يراكم الميلودي شغموم تخييله الروائي عبر تجديد أفقه الجمالي و القبض على الحكايا المتسللة من واقعنا الاجتماعي و السياسي. و هو بذلك يبقى وفيا لمغايرته الابداعية. ثمة ثوابت يظل الكاتب وفيا إليها في مجموع كتاباته سواء على مستوى التقسيم الفضائي الذي ينجز به عمله، أو على مستوى النهل من ذاكرته المرجعية المشتتة بين الخرافي، و الأسطوري، و الصوفي، و لغته الإيحائية التي تقتصد الوصف و لا تنساب نحو جنون الإبداع. كل هذه العوامل جعلت منجزه الروائي موضوعا للقراءة. حتى و إن كان اختفاؤها في مكاتب قرائها. بمعنى آخر تحظى أعماله الأخيرة بمتابعة إعلامية منصفة. و هذا أمر أضحى في زماننا الثقافي المغربي عاديا. لا يهمه المابعد، لكونه ببساطة لا يلهث نحوها، و لا يكتب لإثارة الضجة و اصطناع الحدث. مثلما لا يهمه ما سيكون. بالجملة، فالميلودي شغموم يصنع عالمه التخييلي و سط الرقعة التي يتحرك داخلها. و هي رقعة تستظل بالظل. و لا تبحث عن النور إلا حين يكون ظلام العاصفة قد أرخى خيوطه على الجميع. لا نريد مشاكسة هذا الظل الذي يموسق الهامش و المجهول بقدر ما نرغب مساءلة روايته الأخيرة الموسومة ب أرانب المسافات الطويلة. لنبدأ بهذا العنوان، لنتساءل عن دلالته، أو بالأحرى عما يربطه بالنص. ليس-في الأمر- بحثا عن التطابق، و لا عن الوصل. و إنما فيما يجمع الشتات و يفصل الأجزاء. صحيح أن العنوان مكسو باعتباطية، كما الاسم الشخصي الذي يحمله كل واحد منا. إلا أننا قد نجد خيوطا مرئية و لا مرئية تقوم بتلحيم الفصل بين الرواية و عنوانها مثلا. أما إذا بحثنا عن المعنى، فإننا سنتحصل على العداء المقنع بين كوكبة العدائين يقدم خدمة لعداء يريد الفوز، أو تحطيم رقمه العالمي بما يسمى في التداول الإعلامي و الرياضي. إنه كذلك في الراوية. كما في سباق المسافات الطويلة تماما، فالأرنب لا يظهر إلا حين خروجه من السباق في الدورة الأخيرة. تكشفه الرواية في الأخير لتضع الجميع أرانب كقاعدة تحافظ عليها السلطة، و تقيم عليها القانون. نحن الأرانب بمعنى من المعاني. و لأنها كذلك فنحن نختفي في السباق، كيفما كان الفضاء الذي نعدو فيه. ما دامت السلطة تنبني على القوي و الضعيف، على الرئيس و المرؤوس، على الحاكم و المحكومين. بهذا المعنى تكون بؤرة الرواية علاجا لها. لا لتضميد الجراح و إسكات الألم، و إنما في الطريقة التي تنكشف فيها في اللاشعور في الحلم و ما تختزنه السلطة فيه. العنوان إذن طية تحتاج الكي. و هذا لا يتم إلا حين وضع الطيات الرئيسية التي تحجب المعنى و تعلنه. ثمة قضايا وجب الوقوف عليها لمتابعة هذه الأرانب في سباقاتها الطويلة. و أول شيء يفترض علينا ذلك هو تحديد مكان و زمان هذه السباقات. و ثانيا القبض على الثيمة الرئيسية في الرواية و هي الاختفاء، الحجب، الستر. موضوعتان متلازمتان تنزعان نحو الاختفاء في حكايا متقطعة. و التي تنبني على تحقيق بوليسي، و صحفي في تواز مذهل. الرواية بتعدد سرادها تحقق في اختفاء العميد ناصر الفكاك لتتسع إلى حكايا أخرى ترتبط بهذه الشخصية و تبتعد منها. هل نعتبرها رواية بوليسية؟ لا أظن ذلك في رد عوالمها و شخوصها بالمهنة التي يمتهنونها. ربما أن الرواية البوليسية لها مقتضيات-في الكتابة- أخرى. و ربما أن صاحب هذه الرواية لا يندفع نحو هذا الفضول البوليسي، و إنما يرغب مشاكسته، و الولوج إلى عالمه المغلق الذي يخيفنا. و هذه هي القيمة المائزة لها. إن الكاتب يحاول خلخلة هذا النظام الآلي السلطوي من داخله انطلاقا من تخييل مبهر.- الاختفاء إذن- موضوعة محورية و المختفي يلزم البحث عن إظهاره، مثل اليوم الذي تبتدئ به الرواية 31 دجنبر 2002، إنه اليوم الأخير من السنة التي تحجب عقارب الساعة حاضرها و مستقبلها. و بالأحرى هو اليوم الذي يخفي سنة بكاملها. لكن ما دلالة هذا الزمن المعلن عنه في البدء؟ هل هو زمن الرواية؟ أم لاشعورها الغابر في اللازمن؟ بين هذا التاريخ و تواريخ أخرى يكون البحث الذي يختفي بينهما. اختفاء الضابط، اختفاء الدولة البورغواطية (تامسنا)، اختفاء اسم العبيدي، اختفاء أناس في دهاليز السجون و مستشفيات الأمراض العقلية، و اختفاء الأحداث 1965، 1981، و اختفاء الحكواتي الأعمى... إلخ. و اختفاء المختفي كذلك في تلك السباقات الزمنية الطويلة. و هذا كله يفيد خفاء الحقيقة و بيان نقيضها كما الأرانب في تلك السباقات- أو هو على الأكثر- سراب مضلل. كلما اعتبرنا إعلان الحقيقة، كلما فتحت ظلالا وهمية. السارد/السراد عليها لإنهاء هذا الملف المزعج. إلا أن يفتح عوالم أخرى تسكن الأرشيف، و تسبح على شاشة الحاسوب لتظل في البعد الأخير من افتراضات قرائها. لماذا لا نصل إلى الحقيقة؟ إذا افترضنا أن الحقيقة تفترض نقيضها. فهذا يشير إلى تعددها. أو بمعنى آخر، نحن أمام حقائق متعددة. كل شخصية في الرواية تبني حقيقة المختفي من زاوية نظرها. في هذا التعدد يطبخ الكاتب حكاياه حتى لا يقول الحقيقة. أما إذا قالها-بطريقته- فقد وأد قراءه. أو على الأقل بحث القراء عنه لتصفيته نهائيا. هكذا تتأرجح الحقيقة نحو سرابها. و تتشكل هندسيا من خلال التحقيق الذي كلف به بوعزة الضاوي من طرف رئيسه عادل المقدم. لنعد إلى الرواية مقدمين أسباب التحقيق في هذه الحادثة في اختفاء الضابط ناصر الفكاك. يقدم السارد بورتريها خاصا لناصر الفكاك الذي تورط في ممارسة الجنس على ابنتيه. و تمت محاكمته بناء على جرم زنا المحارم. قد شكلت هذه الحادثة تأويلات متعددة و حكايا مختلفة. و قد أدى الفضول البحث عن هذا الجرم في كل ما يقتصر به من قريب أو بعيد، في أصله و فصله، و هي كلها عوامل لإسكات الاحتجاج الذي يسكن المغاربة في الخفاء. و هذا دال على ما يقترفه البوليس/ المخزن من أفعل قهرية على المواطنين. كما أن هذه الحادثة استقطبت اهتماما إعلاميا تم بمقتضاه التنقيب على الشخصية في ماضيها و حاضرها. ستكون هذه الحادثة المروعة منطلقا سرديا و سيضيف التحقيق البوليسي نكهته الجديدة. الضابط المحقق أمام هول الجرم- الذي ارتكبه رئيسه السابق-سينطلق في بحثه على اختفائه من تاريخه الشخصي، أي جمع المعلومات من المدينة التي ولد و تربى فيها. و في الدارالبيضاء التي درس فيها مع معارفه