لم يتوقف عناصر المكتب المركزي للتحقيقات القضائية، المعروف اختصارا بالبسيج ، عندما أسقطت عصابة متخصصة في تصدير ونقل المخدرات بباحة الاستراحة بالبئر الجديد، حيث حجز عند أحد المعتقلين المسمى سعيد مبلغ 124 مليون سنتيم بإحدى المركبات التي كانت ترافق سلسلة الشاحنات، بل استمر ضباطها في اقتحام المسالك الوعرة، فأفضى البحث إلى الكشف عن الجهة التي سلمته المبلغ المذكور قصد تسليمه الى أحد تجار المخدرات المسمى أحمد والملقب بزكريا. الأبحاث والتحريات قادت إلى التعرف عن بعض أفراد الشبكة التي توفر السيولة المالية والدعم اللوجستيكي لأفراد عصابة مخدرات البئر الجديد، وكذا أداء أجور المشتغلين في هذا المجال ، حيث عمد المحققون على تتبع خطواتهم وضرب حراسة قوية على الأماكن التي يترددون عليها وهو ما اسقطهم تباعا ، حيث تمكنت الفرق الخاصة من اعتقال بوجمعة الذي تم العثور بحوزته ساعة اعتقاله وكذا بالشقة التي يقطنها بأولاد زيان على 2 مليار و535 مليونا و200 الف أورو وعدة شيكات وجواز سفر خاص بحسن المعتقل في قضية تتعلق بالتصدير الدولي للمخدرات وتكوين عصابة إجرامية المعتقل بالسجن المحلي بالبيضاء، ودفتر من الحجم الكبير يضم أسماء عديدة سجلت أمامها مبالغ مالية تتجاوز أحيانا المائة مليون، ورموزا وأرقاما هاتفية. المحجوز أيضا شمل هواتف نقالة وحاسوبا وأوراق تصاريح جمركية، فيما تم العثور على مليار سنتيم لدى الموقوف الثاني المسمى رشيد الذي كان لحظة ايقافه برفقة لحسن المكلف بتسيير محله التجاري . البداية كانت السجائر المهربة بوجمعة الذي تم الاستماع اليه من طرف ضباط البسيج لم يجد بدا من سبر أغوار القضية التي اعتقل من أجلها ، حيث كان ينشط في تجارة السجائر المهربة من العيون في اتجاه البيضاء الى حدود سنة 1996 ، ومنذ ذلك الحين غير نشاطه من العيون الى مدينة السنتور الموريطانية التي أصبح يصدر منها العديد من الأشياء المهربة في اتجاه البيضاء، وهي الفترة التي تعرف فيها على ابراهيم الذي يعمل صرافا للعملة حيث كان يتسلم من أعوانه بموريطانيا العملة الموريطانية لأداء فاتورات الاشياء المهربة فيما يعيدها اليه بالعملة المغربية عند حلوله بالبيضاء، الى ان قرر التوقف عن مزاولة هذا النشاط بعد أن تم تشديد الرقابة عليه . ابتداء من سنة 2010 غير بوجمعة نشاطه من تهريب السجائر الى تهريب العملة باقتراح من ابن عمه الذي افاده أن ابراهيم على علاقة مشبوهة بأحد رجال الجمارك الذي يعمل بمطار الحسن الأول بالعيون الذي يمده بتصاريح تتضمن وقائع غير صحيحة، تتمثل في عملية إدخال مبالغ مالية مهمة من العملة الصعبة الى التراب الوطني مقابل عمولة قدرها 5000 درهم، وأنه بواسطة تلك التصاريح يتمكن من تهريب المبلغ المالي من العملة الصعبة من المغرب الى مدينة دبي، والذي يتكفل به المسمى عبد الله المنحدر من مدينة الفقيه بنصالح حيث يملك هذا الأخير مكتبا للصرف بالبيضاء . الدجاجة التي تبيض ذهبا . ابراهيم كان على معرفة قوية بموريتاني مقيم في دبي، هو الذي يستقبل المهربين ويتسلم المبالغ المالية من العملة الصعبة، فرحب بوجمعة بالفكرة وقام بمعيته بأول عملية حيث انحصر دوره في تسلم مبلغ مالي من أحد الأشخاص بالبيضاء فيما قام قريبه الصوني بأول عملية سنة 2010 وذلك بتهريب ماقيمته 650 الف اورو نحو دبي وعند عودته تسلم هاتف شخص يدعى حسن سلمه رقم هاتفه وعند الاتصال به ضرب له موعدا بفندق بشارع محمد