فجر تقرير جديد فضيحة مدوية في قلب الاتحاد الأوربي بكشفه عن وجود تلاعبات في صرف ميزانية دعم مشاريع تنموية في العديد من بلدان العالم، من بينها المغرب. وكشف التقرير، الذي أعدته لجنة مراقبة الميزانية ببرلمان الاتحاد الأوربي، أن حوالي 15 مليار أورو، من أصل 30 مليار أورو، التي يصرفها الاتحاد الأوربي سنويا كمساعدات إنمائية دولية تحيد عن أهدافها المسطرة، وهو الأمر الذي علقت عليه إنغبورغ غراسل، رئيسة لجنة مراقبة الميزانية المنبثقة عن برلمان الاتحاد الأوربي، في تصريح لصحيفة «صانداي تايمز» البريطانية، بالقول إن الاتحاد الأوربي،: «يقوم حقا برمي أمواله في المرحاض». وقالت البرلمانية الأوربية: «إن مئات الآلاف من الأشخاص يفرون إلى أوربا قادمين من بلدان نصرف عليها الملايير دون أن يكون لذلك أي تأثير واضح عليها»، وأردفت: «سنة بعد أخرى، يتم رصد أموال الدعم لمشاريع مبهمة، وهو بمثابة رمي الأموال في المرحاض. إننا في حاجة لمراجعة عاجلة للأموال التي تصرف ولمراقبة مستقلة ولمسطرة واضحة لمتابعة ما أنجزناه». وتابعت غراسل إن الأمر يتعلق بأكثر من 900 مشروع بقيمة 15 مليون أورو تم تأجيلها أو فشلت في بلوغ الأهداف المسطرة لها سلفا، منبهة إلى أن النتائج التي تم التوصل إليها لا تمثل سوى الجزء الطافي من جبل الجليد. والمغرب معني بهذه القنبلة المالية التي يتردد صداها في كل عواصم بلدان الاتحاد الأوربي، حيث ذكر التقرير أن مشاريع موجهة للمغرب، استفادت من دعم الاتحاد، توجد ضمن قائمة المشاريع التسعمائة الفاشلة، علما بأن قيمة الدعم الأوربي المرصود للمشاريع المغربية تصل سنويا لأكثر من 666 مليون أورو. وليست هذه هي المرة الأولى التي تثير فيها قضية صرف المساعدات الأوربية الجدل، ففي سنة 2012، وجه وزير التنمية الدولية في الحكومة البريطانية، آلان دانكن، انتقادا شديد اللهجة للاتحاد الأوربي، حيث اتهمه بإهدار أموال دافعي الضرائب البريطانيين على دعم مشروع سياحي في المغرب موجه للأثرياء، وليس للفقراء كما كان متوقعا. وذكر الوزير البريطاني حينها، في تصريح تناقلته وسائل الإعلام البريطانية: «إننا نشاطر الشعب غضبه في هذه المسألة. يتم إجبارنا على دفع المال للاتحاد الأوربي، ونحن نطالب الاتحاد الأوربي بتركيز مساعداته على الفقر، لكنه لا يفعل ذلك، وليس لدينا أي خيار في تلك المسألة». وجاء غضب المسؤول الحكومي البريطاني على الطريقة التي يصرف بها الاتحاد الأوربي مساعداته على المشاريع التنموية في بعض بلدان العالم «الفقيرة»، إثر روبورتاج أنجزته صحيفة «التلغراف» حول مساهمة الاتحاد الأوربي في تمويل مشروع سياحي ضخم بضواحي مدينة مراكش. وذكرت «التلغراف» أن برنامج المساعدات الأوربي الذي يشرف عليه الاتحاد الأوربي صرف أكثر من مليون أورو من أموال دافعي الضرائب في أوربا لتمويل مشروع فرنسي بضواحي مراكش والمخصص لاستقطاب أثرياء العالم في فضاء يوفر كافة شروط البذخ والفخامة، بما في ذلك إنشاء ملعب للغولف، حوالي ألف شقة وفيلا فخمة، ملاعب التنس، مسرح، مطاعم ومتاجر عالمية إضافة إلى مراكز الاسترخاء والتدليك. والفضيحة، تقول الصحيفة، أن برنامج الاتحاد الأوربي يشير إلى تمويل برامج محاربة الفقر، في حين أن هذا المشروع غير موجه للفقراء المنتشرين في المناطق المحيطة بالواحة السياحية، بل سيتم تخصيص تلك الأموال لخدمة الأثرياء من خلال توفير أحدث التقنيات في مجال أنظمة التكييف التي تقيهم حر الصيف وقر الشتاء، بتوفير جدران خاصة لهذا الغرض. كما سيتم تخصيص دور عرض مزودة بحمامات من الرخام وأرضيات ملونة. ورصدت الصحيفة البريطانية حينها استياء المغاربة القاطنين بالمنطقة التي سيقام فيها المنتجع السياحي، وقالت إنهم يعيشون ظروفا صعبة ويكابدون لضمان لقمة عيش يومية، ليفاجأوا بملاعب الغولف تنبت بالقرب منهم، ويتساءلون عن الغاية من صرف مساعدات مالية على مشاريع من ذلك القبيل في حين أنهم يعيشون تحت نير الفقر.