أصبح من المؤكد أن الجميع على درجة كبيرة من الوعي بالدور الكبير والمؤثر الذي تلعبه الأجهزة الإعلامية المرئية والسمعية والمقروءة في عصرنا في صناعة الرأي العام، بل ورسم الأنماط السلوكية للإنسان وكذا التأثير في صناعة القرار السياسي وإمكانية التأثير في مختلف السياسات العامة لأي بلد، ويرجع ذلك إلى التطور المذهل والسريع في أجهزة الاعلام ووسائل الاتصال المتعددة والمختلفة، فمكن بذلك الإعلام من امتلاك إمكانيات وقدرات عالية التأثير لم يكن يمتلكها قبل مدة، مما أعطى للإعلام سلطة وقدرة لا يمكن لأحد تجاهلها..، وشيء طبيعي أن يكون لكل اعلام أهدافه وآلياته وأدواته ووسائله في الجذب والتأثير وحتى التغيير ومحاولة صنع رأي عام متناغم ومتجانس معه - إذن هو في النهاية يؤلف لصالح سياسات معينة وأهداف مدققة ومحددة، فلا يمكن أبدا أن نتصور أية وسيلة إعلامية من دون أن تكون لها أهداف معينة أو استراتيجية مرسومة وإلا فهو إعلام عبثي وعدمي. ومما لاشك فيه أن تكنولوجيا الإعلام والاتصالات تشهد ثورة حقيقية مذهلة ستزيد طبعا من تأثير وسائل الإعلام المختلفة على الناس والحياة ومنح بذلك زيادة الفرص والإمكانات للحصول على المعرفة والعلم وحتى الترويح عن النفس، علما أن هناك خطا موازيا في نفس الوقت يزيد من التحديات التي يفرضها الإعلام الفاسد على القيم الاخلاقية والمعنوية والدينية مع التأكيد أننا نعتبر مستهلكين ولسنا منتجين مستقبلين ولسنا مرسلين، متأثرين ولسنا مؤثرين..... لقد أضحى الاعلام الخارجي وبفضل ما يمتلكه من وسائل تقنية جد متقدمة خاصة الإعلام الغربي والذي يتوفر على تكنولوجيا فائقة القدرة، بالإضافة إلى القدرات المالية الضخمة، يؤثر في العالم من بينهم بعض شبابنا الذين تأثروا بما يصدره إلينا هذا الإعلام من أفكار وسلوكيات وأخلاقيات لا تمت إلى مجتمعنا وثقافتنا بأي صلة، بل يلزم مواجهة هذا التحدي الخطير، لكن لا يمكن ذلك إلا باعلام ملتزم وقوي وأيضا مؤثر، وهكذا وبهذه الطريقة يمكن مواجهة تحديات الاعلام الأجنبي وخاصة الغربي.. وعوض أن نرهن أنفسنا ونتحدث دائما عن هذا الغزو الاعلامي والثقافي الغربي لابد من الاستفادة من ماهو متاح لنا لتقوية اعلامنا حتى يكون مؤثرا في مختلف شرائح المجتمع وبالتالي يصبح صوته مسموعا في جميع بقاع العالم. ومن المؤسف جدا أن نجد بعض وسائل الاعلام العربية تفتقد القدرة على مواجهة تحديات ومخاطر الاعلام الأجنبي، بل هذا الصنف من الاعلام يفتقد إلى الرسالة الاعلامية التي يكون منطلقها المجتمع العربي ، مما أدى إلى التأثير السلبي في ثقافة الأجيال المعاصرة، و عجل بجيل من الشباب نفوره من بعض وسائل الاعلام العربي والتوجه إلى الاعلامي الأجنبي الغربي، بل التأثر به! اليوم مطلوب من الاعلام القيام بدوره في تثقيف الشباب وتنمية قدراتهم العلمية والثقافية ونشر ثقافة الوعي السياسي وتعميق الانتماء للقيم والأخلاق والوطن ومحاربة الفساد والانحراف والانحطاط وأن ينمي الثقة بالنفس والاعتزاز بالهوية.. إنها رسالة الإعلام الأساسية.