الخامس وتسلم منه مبلغ 741 مليون سنتيم، حيث طلب منه الاحتفاظ به بمقر إقامته الى حين استغلاله في عملية اخرى . وبتعليمات من الصوني قام بوجمعة بأول عملية له إذ سافر الى مدينة العيون التي تسلم فيها تصريحا يتضمن وقائع غير صحيحة حيث يحمل مبلغ 700 الف اورو وغادرها في اتجاه لاس بالماس ليعود بعدها الى البيضاء حيث تسلم مبلغ 700 ألف اورو من عبد الله وسلمه مقابل ذلك بالعملة الوطنية وتوجه به الى مطار محمد الخامس حيث استقل الطائرة في اتجاه دبي وبمعيته التصريح المزيف والمبلغ المالي من العملة الصعبة ، حيث تم تسليم المبلغ الى شخص يدعى عزيز من جنسية مغربية يقيم بدبي، وعاد أدراجه .وبوصوله الى البيضاء سلمه الصوني رقم هاتف يتعلق بشخص يدعى حسن سلمه مبلغ 798 مليون سنتيم ، بعد ذلك تلقى اتصالا هاتفيا تم بموجبه تسليم المبلغ الى ثلاثة اشخاص بعد خصم 1 بالمائة من إجمالي المبلغ كعمولة خاصة به. وأقر بوجمعة أنه قام بتهريب مبالغ مالية تتراوح مابين 800 و850 ألف اورو بعد الحصول على تصريح مزيف من الجمركي المسمى موعماتو، وانه كان يتسلم مايعادل المبالغ المهربة من ثلاثة أشخاص بالبيضاء يجهل هويتهم . تورط الصوني في عملية تهريب الذهب بمطار العيون عجل بتوقف التصاريح المزورة، وبالتالي توقف بوجمعة عن التهريب بشكل مؤقت الى أن تلقى ذات يوم اتصالا من عزيز المقيم في دبي الذي طلب منه الاشتغال لفائدته، إذ سينحصر دوره هذه المرة في تسلم وتسليم مبالغ ماليةبالبيضاء حيث كان يسلم العديد من الاشخاص مبالغ مالية بعد أن يتلقى مكالمة هاتفية منهم ورمز المكالمة والمبلغ وكان يتسلم مقابل ذلك 3 ملايين شهريا من عزيز، الا ان المبالغ التي كان يتسلمها كانت كبيرة مقارنة مع الأجر الشهري الهزيل ؟ الصين.. الطريق إلى المحظور توقف عن العمل وتوجه الى الصين من أجل العمل على استيراد البضاعة منها وإعادة بيعها بالمغرب إلا أن العملية فشلت وعاد من حيث أتى .كان لحظتها حسن قد تم اعتقاله ووضع رهن العدالة إلى منتصف سنة 2015 ، حيث سيحدث تغيير في حياة بوجمعة الذي تلقى اتصالا من داخل السجن وكان على الطرف الآخر حسن الذي سبق أن اشتغل لفائدته وعرض عليه الاشتغال معه مرة أخرى في مجال الصرف، حيث يتسلم ويسلم مبالغ مالية لأشخاص يجهلهم مقابل مبلغ مالي قدره 3 ملايين سنتيم شهريا فطلب منه بوجمعة اقتناء سيارة من أجل التحرك بها وتسهيل مأموريته. وبالفعل مده برقم هاتفي اتصل به فسلمه مبلغ 80000 درهم لاقتناء السيارة ومع بداية يونيو 2014 اتصل به حسن من السجن وطلب منه الاتصال برقم هاتفي سيسلمه مبلغا ماليا قدره 200 مليون، واتصل بمشغله الذي طلب منه الاحتفاظ به في مقر سكنه الى حين توصله بتعليمات في الموضوع، وهو ماتم بعد ان سلمه هواتف ورموز أصحابها .عملية تسلم وتسليم المبالغ المالية التي كانت كبيرة قادت بوجمعة الى مطالبة مشغله بمضاعفة أجره الشهري، وهو ماتم حيث بدأ يتقاضى 6 ملايين سنتيم شهريا . بوجمعة أقر أيضا ان الأموال كان يجمعها من تجار بمدينة البيضاء ويتسلموها هم بدبي الإماراتية من طرف المدعو عزيز من أجل التهرب الضريبي والرسوم والمكوس الجمركية والتصريح الكاذب لسلع استوردوها من الصين . معتقل يدير شبكة إجرامية من السجن الورقة الأخيرة التي كشفت عن هذه الشبكة كان سعيد أحد الموقوفين ضمن شبكة البئر الجديد التي كانت تحاول تصدير 40 طنا من المخدرات ، حيث كان بوجمعة قد تلقى تعليمات من مشغله حسن