وصف الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، الولاياتالمتحدةالأمريكية، بالعفريت والتمساح الأكبر، في الندوة التي استضافتها الجامعة الشعبية لمؤسسة الفقيه التطواني للعلوم والأدب ،أول أمس بمدينة سلا، واستغرب الصمت المطبق للحزب الذي يقود الحكومة، العدالة والتنمية، على ما ورد في الخطاب الملكي بالقمة الخليجية المغربية. واعتبر لشكر بنفس المناسبة، بأن الخطاب الملكي، خلال هذه القمة، خطاب استراتيجي وتاريخي، وينسجم مع ما يتبناه الحزب فكريا وسياسيا. وندد لشكر في نفس الوقت بالتدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية للمغرب، وقال بأن الشعب المغربي الذي قاوم لمدة آلاف السنين، الاحتلال والاستعمار، قادر على أن يقول لأمريكا «كفى». وأوضح الكاتب الأول في هذا السياق أن موقف الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في القضية الوطنية، موقف واضح ولا غبار عليه وموشوم في ذاكرة التاريخ السياسي المعاصر للبلاد، وأدى الحزب ثمن ذلك ممثلا في قيادته حين جهر بموقفه الحازم، لا للاستفتاء بالأقاليم الجنوبية المغربية، واليوم «لو نبقى لوحدنا في هذه البلاد سوف لن نتزحزح عن هذا الموقف الرافض للاستفتاء». وأضاف في هذا الحوار المباشر مع ممثلين للصحافة الوطنية حول «السياسة والثقافة وقضايا المجتمع»، أن منظمة الأممالمتحدة سبق وأن أقرت استحالة تطبيق هذا الاستفتاء ميدانيا على أرض الواقع، وشرعية المقترح المغربي للحكم الذاتي نابعة من هذه الاستحالة، مشددا في هذا السياق على أن الخطاب الملكي الأخير في القمة المغربية الخليجية، خطاب استراتيجي وعميق، حيث يعتبر تحولا كبيرا في مقاربة ما يجري في المنطقة العربية من مخاطر التقسيم وتأييد النزاعات المختلفة. القضية الوطنية أكد الكاتب الأول للحزب في إطار التفاعل مع أسئلة الصحافيين، أن الاتحاد الاشتراكي وجد نفسه بشكل قوي في الفلسفة التي جاء بها الخطاب الملكي، باعتبار أن المقاربة التي تضمنها بخصوص القضية الوطنية والقضايا العربية تسير في تناغم وانسجام تام لما كان يتبناه الحزب ومؤسساته، في بياناته وتصريحات قيادته، وإعلامه الحزبي منذ زمان، خاصة في ما يتعلق بالمخطط الأمريكي المرتبط بملف وحدتنا الترابية. وانتقد لشكر أولئك الذين يحاولون تبخيس وتنقيص دور الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والمجهودات التي يقوم بها على أكثر من صعيد في ملف القضية الوطنية، مشيرا في هذا الصدد على أن الاتحاد يلعب دورا أساسيا في التصدي لكل المناورات السياسية التي يقوم بها خصوم الوحدة الترابية سواء على صعيد الأممية الاشتراكية أو التحالف الدولي الذي تقوده حاليا ألمانيا، هذه المنتديات الدولية التي لها وزنها في المجتمع الدولي، ويعتبر الاتحاد الاشتراكي الحزب المغربي الوحيد المتواجد بها ويتحمل جميع مسؤولياته بها، في إطار الدبلوماسية الموازية دفاعا عن المصالح العليا للبلاد وفي مقدمتها القضية الوطنية. وأوضح لشكر بنفس المناسبة أن العديد من المؤشرات السياسية، وفي مقدمتها الانحياز الواضح للأمين العام للأمم المتحدة للبوليساريو خلال زيارته لتندوف والجزائر، ثم تقريره الأخير الذي ينم عن تراجع خطير في مسلسل التسوية وتحيزه لأطروحة الانفصال والدفع بالتأثير على أعضاء مجلس الأمن بالتحايل على الحقائق، ناهيك عن المؤامرة التي تطبخ لتدمير المنطقة العربية، كل هذا وعدد من المعطيات الجيو سياسية كانت تؤكد أن المغرب والمنطقة العربية مستهدفة بمخطط رهيب ما عجل بالانسجام القوي والتقاء المغرب بدول الخليج في الرؤية للواقع والمستقبل. وذكر لشكر، ردا على أسئلة الصحافيين حول هل لدينا القدرة