ما راي التنظيمات الجهادية الاسلامية العابرة للحدود، وكذلك الاحزاب القومية المحترمة ما رايهم بنجاح المراة المسلمة من اصل مغربي خديجة عريب، ليس فقط نائباً في البرلمان بل رئيسة لمجلس نواب الشعب الهولندي ، رغم ما يحيط بها او ما تمتع به كونها اولاً امراة " قاصر " ، وثانياً مسلمة في بلد وبرلمان باغلبية مسيحية وبعضهم من اليهود ، وثالثاً تنجح من قبل اناس ليسوا عرباً ، ومع ذلك يتم انتخابها من قبلهم رئيساً لاحدى سلطات الدولة الهولندية ومجلسها التشريعي !! . الشيء المؤكد ان خديجة المرأة المسلمة المغربية التي تتمتع بالجنسية الهولندية مثلها مثل كل الهولنديين بدون تفرقة او محاباة وبدون توقف من قبلهم امام جنسها او قوميتها او دينها ، الشيء المؤكد انها نشيطة بامتياز عبر انتمائها لحزب سياسي رشحها لعضوية البرلمان ورئيسة له ، مما يعكس وعيها وحضورها واخلاصها لمواطنتها الهولندية ، وقدرتها على ادارة جلسات البرلمان بمهنية عالية، والا لما تم انتخابها لمثل هذا الموقع الرفيع، لان نواب البرلمان الهولندي لم يتوفقوا، ولم يسجل احد منهم عليها ، ولم يُعايرها احد بجنسها او دينها او قوميتها ، بل توقفوا امام قدرتها الشخصية وقرار حزبها ومن تمكنها من ادارة مجلس النواب كجزء اساسي من مؤسسات الدولة الهولندية ، باستثناء نائب عنصري معروف بعدائه للعرب وللمسلمين بل ورفضه للاخر . هل نتخيل ان يتم انتخاب امراة لرئاسة البرلمان الاردني ، او قبطي لرئاسة البرلمان المصري ، او مسيحي لرئاسة المجلس الوطني والتشريعي الفلسطيني ، او شيعي لرئاسة البرلمان البحريني ، او يهودي لرئاسة البرلمان المغربي ، ماذا سيكون رد وتقييم الاخوان المسلمين ، واحزاب ولاية الفقيه ، وحزب التحرير ، وتنظيم القاعدة اضافة الى داعش ؟؟ . هذا هو النموذج الذي نفتقده في العالم العربي ، ولدى العالم الاسلامي ، وهذا الذي نبحث عنه ونتوسل الوصول اليه ، وان نتفهم ان القوميات الثلاثة التي تعيش معنا وهم جزء من شعبنا، الاكراد والافارقة والامازيغ ، اضافة الى الشياشان والشركس والارمن وغيرهم، ان لهم نصيب بالشراكة في ادارة الدولة العربية من موريتانيا حتى سلطنة عُمان ، وان تكون المواطنة حق للمواطن على اساس المساواة لكل المواطنين على السواء ، بدون التدقيق والنظر في التقييم لقوميته او جنسه او دينه او مذهبه . لقد فشل اليسار والاحزاب القومية والتنظيمات الاسلامية، في تقديم نموذج يُحتذى من شيوع التعددية والعلاقات الديمقراطية في ادارة الدول التي وصلوا فيها الى الحكم ، وبالطبع على الاغلب لم يصلوا فيها وخلالها عبر صناديق الاقتراع ، بل بواسطة الدبابة وتشبثوا بالحكم اعتماداً عليها ، وفي التجارب المحدودة التي وصلوا خلالها عبر صناديق الانتخابات كما حصل مع حركة حماس في فلسطين ، اعتمدوا " الحسم العسكري " اسلوباً وطريقة للحفاظ على السلطة الاحادية بعد توظيف الانتخابات لمرة واحدة ، وها هم يرفضون فكرة الانتخابات او الاحتكام الى شرعية اصوات الناس في قطاع غزة ، كما فعلوا في مصر برئاسة محمد مرسي في الوصول الى قصر الاتحادية ، فعملوا على الاستئثار وتغيير الدستور والصلاحيات المطلقة للرئيس واستئصال الاتجاهات الاخرى حتى ثار ضدهم المجتمع المصري والاعلام والقضاء ومؤسسات المجتمع المدني والجيش . مقابل ذلك نلحظ ان المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي ، لا تقتصر قوته اعتماداً على العوامل الثلاثة التي يمكلها وهي : 1- تفوقه الذاتي عسكرياً وسياسياً واقتصادياً وتكنولوجياً واستخبارياً ، و2- دعم الطوائف اليهودية المتنفذة في العالم وخاصة في اوروبا واميركا له ، و3- اسناد قوة الولاياتالمتحدة وجبروتها لمصلحة السياسة التوسعية الاسرائيلية وغطاء لها وحمايتها من اي محاولات المساس بها ومنع اي عقوبات دولية مشروعه ضدها ، ولكن ثمة عامل رابع تملكه تل ابيب يُوفر لها القوة ويُساعدها على التفوق ويكمن ذلك في اعتمادها على تداول السلطة ، وتغيير القيادات وضخ دماء جديدة في عروق مؤسساتها ، والاحتكام الى نتائج صناديق الاقتراع في ادارة مشروعهم ومؤسساتهم بشكل تراكمي متواصل . النظام العربي برمته يفتقد الى التعددية والتنوع وتوسيع قاعدة الشراكة ، وتداول السلطة ، والاحتكام الى صناديق الاقتراع ، وهذا المرض وتوابعه وامتداداته لا يتوقف عند حدود الدولة الرسمية العربية ، الملكية منها والجمهورية ، بل تمتد حصيلته كي تشمل قيادات الاحزاب اليسارية والقومية والاسلامية التي لا تتغير الا بفعل عامل واحد فقط هو الرحيل عن الحياة بالموت ، وهذا هو سبب الفشل والتراجع والتاكل ، وعدم القدرة على التغيير والتطوير، وعدم التوافق مع قيم العصر ومتطلباته ، وهذا هو احد اسباب فشل الربيع العربي وانكساره وتحوله نحو العنف والارهاب وحصيلته الخراب المرئي والصراع الدموي والارهاب الاعمى ، باستثناء تجارب بسيطة متواضعة نذكرها جورج حبش وعبد الوهاب دراوشة ومحمد بركة من فلسطين ومنير حمارنة من الاردن وسبقهم من السودان سوار الذهب . نحن بحاجة لان نرى ونقبل مروان المعشر رئيساً لوزراء الاردن ، وحنان عشرواي رئيساً للمجلس التشريعي والوطني الفلسطيني ، وان نستقبل النائب اليساري الاسرائيلي دوف حنين بدون ان نتهم بالتطبيع وان نحترم الماضي المهني والاخلاقي لعبد المجيد ذنيبات ولسالم الفلاحات خلال خلافاتهما مع قيادة حزبهم حركة الاخوان المسلمين ، وان فكرة الاصلاح تشمل ليس فقط النظام الرسمي ، بل تمتد نحو الاحزاب اليسارية والقومية والاسلامية ، عندها فقط نكون قد وضعنا القطار على سكة الوصول في دحر المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي وهزيمته ، وان الافكار الرجعية لا سوق لها عندنا ، وان الامن والاستقرار ، سيوفر لنا الانتباه نحو التقدم والتطور والنمو بدلاً من ان نشتغل في الصراعات البينية داخل البلد الواحد ، والحزب الواحد والعشيرة الواحدة . [email protected]