يواصل جمهور المسرح الوطني محمد الخامس رحلة الاكتشاف وسبر أغوار برنامج غني ومتنوع ضمن فعاليات مهرجان «موازين» إيقاعات العالم ويخوض تجربة يومية للتفاعل مع تجارب ومدارات موسيقية وثقافية من مختلف الأصقاع. ففي ثاني مشاركة لها في مهرجان «موازين إيقاعات العالم»، الذي تنظمه مغرب الثقافات تعود إيماني، الفنانة الفرنسية ذات الأصل القمري لتقاسم مع جمهور كان في انتظارها، فنا هادفا وراقيا ويتجاوب مع حضورها اللافت على خشبة المسرح. بصوت دافئ يحلق بين عوالم البوب والفولك، وبحركات راقصة تجمع بين التفاعل الروحي مع الايقاع والاحتفالية التلقائية تحولت ايماني الى حالة فنية خاصة وهي تقدم مختارات متنوعة بصمتها ببصمة شخصية واضحة، تعكس صدق أدائها وبساطتها. لم تفوت إيماني الفرصة دون أن تحيي ذكرى الزعيم الجنوب أفريقي الراحل نيلسون مانديلا، الذي ناضل ضد سياسة التمييز العنصري في بلاده، وتقول إن «الأغنية التالية أهديها إلى روح نيلسون مانديلا» مضيفة أنه «مات لكن نحن الذين لا نزال على قيد الحياة يجب أن ندافع بكل قوة عن الحقوق وقيم العدالة والتضامن». رسائل إيماني لم تقف عند هذا الحد، بل عمدت بمرح إلى التذكير بأصولها من جزر القمر، ودعت الجمهور إلى التعرف على هذه البلاد، وأهدتها أغنية مزجت فيها بين اللغة الإنجليزية ولغة جزر القمر فيما وجهت شكرها إلى المغرب معبرة عن سعادتها بالقدوم إليه مرة أخرى. ظهرت إيماني على المنصة سنة 2010 بحيث أطلقت أسطوانة مطولة في ألبومها الأول بعنوان « ذو شايب أف بروكن هارت» سنة 2011. ونالت هذه المغنية نجاحا دوليا واسعا بفضل أسلوبها الذي يمزج «البوب» ب»الفولك» والشبيه بأسلوب المغنية تريسي شابمان وبيلي هوليداي. حصلت إيماني واسمها الحقيقي « ناديا ملادجاو»، على قرص البلاتين بالعديد من البلدان، كما تمتلك صيتا يصل إلى الهند واليابان. أسلوبها وصوتها يجعلان منها فنانة أصلية ومحبوبة لدى الجمهور. وقد سجلت سنة 2015 أغنيتين جديدتين. ازدادت الفنانة التي اشتهرت أيضا في عروض الأزياء في جزر القمر عام 1979، وقد أقبلت في طفولتها على تعلم الموسيقى أثناء الإقامة في نيويورك، مما فتح لها لاحقا الطريق أمام خوض مغامرة الاحتراف. كما جرت العادة في حفلاته العالمية، أطل الدي جي الهولندي الشهير هاردويل على منصة السويسي بعرض من نوعية استثنائية أمام أكثر من 180 ألف شخص. فقد أحيى حفلا صاخبا حول خلاله منصة السويسي إلى حلبة مفتوحة للرقص على إيقاعات الموسيقى الإلكترونية، فقد عمت موجة من الهستيريا بين صفوف جمهور شبابي كانت لديه رغبة واحدة فقط: الاحتفال بصخب!. وسافر هاردويل الذي يتمتع بطاقة إيجابية وتواصلية بالجمهور إلى عوالم موسيقية خيالية حيث خلقت موسيقاه أجواء من السعادة بين الحضور. وأبان جمهور منصة السويسي على أنه لا يقل حماسة وجنونا عن عشاق الإيقاعات الصاخبة للنجم الهولندي المتوج كأفضل فنان «دي جي» بالعالم سنتي 2013 و2014، ورقصوا بحيوية وطاقة هائلتين على أغانيه المعروفة: «سبايسمان» و»ران وايلد» و»دير يو» و»نيفار ساي كودباي» و»دونت سطوب ذا مادنس». ويعتبر الفنان، الذي لم يتجاوز 25 من العمر، صاحب الأرقام القياسية بامتياز. ففضلا عن فوزه بلقب أفضل فنان «دي جي» بالعالم سنتي 2013 و2014، يعد هاردويل من بين فناني هذا اللون الموسيقي الأكثر