لمواجهة دولة عظمى كالولاياتالمتحدةالأمريكية، أن إرادة الشعوب لا تقهر، وان الفيتنام لو فكرت بمنطق ميزان القوى لما حققت تحررها آنذاك، مضيفا في هذا السياق أن المغرب لو فكر بنفس المنطق في عهد الاستعمار لما حقق هو الآخر استقلاله، «فضلا أن المرء لا يحتاج أن يذكركم بمقولة «كم من فئة قليلة غلبت فئة كبيرة»، فالمغاربة الذين قهروا الفينيقيين والعثمانيين لهم من الشجاعة والقوة ليواجهوا كل من سولت له نفسه المس بمصالحه العليا ووحدته الترابية. وشدد لشكر في محور القضية الوطنية على أن الاتحاد الاشتراكي، انطلاقا من مرجعيته الفكرية والوطنية والتاريخية، يجعل من القضية الوطنية على رأس الأولويات، باعتبارها قضية مقدسة ومستعد للمواجهة أو الخروج للشارع من أجل الاحتجاج على أي قرار قد يمس بهذه القضية المركزية. وأضاف لشكر أن «الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية كان دائما صريحا مع المؤسسة الملكية، حين كنا ضد الاستفتاء، وحين قلنا بالتدخل الامريكي، فالواقع السياسي أكد هذه الحقائق، فهذا يعتبر قمة الصراحة السياسية والوطنية الحقة». وقال لشكر «بكل مسؤولية، وجدت نفسي بقوة في الخطاب الملكي الأخير الذي تميز بالشجاعة الكاملة والواقعية السياسية، وفهم عميق للسياقات الدولية والجهوية، لكن في المقابل فاجأني أن موقعا إعلاميا مواليا للحزب الذي يقود الحكومة يتحدث عن مخطط خليجي في المغرب، ونأسف كثيرا لبعض المؤسسات الحزبية التي لم تكلف نفسها حتى جمع قيادتها من أجل إصدار بيان سياسي في الموضوع باستثناء مبادرة الاتحاد الاشتراكي». وضع حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في معرض رده على أسئلة الصحافيين في محور «حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية»، أوضح الكاتب الأول للحزب أن من يرى أن الاتحاد الاشتراكي قد تراجع داخل المجتمع المغربي، فهذا الرأي يحمل في طياته نوعا من الصحة، باعتبار أن الاتحاد الاشتراكي كان يقود الحركات الاجتماعية، والثقافية والجمعوية، والحقوقية والنقابية منذ بداية الاستقلال، وبعد المؤتمر الوطني التاسع أصبح الحزب جزءا من هذه الحركات الاجتماعية... و هذا له ظروفه الموضوعية، ونحن اليوم كقيادة للاتحاد وقواعد نعمل بشكل حثيث على استعادة المبادرة من أجل استرجاع المكانة اللائقة للحزب ووهجه داخل المجتمع المغربي. وذكر الكاتب الأول للحزب بتاريخ الاتحاد منذ التأسيس والمحطات الأساسية التي عرفها انطلاقا من مؤتمر التأسيس للاتحاد الوطني للقوات الشعبية سنة 1959 ومحطة المؤتمر الوطني الثاني 1962 التي تميز بالاختلاف عن التقرير المذهبي للحزب، ثم المحطة الأخرى لسنة 1965 و اللتان كانتا مطبوعتين دائما بالنقاش الحاد والاختلاف ،إلى أن جاء المؤتمر الوطني الاستثنائي الذي أقر استراتيجية النضال الديمقراطي، وفي سنة 1978 الذي نحا فيه المؤتمر منحى راديكاليا في ذلك الوقت بتبنيه «الملكية البرلمانية»، والمؤتمر الوطني 1992 الذي طرح فيه مبدأ القيادة الجماعية في الداخل والخارج، وصولا للمؤتمر السادس الذي طرح سؤال المشاركة في الحكومة، وبعدها عرف الحزب خلافات وتصدعات كبرى كخروج عدة أحزاب من رحم الاتحاد واستقلالية الكونفدرالية الديمقراطية للشغل... وأضاف لشكر «وهذا يؤكد أن الاتحاد الاشتراكي حركة سياسية حية تتفاعل مع الواقع الذي جعلها تقود الحركة الاجتماعية والسياسية داخل المغرب، ولابد أن يتذكر الجميع ما كتبه الصحافيون في حق الراحل عبد الرحيم بوعبيد، حيث كانت الأحكام قاسية، وأكثر من ذلك، ما قيل في حق أخينا عبد الرحمان اليوسفي». وأضاف لشكر «إن الحركات التحررية والديمقراطية في مرحلة التناوب