تبدو الانتخابات الرئاسية في 2017 مفتوحة على كل الاحتمالات مع تراجع فرص اعادة انتخاب فرنسوا هولاند وتطلع الرئيس السابق نيكولا ساركوزي للعودة للحكم وقلة الوجوه الجديدة القادرة على الدخول بقوة إلى السباق مع تطلع الفرنسيين إلى التغيير. تعزى هذه الصورة الضبابية بدرجة كبيرة إلى رفض الرأي العام للاشتراكي هولاند واليميني ساركوزي وفق كافة استطلاعات الرأي التي أكدت رفض خوض نزال جديد بينهما كما حصل في 2012. فشعبية هولاند في الحضيض واليسار مضعضع ومهدد بتكرار ما حصل في 21 أبريل سنة 2002 عندما خسر أمام اليمين المتطرف من الدورة الأولى في حين تبدو زعيمة الجبهة الوطنية مارين لوبن مؤهلة لخوض الدورة الثانية العام المقبل. تراجعت شعبية هولاند بسبب حصيلته الاقتصادية الضعيفة مع مستوى قياسي من البطالة تجاوز 10%. وفي حين لا يشكك الخبراء في رغبته في الترشح غير ان الشكوك تحيط بقدرته على القيام بذلك. ويقول خبير العلوم السياسية غايل سليمان من معهد اودوكسا «الفرنسيون لا يريدونه أن يترشح. لقد فقد ثقة الناس. عندما يقول ان الامور تتحسن، حتى وان كانت لديه عناصر يمكن الاستناد اليها، لا يصدقه احد». ويقول ايمانويل ريفيار من معهد «تي ان اس سوفر» لاستطلاعات الرأي «لم يكن اي مرشح لولاية جديدة في مثل هذا الوضع قبل سنة من الانتخابات». توقع استطلاعان للرأي خسارة هولاند من الدورة الاولى في حال قرر خوض السباق على ان يحصل في احسن الأحوال على 15% من الاصوات متخلفا بكثير عن مارين لوبن وعن مرشح اليمين ايا كان. بعد الهجوم الشديد عليه من معسكر اليمين، انتقل الاحتجاج على سياسته الى اوساط اليسار بعد اتخاذ قرارات ليبرالية في 2014 ثم تغليب الطابع الامني بعد اعتداءات باريس في نونبر 2015. وفي الاشهر الماضية، اضطر للتراجع عن عدد من التعديلات القانونية المهمة. ويقول ايمانويل ريفيار «لم يتحمل المسؤولية عن سياساته فخلف شعورا بالغدر لدى البعض وبالريبة لدى آخرين». إلا أن الوضع ليس أفضل حالا بالنسبة لساركوزي رئيس حزب الجمهوريين اليميني الذي جاءت نتائج الاستطلاعات متدنية بالنسبة لفوزه بترشيح حزبه في الانتخابات التمهيدية في نونبر إذ يتقدم عليه آلان جوبيه رئيس الوزراء السابق (1995 - 1997) خلف برونو لو مير الاربعيني الطموح وفرنسوا فيون رئيس الوزراء السابق ايضا (2007 - 2012). ولا يتوقع ان يقدم ساركوزي قبل الصيف ترشيحه لانتخابات الحزب، في حين سيقرر هولاند في نهاية السنة ان كان سيترشح لولاية ثانية. وفي حال قرر هولاند عدم الترشح، يبدو وزير الاقتصاد ايماويل ماكرون الذي شكل حركته الخاصة ويقدم نفسه على انه يتجرأ على الخوض في «المحرمات» الاوفر حظا لتمثيل اليسار متقدما على رئيس الوزراء مانويل فالس وفق استطلاعات الرأي. باتت المنافسة اكثر حدة بين الرجلين منذ اسابيع وكلاهما سيعاني من صعوبة تجاوز اداء هولاند وعداء معسكر اليسار لنزعتهما الليبرالية على طريقة توني بلير رئيس الوزراء البريطاني العمالي الاسبق. ويقول ريفيار «لا يحظى اي منهما بالافضلية بين انصار اليسار». ويعكس بروز ايمانويل ماكرون (38 عاما) التعطش الى التغيير براي الخبراء. ويقول غايل سليمان ان «الفرنسيين يريدون التغيير وهذا ما يفسر نجاحه. في معسكر اليمين هناك برونو لو مير الذي يجسد ذلك فهو احدى الشخصيات التي حققت اكبر قدر من التقدم منذ بداية السنة». لكنه لا يرى فيهما سوى «دخيلين حظوظهما ضعيفة». وفي ما يتعلق بالوجوه الجديدة يبدو السياسي الاكثر شعبية في السباق الى الاليزيه آلان جوبيه البالغ من العمر 70 عاما ورئيس الوزراء الاسبق في عهد جاك شيراك قبل عقدين. ويقول ايمانويل ريفيار ان «آلان جوبيه هو ابن النظام لكنه لا يعطي الانطباع بانه يتبع احكامه. هو مشهود له بخبرته ويمثل ما يشبه الامبراطور الروماني سنسيناتوس الذي انسحب من الحياة العامة ثم عاد لخدمة وطنه عندما طلب منه ذلك».