«لا غرابة في تجذر ثقافة الكريدي بين الأوساط الشعبية، والسبب هو غلاء المعيشة والفقر والهشاشة والتهميش والراتب الهزيل والدخل المحدود». هكذا أجمع الكثيرون في أجوبتهم، وبديهيا في خضم هذه الظروف أن تنتعش المؤسسات البنكية من تزايد عدد المطالبين بالحصول على القروض لتحسين أوضاعهم المتردية، كما لا غرابة في انتعاش مؤسسات القروض والسلفات الصغرى، على خلفية العدد الهائل من الأشخاص الذين يصعب عليهم الاستفادة من القروض البنكية ويودون »خلق« أشياء للبيع والشراء وحرف يدوية وتعاونيات ومشاريع إنتاجية صغرى، أو ما يصطلح عليه بالبطالة المقنعة، لغاية الصراع من أجل البقاء في مواجهة قساوة العيش ومصاريف الحياة والأسرة، ولعل برنامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية قد اكتشف عمق وحجم وضعية الفقر والهشاشة ببلادنا. وعندما لا يكون »الكريدي« حلا لجميع المشاكل ومعضلات الفقر باعتباره من المبادئ التي تقوم بالتصدق على الإنسان بسمكة ولا تعلمه الاصطياد، فإنه يبقى حلا ترقيعيا للأزمة فقط، ومؤسسات القرض تلعب على «الإعلانات» المغرية من قبيل كبش العيد والسكن والسيارة والتجهيز المنزلي، والعديد من المستفيدين من قروض البنك مثلا يوجهون هذه القروض إلى مظاهر وكماليات، ولغاية تحقيق مكاسب وهمية، فتأكل القروض رواتبهم الهزيلة ثم يعجزون عن الوفاء بمديوناتهم البنكية لتكون عاقبتهم متاهات المحاكم والسجون، وهناك الكثير من الأخبار تحدثت عن انتحار أشخاص نتيجة الديون المتراكمة، والأسباب غالبا ما تكون بفعل العربدة والقمار ورهانات سباق الخيل مثلا، ويمكن التعرف على موظفين لا يتجاوز راتبهم الشهري ما ينفع لأسبوع واحد فيعمدون إلى الحصول على قرضين أو ثلاثة قروض في وقت واحد دون ضمانات، غرقى في اليابسة من جهة أخرى قد تختلف أهداف المواطن تجاه مبلغ القرض، إذ هناك من يقترض لغاية علاجية أو لبناء مسكن أو إحداث مشروع تجاري أو تدريس الأبناء، فيصبح القرض بعد ذلك وحشا خطيرا عند استخدامه في أشياء تافهة، ولا بأس من التذكير هنا بحكاية أشخاص حصلوا على قروض من أجل دفعها لنصاب نجح في الاحتيال عليهم بإيهامهم بتوفير عقود عمل بالخارج، وبعد ذلك ترك ضحاياه وجها لوجه مع مصيرهم المفتوح على أنياب المؤسسة التي حصلوا منها على القروض، أو الجهة التي استلفوا منها المبالغ الطائرة بالكمبيالة أو الشيك، ولا خيار لهم حينها ما بين الأنياب وبين الهرب أو السجن، شأنهم شأن بعض الموظفين من الفئات المتوسطة الذين حولت مؤسسات القروض، ومؤسسات التجهيز المنزلي، حياتهم إلى جحيم وكوابيس ومشاكل عائلية والدفع للارتشاء، وربما بات بعضهم يعيشون بنصف الراتب أو الربع فاضطروا إلى المزيد من القروض لتزداد حياتهم تعقيدا وإشكالا. ولما يقال إن «الكريدي» من المهدئات الاجتماعية فمن الممكن أن يظل هذا تحليل في حاجة إلى نقاش من حيث أن هناك تفاوتا طبقيا حتى في هذه القروض، إذ في الوقت الذي تتم فيه معاملات مالية وقروض سمينة لحساب أثرياء البلد عن طريق تحويلات بالملايين عبر الأبناك، تصطف فيه طوابير الموظفين المقهورين أو المواطنين «المزلوطين» أمام مؤسسات القروض