تتحدد داخل هذا الفيلم المفاصل المركزية لحياة طفل (سعيد) اضطرته ظروف العيش إلى الإقامة في الهامش بكل علاقته التراتبية التي يفرضها عالم المشردين، حيث يضطر إلى الهرب بعد قتله ل"زوج الأم" وتحمل الأم لمسؤولية الجريمة. ثم يواجه عنفا أشد على يد "النمرود"، زعيم أطفال الشوارع الذي يعتدي عليه جنسيا، كما سبق أن اعتدى على زملائه الآخرين، لتتوالى أشكال العنف والقسوة والمضايقات التي يتعرض لها الطفل، حتى يصل إلى السجن، رغم أنه كان مضطرا للدفاع عن نفسه بسبب محاولة اغتصاب تعرض لها. وحين يغادر سعيد السجن يلتقي صديقه مصطفى الذي سبق أن دافع عنه أمام "النمرود"، فيلازمه ويربطان علاقات أخرى مع محيطهما عبر أعمال اللصوصية والنشل، كما أقام علاقة إنسانية مع امرأة مريضة، ومع جارته حنان التي تحبل منه، فيقرران الزواج على وجه الاستعجال، لكن حياتهما ستنقلب رأسا على عقب عندما سيتابع سعيد بتهمة اغتصاب زوجة رجل أمن، في الوقت الذي يكون فيه صديقه مصطفى هو المسؤول عن هذا الاعتداء، ليتم الزج به خلف القضبان في اليوم الذي يفترض فيه أن يتقدم لخطبة حنان. الفيلم أثار عند عرضه ردود فعل متباينة، فبينما رأى فيه البعض قطعة فنية سينمائية تستحق الاهتمام، رأى البعض الآخر أنه فيلم يحتفل بالحكاية على حساب البحث في اللغة السينمائية، وفي إيقاعها، وفي البحث عن البلاغة الخاصة. وذهب آخرون إلى أن سعيد خلاف بدا، في أول أفلامه، مخرجا متمكنا من أدواته التقنية و الفنية، واستطاع أن يقدم فيلما يتوفر على ما يجعله في قلب المنافسة في المهرجان الوطني للفيلم، وذلك من خلال المراهنة على حكاية بسيطة نراها كل يوم، وأيضا من بلاغة الصورة التي استطاع من خلالها إبراز مشاعر الشخصيات. وقال متدخلون آخرون في الندوة أن سعيد خلاف استطاع، في هذا الفيلم، التحكم في إدارة الممثلين وإخراج أقوى ما لديهم من قدرات، وخاصة أمين الناجي الذي يرشحه البعض لانتزاع جائزة "أحسن ممثل". وقد أكد أمين الناجي أن ما أغراه لتجسيد الدور الذي أنيط به هو أنه شخصية مركبة، وهي نوعية الأدوار التي تمثل تحديا بالنسبة لأي فنان، مضيفا أن هذا الدور تطلب منه الاشتغال على أبعاد الشخصية، ودواخلها النفسية، للتعبير عنها خلال سرد حكاية سعيد والمحطات العصيبة التي مر منها.. وإذا كان البعض قد آخذ المخرج على "مسرحة" بعض المشاهد، واعتبر أنها مشاهد مفتعلة وفجة، ولم تخدم بنية الحكاية، بل أدت إلى خلق نوع من التوتر على مستوى التلقي، فإن عبد الإله عاجل ، الذي أدى المشاهد الممسرحة ، اعتبر أن تلك المشاهد من صميم الرؤية السينمائية للمخرج، وأن أكثر ما شجعه على أداء دور الأب على "مسرح الفيلم" هو إصرار خلاف على مسرحة الاسترجاع من زاوية مختلفة غير تلك التي تعودها الجمهور. وقال عاجل:"أسندت إلي مهمة إخراج المشاهد بشكل مسرحي، وأنا سعيد جدا بالقيام بذلك".