مع نهاية سنة 2015 بلغت الاحتياطيات الرسمية المعلنة لبنك الصين المركزي 1722 طنا من الذهب، بزيادة 64 طنا خلال خمسة أشهر منذ عودة الصين للإفصاح عن احتياطياتها بشكل منتظم في يوليوز الماضي، وذلك بعد توقف دام خمس سنوات. ومقارنة مع آخر تصريح للصين في سنة 2009، فإن حجم احتياطها من الذهب ارتفع بنحو 668.4 طن خلال الخمس سنوات الأخيرة، أي بزيادة 64 في المائة، الشيء الذي رفع الصين إلى المرتبة الخامسة عالميا من بين الدول التي تمتلك أكبر الاحتياطات من الذهب، خلف أمريكا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا. بيد أن هذا الإعلان جاء ليؤكد تكهنات المتتبعين لسوق الذهب بوجود توجه استراتيجي لدى الصين لتعزيز احتياطها من الذهب وأنها نزلت بثقلها لشراء الذهب في السوق العالمي لتحقيق هذا الهدف، إلا أنه لم يشف غليلهم، الشيء الذي ألهب الجدل حول حقيقة حجم الاحتياطي الصيني بدل إخماده. يقول المحلل المالي والوزير الروماني السابق للمالية دان بوبيسكو "تتبعنا واردات الصين من الذهب مند اندلاع الأزمة المالية العالمية في 2008 إلى الآن، وقدرناها بنحو 14600 طن من الذهب. وهذا مؤكد، لكن ما لا نعلمه هو أين يذهب هذا الذهب، وكيف يتوزع بين الحكومة والمصارف والخواص". ويضيف بوبيسكو "لا أعتقد أن الحصة التي في حيازة الحكومة الصينية وبنكها المركزي من هذا الذهب لا تتجاوز 11 في المائة، كما يحاول أن يوهمنا الإعلان الرسمي، بالنظر إلى مستوى عيش الصينيين. كما لا يجب أن نغفل أن المصارف الصينية كلها خاضعة للدولة". وفي نفس الاتجاه علق رون بول، السياسي الأمريكي والمرشح السابق للرئاسة عن الحزب الجمهوري، على الإعلان الصيني قائلا "إنهم يكذبون". ويضيف رون "نعلم أن الهدف الاستراتيجي الذي حددته الصين لسياستها في مجال شراء الذهب هو تجاوز الاحتياطي الرسمي الأمريكي البالغ حاليا 8133 طن. ومن الواضح أن بلوغ هذا الهدف بالوتيرة المعلنة لشراء الذهب لن يتحقق إلا في 2079. والحقيقة أن الصين تسعى لتحقيق الهدف بسرعة. لذلك أقول أن الإعلان كاذب". ويعتبر رون أن هدف الصين هو تعبئة مخزون استراتيجي كبير لدعم العملة الصينية في حربها ضد الدولار عبر ربطها بمخزون الذهب. من جهته يرى الخبير البريطاني وليام فيليبس أن الحكومة الصينية تملك كميات استراتيجية هائلة من الذهب، والتي قد تكون أودعتها لدى هيئة أخرى غير البنك المركزي، وستكشف عنها عندما يحين الوقت. ويقول وليام "علينا أيضا أن نأخذ بالاعتبار طبيعة النظام السياسي الصيني. ففي أية لحظة يمكن للحكومة أن تقرر مصادرة ما بحوزة الصينيين من الذهب من أجل المصلحة الوطنية العليا. لذلك فالاحتياطي الاستراتيجي الحقيقي للصين، والذي يمكن للحكومة تعبئته خلال لحظة تحول استراتيجي، لا يقتصر على موجودات البنك المركزي". واحتلت الصين في السنوات الأخيرة المركز الأول في استيراد الذهب، كما أنها تعتبر أول منتج للذهب في العالم بنحو 462 طن في السنة. وعرف سوق الذهب في الصين سلسلة من الإصلاحات، أبرز محطاتها السماح للصينيين بشراء وحيازة السبائك والقطع الذهبية في 2002، وفتح الباب لأول مرة أمام المصارف الأجنبية لتداول الذهب في سوق شنغاي في 2014. وسيدخل سوق الذهب في الصين مرحلة جد متقدمة ابتداءا من أبريل المقبل مع إطلاق آليتها الخاصة لتحديد سعر الذهب مقابل العملة الصينية في سوق شنغهاي، الحدث الذي سيشكل منعطفا كبيرا في منازعة العملة الصينية (اليوان) لهيمنة الدولار، وربما يشكل الضربة القاضية، بعد قرار صندوق النقد الدولي قبول إدراج العملة الصينية ابتداءا من شتنبر المقبل ضمن سلة تحديد قيمة "حقوق السحب الخاصة"، وهي العملة التي يقرض بها الصندوق حكومات العالم، وتتكون من الدولار واليورو والجنيه الاسترليني والين الياباني، بالإضافة حاليا إلى اليوان.