«شيء كهذا يفعله فقط بايرن ميونيخ»، بهذه الجملة تحدث حارس المرمى السابق والمحلل الكروي الحالي أوليفر كان عن المباراة الدراماتيكية التي استطاع فيها بايرن ميونيخ أن يعود من بعيد جدا في الثواني الأخيرة ويتعادل مع يوفنتوس، قبل أن ينتصر عليه خلال الشوطين الإضافيين بنتيجة 4 – 2، في ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا لكرة القدم. وقف المدرب بيب غوارديولا يهز كتفيه حائرا أمام تقدم يوفنتوس بهدفين لصفر حتى الربع ساعة الأخير من المباراة تقريبا، وتشكيل الفريق الإيطالي لحائط دفاعي محكم بخمسة مدافعين. لكن «طبيعة بايرن ميونيخ والسمات الوراثية للفريق البافاري»، حسب ما قال أوليفر كان في القناة الثانية الألمانية (ZDF)، حولت النتيجة. فاستطاع ليفاندوفسكي تسجيل الهدف الأول لبايرن في الدقيقة 73، ثم نجح توماس مولر في التعادل في الوقت المحتسب بدلا من الضائع، وفي فترة التمديد نجح تياغو ألكانترا وكينسلي كومان في تسجيل الهدفين الثالث والرابع. اللاعبون يفرضون شخصيتهم كان كينسلي كومان، الذي دخل أرضية الملعب متأخرا كلاعب بديل هو رجل هذه المباراة. وأعرب أوليفر كان عن استغرابه من عدم دفع غوارديولا باللاعب الفرنسي الشاب، رغم أنه أدى قبل ذلك مباراة رائعة أمام بريمن في الدوري الألماني. ضغط يوفنتوس في البداية على بايرن وتسجيله الهدف الأول مبكرا ثم تسجيل هدف ثان جعل طريقة غوارديولا في الاستحواذ على الكرة لأطول فترة ممكنة، ثم الوصول إلى المرمى،مسألة صعبة التنفيذ، لا سيما في ظل حائط المدافعين الواقفين أمام مرمى بوفون. ويتفق كارل هاينز رومينيغه مع مقولة أن لاعبي الفريق البافاري طوعوا مدربهم بعض الشيء لطريقة لعبهم، وقال إن لاعبي «الفريق أظهروا شخصيتهم» في هذه المباراة. هدفا التعادل للبافاري جاءا على عكس طريقة غوارديولا في اللعب. فالمعروف عن المدرب الكاتالوني أنه ينهج منذ عامين ونصف مع بايرن طريقة الاستحواذ على الكرة والسيطرة الميدانية والتفوق التقني. وهي طريقة حفظها لاعبو الفريق عن ظهر قلب. هذه الطريقة لم تنفع أمام الفريق الإيطالي. وتعادل بايرن ميونيخ بهدفين جاء من طريقة أخرى، هي لعب الكرة الطويلة ثم الرفعة من الجانب ثم ضربة رأسية متقنة، فعلها ليفاندوفسكي وكذلك توماس مولر. «غوارديولا لم يعد مهما لبايرن» ويقول موقع «فوكوس» الألماني إن الفوز الرائع لبايرن على اليوفي أوضح بشدة القدر الكبير الذي تحرر فيه اللاعبون من المدرب غواريولا، «فهدفا التعادل لم يأتيا حسب أسلوب غوارديولا.» صحيح أن غوارديولا ما زال حتى الآن جزء من الفريق لكنه لم يعد القوة المحركة له، يضيف موقع فوكوس. وليس سراً أن اللاعبين كانوا يحبون أن لو استمر معهم المدرب الإسباني، لكن وداعهم له الآن لن يكون مثل وداعهم للمدرب يوب هاينكس في عام 2013، يتوقع الموقع الألماني. وذكر فوكوس أن أوليفر كان قد انتقد غوارديولا بشدة، وأضاف: غوارديولا ظهر بعد المباراة متأثرا جدا «بالطبيعة الألمانية»، التي من خلالها قلب بايرن نتيجة المباراة.» وفي الواقع، ولا زال الكلام لفوكوس، فإن هذا الفوز لم يأت من تكتيك محكم للمدرب، وإنما من خلال أداء لاعبين لديهم شخصية وفريق متماسك. لقد أظهر الفريق البافاري مساء الأربعاء (16 مارس) أن لديه أفكاره وإرادته الخاصة وبالنسبة لهذا الأداء الممتلئ بالقوة لا يحتاج الفريق بالضرورة تكتيك غوارديولا. ومن أبرز صور تماسك الفريق كان الحماس، الذي ظهر على جيروم بواتينغ المصاب، والذي ظل يتفاعل مع زملائه وهو في مدرجات الملعب، لدرجة أنه كاد يسقط من سلالم المدرجات. وفي حين شكر فيليب لام الجماهير البافارية، التي أثارت بشدة حماس اللاعبين في نهاية الوقت الأصلي للمباراة. وظهر غوارديولا بعد المباراة بمشاعر مختلطة، فهو من ناحية سعيد بفوز فريقه في النهاية، ومن ناحية أخرى كانت لا تزال تظهر عليه أثار حزن من كارثة كانت وشيكة الحدوث. غوارديولا حزين بسبب تجاهل إنجازاته ورغم تحقيق المدرب الاسباني النجاح مع بايرن ميونيخ إلا أنه لم يعد سعيدا، وهذه مسألة تنبه إليها أيضا مدرب بايرن السابق أوتمار هيتسفيلد. ففي حديث مع مجلة «شبورت بيلد» الألمانية أوضح هيتسفيلد أسباب الإحباط، الذي يبدو الآن على غوارديولا، وقال المدرب الملقب بالجنرال: في ميونيخ يجري تقييم المرء من خلال نجاحاته فقط. غوارديولا محبط لأن نجاحه، الذي لا يشوبه شكوك، لم يعد يرى تقديرا له.» وتابع المدرب القدير «يبدو أنه في ميونيخ يجري الاعتقاد بأن غوارديولا يمكنه الفوز بألقاب كثيرة كيفما يريد، ولذلك فإنه لن يحصل على تقدير لكامل إنجازه.» رغم ذلك فهناك كثيرون يقدرون دور غوارديولا في بايرن وعلى رأسهم روميننيغه وماتياس زامر. وربما ينجح المدرب القدير في مواصلة مشواره نحو اللقب المنشود، دوري الأبطال، بعدما جنبته القرعة الجمعة مواجهة الكبار، حيث سيلتقي في ربع النهائي بنفيكا البرتغالي.