المعتقل بالبيضاء عبر رسالة نصية من هاتفه بالسجن من أجل تسليم سعيد 124 مليون سنتيم بعد أن تلقى مكالمة هاتفية من شخص يأمر فيها بوجمعة بتسليمه مبلغ 432 مليون سنتيم على ثلاث دفعات، الأولى تبلغ قيمتها 108 مليون سنتيم سلمت لشخص مجهول والثانية الى آخر تبلغ قيمتها 100 مليون والثالثة كذلك فيما 124 مليون سلمها لسعيد الموقوف من طرف البسيج اعتقال سعيد من طرف البسيج عجل بسلك طريق آخر قصد الحفاظ على المبالغ المالية وإدخال المحققين في طريق مسدود حيث توصل بوجمعة بمكالمة هاتفية من مشغله تدعوه الى تسليم مبلغ مليار سنتيم الى شخص يدعى رشيد خاصة وانه اصبح على علم أن الذي تسلم 124 مليون سنتيم قد تم اعتقاله من طرف «البسيج» ، الذين عملوا على تتبع كل الخيوط ووضع الجميع تحت المراقبة، وفي الوقت الذي كان بوجمعة رفقة رشيد، تم اعتقالهما وبعد تفتيش منزليهما تم حجز مبلغ 2 مليار و454 مليون سنتيم وهو الباقي من مبلغ أربعة مليارات التي كان يوزعها بناء على تعليمات مشغله حسن فيما 200000 أورو كانت موجهة للتهريب نحو الخارج، لكن يجهل الطريقة التي ستتم بها نظرا لعدم تلقيه تعليمات بشأنها، أما قيمة الشيكات التي تم حجزها فتتجاوز 537 مليون سنتيم تسلمها بناء على تعليمات من حسن وكان بوجمعة قد سلم لرشيد مامجموعه 11 مليارا و527 مليون سنتيم .وتعرف بوجمعة على كل الصور المعروضة عليه والمتعلقة بأباطرة المخدرات بالمغرب والخارج والجمركي وأصحاب مكاتب الصرف . فخ تهريب العملة وتوفير الدعم أكد رشيد انه نسج العديد من العلاقات التي من خلالها تعرف على المدعو أبو خالد الفلسطيني الجنسية، الذي يتاجر في الأفرشة والاثاث المنزلي المستوردة من الصين وله مستودع بحي الولفة بالبيضاء ، حيث اتفق معه بداية على الاشتغال برفقته في هذا المجال واقتسام الارباح مناصفة، حيث قام بالسفر الى الصين لاستيراد بضاعة عبارة عن أوان ، غير انه نشب بينه وبين أبو خالد خلاف ادى الى توقف العلاقة التجارية، ونظرا للربح الذي جناه من هذه العملية اهتم باستيراد البضائع من الصين واسس شركة مختصة في التصدير والاستيراد ، واتصل بالمدعو عبد الواحد التاجر في الصين والذي اقتنى منه حاويتين من الاثاث بمبلغ 75 مليونا ، ورغبة في التهرب من الضرائب الجمركية طلب وساطة أحد الأشخاص الذي اتصل له بالمدعو الحاج محمد، الصيرفي بالمدينة القديمة الذي تكلف بدفع المبلغ بالعملة الصعبة مقابل دفع رشيد المبلغ الى الصيرفي بالعملة الوطنية، وهو ماتم إلا أنه اكتشف ان السلعة التي تم الاتفاق عليها ليست هي التي وصلت فاحتج على عبد الواحد، الذي بإيعاز منه، كلف نزهة التي تنشط في مجال الصرف السري، التي اتصلت به واكدت أن السلعة التي وصلته تخصها وأن خلطا تم بالصين أثناء شحنها مما جعلها تعوضه نيابة عن عبد الرزاق. وبعد توطد العلاقة بين الموقوف ونزهة أسرت له هذه الأخيرة أنها تنشط في مجال الصرف السري وعرضت عليه خدماتها، وهو ما تم حيث كان يسلمها مابين 50 و60 مليونا شهريا يجمعها من تجار البيضاء الى حين توقيفها من طرف الأمن بتهم تتعلق بتداول العملة على الصعيد الدولي دون مراعاة ضوابط قانون الصرف والجمارك . ولمواصلة نشاطه غير القانوني اتصل بنزهة في مركز اعتقالها من أجل مساعدته على الاستمرار في ممارسة نشاطه المشبوه، حيث وجهته الى المدعو بلعيد، وبعد ربط الاتصال به طلب منه تسليم مبلغ 185 مليونا للمسمى بوجمعة ، حينها اصبح يتعامل مباشرة