لم يعد سرا الحديث عن تصدر البحريني الشيخ سلمان بن ابراهيم والسويسري جاني إنفانتينو الترشيحات في انتخابات رئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، المقررة يومه الجمعة في زوريخ. وتخطف هذه الانتخابات انظار العالم في جميع أنحاء الكرة الأرضية، وليس متابعي كرة القدم فقط، لأن هذه المنظمة الكروية الأهم وقعت على خط الزلازل منذ أشهر ولا تزال. وهناك ثلاثة مرشحان آخرين في الانتخابات هم الأردني الأمير علي بن الحسين والفرنسي جيروم شامباني والجنوب إفريقي طوكيو سيكسويل. وينظر كثيرون إلى الانتخابات كنقطة انطلاق في درب الألف ميل لاستعادة هيبة الفيفا، التي تلطخت كثيرا بالفساد في أسوأ فضيحة في تاريخه، الذي يمتد لأكثر من قرن من الزمن. ولكن الثقة بالفيفا تحتاج إلى جهود جبارة على ما يبدو، خاصة بعد الاستطلاع الذي أجرته مجموعة الشفافية الدولية لمكافحة الفساد عشية الانتخابات. وأعلنت هذه المجموعة، التي تتخذ من العاصمة الألمانية برلين مقرا لها، نتيجة هذا الاستطلاع الجديد الذي شمل 25 الف مشجع من 28 دولة، وأظهر أن 69 بالمائة من الذين شاركوا فيه لا يثقون بالفيفا، لكن هناك بصيص أمل لأن 50 بالمائة منهم، اعتبروا بأن المنظمة الكروية تملك الآن فرصة تلميع صورتها، التي شوهت بسبب تهم الرشى والفساد التي طالتها وأدت إلى إيقاف عدد كبير من مسؤوليها، ومن بينهم رئيسها المستقيل السويسري جوزف بلاتر ورئيس الاتحاد الأوروبي الفرنسي ميشال بلاتيني. وأشار الاستطلاع إلى أن 43 بالمائة من الذين شاركوا فيه اعتبروا أن ما يحصل في فيفا يؤثر سلبا على استمتاعهم باللعبة الشعبية الأولى في العالم. تبدو موازين القوى لتوزيع أصوات الجمعية العمومية واضحة إلى حد ما مع إعلان معظم الاتحادات القارية توجهاتها لدعم مرشح معين، وصبت معظمها إن لم يكن جميعهما في صالح الشيخ سلمان وإنفانتينو. وبرغم أن التصويت سري ولا يلزم أي اتحاد وطني بالالتزام التام بقرار اتحاده القاري، فإن التوجه العلني يعطي صورة واضحة عن شكل المنافسة اليوم. وأعلن الاتحاد الأوروبي (53 صوتا) عن دعمه التام لمرشحه إنفانتينو، الذي زج به في المعركة في اليوم الأخير من باب الترشحيات، بعد الضربة التي تعرض لها بلاتيني بإيقافه أولا لمدة 90 يوما مع بلاتر، ثم بإيقافهما معا لثماني سنوات عن ممارسة أي نشاط كروي، ثم تقليصها إلى ست سنوات يوم الأربعاء. وأوقف بلاتر وبلاتيني، الذي كان ينظر إليه كأقوى المرشحين لخلافته بسبب مبلغ "مشبوه"، حصل عليه الفرنسي من الفيفا في 2011 عن عمل استشاري قام به الأول للثاني بين 1999 و2002 بعقد شفهي. وفضلا عن أوروبا، أعلنت أميركا الجنوبية (10 أصوات) أيضا دعمها لإينفانتينو، وتميل اتحادات كثيرة في منطقة الكونكاكاف لدعمه مثل أميركا الوسطى (7 أصوات). وركز إنفانتينو كما سائر المرشحين على الإصلاح والشفافية وإعادة الهيبة إلى الفيفا، وذهب بعيدا أيضا بإطلاق وعود بتقديم مساعدات مالية، تصل إلى 5 ملايين دولار لكل اتحاد في مدى أربع سنوات في حال انتخابه، ما عرضه إلى انتقادات من مرشحين آخرين منهم الشيخ سلمان. وقام إنفانتينو بخطوة أخيرة قبل التوجه إلى زيوريخ عندما زار سيكسويل في كايب تاون، وقال بعد ذلك "أنا واثق جدا بخصوص دعمي في إفريقيا. أعتقد أنني سأحصل على أغلبية الاصوات الإفريقية". في المقابل، فإن الشيخ سلمان يحظى بدعم الاتحاد الآسيوي (46 صوتا) الذي يرأسه منذ 2013، ونال أيضا دعم الاتحاد الافريقي (54 صوتا) ما يجعله ينطلق من أرضية صلبة من الأصوات. وكان الشيخ سلمان استبق أي حديث عن اتجاه التصويت بقوله في حديث ل "فرانس برس" في 31 من الشهر الماضي "أعتقد بأن مرشحين اثنين فقط يمكنهما الفوز برئاسة الفيفا هما جاني إنفانتينو وأنا". وتميز رئيس الاتحاد الآسيوي بطرح إنشاء كيانين في الفيفا تماشيا مع الاصلاحات التي من المتوقع التصويت عليها اليوم أيضا. وقال الشيخ سلمان في برنامجه الانتخابي "على تقسيم الفيفا إلى قسمين، "فيفا كرة القدم" ويعنى بإدارة أمور كرة القدم وتنظيم بطولات الفيفا المتعددة, و"فيفا لادارة الاعمال" يعنى بكل الامور التجارية والمالية والتمويل. وتقدم الأمير علي بطلب رسمي إلى محكمة التحكيم الرياضي (كاس) لتأجيل انتخابات الرئاسة بسبب الخلاف على كيفية التصويت. وكان الأمير علي (39 عاما) طالب بإقامة حجرة اقتراع شفافة خلال الانتخابات لضمان "الشفافية"، لكن لجنة الانتخابات رفضت طلبه. وكان المرشح الأردني أوضح في مناسبات سابقة أنه "واثق تماما" من الفوز بحال كان التصويت نزيها. وخاض الأمير علي الانتخابات الشهيرة في 29 ماي الماضي ضد بلاتر، وحصل على 73 صوتا من أصل 209 أصوات في الجولة الأولى، ثم أعلن انسحابه قبل انطلاق الجولة الثانية. وكان الأمير علي مدعوما من الاتحاد الأوروبي في الانتخابات السابقة، لكن الأخير لديه مرشحه إنفانتينو هذه المرة. وفي المقابل، لا يملك الفرنسي جيروم شامباني، مساعد أمين عام الفيفا سابقا لأعوام والمقرب من بلاتر، أو رجل الأعمال الجنوب إفريقي، الذي سجن مع الزعيم نيلسون مانديلا بسبب التمييز العنصري، فرصا حقيقية للمنافسة في الانتخابات.