تشكل الزيارة الرسمية، التي يقوم بها حاليا إلى الهند وزير الدفاع الأمريكي، أشتون كارتر، لبنة أخرى تنضاف إلى جهود الولاياتالمتحدةوالهند من أجل تطوير العلاقات العسكرية وتعزيز التعاون الأمني بينهما. وتسعى الإدارة الأمريكية، من خلال هذه الزيارة التي تستغرق ثلاثة أيام، إلى تعزيز وتطوير العلاقات العسكرية الحديثة مع الهند، البلد الذي تنظر إليه الولاياتالمتحدة على أنه يمتلك كامل المقومات الاقتصادية والسياسية والتاريخية ليشكل شريكا قويا لها في القارة الآسيوية. وتعتبر هذه الزيارة، الثانية من نوعها التي يقوم بها آشتون كارتر إلى الهند في أقل من سنة، دليلا على الأهمية الكبرى التي توليها الإدارة الأمريكية لتعزيز العلاقات العسكرية مع نيودلهي، حيث سيبحث وزير الدفاع الأمريكي، خلال لقاءاته مع المسؤولين الهنود، سبل تعزيز التعاون الأمني الثنائي على نحو متزايد وتطوير شراكات جديدة بين الطرفين، والسعي نحو تحالف طويل الأمد مع الجانب الهندي. وتبرز الزيارة الرغبة الكبيرة للجانب الأمريكي في مزيد من التعاون مع الهند، باعتبارها إحدى أهم القوى في القارة الآسيوية، كما تأمل شركات الصناعات العسكرية الأمريكية أن يعزز توثيق العلاقات مع الهند فرص ظفرها بعقود وصفقات عسكرية مهمة، باعتبار أن الهند واحدة من أكثر الدول إنفاقا في مجال الدفاع في العالم، كما أنها، بحسب المراقبين «لا تزال تعاني من ثغرات كبيرة في قدراتها العسكرية». وتطمح الولاياتالمتحدة، من خلال تعزيز شراكتها العسكرية مع الهند، إلى إعادة تشكيل الخريطة الجيو- استراتيجية للقارة الآسيوية. كما تأمل الإدارة الأمريكية في استغلال الطموح الذي أبداه الوزير الأول الهندي، ناريندرا مودي، ذي الخلفية القومية الهندوسية، باتجاه إرساء سياسة براغماتية ودينامية منفتحة دوليا، على نحو استباقي، بهدف استعادة الهند لوزنها التقليدي أمام القوى العظمى على الصعيدين الإقليمي والعالمي. وإذ يسعى الوزير الأول الهندي، ناريندرا مودي، إلى إحداث تغيير جذري في التوجهات السياسية التاريخية للحكومات الهندية المتعاقبة، والتي كانت تنأى بنفسها عن الدخول في الشراكات والتحالفات السياسية والاقتصادية والدولية، وكانت تكتفي بالانخراط في منظمة عدم الانحياز، التي تعد نيودلهي من مؤسسيها. كما أن الحكومة الهندية، التي ترغب في تعزيز مكانتها كبلد صاعد اقتصاديا وفاعل رئيسي بمنطقة جنوب آسيا، تأمل بدورها في الاستفادة من هذا المعطى الاستراتيجي الجديد، من خلال توطيد روابطها الدفاعية مع الولاياتالمتحدة، عبر الحصول على التكنولوجيا العسكرية الأمريكية. ويرى مراقبون أن الهند تسعى كذلك من وراء الدعم الأمريكي لقدراتها وترسانتها العسكرية إلى إرساء نوع من التوازن الاستراتيجي في القارة الآسيوية، مذكرين بأن الوزير الأول الهندي ناريندرا مودي حذر، خلال لقاء جمعه في وقت سابق مع نظيره الياباني، من «سعي بعض القوى المجاورة إلى فرض هيمنتها على منطقة آسيا برمتها». ويتوقع هؤلاء أن تمضي حكومة ناريندرا مودي قدما في إرساء شراكة عسكرية استراتيجية مع الولاياتالمتحدة، بالرغم من أن سياستها اتسمت تاريخيا بالحذر من التقارب الشديد مع أي بلد كان، وذلك انسجاما مع رغبتها في تعزيز الدور الريادي للهند في المنطقة كثالث أكبر اقتصاد في آسيا، وكذا مركز استقطاب وجذب وإشعاع داخل محيطها وبين دول العالم أجمع. ولتوطيد هذه العلاقات، أجرى وزير الدفاع الأمريكي، آشتون كارتر، محادثات في نيودلهي مع نظيره الهندي مانوهار باريكار، همت السبل الكفيلة بتعزيز التعاون الثنائي في مجال الدفاع والتقنيات العسكرية، إذ بحث الجانبان اتفاقيتين دفاعيتين بين البلدين، تهتم الأولى بالتعاون اللوجيستي، فيما تشمل الثانية تبادل الخرائط والصور. وتتيح الاتفاقية الأولى، ذات البعد اللوجيستي، لسفن البلدين التزود بالوقود باستخدام قواعدهما العسكرية لأغراض إنسانية، وتنظيم مناورات بحرية مشتركة، ومكافحة القرصنة، وتنسيق دفاع الخطوط البحرية. أما الاتفاقية الثانية، فمن شأنها أن تضمن للهند الولوج إلى التقنيات العسكرية الأمريكية المتطورة، بما في ذلك بناء سفن حاملة للطائرات، لاسيما وأن الهند تسعى حاليا لبناء ثالث سفينة من هذا النوع بالتعاون مع الولاياتالمتحدة، بعدما تم إنشاء فريق عمل مشترك لهذا الغرض. سعد أبو الدهاج: (و.م.ع)