تم، الخميس الماضي، بالمكتبة الوطنية للمملكة بالرباط وبحضور شخصيات بارزة، تقديم مؤلف «الجاليات اليهودية جنوب الأطلس الصغير» الذي يسلط الضوء، بالنصوص والصور، على جوانب مختلفة من تاريخ الجاليات اليهودية في جنوب المغرب. وصدر هذا المؤلف الجماعي الذي يقع في 286 صفحة من قبل دار النشر «لاكروازي دي شومان» بمبادرة من وكالة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لأقاليم جنوب المملكة ومؤسسة «ذكريات من أجل المستقبل» التي نظمت يوم 7 يناير 2013 بالرباط ندوة عن يهود جنوب المغرب لجمع أكاديميين وخبراء من أجل استقاء آرائهم بشأن إصدار كتاب عن هذه الجاليات. يسعى المؤلف، الذي يزخر بصور عالية الجودة ووفيرة بشكل خاص، لوصف الحياة اليومية والثقافة الخاصة بيهود جنوب الأطلس الصغير، ويركز على تعايشهم مع المجتمعات المسلمة من أصول عربية وأمازيغية ومن إفريقيا جنوب الصحراء. ويكمن تفرده في التركيز قبل كل شيء على ما هو ملموس ومحلي وخصوصي. وتؤدي هذه المقاربة إلى فهم عملي لتاريخ هذه المجتمعات القديمة، المتجذرة في محيطها المادي والاجتماعي، المشتتة بالتأكيد لكنها دائمة في منطقة واسعة وعلى مر القرون. وأكد وزير الثقافة محمد أمين الصبيحي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء بالمناسبة، أن المغرب تمكن طوال تاريخه من صقل نموذج للتعايش بين الثقافات والأديان، مما أدى إلى «هوية مغربية منفتحة على العالم وقائمة على أساس التنوع في إطار ثقافة وطنية موحدة». واعتبر الوزير أن هذا الكتاب التعليمي، القائم على أساس أبحاث علمية وأكاديمية هامة، يدعو الأجيال الجديدة لاكتشاف هذا النموذج للتعايش الذي يسمح للمغرب أن يكون استثناء في العالم العربي. وأضاف أن هذا الكتاب يطمح أيضا إلى التعريف بالتراث اليهودي المغربي الذي يمثل «جزء لا يتجزأ من التراث الثقافي الوطني». من جانبه، أبرز سيرج بيرديغو، السفير المتجول لجلالة الملك والأمين العام لمجلس الطوائف اليهودية بالمغرب، أن هذا العمل يكتسي «أهمية كبيرة بالنسبة للجالية اليهودية في المغرب لأنه يصف ويعيد الحياة لجالية يهودية طواها النسيان قليلا، تلك المستقرة بجنوب المغرب». وأشار إلى أن هذا الكتاب، الذي يتتبع تاريخ هذه المجتمعات التي عاشت في المغرب لأكثر من 2500 سنة، يسلط الضوء على تقاليدها وعاداتها وروحانيتها، وتعايشها مع المسلمين. من جهته، قال مدير دار النشر «لاكروازي دي شومان» عبد القادر الرتناني إن هذا الكتاب، الذي ساهم فيه عشرة أساتذة جامعيين من مختلف الجنسيات، تطلب عمل بحث حقيقي حول الجاليات اليهودية جنوب الأطلس الصغير، مذكرا بأن دستور 2011 كرس الرافد العبري كجزء من تاريخ وثقافة وتراث المملكة. وبعد مبادرة أولى من وكالة تنمية أقاليم الجهة الشرقية، التي كانت وراء نشر كتاب «ذاكرة يهود المغرب الشرقي»، جاء دور وكالة الجنوب لتقديم دعمها لهذا الكتاب الذي يكتسي «قيمة ثقافية وتاريخية كبيرة»، بحسب الرتناني. وقال إن هذا العمل سيكون «سفيرا» حقيقيا في البلدان الأجنبية، من خلال إسهامه في الترويج للتجربة المغربية للعيش المشترك والتعايش بين الأديان.