وشركات التمويل من أجل الحصول على بضع دريهمات لتمويل الجيب الفارغ أو حل مشكل أو خلق نشاط مادي أو تسوية دين لفائدة «مول الحانوت» الذي لا يتوقف عن التلويح بلوحة «الطلق ممنوع والرزق على الله»، والقروض بالنسبة للطبقات الكادحة أو المتوسطة تبقى في كل الأحوال عاملة على تأجيل الأزمة إلى أجل آخر عن طريق العيش ب«الكريدي»، ولا تحل المشاكل الأساسية بل تكتفي أحيانا كثيرة بحلول عابرة، أي أنها قد تعالج الأعراض لكنها لن تعالج جوهر المشكل طالما أن بلادنا في حاجة إلى إصلاح اقتصادي وسياسي وتنموي واجتماعي وليس لنصائح الذي يضطر لأخذ «كريدي» من أجل كبش العيد، وبمجرد ذبحه لهذا الكبش تظل «أشباح الكريدي» تطارده. وفي صلة بموضوع القروض البنكية دائما، يشار إلى أن الحاصلين من العالم القروي على قروض لا جدال في واقع معاناتهم مع مخلفات الجفاف وويلات الفيضانات وأمراض المواشي، ومن هنا يأتي نموذج إقليمخنيفرة، حيث سبق للغرفة الإقليمية للفلاحة أن نظمت يوما دراسيا بآيت عياش، وفي حضور مسؤولين جهويين من مؤسسة القرض الفلاحي، تميز اللقاء بمناقشة المعضلة المتعلقة بالقروض، حيث استبشر عدد من المزارعين خيرا بالقرار القاضي بإيقاف متابعتهم، وقد سبق تقديم ملفاتهم أمام القضاء، وتم تنفيذ إجراءات الحجز في حقهم، وهي الأزمة التي حملت الغرفة الإقليمية للفلاحة إلى متابعتها بانشغال عميق، والقيام بسلسلة من التدخلات لدى الجهات المسؤولة حيث أقنعت هذه الجهات بالوضعية المزرية التي يعاني منها الفلاحون والمزارعون بالمنطقة جراء ظروف الجفاف والفيضانات، ولم تفشل الغرفة الفلاحية في مساعيها التي انتهت برفع «مقصلة المتابعة» عن رقاب الفلاحين المتضررين. صغرى لكنها مغامرة وبالنسبة لموضوع القروض الصغرى، فعلى هامش «السنة الدولية للقروض الصغرى» عام 2005، صرح الوزير الأول آنذاك إدريس جطو، بأن نصف المستفيدين من القروض الصغرى على مستوى منطقة البحر الأبيض المتوسط يوجدون على التراب المغربي، ووقتها شكل المغرب لجنة وطنية للسنة الدولية تحت رئاسة الوزير الأول (إدريس جطو حينها)، وتضم بالإضافة إلى الفيدرالية الوطنية لجمعيات القروض الصغرى بالمغرب، وبرنامج الأممالمتحدة للتنمية، والبنك العالمي وشركة التمويل الدولية والوكالة الأمريكية للتنمية والمجموعة المهنية لبنوك المغرب وصندوق الإيداع والتدبير ومؤسسة بلانيت المالية المغربية والوزارات المعنية، وقد حددت بلادنا كهدف ضمن هذه السياسة بلوغ مليون عائلة مستفيدة من القروض الصغرى في أفق 2010، وحسب التقديرات الأولية آنذاك تطلب بلوغ هذا السقف تعبئة موارد مالية ودعم حكومي بقيمة 100 مليون درهم، وتساهم في تمويل الجمعيات ال 12 المتواجدة بالمغرب مؤسسات مغربية كصندوق الحسن الثاني للتضامن ومؤسسة محمد الخامس وجهات دولية كالبنك الأوروبي للاستثمار وبرامج الاتحاد الأوروبي والبنك العالمي، مع الإشارة إلى أن المساعدات الأمريكية مثلا والموجهة للقروض الصغرى اشترطت منح هذه القروض إلى الأشخاص الذين يعيشون بأقل من دولار واحد في اليوم. بعض الإحصائيات تفيد بوجود 7000 مؤسسة للقروض الصغرى على المستوى العالمي، منها 