ظلت الحكومة عاجزة عن وضع استراتيجية دبلوماسية رادعة واستباقية، بل ظلت في موقف الدفاع والمحافظة على المكتسبات ، ولم تستطع إقناع أي بلد جديد بسحب اعترافه بجمهورية الوهم، واصطدمت مع المبعوث الأممي كريستوفر روس، حتى إن مزوار وزير الخارجية ، اعتبره شخص غير مرغوب فيه وممنوع من زيارة الصحراء ، مما أد ى إلى تدخل المبعوث الأممي ، وتم التراجع عن القرار، وطلب مجلس الأمن من المغرب السماح لروس بزيارة الصحراء . كما أن الحكومة فشلت أيضا في الرد على مجموعة من القرارات والتقارير الدولية التي انحازت ضد المغرب ومصالحه ومنها تقرير كينيدي، بالإضافة إلى تعامل مزوار والحكومة الغير احترافي مع مشروع قرار لبرلمان السويد ، وكاد المغرب أن يفقد بلدا أوربيا جد مؤثر في محيطة وخاصة «الاسكندينافي» ما تطلب جولات مكوكية للدبلوماسية الموازية والحزبية وخاصة أحزاب اليسار المغربي، التي بعثت وفدا عنها إلى السويد للقاء مسؤوليها والتباحث معهم حول سوء الفهم الذي جرى، في الوقت الذي كادت مجموعة تصريحات لمزوار « اتفعفيع» وبعض الوقفات أمام مصالح السويد ، وكذا تزامن وقف شركة سويدية لنشاطاتها -رغم أن لا علاقة لهذا القرار بأي سياسة- أن تصب النار على علاقات المغرب مع الاتحاد الأوروبي، وكانت قمة العبث اكتشاف الرأي العام المغربي أن المغرب ليس له سفير في السويد، والى حدود كتابة هذه السطور ليس للمغرب سفير في بلد تنشط فيه البوليساريو والجزائر. كما فوجئت الحكومة بإلغاء المحكمة الأوروبيةلاتفاقية التبادل الفلاحي بين المغرب والاتحاد الأوروبي، ومطالبتها بعدم تطبيقها على الصحراء المغربية، وذلك بسبب دعوى تقدمت بها البوليساريو في فبراير 2013 ضد الاتفاق. واعتُبر القرار غير مسبوق في العلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي، وفشلا للدبلوماسية المغربية، التي لم تستطع رده باعتبارها صاحبة حق وصفة، في الوقت الذي لا يعترف فيه الاتحاد الأوروبي بالبوليساريو، مما يفقدها الصفة والمصلحة للتقاضي ، كما أشار عدد من المحامين إلى أن المحكمة مخول لها النظر في الاتفاقيات التي يبرمها الاتحاد الاوروبي وليس كل دولة منه مع أي طرف آخر. وكشفت عدة أحداث، غياب سفراء للمغرب بعدد من الدول مثل الكويت ، واحتجاج مغاربة العالم على ضعف الخدمات بالقنصليات وغياب الكفاءة . إن الدبلوماسية المغربية مازالت عاجزة من حيث الإمكانيات المادية حيث إن ميزانية الخارجية الجزائرية تساوي ثلاث مرا ت ميزانية المغرب ، وحتى إن عددا من التعيينات لا تخضع أحيانا سوى لمنطق الريع والمحسوبية ،في الوقت الذي يوجد خزان من الأطر بالوزارة وخارجها ،يمكنه أن يقود دبلوماسية مناضلة ومحترفة تعمل على مجمل القضايا وليس قضية الصحراء فقط التي نحن معنيون بها أكثر، فالدبلوماسية الاقتصادية والثقافية والرياضية والفنية و والسلم الدولي ومحاربة الإرهاب والمبادرات الدولية السلمية والإنسانية وغيرها كثير، تحتاج لجهد مادي وبشري ورؤية واضحة للعالم من حولنا، وللتحالفات الدولية وبناء قاعدة علاقات مصالح متبادلة، وشاهدنا كيف سارت التجربة الأمنية المغربية في محاربة الإرهاب آلية للتعاون الدولي، ويمكن للمغرب الاستفادة منها أوروبيا وإفريقيا وفي العالم العربي والإسلامي، لكن هل تملك الخارجية المغربية آليات لتسويق هذا الكنز الكبير للخارج بما يعود على المغرب بالفائدة؟ العام الحالي يحيل ملفا ثقيلا على العام القادم، ويتعلق الامر بزيارة الأمين العام للأمم المتحدة بان كيمون إلى المغرب والمنطقة من أجل حلحلة الوضع التفاوضي ، وهي الزيارة التي استبقها المغرب بالتأكيد أن لا نقاش حول الصحراء خارج الحكم الذاتي ، فهل يسعى بان كيمون إلى مغادرة مكتبه بنيويورك وقد نجح في إقناع الجزائر برفع يدها عن الصحراء وترك الطريق للحكم الذاتي الذي ينادي به حتى المقموعين في أدغال تندوف؟