اضطر المهاجر المغربي الحسين المذكوري - الحالم بعودة إلى وطنه بعدما عمل بمختلف المهن في الضفة الأخرى ليعود «بتحويشة العمر» من أجل تشييد مزرعة فوق تراب أبويه بأيت بلال جماعة أغبالو أقورار، بإقليم صفرو - أن يشد الرحال للرباط من أجل الاعتصام أمام وزارة الجالية المغربية. ولولا تدخل عضو الفريق الاشتراكي بمجلس النواب ادريس الشطيبي الذي فك اعتصام الرجل، واعدا ببحث الموضوع مع الجهات المختصة، لدخل الحسين المذكوري في إضراب عن الطعام، ليكون مادة دسمة للإعلام الأجنبي المتتبع لعودة المهاجرين إلى بلدهم الأم، وتجسيدات لحظات استقبالهم على مستوى الممارسة في ملفاتهم وقضاياهم التي غالبا ما تكون مسطرية، يدخلها بعض المتلكئين في تعقيدات، تعمل على جعل المهاجر في حيرة من أمره، وكأن مواطنته انكسرت، لأنه فقط ذهب إلى المهجر من أجل تحسين ظروفه، من أجل عودة اعتقد أنها ستفرش بالورود. اعتبرا الحسين المذكوري الوزير المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج مسؤولا عن كافة «التجرجير» الذي لم يعتده في دول المهجر، حيث عاش منذ غادر الوطن في بداية الثمانينيات، وترك أبناءه هناك ، والذين رسموا اليوم صورة سيئة في أدمغتهم عن وطنهم، بعدما رأوا حلم أبيهم ينكسر على صخرة الحقيقة المرة ، تلك التي يتحكم فيها- ومع الأسف -رئيس جماعة أغبالو، وهو الرئيس الذي جعل من المهاجر الحسين المذكوري، «قضية رفض ملف»، دون تفسير لفحوى هذا الرفض الذي يبدو غير طبيعي، أمام القوانين المتوجة باتفاقيات شكلت مساطر واضحة تلزم رئيس الجماعة بتنفيذ التزاماته، كما تلزم الأطراف الموقعة بالعمل على تسهيل كافة الإجراءات الكفيلة بخدمات للمواطن في التراب المعني ، تطبيقا لدستور الكرامة والعدل ، و من أجل مغرب تنموي وديمقراطي في هامشه قبل مركزه. أقفلت جميع الأبواب في وجهه الحسين المذكوري، وضيع الرئيس الجالس على كرسيه الانتخابي بالفعل والقوة زمنه، ليقول للمهاجر المغربي المذكور، أن لا يدَ فوق يده، وأن باستطاعته أن يبعث الحياة في الأرض التي يشاء، وأن يطفئ النور على دوار دون آخر، وأن يكرس الممرات الضيقة بين الجبال والوديان الجافة، إلى بيوت ساكنة الدواوير المظلمة وهي الممرات التي لا تكفي حتى لمرور دابة ، فما بالك بسيارة إسعاف تحمل مرضاهم أو حافلة مدرسة تنقل أبناءهم. موقف لم يفهمه الحسين المذكوري الذي أصبح يمثل النموذج «المحكور» من مواطنينا في المهجر ، الذين أنشأنا وزارة بكل إداراتها وتمثيلياتها الخارجية والداخلية من أجلهم، مع وقف التنفيذ، نتيجة فيض من نماذج «الحسين المذكوري المحكور».. هي دواوير من جماعة أغبالو، منسية هناك، ونبراس الأمل أوشك على الإظلام، والعيون مغمضة على حقوق ساكنتها ، في حلول لن يستعصى على جماعة تعتبر من أغنى الجماعات، حلها، جماعة قادرة بالميزانية التي تملك أن تجعل اغبالو أقورار قبلة للسياح بمجرد فتح الممرات الحقيقية لهضابها وسهولها، والدفع بإيصال الماء والكهرباء لكافة بقعها وهكتاراتها، بعمل جاد ومسؤول بعيد عن الزبونية والمحسوبية والمحاباة، الشيء الذي رفعت فيه الساكنة رسائل إلى وزير الداخلية ، تشتكي من خلالها الرئيس المذكور، الذي تعددت سيئاته حتى أصبح على كل لسان من مختلف الدواوير، التي قالت ساكنتها «لا نعرف كيف نجح هذا الرئيس في الانتخابات الماضية» وغالبية جماعة اغبالو يشتكون ظلمه، وظلم مقربيه، برسائل إلى كافة المعنيين دون جواب. ويبدو الرئيس فوق برجه، لا حياة لمن تنادي، رسائل بالجملة، نتوفر على نسخ منها لرئيس الحكومة ووزارة الداخلية ووزارة الهجرة، وكل المؤسسات المعنية، وهي الرسائل التي بصمت التحقيق فيها وتداولها هيئات حقوقية على رأسها الهيئة المغربية لحقوق الإنسان. وكرر هؤلاء المحكورون والمحكورات الفعل بالذهاب إلى أبواب المسؤولين الذين وعدوا بالحلول، لكن لا لمسة على أرض الواقع، كما أكد لنا ساكنة دوار الصباب، عندما ذهبنا إليهم في عين المكان بتنظيمنا وإعلامنا ومنظماتنا الموازية، من أجل الحديث إلى شعبنا الذي تسربت الحكرة إلى داخله، حتى أصبح غير قادر على الثقة بالتغيير مستقبلا. أقول هذا، وأنا عازمة على مواصلة البحث والاستطلاع، لقول الحقيقة للرأي العام، لكن لدي أمل أن تحل مشكلة الحسين المذكوري الذي سيستقبله اليوم عامل الإقليم، وملفه كذلك على طاولة الوزير المكلف بالجالية، بمجهود كبير لعضو الفريق الاشتراكي ادريس الشطيبي، كما لدي أمل أن أعود مرة أخرى إلى جماعة أغبالو يكون فيها الظلام تبدد من ملامح دواويرها المعزولة، ويتحقق حلم العجوز فاطمة بن يحي، وتذهب بنات الدوار لدروس محو الأمية، بعدما غادرن المدرسة نتيجة تقاعس المعنيين في مد الدواوير بنبراس الضوء في زمن الظلام.