12 جمعية بالمغرب، وبمساعدة البرامج الدولية، تم منح الآلاف من القروض، وبينما كانت بعض هذه الجمعيات تطمح لبلوغ 500 ألف أسرة بحلول 2009، رفعت أخرى سقف القروض إلى خمسة ملايين سنتيم بعد تشديد العديد من المستفيدين على انتقاد محدودية القروض، وما أكثر المستفيدين الذين أصابهم «الإفلاس» فعجزوا عن تسديد ما بذمتهم من قروض ومن تم أضحى الضيق من أمامهم والسجن من ورائهم، وربما فكروا في مراسلة الجهات الرسمية للتوسل من أجل عتق رقابهم، وسبق لتقارير خاصة أن كشفت أن حجم المتأخرات بلغ 5 %، وغالبا ما تضطر العديد من جمعيات القروض الصغرى إلى تغطية متأخراتها السنوية بفائض الأرباح المتوفر لديها تطبيقا لمبدأ الزبون الجيد الذي يؤدي نيابة عن الزبون غير القادر على الوفاء بالتزاماته المادية، أو الزبون المتوفى، في إطار نظام المجموعة التضامنية، علما بأن الجمعيات المذكورة «تعجز» عن متابعة المستفيد قانونا رغم توفرها على محام، فتكتفي بالتهديد دون تنفيذه على خلفية دورها الذي يلزمها بمساعدة الفئات المعوزة والهشة، وربما هناك جمعيات تخرق قانون السلفات الصغرى باللجوء إلى إجراء الحصول على شيكات من زبنائها على سبيل الضمان، مما يضرب في العمق المبدأ القاضي بتوفير السيولة للعاجزين عن ولوج الأبناك، وفي ذلك تناقض مكشوف من حيث أن الزبون الذي له القدرة على ولوج المؤسسات البنكية هو أصلا في غنى عن ولوج مؤسسات القروض وسلفاتها الهزيلة، ومن جهة أخرى فغالبا ما تؤدي الجمعيات فاتورة بعض مواقف السلطات المحلية، كما هو الحال بالنسبة لما جرى بخنيفرة عندما احترقت «جوطية حي بام» والتهمت النيران كل الدكاكين التي يملكها زبناء إحدى جمعيات السلفات الصغرى بالمدينة، حيث تعرضوا للإفلاس التام، فلا السلطات تدخلت لتعويضهم ولا الجمعية استردت قروضها منهم. مشاريع على المحك وفي إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية سبق لعمالة إقليمخنيفرة، خلال شهر نونبر الماضي، أن احتضنت أشغال«الملتقى الإقليمي السادس للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية»، وحول«دور جمعيات القروض الصغرى في دعم برنامج الأنشطة المدرة للدخل في إطار المبادرة الوطنية البشرية» شارك ممثل الفدرالية الوطنية للقروض الصغرى بالمغرب بورقة في الموضوع، حيث ركز من خلالها على محاور معينة تهم قطاع القروض الصغرى، برنامج الأنشطة المدرة للدخل، دور جمعيات القروض الصغرى في برنامج الأنشطة المدرة للدخل، وانخراط جمعيات القروض الصغرى في برنامج الدعم التقني والمالي للمشاريع المدرة للدخل في إطار المبادرة الوطنية. وأفاد المتدخل أن 12 مؤسسة للقروض الصغرى وصل عدد زبنائها إلى حدود غشت الماضي 1288803 زبونا نشيطا، ويعمل بها 7357 مستخدما، معتبرا وقع القروض الصغرى على الساكنة المعوزة فعالا من حيث أن القطاع يوفر خدماته للنساء في حدود 55 % و للرجال ب 45 %، و يشكل العالم القروي 40 % من المستفيدين من خدمات القطاع مقابل 60% للعالم الحضري، وكشف المتدخل عن أربعة برامج تمت في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، منها ما يدخل في الشق