تبذل ألمانيا قصارى جهدها للإمساك بدفة القيادة في مواجهة عدد من الأزمات المتشابكة على الساحة الدولية.. لكن لا أحد يتبعها. كانت هذه هي الرسالة المحورية التي خرجت من مؤتمر ميونيخ الأمني ذلك التجمع السنوي الذي يفد إليه قادة ودبلوماسيون من أوروبا والشرق الأوسط والولاياتالمتحدة لمناقشة مشاكل العالم. لقد انتهى المؤتمر الأحد وسط أجواء أشد قتامة من بدايته في ظل الشكوك التي تحيط بخطة الهدنة الهشة في سوريا واستمرار روسيا في نهج التحدي والمواجهة في حين تكافح برلين لاستمالة حلفاء أوروبيين لدعم موقفها في أزمة اللاجئين. وعشية المؤتمر اتفق اجتماع لقوى كبرى استضافه وزير الخارجية الألمانية فرانك فالتر-شتاينماير على «وقف الأعمال القتالية» في سوريا ليتيح بصيصا من الأمل في الحرب المستمرة منذ قرابة خمسة أعوام والتي قتل خلالها ما لا يقل عن 250 ألف شخص. لكن خلال ساعات كان الموقعون على الاتفاق أنفسهم يشككون فيه. وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن فرص فشله أكبر من فرص نجاحه وأوضح أن موسكو لن توقف ضرباتها الجوية دعما للقوات السورية التي تتقدم صوب مدينة حلب الشمالية. وقبل عامين خلال هذا المؤتمر دعا شتاينماير والرئيس الألماني يواخيم جاوك ووزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون دير ليين إلى قيادة ألمانية أكثر فاعلية في الشؤون الخارجية وقالوا إنه لم يعد من المقبول أن تنأى ألمانيا بنفسها عن «القيادة» بعد 70 عاما من نهاية الحرب العالمية الثانية. ومنذ ذلك الحين اتخذت برلين زمام المبادرة الدبلوماسية في أزمة أوكرانيا ووافقت على الانضمام للقتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية من خلال تقديم أسلحة للأكراد وتقديم الدعم العسكري للحلفاء الذين ينفذون ضربات جوية في سوريا. لكن في ظل قلق الولاياتالمتحدة من شبح الحرب وترددها بشأن التورط بشكل أكبر في سوريا وانصراف تركيزها إلى حملات الدعاية للانتخابات الرئاسية وجدت برلين صعوبة في تحقيق توافق في الآراء وبدت معزولة أكثر من أي وقت مضى بشأن هدفها الرئيسي وهو الحد من تدفق اللاجئين على أوروبا من سوريا ومناطق مضطربة أخرى في الشرق الأوسط وأفريقيا. وعبر دبلوماسيون في ميونيخ عن شكوكهم تجاه أحدث مبادرة ألمانية في أزمة اللاجئين. وتضغط ميركل لحمل سفن حلف شمال الأطلسي على القيام بدوريات مراقبة في بحر إيجه لمساعدة تركيا واليونان على التصدي للشبكات الإجرامية التي تهرب اللاجئين إلى أوروبا.