خلص العلماء إلى أن ظاهرة الأرق في الأماكن الجديدة، إرث عن الإنسان القديم، الذي كان يضطر للتيقظ المستمر في الغابات والبراري ليلا، تحت تأثير غريزة حب البقاء وتفاديا لخطر الوحوش. كشفت تجارب أجراها فريق من العلماء عن أن السبب من وراء الأرق والتقلّب خلال النوم في الأماكن الجديدة، ناجم عن قلق الدماغ من المكان الجديد والمجهول، وأن الشطر الأيسر في دماغ الإنسان هو المسؤول عن الأرق الذي يستولي على معظم الناس خلال قضاء ليلتهم الأولى في مكان جديد. وأجرى الباحثون مسحا دقيقا لأدمغة فريق من الرجال والنساء الأصحاء خلال الليلة الأولى من نومهم في مكان جديد، وعاودوا المسح الدماغي للأشخاص الخاضعين للاختبار بعد أسبوع من النوم في المكان ذاته. وخلص الباحثون إلى أن تأثير ما صاروا يصفونه في تجاربهم ب»الليلة الأولى» يندرج ضمن المظاهر الطبيعية البدائية للحفاظ على البقاء، حيث يبقى نصف الدماغ متيقظا عند النوم للشعور بأي خطر خارجي محتمل، ومراقبة المحيط الموحش. ويرجح العلماء أن تكون هذه الظاهرة نابعة من غريزة حب البقاء، إذ أكد البروفيسور الياباني يوكا ساساكي المشرف على الدراسة، وهو خبير في العلوم اللغوية والنفسية في جامعة براون الأمريكية، أن ظاهرة «الليلة الأولى» هي ميزة مشتركة بين البشر والحيوان في إطار حب البقاء، إذ تعتمد الكائنات البحرية وبعض أنواع الطيور هذه الظاهرة للحفاظ على بقائها واستمرارية نوعها. وأضاف ساساكي أن «أدمغتنا تحاكي النظام الدفاعي ذاته الموجود لدى الحيتان والدلافين»، مشيرا إلى أن الفص الأيسر من الدماغ يبقى متيقظا خلال الليلة الأولى ليغرق الفص الأيمن في نوم عميق. هذا، ويسعى العلماء في الوقت الراهن إلى تنويم الجزء المتيقظ في الدماغ مغناطيسيا، وأوصوا في دراستهم هذه من يجدون صعوبة في النوم في الأماكن الجديدة بأن يأخذوا معهم وسائدهم، حيث أشار ساساكي إلى أنك «إذا غيرت وسادتك فلن تستطيع النوم ... أنت لا تستطيع النوم جيدا في مكان جديد، وجميعنا نعلم ذلك».