الديمقراطي، تعرف تراجعات، والاتحاد تحمّل مسؤولية التناوب التوافقي، ونحن اليوم لن نكون في الدور التاريخي الذي كنا فيه تاريخيا، لكن دورنا اليوم هو أن نستعيد هذا الدور». وأشار لشكر للمجهود الذي بذل على مستوى إدارة الحزب وتدبيره، وإعادة تنظيميه، وعلى المستوى المادي في ما يتعلق بممتلكاته ومقراته التي أصبحت باسم الحزب. تدهور المشهد السياسي وقضية الأساتذة المتدربين شدد الكاتب الأول للحزب على أن المشهد السياسي بالمغرب عرف تدهورا خطيرا بفعل الممارسات السياسية لرئيس الحكومة، متسائلا ، باستغراب، كيف لرئيس حكومة أن يعتذر عشر مرات في اليوم، ويقول الشيء ونقيضه في ما بعد؟ « و أوضح الكاتب الأول للحزب في رده على سؤال أن الاتحاد تابع للأصالة والمعاصرة، أن الاتحاد الاشتراكي هو من استقبل الأساتذة المتدربين ومن فتح مقراته لهم ومن صاحبهم في وقفاتهم ومسيراتهم الاحتجاجية بكل تنظيماته الموازية ،خاصة بعد تصريحات رئيس الحكومة التي كانت ستؤدي إلى فتنة بالبلاد. وكشف لشكر في هذا الملف الذي يعتقد البعض أن الاتحاد كان تابعا فيه ، أن كل الرسائل المتعلقة بهذا الملف أو اقتراح استشارة محمد بوسعيد وزير المالية والاقتصاد، خرجت من مقر الاتحاد الاشتراكي، وتوجهنا إلى كل الأحزاب بالاقتراح لوضع حد لهذه الأزمة، استشعارا منا بأن أزمة الأساتذة كانت ستسفر عن كارثة خطيرة، «كل ما في الأمر ،يقول لشكر، عملنا على إيجاد الحل للأزمة لكن لم تكن لنا رغبة في تسويق هذا الأمر». ونبه لشكر بهذا الخصوص الى أن الاتحاد الاشتراكي طالب بإيقاف التطبيق الخاطئ للمرسومين ولا يمكن تطبيقهما بأثر رجعي. الانتخابات التشريعية القادمة شدد لشكر في هذا الجانب على أن الاستقلالية فعل ميداني ما جعل الاتحاد الاشتراكي يعلن موقفه السياسي بكل جرأة وشجاعة بعد انتخابات 4 شتنبر ويؤكد أن العملية شابها التزوير، فالاستقلالية ممارسة وفعل يومي وأن تكون لك القدرة على إدراك متى تتخذ المواقف السياسية المناسبة من قضايا سياسية مصيرية. وشدد لشكر على أن الاتحاد يأمل أن يكون الحزب الأول الذي يتصدر هذه الانتخابات التشريعية ،خاصة، إذا ما رفعت أمريكا يدها عنها، وإذا ما عرفنا ماذا حصل ما بعد الخامسة مساء في انتخابات 2011؟ ولأن البلاد كديمقراطية ناشئة لا تدعونا لأن نفضح كل شيء، فكيف أن حزب العدالة والتنمية كان يراهن على 70 مقعدا وأصبحت له بقدرة قادر 107 مقاعد. التحالفات السياسية للاتحاد أوضح الكاتب الأول في رده على أسئلة الصحافة أن «حزب التقدم والاشتراكية كان حليفا لحزب الاتحاد في الكتلة الديمقراطية ونتقاسم معه عددا من القيم والمبادئ، ونحترم قراره الحزبي بالمشاركة في هذه الحكومة»، كاشفا في نفس الوقت أن الاتحاد الاشتراكي وحزب التقدم والاشتراكية سيكون لهما لقاء يوم الأربعاء 27 أبريل الجاري. وفي ما يتعلق بحزب الاستقلال، قال الكاتب الأول للحزب، «اختيار حزب الاستقلال المساندة النقدية، فنحن لم نشاركه في القرار، لكننا نحترم قراراته في أن يكون في هذا الوضع، لكن اقتراح الأمين العام لحزب الاستقلال حميد شباط المتمثل في حكومة وطنية، فنحن في الاتحاد الاشتراكي نرى أن الأمر لا يتطلب مثل هذا الاختيار، هذه حكومة يجب أن نفسح لها المجال بأن تكمل دورها ، و إلا كيف سيكون الوضع السياسي لحكومة وطنية دون معارضة».وأضاف لشكر في هذا السياق أن الخطاب الملكي الأخير يجعلنا جميعا نعمل لتطوير عملنا الديمقراطي، قائلا في هذا الصدد أنه «حين نعارض رئيس الحكومة لا نقوم بوضع العصا في العجلة، بل نسعى لكي تدور العجلة في توازن». وبخصوص تحالفات ما بعد 7 أكتوبر للانتخابات التشريعية، قال الكاتب الأول للحزب إنها تحالفات برنامجية.