الحديث مع القائد والمناضل الفلسطيني اللواء جبريل رجوب، حديث يجعل محاوره مشدودا للإنصات، بالنظر الى الصدق في الحديث والرؤية الثاقبة للمواضيع التي تثار في النقاش.. رجل خبرالتعذيب النفسي والجسدي بالسجون الإسرائيلية بكل تلاوينها شأنه شأن الآلاف من الأسرى الفلسطينيين الذين حافظوا على القضية حية رغم كل التهديدات والدسائس والمؤامرات، ودفعوا ثمنا غاليا من حريتهم ومن أجسادهم. جبريل الرجوب، أبو رامي، الذي تقلد العديد من المهام ومازال يناضل في عدة واجهات من أجل تحرير أرض فلسطين وتحرير شعبها من الاحتلال الصهيوني، فتح قلبه لجريدة الاتحاد الاشتراكي. رغم ضيق الوقت، أصر هذا القائد الفلسطيني على ضرب موعد لنا في محل إقامته بأحد الفنادق بالرباط، بعدما دعانا في جمعية محمدية المغرب للصحافة والاعلام إلى حفل عشاء بإقامة السفير الفلسطيني الدكتور زهير الشن بمعية مسؤولين بوزارة الشباب والرياضة المغربية ومسؤولي الجامعة الملكية لكرة القدم. في هذا الحوار، يسلط جبريل الضوء على العديد من المواضيع، منها القضية الفلسطينية وعلاقتها بما يسمى بالربيع العربي، وحركة حماس، وتجربته في السجون الاسرائيلية، واتفاق اوسلو واغتيال الرئيس ياسرعرفات أبو عمار، وزيارة نائب الرئيس الامريكي جون بايدن الى فلسطين مؤخرا الى غير ذلك من الاسئلة، التي أجاب عنها بقلب مفتوح وبأريحية كبيرة، جسدت فعلا أخلاق المناضلين الكبار والاستثنائيين أيضا في التاريخ. o قضيتَ 17 سنة في السجون الاسرائيلية، وهي من غير شك عصيبة و طويلة لها وقع خاص في قلبك، أمن الممكن أن تتقاسم ذكرياتك مع القارئ المغربي؟ n السجون في إسرائيل، تمت صياغتها لتحديد هدف ألا وهو إيقاع الأذى النفسي والجسماني بالأسير الفلسطيني من خلال شروط حياة مادية صعبة وقاسية، ومعاملة عنصرية وحشية، العنف الجسماني والاذلال النفسي، فالسجون ظهرت كبدائل موضوعية لأعواد المشانق لإنهاء انسانية المناضل الفلسطيني. الوجه الآخر هو مفهوم الأسرى لمفهوم الأسر، إذ تبلور لدينا مفهوم ارتكز على تأطير الأسرى في أطر تنظيمية في إطار وطني وفق برنامج نضالي فيه صمود وفيه توفير كل أسباب القوة والتصدي والتحدي، مما جعل السجون اكاديميات بدل أن تكون مقابر للأحياء تخرج المناضلين والمقاتلين، فهذا هو الأساس الذي قامت عليه معادلة السجون بمفهوم العدو وبمفهومنا نحن، بالنسبة إلي شخصيا تفاعلت مع الأمر وتشكل وعيي وتطور داخل السجون، وأعتز بتجربتي في السجن. شيء واحد مسموح به ومتاح وهو الوقت، فالإنسان المدرك لقيمة الوقت استغله بالقراءة والتعلم والتعليم وتطوير الذات في اطار المجموعة، وأنا من بين الناس الذين استغلوا فترة السجن في القراءة والتعليم، وألفت العديد من الدراسات، منها: كتابان تم تسريبهما يتحدثان عن تجربتنا كأسرى وظروف حياتنا وإضرابات قمنا بها ونضالاتنا من داخل السجون الاسرائيلية. o في حفل تكريمك من طرف جمعية محمدية المغرب للصحافة والاعلام، تحدثت عن كتاب من تأليفك يتحدث عن معاناة الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية، هل يعكس تجربتك الشخصية أم هو تجربة جماعية؟ n هذا الكتاب، ألفته سنة 1981 يؤرخ لتجربة المعتقلين ويسرد تجربة متميزة. حصلت في نفس السجن الذي كنا فيه واسمه «نفحة يتحدث». هذا السجن كان آخر صيحة في عالم الإجرام والارهاب، إذ تحدينا وتصدينا إلى إدارة السجون، وأعلنا إضرابا مفتوحا عن الطعام، وبالنتيجة، تمت التصفية الجسدية لثلاثة أسرى وإصابة العديد منا.وقد عملت على توثيق هذه الجريمة، وسربت النسخة لأعثر عليها من بعدُ، وأعدت طبعها. وآمل أن يصل هذا الكتاب إلى كل عربي ومسلم وإلى كل العالم، كما آمل أن تتم ترجمته إلى عدة لغات على أساس أن يعرف الناس أن السجون الاسرائيلية هي «أوشفتش» بكل ما تعني الكلمة من مظاهر الابادة والإمعان في القتل من خلال معاملة عنصرية قاسية. o ألم تفكر الأخ أبو رامي في أن تخرج هذه التجربة التي يمكن أن نصنفها في خانة "أدب السجون" إلى فيلم سينمائي ،من أجل فضح أكثر هذه الجرائم اللاإنسانية ؟ n بخصوص الموضوع، وبعد أن تم إبعادي، حاول نور الدين الشريف رحمه الله أن ينجز فيلما، وكان من سيكتب السيناريو هو علي بدر خان. والكتاب كما هو معلوم «نفحة يتحدث» كتبته في الثمانينيات، وتم تسريبه من داخل السجن، لكنني رفضت هذا المشروع،على اعتبار أن هناك عشرات الآلاف من الأسرى، ونحن مازلنا في مرحلة التحرر إلى غير ذلك، ولكن أشجع على أن يتناول الفن هذه التجربة، وهناك جيل من الأسرى قبلي، وأفضل أن تكرم "الحركة الأسيرة" كمنظومة وليس كشخص. طبعا أنا شريك وكنت من قادة الأسرى، وممن ساهموا في السنوات الأخيرة في تصميم الايقاع النضالي السياسي للأسرى، ومع ذلك أعتقد يوجد أبطال وجنود مجهولون لا أحد يعرف عنهم شيئا. o خلال مدة الأسر في السجون الاسرائيلية، درستَ اللغة العبرية والانجليزية لماذا هذا الإصرار على تعلم «العبرية» ،أهو مرتبط بفهم العدو وطريقة تفكيره أكثر من خلال فهم لغته؟ n حينما تم أسري، كنت في السنة النهائية في المدرسة التوجيهية. كنت طالبا متفوقا. أما بالنسبة للغة العبرية فلم نكن في السنوات الأولى نقدر على قراءة أي شيء بالعبراني ، لكن التقينا مع أسرى من 48،وفهمنا وقتها شعار: اعرف لغة عدوك، ف"من تعلم لغة قوم أمن شرهم"، لكن كنا معنيين لكي نعرف عدونا ونعرف تفكيرهم، وطبعا اللغة هي المفتاح. o دائما داخل السجون الاسرائيلية أقدمت على ترجمة كتاب «الثورة» لرئيس الوزراء الاسرائيلي الأسبق «ميناحيم بيغن، تُرى ما الغاية من ذلك؟ n أنا قرأت هذا الكتاب باللغة الانجليزية وعمري آنذاك 21 سنة.والمؤلف يدافع عن قضية فيها ظلم للشعب الفلسطيني بمبررات ومسوغات غير منطقية ويتحدث عن جرائم في حق الفلسطينيين سنة 1948 وكأنها أعمال بطولية، فقررت أن أترجم هذا الكتاب حتى يطلع عليه الاسرى، وعلى كيفية تفكير العدول الصهيوني وبالفعل كانت هذه التجربة سنة 1974، و اسميته «التمرد». o أنت عسكري وسياسي ورياضي، ماهي الصفة الأقرب إليك؟ n هناك بند واحد في حياتي: القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني. لا يوجد لي هم شخصي، ولا أي أجندة شخصية أو أي طموح شخصي خارج سياق المشروع الوطني الفلسطيني، أي أن كل همي وأملي أن أرى دولة فلسطينية وكيانا فلسطينيا يتظلل فيه الفلسطيني بحرية. الموقع بالنسبة إلي، كان وسيبقى خيارا لخدمة قضية شعبنا. أنا مكافح وجاهز لهذا الغرض على الدوام، سواء من بوابة السياسة أو الرياضة.. لقد عهد إلي تنظيم هذا القطاع، وخلفيتي كمقاتل عسكري، وكجزء من منظومة العمل الفلسطيني، أفلحت بكل المقاييس في بناء كيان رياضي وطني وسياسي فلسطيني برؤية جسدت الهوية. ولما أنيط بي تنظيم هذا القطاع، أقدمت على خطوتين: أولاهما تتمثل في قراءة العديد من الكتب والدراسات التي لها علاقة بالرياضة لفهم الآليات والأنظمة والقوانين، وفي الوقت ذاته ذهبت الى الجامعة، لأقف على اهتمامات وأولويات الطلاب، لأن وعيي تشكل في جيل أخر وفي ظروف أخرى، وأصبح هذا جزء من التزامي تجاه طلابي، وبلورت رؤية استراتيجية في أهمية الرياضة ودورها في المشروع الوطني الفلسطيني. واليوم الرياضة هي وسيلة نضالية ومنبر، اذ أصبحت الهوية الفلسطينية إحدى تجلياتها وأحد مكوناتها من خلال المنتخبات واللاعبين، والصدام مع الاحتلال على أرضية الرياضة.. بهذا المفهوم، أعمل على إدارة الملف وتطوير ونشر الالعاب الفردية والجماعية كجزء مهم من المهمة النضالية، فبناء الانسان بأخلاق الرياضة لهو ضرورة ومصلحة وتطويروتعزيز القيم الرياضية في المجتمع،وهو من شأنه أن يؤدى الى بث ثقافة رياضية، فضلا عن أن ذلك يشكل خطا صداميا مع الاحتلال الذي يسعى الى قمعنا وإرهابنا وكسر واحتلال ارادتنا كشباب. وقد نجحنا في هذه المهمة. نحاول تطوير استراتيجية عربية للنهوض بالرياضة الفلسطينية، وهذا النهوض يجب ان يكون في سياق الشعور بالمسؤولية القومية، وليس منة او صدقة. فنحن ندفع الدم نيابة عنهم، واذا أرادوا ان يقدموا شيئا فهو واجب قومي وإسلامي، وآمل ان ترتقي درجة الوعي العربي والقومي والاسلامي الى مستوى ادراك معنى ان تكون هناك استراتيجية عربية للنهوض بالرياضة وقطاع الشباب في فلسطين بمنظور قومي عروبي، له علاقة بمصلحتنا كعرب. وأعتقد ان هذا ممكن، ولدي مجموعة من الافكار ناقشناها وسنناقشها في المجلس الوزاري للشباب والرياضة العربي، من قبيل ان يتم اعتماد كأس باسم القدس وبطولة عربية باسم فلسطين، وفي الوقت نفسه يكون هناك تشجيع من طرف مجلس وزراء الشباب والرياضة العرب لإقامة فعاليات وانشطة شبابية في فلسطين، نتمنى ان يكون ثمة زحف رياضي شبابي باتجاه فلسطين، وبما يحمل من مضامين ورسائل تجدد الأمل عند الفلسطينيين وثقتهم بعمقهم العربي والاسلامي. o لنتحدث عن القضية الفلسطينية، وعلاقتها بما بعد ما يسمى بالربيع العربي؟ n ليس هناك ربيع عربي. بل خريف عربي، وخريف امريكي واسرائيلي، سعى الى تفتيت الوطن العربي وتقسيمه وتدميره. ونحن في فلسطين كانت لنا في البداية قراءة للمخاطر التي سيتعرض لها المستقبل العربي. وبالتالي على القضية الفلسطينية وقد اخذنا موقف الحياد، لان استراتيجيتنا التاريخية هي عدم التدخل في الشؤون الداخلية، وعدم الزج بفلسطين في بوصلة خارج بوصلة فلسطين والاحتلال، وبهذا الروح تعاطينا مع الموضوع، لكن حذرنا من هذا الامر الذي هو دمار، واليوم الكل يدرك انه كان دمارا على وحدة العرب، ومصالحهم واستقرارهم و أمنهم واقتصادهم ومستقبلهم ايضا. هذه كانت قراءةوهي قراءة اصبح عليها إجماع اليوم. o لكن هذا الوعي لم يكن حاضرا لدى حركة حماس، بل انها لم تستطع استغلال علاقتها بجماعة «الاخوان المسلمون» الذين حكموا مصر في شخص الرئيس المعزول محمد مرسي، بل كان هناك حديث عن سيناريوهات خطيرة من شأنها ،لو تم تنفيذها ان تقبر القضية الفلسطينية؟ n حركة «الاخوان المسلمون» كانت كارثية على العرب وعلى القضية الفلسطينية وعلى الشعب الفلسطيني تاريخيا. فمن سنة 1967ا لى 1987 كانت هناك حالة تعايش، بين«الاخوان المسلمون» في مصر والاحتلال الاسرائيلي، وسعوا الى استخدامهم ضد الحركة الوطنية الفلسطينية، لكن سنة 1987 انتصر بعض الافراد والمجموعات لفكرة المقاومة، وبدأوا في المقاومة سنة 1987 متأخرين أي بعد حج الناس، ونحن رحبنا بهم، لكن للاسف عادوا الى جذورهم والى حركة "الاخوان المسلمون العالمية" بما يعني ذلك من مخاطر على الهوية الوطنية الفلسطينية، وأن نذوب كما يريد الصهاينة في العالم الاسلامي والعالم الشيوعي. للاسف قاموا بانقلاب في غزة، وهذا عيب. فمعركتنا مع اسرائيل. ولا يجوز ان نتدخل في الاوضاع الداخلية سواء لمصر او سوريا ولا غيرهما. ويفترض ان نتصرف كأسرة واحدة. لكن يبدو ان انتماءهم الحزبي اقوى من انتمائهم الى الوطن، ويوجدون الان في مأزق، في ظل انهيار مشروع الاسلام السياسي. ومع ذلك نؤكد على أن حركة حماس، هي جزء من النسيج الوطني الفلسطيني وجزء من الحركة الوطنية الفلسطينية، وعليها ان تتصرف على هذا الأساس. نتمى أن يقوموا بتقديم نقد ذاتي ومراجعة وإنهاء كل ارتباط بحركة "الاخوان المسلمون"، ويعودون إلى بيت الوحدة على أساس برنامج وطني بتعددية سياسية وسلطة واحدة، وهناك مفهوم وسلوك للمقاومة له علاقة بالتحرر وإنهاء الاحتلال وشراكة من خلال العملية الديمقراطية والكرة في ملعبهم. o مؤخرا زار وفد يمثل قادة من حركة حماس مصر في ظل اتهام وزير الداخلية المصري لحركة حماس بأنها كانت وراء اغتيال النائب العام هشام بركات. الكل يرى أن هذا غير مفهوم أو أن الشقيقة مصر تتغيا من وراء هذا الاستقبال إرجاع حركة حماس إلى حضن الحركة الوطنية التحررية الفلسطينية ولا شيء غير ذلك، أم أن هناك وساطة ما، في هذا الاتجاه؟ n مصر تتصرف بمسؤولية قومية تجاه فلسطين، وتحاول إخراج حركة حماس من الدائرة التي حاصرت نفسها فيها. اخواننا المصريون استجابوا لطلب الزيارة ووضعوهم أمام مسؤولياتهم ولن يستطيعوا التقاط المغزى المسؤول من جانب المصريين ليبنوا عليه مراجعات صحيحة، لكن من جانبنا سنستمر في الحوار معهم لأننا معنيون حتى يقبلوا بمبدأ أننا فلسطنيون ومعركتنا هي ضد اسرائيل، والعرب أهلنا وعمقنا، ولن نقبل أن نكون طرفا في تناقضاتهم ومشاكلهم. o مؤخرا،حمل جون بايدن نائب الرئيس الأمريكي باراك أوباما مقترحا إلى القيادة الفلسطينية من خلال لقاء جمعه بالرئيس عباس أبو مازن، لكن حسب تقارير اعلامية فإن السلطة الفلسطينية رفضت هذا المقترح، إلى أي حد هذه المعلومة صحيحة، ولماذا هذا الرفض؟ n نائب الرئيس الأمريكي، لم يقدم أي شيء في هذه الزيارة التي إنما كانت زيارة مجاملة. ما أكده جون بايدن، هو أنهم يئسوا من نتنياهو ومن سلوكه وعدم قبوله بحل الدولتين، ولكن يقر بأن أبو مازن يتصرف بمسؤولية تجاه الاستقرارالسلمي الاقليمي والعالمي، وهو بالنسبة إليهم عنوان الهوية الوطنية الفلسطينية وأن المسؤولين الامريكيين لن يغادروا البيت الأبيض دون أن يتركوا وراءهم إرثا لهم علاقة بحل الدولتين، كما قال بايدن.