متابعة على موقع «يوتوب» من خلال تحقيقيه لأزيد من 28 مليون مشاهدة. وأصدر أول ألبوم له في يناير سنة 2015 بعنوان «وي آر يونايتد» الذي تعاون من خلاله مع فنانين لامعين من أمثال جايزون ديرولو وتييستو وميستر بروبز، حيث تم تصنيفه في المرتبة الثانية في تصنيف بيلبورد الإلكتروني بالولايات المتحدة. وبمنصة النهضة، أطل عاصي الحلاني قادما من بلد الأرز «لبنان» على جمهوره الذي قدر ب 80 ألف متفرج جاؤوا للاستمتاع بالأغاني التي قدمها «فارس الأغنية العربية» ، خاصة أروع أغانيه المستلهمة من التراث الموسيقي الجبلي، الذي يميل له. فقد جدد الفنان اللبناني عاصي بالرباط وصل علاقته الخاصة مع الجمهور المغربي، بحفل شذا فيه بأشهر القطع التي صنعت له مكانة طليعية ضمن نجوم الغناء العربي. وبدا الحلاني في الأمسية التي أحياها على منصة النهضة في اطار الدورة 15 لمهرجان « موازين.. ايقاعات العالم» في كامل حيويته، صوتا قويا وحركة تفاعلية على المسرح، سعيدا بمعانقة جمهور عريض يحفظ أغنياته الشهيرة. من رصيده الغنائي الحافل، وخصوصا أعماله ذات الطابع الإيقاعي البدوي الأصيل، توالت اختيارات الحلاني الذي أبى من جديد إلا أن يفسح المجال للفنان المغربي الشاب مراد بوريقي، خريج برنامج « ذو فويس» لمشاركته الأداء أمام استقبال جماهيري حار، حيث أديا أغنية «يا طيور بالعالي» في صورة ناصعة للعلاقة الإيجابية بين جيلين، فنان راسخ وشاب واعد. يعتبر عاصي الحلاني من بين الفنانين الذين يساهمون في الحفاظ على تراثهم الموسيقي ونشره بشتى أنحاء العالم. ويمتلك الحلاني لحد الساعة أزيد من 20 ألبوما وفيديو كليب، علاوة على أناشيد وطنية ومشاركات بالعديد من المهرجانات الدولية والعربية. لقد كانت الليلة السادسة من مهرجان «موازين.. إيقاعات العالم» متميزة عن غيرها بتسجيل رقم قياسي للحضور بلغ 250 ألف شخص على منصة سلا، التي احتضنت حفلا كبيرا أحيته الليلة الماضية ثلاثة أسماء وطنية وازنة في الموسيقى الشعبية: حجيب وعبد العزيز الستاتي والعامري. وقدم حجيب، المعجب حتى النخاع بأسلوب فاطنة بنت الحسين، مقاطع موسيقية من فن العيطة، إلى جانب مقاطع غنائية مرساوية وحوزية وملالية أضفى عليها لمسته العصرية. كما أطل عبد العزيز الستاتي الذي يعتبر رمزا للحفلات والفرح ليدلي بدلوه في مجال الموسيقى الشعبية، حاملا «كمنجته» ليقدم أنجح أغانيه وأروعها على الإطلاق، في عرض أبهر الجمهور الحاضر. وأثثت الأغاني الشعبية المغربية ليلة السهر هذه تحت سماء سلا المضيئة بمناسبة الدورة الخامسة عشرة من مهرجان موازين، حيث واصل السهرة الفنان العامري الذي يتمتع بكاريزما تجعل من حضوره على المنصة سبب جذب جمهور واسع أتى ليستمتع بالأغاني التي سيقدمها. وفي فضاء شالة، أطل أنطونيو كاسترينانو في أروع إطلالاته ، حيث كشف أو أعاد كشف ‘الترانتا' للجمهور الرباطي. وقد استطاع هذا الفنان مصحوبا بآلة التامبورين أن يمزج في نفس القطعة الموسيقية بنيات وتراكيب متعددة، حيث قدم أفضل ما لديه للجمهور المتعطش لسماع هذا النوع من الموسيقى الهادئة. وبذلك تمازجت الآلات الإيقاعية مع الغناء على المنصة فأنتجت إثارة متزايدة وسادت متعة روحانية بهذا الحفل البهيج. أما الفنان فايز علي فايز فقد أهدى جمهوره سفرا حقيقيا عبر الزمن، في حفل رفيع المستوى على منصة بورقراق.