المتعلق بالبرنامج الأفقي، وأخرى في محاربة الهشاشة والفقر والتهميش الاجتماعي في العالم القروي، موضحا شروط قبول المشاريع، من قبيل خلق أو تطوير نشاط مدر للدخل، مشروع جماعي يستهدف الفئة المتعلقة بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وأن القيمة الإجمالية للمشروع هي 250 000,00 درهم كأقصى مبلغ، 10% مخصصة لتغطية تكاليف المساعدة التقنية لحامل المشروع تتحملها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بمبلغ أقصاه 000,00 10درهم. وبعد استعراضه للشريحة المستهدفة من هذه المشاريع توقف المتدخل لشرح الدعم المقترح لحاملي المشاريع، فالدعم المالي للمبادرة البشرية يصل إلى 70% من القيمة الإجمالية للمشروع وكأقصى مبلغ يصل إلى 175 000,00درهم ( مع استثناء للمشاريع المهمة و ذات تأثير قوي حيث يمكن أن تصل المساعدة إلى 500 000,00درهم)، 30 % الباقية تتم تغطيتها من طرف حامل المشروع كمساهمة شخصية تصل إلى 10 %، وقرض صغير في حدود 20 %من القيمة الإجمالية للمشروع، مع توفير مساعدة تقنية لحاملي المشاريع من أجل انطلاق مشروعهم بعد مراحل انتقاء وإنجاز المشروع، ومن هنا انتقل المتدخل إلى التركيز على دور جمعيات القروض الصغرى في برنامج الأنشطة المدرة للدخل للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية في إطار الاتفاقية الثلاثية المبرمة يوم 15 دجنبر 2005 بين الحكومة والفدرالية الوطنية لجمعيات القروض الصغرى لتطبيق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وكيف يمكن لجمعيات القروض الصغرى أن تدعم حاملي المشاريع لتقديم طلبهم للجنة الجهوية أو المحلية للتنمية البشرية، وتساهم في تمويل المشاريع، و ذلك بتقديم قرض صغير يصل إلى 20% كأقصى حد من القيمة الإجمالية للمشروع، إلى حين مرافقة حاملي المشاريع من أجل إنجاز دراسة الجدوى التقنية/اقتصادية، ثم المساعدة التقنية/تقوية القدرات، والتتبع لمدة 12 شهراً بعد انطلاق المشروع، ويمكن أن تكون جمعيات القروض الصغرى مسيرة للمساعدات المالية التي تقدمها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. وتناول المتدخل تفاصيل وأساليب تدخل جمعيات القروض الصغرى من أجل دعم خلق وتطوير الأنشطة المدرة للدخل، موضحا في ذات الوقت أسباب هذا التدخل، وأنظمة منح القروض. أشغال الملتقى انتهت بورشتين عرفتا مشاركة 161 مشاركا ومشاركة، خرجوا بتوصيات تطالب بتعديل قانون جمعيات القروض الصغرى حتى يتعدى سقف تمويلها للمشاريع مبلغ 50.000,00 درهم، وبضرورة وضع دليل واضح خاص بالقروض الصغرى لتمويل المشاريع المدرة للدخل، مع خفض نسبة الفائدة بالنسبة للمشاريع الممولة منها من طرف جمعيات القروض الصغرى في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ثم مراجعة قانون الجمعيات حتى يستفيد جميع أعضائها من المشاريع المدرة للدخل، وإعادة النظر في دليل مساطر الاستفادة من القروض الصغرى بإشراك مختلف المتدخلين، وطالب المشاركون في الورشتين بالإعفاء من الضرائب على هذه المشاريع وإنجاز دراسة وطنية لإيجاد آليات الالتقاء بين جمعيات القروض الصغرى والمبادرة الوطنية وجمعيات المجتمع المدني، وبتسهيل مسطرة التمويل وتخفيض نسبة مساهمة حاملي المشاريع (أقل من30%)، إضافة إلى ضرورة مساهمة جمعيات القروض الصغرى في إيجاد فرص التسويق لمنتوج الأنشطة المدرة للدخل بهدف تحويلها إلى سلاسل إنتاجية (السياحة القروية...)