و أصدقائه. و هو بذلك يرغب في أن تكون هذه الفرضية الخيط الوحيد الموصل للحقيقة. سيدخل الزمان و المكان كبعدين حملهما الضابط في تحقيقه. ينتقل بنا إلى مدينة ابن أحمد واصفا إياها و صفا دقيقا انمحت عوالمها بعد ذلك. و لم يبق منها سوى ضريحين يحملان قداستهما المتباينة: ضريح مولاي محمد الفكاك، و ربي يحيى لخضر. و بينهما تختفي الأسماء و الأنهار، و البساتين، و الآثار، و الحكايا... لنتوقف عند انمحاء الاسم كما يسرده الضابط في تحقيقه. و كأن الاسم يحجب المعنى. إلا أن الضابط ينقب على دلالة الاسم، و مرجعها الجغرافي و التاريخي. و الأهم من ذلك هو دلالة الاختفاء المصاحبة لسراد هذه الرواية. اسم العبيدي. و هو الاسم الأصل الذي تشير إلى نواحي بني ملال. ليتم نسيان هذا الاسم و تبديله بآخر الحامل لقداسة منطقة تامسنا في الشاوية: «فقد تم تداول هذا الاسم، (ناصر الفكاك)، في عائلتهم أبا عن جد كخيط رفيع للحفاظ على أصل، جرى نسيانه بالتدريج حتى اختفى تماما مع ناصر الفكاك، و لم يعد أحد يذكر ذلك الأصل رغم استمرار الاسم، أي ناصر، الذي منه، إضافة إلى العبيدي، كانت تتشكل حلقاته»(ص.13). بين الأصل و النسخة مساحة النسيان المختفية بينهما. فالأصل انمحى و تلاشى، و دفن في الأرشيف و الذاكرة. حتى و إن كانت نسخته الأخيرة تحيل على قداسة المكان، و دلالة و رمزية الاسم الذي يحرر زواره من الخطايا و المشاكل. هذا المختفي في العلني/الظاهر، و المدفون في الخرافة هو الذي يحيل عليه المرجع المكاني الذي سيلجأ إليه أب ناصر الفكاك و هو نسخة أخرى من ابنه الحامل لنفس الاسم. إن لجوءه إلى قداسة المكان هو هروبه من الأصل( نواحي بني ملال) حيث سيتحرر من اسمه الأول، العبيدي، ليتزوج من امرأة تحرس عماء أمها و شجرة التين المقابلة لبيتها. سينجب ولدا و ثلاث بنات سيختفين من الأرض من جراء أوبئة ذلك الزمان. هنا يؤثث السارد طفولة المختفي. خصوصا مع الحكواتي الأعمى الذي لا ينفك يسرد تاريخ المنطقة من حيث هي موقع الدولة البورغواطية مفتخرا بذاكرة المكان و مزهوا بآثارها المختفية. إلا أنه هو الآخر سيختفي عن الأنظار لتختفي حكاياه التي بنت ذاكرة الطفل. ثمة ربط شفاف بين الدولة البورغواطية المسكوت عنها في التاريخ المغربي، و حجب الحكاية حين اختفاء الحكواتي الأعمى. تدفعنا هذه العلاقة لمسألة الاسم و الأثر في تدفق الحكاية و انمحائها. و رغم ذلك فالحكاية لا تموت. إنها تتجدد من خلال سرادها الجدد. أي من خلال الأرواح التي تسكن أمكنتها. إنها تتسلل نحو بناء رمزية الأشياء، كرمزية شجرة التين مثلا. و هي الشجرة المتجذرة تحت الأرض. فجذورها ممتدة كما ظلها. إنها الشجرة المقدسة حسب الشخصية الرئيسية في الرواية. فقداستها تعود إلى قلب الصورة المقدسة في الأديان السماوية. كأن هذه الشجرة هي موقع الخطيئة و ليس شجرة التفاح الذي يذكرها القرآن. هذا التحويل الذي يقيمه المختفي أمام الطبيب المعالج هو ما يحيل على زوبعة الحواس و الحكاية معا. لقد أضحى تحفة مسلية حسب طبيبه المعالج إذ يقول لزوجته أستاذة السيميائيات:»مريض تحفة، يعتقد أن التين هو الذي يحدد مصائرنا و أن التفاحة التي أكل آدم لم تكن تفاحة، بل تينة، بينما البصل دواء لمسالك المصير، تحفة و الله هذا الرجل !»