أشرف جلالة الملك محمد السادس أول أمس الأربعاء بالرباط، على إعطاء انطلاقة أشغال إنجاز دار الفنون والثقافة ومكتبة الأرشيف الوطني للمملكة المغربية، وذلك باستثمار إجمالي قدره 450 مليون درهم. ومن شأن هذين المشروعين، اللذين تشرف عليهما وتسيرهما «وصال كابيتال»، والمتواجدان بقلب ضفتي أبي رقراق، على مقربة من صومعة حسان وضريح محمد الخامس، وبمحاذاة مشروع المسرح الكبير للرباط، أن يشكلا رمزا للانبعاث الثقافي والفني لعاصمة المملكة. وسيمكنان، إلى جانب المسرح الكبير للرباط، من تحسين ولوج الساكنة المحلية لبنيات التنشيط الثقافي والفني، مع كل ما يقترن بذلك من حيث تنمية الملكات الفكرية والطاقات الإبداعية. وستشيد دار الفنون والثقافة، التي رصدت لها استثمارات بقيمة 200 مليون درهم، وفق نمط معماري مبتكر يزاوج بين الحداثة والأصالة المغربية. و يتوخى من دار الفنون والثقافة، كمكان للتبادل والاكتشاف، أن تصبح بمثابة مشتل للمواهب والمعارف والخبرات حيث يتفاعل المبدعون والزوار. كما يتوخى منها مصاحبة، والربط وتوفير وسائل التعبير والتعلم للشباب فناني جهة الرباط- سلا- القنيطرة والمغرب بصفة عامة. وستشيد دار الفنون والثقافة على أربعة مستويات (14 ألف و300 متر مربع)، حيث ستشتمل على فضاءات مخصصة للعرض، وللتلاقي بين الفنانين الشباب والمحترفين، المغاربة والأجانب، ومصاحبة المواهب الشابة (التأطير والتكوين)، وذلك بهدف دمقرطة الولوج للثقافة والخدمات الفنية. وستنجز مكتبة الأرشيف الوطني للمملكة المغربية (250 مليون درهم) على قطعة أرضية بمحاذاة المسرح الكبير للرباط وبجوار الساحة الثقافية الكبرى. ويتمثل الهدف الأساس للمكتبة، التي تشكل حلقة وصل بين الشعب المغربي وموروثه، تثمين الأرشيف المغربي، وذلك من خلال وضع أرشيف مرقمن رهن إشارة العموم، وتنظيم معارض موضوعاتية حول الموروث الوثائقي، والتكوين والتحسيس حول مهن الحفاظ وترميم ورقمنة الأرشيف. وستشتمل المكتبة المزمع إنجازها، والتي ستشيد أيضا على أربعة طوابق (14 ألف و900 متر مربع)، على فضاءات للتثمين (العروض المؤقتة والدائمة، التجربة الرقمية، ورشة سينوغرافية)، وللاطلاع على الوثائق (قاعة للمطالعة، مركز التوثيق والأرشيف)، والتكوين (قاعات للدروس، ومختبرات للرقمنة والترميم). وسيمكن إنجاز دار الفنون والثقافة، ومكتبة الأرشيف الوطني للمملكة المغربية، والمسرح الكبير للرباط، والساحة الثقافية الكبرى، من جعل ضفتي نهر أبي رقراق قطبا ثقافيا بامتياز، يتيح للساكنة وللزوار المغاربة والأجانب خوض رحلة استكشافية فنية و ثقافية فريدة، قوامها استدامة وتقاسم التاريخ والثقافة المغربية، وإحداث دينامية متحركة ومشتركة بين الأجيال. وستمكن هذه المشاريع عاصمة المملكة، المصنفة من طرف منظمة «اليونسكو» تراثا عالميا للبشرية، من تعزيز موقعها الريادي والانخراط في دينامية تنموية فاعلة. وبالضفة اليمنى من نهر أبي رقراق (عمالة سلا)، أشرف جلالة الملك على إعطاء انطلاقة أشغال بناء برج يتألف من 45 طابقا، المشروع الرائد الذي يتمم ويثري المخطط الجديد لتهيئة وادي أبي رقراق. ويعتمد هذا البرج، الأعلى في إفريقيا بارتفاع 250 مترا، والذي يعد بمثابة رمز للانبثاق والإشعاع، في تصوره، تكنولوجيات من الجيل الجديد تتيح نجاعة طاقية أفضل، تماشيا مع التزامات المغرب في مجال التنمية المستدامة. وهكذا، سيتم تغطية ثلث المساحة الإجمالية للواجهة بألواح شمسية من شأنها تغطية حاجيات البرج من الكهرباء. وسيشتمل البرج المزمع تشييده من طرف مجموعة البنك المغربي للتجارة الخارجية، وذلك على قطعة أرضية مساحتها 3 هكتارات، على قاعة للعرض تتسع ل 350 مقعدا، ومرافق للخدمات ومحلات تجارية بالطابق الأرضي، ومكاتب بالطوابق ال 12 الأولى، وجزء سكني من الطابق 13 إلى الطابق 26 (55 شقة)، وفندق فاخر بالطوابق العليا. كما ستخصص الطوابق الأربع العليا الأخيرة لشقق فاخرة. وستجعل هذه التعددية في الوظائف من المشروع استثمارا واعدا، ورافعة للنجاح بالنسبة لمحيطه، ومصدرا للراحة و النجاعة بالنسبة للمقيمين به. وسيشكل هذا البرج، الذي سيتطلب إنجازه ميزانية يتوقع أن تناهز قيمتها 3 ملايير درهم، أعلى نقطة في المرحلة الجديدة من تهيئة وادي أبي رقراق، أحد المكونات الأساسية من البرنامج المندمج لتنمية مدينة الرباط 2014- 2018 «الرباط مدينة الأنوار، عاصمة المغرب الثقافية»، الذي كان جلالة الملك قد أعطى انطلاقته في ماي 2014. وتشمل هذه المرحلة الجديدة من التهيئة أيضا، إنجاز عدد من التجهيزات المبتكرة، هي المسرح الكبير للرباط، ودار الفنون والثقافة، ومكتبة الأرشيف الوطني للمملكة المغربية، ومتحف الآثار وعلوم الأرض، ومركب سينمائي، ورواق للمنحوتات، وميناء ترفيهي، وفندق الفن، وفندق الميناء الترفيهي، ومركز للتسوق ومحلات تجارية، ومركز للأعمال، وإقامات وتجهيزات عمومية وخاصة.