكدت توصيات الندوة ضرورة إعادة النظر في أدوراها ومهامها، في اتجاه إعطائها دورا وازنا في التأطير والتكوين والبحث والإشراف التربوي والتقييم والافتحاص البيداغوجي للمؤسسات، مع تخويلها الإمكانات والاستقلالية اللازمة لذلك. أما بالنسبة لباقي الهيئات فقد خلصت توصيات الندوة إلى تطوير مهامها وأدوارها ضمن المقاربات الحديثة وتحيين النصوص التنظيمية لتمكينها من مسايرة متطلبات التدبير اللاممركز وإدراج تكوينات متخصصة لفائدتها. واذا كان المجلس يرى أن هذه الخلاصات والتوصيات المتوصل إليها في هذه الندوة ستثري وتعمق النظر في مضامين الرؤية الاستراتيجية للإصلاح (2015/ 2030 ) بخصوص تأهيل مهن التربية والتكوين والتدبيرو تفتح إمكانيات خصبة وعديدة للانطلاق في مباشرة هذا الورش الذي يهم الفاعلين التربويين بوصفهم القلب النابض للإصلاح، فان أصواتا أخرى ترى أن المجلس غيب في هذه الندوة الفاعلين الأساسيين في مجال التكوين حيث أصدرت" الجمعية المغربية للمكونين بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين "بلاغا( توصلت الجريدة بنسخة منه ) ذكرت فيه أن ندوة المجلس سطرت جملة من الأهداف ذات أهمية قصوى، وحاول برنامجها تغطية موضوعات متعددة للمهن التربوية، إلا أنه على الرغم من ادعائها تبني منهجية إعداد تقوم على المقاربة التشاركية فقد تجلى بوضوح تغييب الفاعلين الأساسيين سواء المؤسساتيين أو التربويين. ويكفي إلقاء نظرة سريعة على أسماء المتدخلين في الندوة ليتضح بجلاء حضور أسماء دخيلة على مجال مهن التربية والتكوين والبحث، والتهميش القسري للفاعلين الأساسيين في تكوين الأطر مركزيا، وتغييب المكونين الممارسين لمهام تكوين الأطر التربوية والإدارية على مدى عقود من الزمن وتعتبر الجمعية أن استفراد جهات بعينها للتقرير في القضايا الجوهرية لهذا الإصلاح وفي غياب المعنيين الأساسيين بتنزيله ومواكبته يعد التفافا على جوهر إصلاح منظومة التربية والتكوين ويزيد من تفاقم أوضاع المنظومة وبذلك لن تكون هذه الندوة إلا ترفا فكريا يدعم حظوة المنظمين والمؤطرين ويزيد من استفحال مشاكل المنظومة.