1 في «تِنمل» سمعتُ أصواتَ الموتى وصهيلَ الخيول ودمي يصارعُ ظلّ التراب 2 وسرقتِ الطريقُ كلماتي وبقيَ فمي مشدوهاً كصخرة على سفح مهجورٍ 3 ورأيتُ طفلة تبكي فهجرتُ كل المراثي ومسحتُ وجهها من دموعٍ تسّاقط من جرفٍ منسيٍّ 4 بيني وبينَ الكلمات جِسرٌ وأطلالُ ذكرى وامرأةٌ تطلُّ من شرفةٍ في حجابٍ 5 وعانقتُ امرأةً على حافةِ قبرِ أمِّها وسمعتُ طفلةً تبكي في عُروقي 6 ورأيتُ سيولاً تهبط من أعلى جبلٍ فسمعتُ حروفي تصرخُ فوقَ قمةِ ثلجٍ 7 هناك من يصعد ليرى نور الله ويبكي لأيام قضاها بين أحضان حانة وأنا أهبط عميقا سرير نهر من عسل أقطف لجين الخسارة 8 وكلما ازداد نبضي فوق نافورةِ عشقٍ تُقابل وجه المحرابَ كأن أمي تراني وتفتح في طريقي أقواساً مخرومةً نقرها الطيرُ كأنها أثداءٌ معلقةٌ من سماء 9 ولم أرَ ثقوبا يعبر منها النور إلى صحن الحقيقة ولكني رأيتُ رؤوساً مكبّلةً تصرخُ تحت قدمي يصعدُ منها النمل فأسمعُ عبوديتي من خشبٍ مخرومٍ في صُحُف واقفةٍ 10 لماذا كلما رفعتُ عيني إلى الأعلى رأيت نجوماً تتجاذب طفولتي قلبي في بئرٍ ورأسي في قصيدةٍ يكتبها شاعرٌ من القرن الثاني عشر لم أكن أنا ولكن كانَ ظلِّي يسابقُ حُريتي بين شمسٍ خجولة تُطلُّ من فتحة في كتابٍ وقمرٍ في معتقل يضعُ وجهه بين يديه لضياع أندلسٍ من يد عاشقٍ يشكو الأطلال ولا يُرتِّق بالمراثي شقوقا يتنفس منها التراب 11 وكلما دنوتُ من قطفِ عطر الندى هربتْ مني الفراشاتُ 12 وتعترضني العواصفُ وتنجو حروفي في مركب من ورقٍ 13 أنا لا أنسى عَثراتي وأضعها في صندوق الذكرياتِ وأغلق عليها لكنِّي أحضنُها برفق وأوقظها كفتنةٍ نائمةٍ تبتسمُ لها الطيورُ في أقسَى الخيباتْ.. -»تِنْمَل»:مدينة مغربية تاريخية،تبعد عن مراكش ب100كلم،ارتبطت بالمهدي بن تومرت مؤسس الدولة الموحدية،لازال موقعها ومسجدها -الذي بناه عبدالمؤمن بن علي الكومي في سنة1153 م-والقرية الحالية يحملون الاسم القديم «تنمل». -23 -2 -2016