بالرغم من المجهودات التي يبذلها المستثمرون المغاربة المقيمون في الخارج من أجل المساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمغرب والانخراط بشكل فاعل في خلق فرص للشغل من خلال مشاريع تنموية خاصة، تواجه مغاربة العالم مجموعة من المعيقات تترجمها عدد من المضايقات التي يعيشها عدد من المستثمرين المغاربة المقيمين في الخارج في العديد من المدن المغربية. ولتجاوز هذه الصعاب أكد أنيس بيرو، الوزير المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، الجمعة الماضية في الدارالبيضاء، أن الوزارة قامت بإنشاء خلية مكلفة بالاستثمار تتولى أساسا إعلام وتوجيه المستثمرين في مختلف قطاعات الاقتصاد، وأيضا دعم ومساعدة حاملي المشاريع خلال كل مراحل إنجاز المشروع، انطلاقا من مرحلة التصور حتى تحقيق استثماراتهم. وإذا كان توسيع آفاق الاستثمار في تنمية وتطوير العرض الإنتاجي، أضحى في صلب السياسة العمومية المغربية التي تسعى، من خلال العديد من الإجراءات التحفيزية، إلى تشجيع المبادرة الخاصة وجعلها أكثر فعالية في تحقيق التنمية الاقتصادية فإن ثمة مجهودات كبيرة يجب أن تصاحب هذه الجهود قصد القضاء على كل أسباب فشل استثمارات المغاربة المقيمين الخارج في بلدهم الأم والتي تعكسها شكايات أمام القضاء المغربي وأخرى على طاولة عدد من القناصلة المغاربة في الخارج. هذا، وأكد بيرو، خلال افتتاحه أشغال الدورة الثالثة لمنتدى الأعمال والاستثمار والمقاولات لفائدة الجالية المغربية المقيمة بفرنسا، الذي تنظمه الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، بشراكة مع الوكالة الفرنسية للتنمية، ومؤسسة إحداث المقاولات التابعة للبنك الشعبي، ووكالة ريادة الأعمال بحوض المتوسط، أن المغاربة المقيمين بالخارج «لهم نصيب من هذه الدينامية ودور فعال في مجال التنمية، قابل للمزيد من التطوير إذا تمكنا من توجيه قدراتهم على الادخار إلى الاستثمار المنتج، الذي لا يمثل حاليا إلا جزء يسيرا من حجم تحويلاتهم، في القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، لا سيما وأنهم يتوفرون على كفاءات متميزة (علماء، خبراء ومقاولون)، مما يجعلهم جديرين بوضع تجاربهم وخبراتهم في خدمة الوطن الأم». وأشار الوزير المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة أنه إلى جانب الارتباط الوثيق للجالية المغربية المقيمة في الخارج بلدها الام بالمغرب الذي تعبر عنه بروح التكافل والإيثار التي تتحلى بها عبر تحويل جزء من مداخيلهم إلى بلدهم الأصل إما لدعم عائلاتهم أو للادخار البنكي أو لاقتناء سكن أو للاستثمار في مشروع تجاري تحضيرا لعودة ممكنة، ف»إن الاستثمار المنتج لا يشكل إلا نسبة لا تتجاوز 7 في المائة من حجم تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج». وبهدف تطوير مقاربة تفاعلية تجاه هذه الكفاءات، ذكر بيرو أن الوزارة تشجع على بروز جيل جديد من المستثمرين المغاربة المقيمين بالخارج للمساهمة في المجهودات التي يبذلها المغرب لخلق فرص للشغل، وذلك من خلال التحفيز على إحداث المقاولات ومواكبة حاملي المشاريع وتتبع المقاولات المنشأة من خلال صندوق تطوير استثمارات المغاربة المقيمين في الخارج. وأكد أن برنامج «مغرب مقاولون» يندرج ضمن المبادرات العديدة المبتكرة لجلب الاستثمار والتي يشجع عليها السياق العام المتسم بالاستقرار السياسي والانفتاح الاقتصادي اللذين أهلا المغرب لاحتلال المراتب الأولى إفريقيا، بتمكنه من استقطاب مشاريع استثمارية برساميل أجنبية فاقت أربعة ملايير دولار في السنة الماضية. وأضاف أن الوزارة تعمل على عقد شراكات استراتيجية مع وكالات التنمية والتعاون الدولي لدعم إنشاء مقاولات صغرى ومتوسطة بالمغرب من قبل المغاربة المقيمين بالخارج، من ضمنها الشراكة النموذجية والفعالة مع الوكالة الفرنسية للتنمية والتي أثمرت برنامج «مغرب مقاولون» كآلية تمويلية جذابة تروم الاستفادة من اقتصاد الهجرة في دعم النسيج الإنتاجي الوطني. كما تميزت الجلسة الافتتاحية بعرض الخدمات التي تقدمها «مؤسسة إحداث المقاولات» التابعة لمجموعة البنك الشعبي، لتمويل المشاريع الصغرى عبر منح سلفات تلائم احتياجات الزبناء، وتدعم وتواكب وترشد حاملي المشاريع لتحسين جودة خدماتهم وتهييئهم لولوج القطاع المهيكل. وشكل المنتدى فرصة لإطلاع المشاركين على منجزات وكالة ريادة الأعمال بحوض البحر الأبيض المتوسط في مجال إنعاش الاستثمار والأعمال بالمغرب العربي عبر وضع وتنسيق آليات تواكبة إحداث المقاولات من قبل حاملي المشاريع في كل من المغرب وتونس والجزائر. وتم بالمناسبة تقديم بعض المشاريع الناجحة من قبل كفاءات مغربية تقيم بفرنسا (29 مشروعا في مجال الخدمات والأشغال العمومية والبيئة والتجارة والفلاحة والتكنولوجيا الحديثة والتنمية المستديمة والعقار والهندسة)، تقدم بها 20 من الذكور و9 إناث،واستقطبت منها جهة الدارالبيضاء - سطات 13 مشروعا، مقابل 6 بجهة مراكش - آسفي و4 بجهة الشر، في حين توزع الباقي من المشاريع على جهات الرباط - سلا- القنيطرة وطنجة - تطوان - الحسيمة وفاس- مكناس.