هذا ما سمعناه من المسؤول الامريكي.وقد التقى أيضا بنتنياهو ولم يستطع أن يقنعه بأن يتزحزح عن موقفه الرافض لكل شيء. o تقلدت العديد من المهم القيادية ومازلت، كما أن تجربتك في الأمن الوقائي المركزي جعلتك على اطلاع على الجزء الأهم في اتفاق أوسلو، هل يمكن أن تسلط الضوء على هذه القضية؟ n أصبحتُ مديرا للأمن الوقائي بعد اتفاق اوسلو، وكنت مساعد القائد العام لشؤون الارض المحتلة لما تم التوقيع على هذه الاتفاقية وكنت عضوا في المجلس العسكري الأعلى للثورة الفلسطينية.بالتأكيد كنت مطلعا على كل التفاعلات ذات الصلة بالحالة السياسية الفلسطينية، وكما تعلم، هي بدأت في مدريد وفيما بعد كانت هناك قناة سرية، وهذه القناة توصلت إلى اتفاق أوسلو الذي قام على اعتراف اسرائيل لأول مرة بفلسطين والشعب الفلسطيني و بالأراضي الفلسطينية كونها وحدة جغرافية محتلة وقبلت بالمفاوضات والحوار كبديل للبندقية والحرب. وهناك ضمانات الدولية للمجتمع الدولي، لكن للأسف، اليمين الاسرائيلي رد على اوسلو بمجزرة الحرم الابراهيمي، وفيما بعد عندما كان هناك إصرار من الحكومة الاسرائيلية في الاستمرار في تنفيذ اتفاقية اسلو لم يترددوا في اغتيال اسحاق رابين، ومن هناك وئدت فكرة امكانية التعايش، لكن الأمر أخذ سنوات حتى أدرك العامل الاقليمي والدولي أن المشكلة لدى اليمين الاسرائيلي الذي هو حركة فاشية ونازية جديدة لاتقر بوجود الفلسطينيين ولابحقهم بأن يكون لهم دولة وكيان. o لنعد إلى قضية اغتيال القائد ياسر عرفات أبو عمار إلى أين وصل هذا الملف؟ n لما استشهد أبو عمار، كنت أتقلد مسؤولية أمين عام المجلس القومي، ولا يوجد هناك خلاف أن الاسرائليين هم من وراء تغييب أبو عمار، هذه المسألة لا خلاف حولها.والاسرائيليون هم المدانون وحدهم، والمسألة مسألة وقت لاغير، كيف أوصلوا إليه السم؟ اعتقد أن الفرنسيين كانت لهم القدرة على مساعدتنا، ولكن لا نتهم دولا غير اسرائيل لأن المسؤول الاول والاخير هو الجانب الاسرائيلي، وقضية أبو عمار هي قضية كل فلسطيني، لأن ياسر عرفات، يعني الكثير لكل الفلسطينيين سواء اتفقوا أو لم يتفقوا، فلا أحد اختلف على ياسر عرفات وعلى دوره في التاريخ وعلى وطنيته. o نقل عنك في أحد التصريحات، قولك انه يجب على العالم ان يرى الشابات الفلسطينيات ب «الشورتات» وليس بالحجاب، ما صحة هذا التصريح، وإن كان صحيحا،فماهي يا ترى الرسالة السياسية المتوخاة؟ n هذا كذب في كذب، وجماعة حماس هي من ألفت ذلك. الحقيقة أني قلت في هذا التصريح أنني أرى أن يرى العالم بنتا فلسطينية تلعب الكرة، وتلبس ما تريده، ليس لدي أي مشكل في اللباس، ومع أن يكون ارتداء الحجاب حقا اختياريا مع احترامي لمجتمعي. أنا مع حق المرأة في المجتمع الفلسطيني ان تعيش وتمارس حياتها بدون وصاية من احد. والمرأة الفلسطينية قاتلت في بيروت وفي الارض المحتلة. لن يكون أحد وصيا عليها، وديننا الاسلامي يعطي للمرأة حقها ولا حق لاي نصّاب ان يستغل الدين، ويأتي في آخر حياته ويقول الاسلام يجبّ ما قبله، فأنا مسلم مؤمن وقمت بفريضة الحج، ولم يسبق لي في حياتي ان عملت موبقا، ولم يسبق لي حتى دخنت سيجارة، لكن أحب أن أرى الفتاة الفلسطينية ببذلة رياضية. o أعلنت في تكريمك بالمحمدية من طرف جمعية محمدية المغرب للصحافة والإعلام عن توأمة بين فريق شباب المحمدية لكرة القدم ونادي سلوان المقدسي، ماذا تعني لكم هذه التوأمة؟ n في زيارتي لمدينة المحمدية، خرجت بانطباعات جيدة عن أهل البلد، وعن فكرهم وحالة التضامن الموجودة، ومحاولتهم توظيف الإرث الرياضي العريق الموجود لديهم. و اقترحت أن يكون هناك تآخ مع النادي المقدسي، هذا النادي موجود في سلوان بقلب القدس، التي تتعرض الى عملية تهويد على مدار الساعة، وأهلنا يوجدون في حصار، ومع كل ذلك يوجد هناك نادي يلعب في «المحترفين» ويحمل شعار علم فلسطين، وقد اعتقلوا وطوردوا وأهلنا في المحمدية يبحثون عن شريك، ويستحقون ذلك، وهم شركاء لكل فلسطين، هذه الشراكة جسدناها، في أحد رموزنا الوطنية الرياضية من خلال نادي سلوان، وأعتبرها خطوة تاريخية وقرارا استراتيجيا. وأشكر أهلنا في المحمدية أولا على التكريم، الذي هو تكريم لكل الشعب الفلسطيني في أجواء صادقة بالانتماء والالتزام بفلسطين والقضية الفلسطينية،وتوج بهذا القرار التاريخي وبرسالة الى كل الرياضيين الفلسطينيين. o الرياضة الفلسطينية، ستكون حاضرة في الألعاب الاولمبية المقبلة، إذا حكمت المنافسة على أحد الرياضيين الفلسطينيين بأن يواجه اسرائيليا، ما موقفكم؟ n لن يكون هناك موقف رسمي، هذا يبقى اختيارا للاعب ولضميره، وهو من يقرر بمنظور الرياضة، لكن بمنظور السياسة، لا أعتقد ان هناك لاعبا فلسطينيا ممكن ان يواجه أي لاعب اسرائيلي ليس لاسباب عنصرية ولا لأسباب شوفينية، لكن لان هذا اللاعب الاسرائيلي هو رمز للاحتلال والقمع وللارهاب الرسمي، ولن ترى في التاريخ لاعبا فلسطينيا يواجه قاتلا، وهذا اللاعب هو جزء وأحد رموز هذا الاحتلال. هذه هي القناعة الفلسطينية، وأنت لا تعرف حجم الضغط الذي تعرضتُ له ومازلتُ أتعرض له على مدار الساعة، كي يكون ثمة تعاون رياضي فلسطيني –اسرائيلي. صدقني أنني أدفع ثمنا في أحايين كثيرة على حساب كرامتي وعلى حساب قدرتي على الحركة من أجل هذا المبدأ، هذا ليس لأسباب عنصرية، بل هو نتاج لمعاناتنا وعذاباتنا. o ماهي رسالتك ورسالة أهلنا في فلسطين إلي الشعب المغربي؟ n نحبكم ونثق فيكم، ونأمل الكثير منكم، ونأمل ان يكون الاتفاق الذي أبرمناه مع الجامعة الملكية لكرة القدم ومجمل اللقاءات الأخرى التي كانت مع قيادات رياضية وسياسية، أن يتم ترجمتها في برنامج له علاقة بمساعدتنا في صناعة اللاعبين وتطوير الأجهزة الفنية والقانونية، وتطويرها وتحديثها، وفي جوانب أخرى لها علاقة بالطب الرياضي والقانوني الرياضي، ولها علاقة بتنظيم الفعاليات والأحداث الرياضية، كذلك الجانب الإعلامي، كل ذلك ينقصنا في فلسطين، ونحن نثق في هذا البلد وفي ملك البلد الذي هو رئيس لجنة القدس، وتقع عليه مسؤولية مميزة وتكون هذه بداية وصفحة باتجاه بناء خطة استراتيجية لتوفير كل أسباب القدرة على تطوير اللعبة، سواء أكانت فردية أم جماعية في فلسطين، والتي هي تجسيد وتأصيل للانتماء المغربي للقضية الفلسطينية، التي هي قضية كل المغاربة والعرب.