(ص.70). هكذا يكون ناصر الفكاك مخلصا للحكواتي الأعمى و كان ما علق في ذاكرته هو التين و البصل في رمزيتهما المعتددة و التي تظهر بوضوح في الصفحة 19 و 20. كلمتان سحريتان شغلتا بال أستاذة السيميائيات إلى حد اختفائها الهنائي. تتبدى لنا غواية الكاتب في أسطرة الحكاية. و كأنه يحفر في بواطنها لإعادة حكيها، و القلب الذي يحدثه في ثمارها هناك و هناك. مثلما تبرز دلالة الاختفاء التي تربط بين الحكواتي الأعمى الذي يخفي النظر في الببصيرة. و ناصر الفكاك الذي يرميه الحادث المفتعل في مستشفى الأمراض العقلية، و زوجة الطبيب التي تختفي عن الأنظار. تنتمي هذه الشجرة إلى قداسة المكان. المسألة إذن اختفاء لهذا المحجوب الذي يختفي وراء العقل و النظر. إذا كان الحكواتي الأعمى يحتجب في ذاكرة المكان، فإن ناصر الفكاك سيتم حجبه في مستشفى الأمراض العقلية لكونه مختلا و مجنونا. هذه الأخيرة العابرة إشاريا بالخفاء و التستر. كما الجنين و الجني تماما. إنه (أي المجنون) قد هرب صوابه، و اختفى عقله، و لم يعد يميز بين الأصل و النسخة، بين شجرة التين و التفاح. و في صيغة بين بين يجول بنا الضابط المحقق في عوالمه المفترضة و الواقعية للوصول إلى الحقيقة. في هذا الدوران الذي انطلق من طفولة المتهم إلى وضعه المهني بالدارالبيضاء، مرورا بحكايا أصدقائه و زملائه في الدراسة و علاقته بالطقوس اليهودية في الحجرات. حيث يكون الاختفاء ملح الحكاية و موضوعتها الرئيسية. يظهر لنا ذلك في تلصصه ( أي ناصر الفكاك. الطفل) على الحفل المقدس قبالة الضريح اليهودي. يتفرج من بعيد على الشمعة و الوقود المطروحتين للمزايدة، ليستنتج اختفاءهما من المشهد. يسائل سيدة يهودية على خفائهما دون أن يصل إلى جواب ص. 24. ستكون هذه الأخيرة سبب دخوله إلى المدرسة. ثمة مسألة أخرى تؤثث فضاء الرواية في صيغة المؤنث. نساء يصاحبن الشخصية الرئيسية منذ البداية إلى حدود اختفائه النهائي كميمة، مسعودة، صافية، راضية، فضيلة، بالإضافة إلى بناته. إذا كانت المرأتان الأوليتان تحضنان ناصر الفكاك منذ ولادته، فإن حضنهما عامر بالمفارقات( دينية، الغيرة...)، بينما المرأة الثالثة التي سيتزوجها بعد أن انخطف حين رؤيتها لأول مرة. هي القادمة من الأطلس لنسيان تجربة زواجها الفاشل. لترتبط بالعميد الممتاز، و تحريره من سهراته مع الأصدقاء و العاهرات. و إجباره على ترك التدخين و السكر، و إنجابها المتتالي ضدا على رغبته. يقدم لنا السارد صورة كاريكاتورية حول وضعية الضابط في بيته و هي إشارة إلى قلب القوة التي يحتلها في الإدارة و حواشيها، إلى ضعف مذل في البيت. بهذا المعنى تأخذ صافية السلطة القهرية من زوجها-لتمارسها عليه- رفقة أبنائها. ستنتج عن هذه العلاقة انهيار الأسرة من خلال فشل الأبناء في الدراسة باستثناء ابنته الآكلة للورق، و التي ستصبح أستاذة جامعية في كندا. هذه الأخيرة ستكشف حقيقة