، وإمكانية إدماج هذه الجمعيات والجمعيات المحلية في مسايرة المشاريع حتى تتطور نحو نشاط منظم (مقاولة، تعاونية...)، وإشراك الشركاء في تحمل المسؤولية والمؤسسات الأكاديمية في وضع المشاريع، ومن بين المطالب الأخرى إحداث صناديق للتمويل وتأهيل الفئات المستهدفة للاستفادة من القروض الصغرى، التشجيع على تبني مشاريع تكوين الحرفيين لتحسين الإنتاج والرفع من الجودة والتسويق، مع تقييم موضوعي لمشاريع الأنشطة المدرة للدخل الممولة، فيما توزعت التوصيات أيضا بين مطالبة المشاركين فيها بمراجعة تبسيط مساطر تكوين التعاونيات وبمراعاة آجال تسديد القروض تبعا لطبيعة المشروع، وتنويع المشاريع المستفيدة وتشجيع المقترحات الجديدة التي تتبنى مشاريع الأعشاب الطبية، صناعة الخزف والفخار، غرس أشجار الزيتون، الصبار، تجميع الأراضي، السقي بالتنقيط مثلا، إلى جانب المطالبة بإعادة النظر في منهجية إبرام الصفقات (تخفيض تكاليف شراء الماعز كمثال)، إلى غير ذلك من التوصيات. كاد الفقر أن يكون كفرا وبالعودة إلى «لكريدي» أشارت إحداهن بوسط المدينة إلى أنها هربت من الدعارة عن طريق حلم قادها إلى الحصول على سلف «صنعت» به أشياء للبيع ولم تفلح في خطوتها لتعود إلى سوق الدعارة من جديد للحصول على المال الكافي، وأخرى لم تتوقف دموعها لحظة حديثها عن ويل القروض، وكم من امرأة رغبت في البحث عن «حرية مالية»، بحسب قول ثالثة، فتوجهت إلى جمعيات السلفات دون إذن من زوجها وتسبب ذلك في عدة مشاكل وحالات طلاق، وهناك رجال إذا لم يتقدموا بأنفسهم للحصول على قروض صغرى، دفعوا بزوجاتهم لذلك، وكلما«تورطت» الزوجة يلجأ الزوج إلى التملص بلوم الجمعية على منحها القرض لزوجته دون إذنه، ورغم ذلك فإن بعض التقارير المتعلقة بقطاع القروض الصغرى الذي بدأت تجربته في بلادنا عام 1993، تفيد أن هذه القروض ساهمت بشكل ملموس في تطوير حياة الكثير من المغاربة والمغربيات، واحتوت معاناة الكثيرين مع البطالة والبؤس، وساعدتهم على دخل قار، وسبق لوزارة المالية في العام الماضي أن دعت إلى اجتماع هدفه معالجة القضايا المطروحة على قطاع القروض الصغرى بالمغرب باعتباره يلعب دورا أساسيا في مساعدة المواطن اقتصاديا، وحتى بالرغم من تخلي الكثيرين عن فكرة الاقتراض لعوامل دينية فإن الظروف المتوحشة تدفع المرء أحيانا إلى احتضان أي شيء حتى ولو كان الشيطان، وكم منهم قالوا بأنهم يعلمون بأن ما يفعلونه حرام لأنه ربا، وأن الرسول حدث أمته في ذلك، وأن القران قال(الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا)، إلا أنه ما عسى المواطن أن يفعل أمام صعوبة الحياة المؤثثة بالفوارق الطبقية؟ ثم ألا تقول الحكمة بأن الفقر يقود إلى الكفر؟، وربما من الزاوية الدينية انتشرت عملية «دَارْتْ» بين الأوساط الشعبية، ذلك حين أضحت القروض ثقافة اجتماعية بامتياز.