مع هذا الاخير الى ان تم ايقافه من طرف مصالح الامن . وصرح انه منتصف شهر اكتوبر من السنة الماضية، ربط الاتصال بالحاج بلعيد الذي طلب منه تأدية المبلغ الذي يوجد في ذمته نيابة عنه بالديار الصينية والذي يصل الى 300 الف دولار امريكي، غير أنه اعتذر له مخبرا اياه انه لايتوفر على السيولة اللازمة، طالبا إمهاله بعض الوقت. وفي اواخر شهر نونبر اتصل به من اجل دفع المبلغ على أساس تسليمه مبلغ 310 ملايين سنتيم بالعملة الوطنية ، وهو ماتم تسليمه من طرف رشيد . الا أن الحاج بلعيد لم يف بوعده بناء على اتصال من طرف الصينيين، وبعد مرور بعض الوقت تم الاتصال به مرة اخرى من أجل الوفاء بوعده، إلا أنه ظل يماطله الى أن صعد رشيد في مواجهته وهدده برفع شكاية ضده من أجل النصب والاحتيال حينها وعده بتصفية حساباته في اقرب الآجال . مليار في علب كارطونية والمتسلم مجهول في منتصف شهر دجنبر تلقى رشيد اتصالا هاتفيا من «بلعيد» من أجل أن يتصل بالمسمى بوجمعة الذي سيسلمه مبلغ 310 ملايين سنتيم ومبلغ مليار كأمانة سيحتفظ بها الى حين استرجاعها، حيث تسلم فعلا أربع علب كارطونية خصم منها واحدة ظنا منه أنها تضم المبلغ الذي مازال في ذمة بلعيد، إلا أنه تلقى اتصالا هاتفيا من هذا الأخير يأمره فيه بتسليم العلب الأربع الى شخص ينتظره في شارع محمد السادس بالبيضاء مقابل أداء ما بذمته الى الصينيين. إلا أن رجال «البسيج» كانوا له بالمرصاد حيث تم اعتقاله قبل عملية التسليم، مضيفا أنه قام بأزيد من 15 عملية من هذا النوع بمعدل أربع عمليات في الشهر تقريبا بقيمة مالية تتراوح مابين 200 و400 مليون سنتيم حيث كان يتوسط بينه وبوجمعة وبين التجار، وعدّد الكثير من أسمائهم . لحسن، الذي يشتغل بأجرة أسبوعية تتراوح مابين 700 و1000 درهم لدى شركة رشيد ، بدأ في الآونة الأخيرة يلاحظ زيادة كبيرة في دخله المادي، وقد كان يتلقى العديد من المكالمات لكن لم يكن يفصح له عن محتواها حتى أنه أضحى يشك فيها ، كما شاهد غير مامرة العديد من الاشخاص يتسلمون أكياسا بلاستيكية مليئة بالأموال، وقد أسر له مؤخرا، أن الاكياس تضم مبالغ ماليه مهمة دون ان يفصح له عن طريقة تحصيلها أو وجهتها . كما أنه لم يكن يتقاضى أي مبلغ على الخدمات الاضافية التي كان يقوم بها ومن بينها صرف مبالغ لاتتعدى 20000 درهم بالبنوك المغربية .ولحظة إيقافه كان قد طلب منه مشغله رشيد الالتحاق به قرب سينما البيضاء، وفي الطريق أخبره أنه يتوفر على علب كارطونية تضم مبالغ مالية كبيرة سيعمل على تسليمها الى شخص، دون الافصاح عن هويته او عن قيمة المبالغ المالية الموجودة بها . أحكام مشددة وغرامات خيالية المحكمة التي ناقشت هي الأخرى لأزيد من ثماني ساعات الموضوع، برأت لحسن المستخدم عند رشيد من جميع التهم المنسوبة اليه، وآخذت بوجمعة ورشيد من أجل المنسوب اليهما بعد ان برأتهما من جنحة تصدير المخدرات ونقلها، وحكمت على كل واحد منهما بعشر سنوات سجنا نافذا وغرامة قدرها 500000 درهم وبمصادرة مبلغ 3 ملايير و530 مليون سنتيم، وكذا الهواتف النقالة والحاسوب وآلة عد النقود والشيكات المحجوزة لفائدة الخزينة العامة، فيما سيؤدي كل من بوجمعة ورشيد 12 مليارا و657 مليون سنتيم لفائدة إدارة الجمارك عن المشاركة في جنح تصدير المخدرات ونقلها، ومليارا و78 مليونا عن جنحة مخالفة قانون الصرف والتملص من المكوس الجمركية ومصادرة 200000 أورو والسيارتين لفائدة الجمارك .