أبيها و تعلن ظهوره و اختفاءه في أمريكا. بينما تحتل شخصية راضية المكتب المقابل للعميد الممتاز. و هي الأخرى تحتجب وراء خوفها المدمر من زوجها السابق و صديقه المجرم. أما فضيلة فهي المرأة الأخرى للعميد الممتاز التي تحبه و تختفي عنه سواء في علاقات مع الآخرين، أو في زواجها الأول و الثاني اللذين لم يدوما وقتا طويلا لتعود إليه. إنهن المختفيات في مذكراته التي تركها في مستشفى الأمراض العقلية. ألهذا يترك المختفي الأثر؟ قد يكون هذا الأخير هو بوصلة المحقق لإتمام تحقيقه و الذي سيتم بمقتضاه توريط بناته للاعتراف. ستعترف إحداهن بالمكيدة التي دبرت لأبيها من داخل السجن. كان أخوها سجينا بتهمة المتاجرة في المخدرات. و في نفس الوقت يتواجد معه أحد أباطرة المخدرات، و الذي تم القبض عليه من طرف ناصر الفكاك المعروف بشرفه المهني. في هذا التقابل القيمي بين الكومسير من جهة، و أسرته، و تاجر المخدرات الكبير الذي سينتج لنا الحدث. و كأن الرواية تروم تخصيب هذه المفارقات القيمية. لا لتعلن الأخلاق لكشفها في الراهن المغربي، حيث أضحى الشرف مقدمة الاختفاء في السجن أو مستشفى الأمراض العقلية. إنه إعلان الرواية في الصورة المطروحة في الأنترنيت التي يظهر فيها ثلاث رجال لم ينصفهم المؤقت المغربي في العقد الأول من الألفية الثالثة. لا عجب إذن أن تكون المفارقات بنية دالة على الشيء و نقيضه. ليس لذكر سبيل التناقض و مجراه، و إنما لخلخلة هذا النظام القيمي كنظام سلطة يطحن كل من خرج من القاعدة كالصحفي الذي جوبه سبا و اتهاما بالارتشاء، و البرلماني الذي اختفى عن الأنظار لأنه اتهم زورا، و العسكري الذي فضح فساد الجهاز الذي ينتمي إليه، و القاضي الذي لم يخضع للأوامر العليا، و العميد الممتاز الذي لم يذعن لرغبات زوجته و أولاده بالارتشاء كما زملائه. إنها مفارقات تؤدي بالسارد إلى تقديم الاستقالة. و تدفع الصحفي إلى التنقيب على الحلم في الإنترنيت ، و البحث عن تلك العلاقة السرية بين الجنرال السيء الذكر، و ناصر الفكاك. هل هذا يعني نهاية القيم النبيلة في المجتمع؟ و هل ما زالت شجرة التين تدل على القيم التي تثمرها. تلك هي الأسئلة التي حصرتنا و نحن نقرأ الرواية. لكن الراوية تقول المعنى و تخفيه، بل لا تعلنه إلا لتضعه سؤالا/ أسئلة تبحث عن جواب ممكن. القارئ سيجيب عنه لا محالة. إلا أنه مع ذلك يبقى مؤجلا في المؤقت المغربي. صحيح أن الميلودي شغموم اقتضى التحقيق البوليسي المغلف بالخوف و أشياء أخرى. و هو بذلك يفتح عوالما تخييلية ممكنة في الزمن المغربي الذي يختفي في اللازمن. لقد حاولنا التقليل من المكر و الوقوف على موضوعة الاختفاء في سباقات المسافات الطويلة أو القصيرة سيان. أما الآن فبإمكان القارئ العودة إلى دوخله للبحث عن المختفي فيه. و على من اختفوا في ظروف غامضة أو واضحة. حين كان العدو طريقة للوصول إلى قيمة ما الثورة، السلطة، الجاه، المصلحة، ألخ. لأترك القارئ يبحث عن ذلك، كي أدخل في الرواية لا أقول أني انتهيت من قراءة الرواية، لكنني قد بدأتها الآن و هنا. سطات، 19/09/2015