قال الفنان اللبناني سامي كلارك:»الفن هو بحر واسع من الثقافة»، كما أكد مبدع أغنية «غراندايز» أنه وجد في هذه الأغنية رسالة إلى العالم لمناصرة الضعيف، ومساعدته،على الحفاظ على الكرة الأرضية ونظافتها، إلى أمور ثانية يقول سامي كلارك شجعته على غنائها. وقال: «...لم أتصور أن تأخذ هذه الأغنية كل هذا النجاح .» . وجدير بالذكر أن أغنية السلسلة الكرتونية «غراندايز» التي كانت قد اشتهرت في العالم العربي في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات من القرن الماضي، صارت اليوم تعد نوستالجيا تعود بنا إلى الزمن الجميل للأجيال الذي شاهدتها وعاشت تشويقها،أي حينما كان انتظار حلقة جديدة والجلوس أما الشاشة الصغيرة، لمشاهدة السلسلة، وكانت القنوات التلفزية تلتقط عبر البث الأرضي بواسطة هوائيات في السطوح، ولم يكن قد ظهرت بعد القنوات الفضائية والتصوير الرقمي، كما أن جهاز التلفزيون كان بالأبيض والأسود في الوقت الذي كانت فيه أسر قليلة تتوفر وقتها على جهاز بالألوان نظرا لثمنه الباهظ جدًا. وفي هذا الحوار نستعيد مع الفنان اللبناني سامي كلارك استذكار مسلسل «غراندايز» الذي يعد من أشهر السلسلات الكرتونية في العالم العربي والذي عنوانه الأصلي (مغامرات الفضاء: يوفو-جراندايزر) باليابانية «يو إف أو روبو چوريندايزاه». ولعل أهم أسباب نجاح "غراندايزر" يتجسد في الإبداع الفني سواء في دبلجته أو من خلال الأسلوب الرائع الذي كانت تردد به الحوارات، فقد تميز الفنان جهاد الأطرش الذي أدى دور "دايسكي" بنبرة مميزة. خصوصا عندما كان يصرخ مع إطلاق "جريندايزر" لأسلحته ك "شعاع اليد" و"عاصفة الجاذبية" و"الرزة المزدوجة" وأيضا عندما كان ينفعل عند أداء حركات جريندايزر ك "دورة كاملة"، "التحام" و"دايزر أقفز" ولا ننسى بعض العبارات الحماسية مثل "الويل للمعتدين". . فيما كشف الفنان اللبناني سامي كلارك الذي رصيده 832 أغنية أن السر في نجاح أغنية «غراندايز» يعود الفضل في ذلك إلى صوته الأوبرالي، وقال:» أنا تفاجأت لأنني لم أكن أنتظر أبدًا أن تأخذ هذه الأغنية حقها الحقيقي، لأنها راقية حضارية وإنسانية، وتصل إلى قلب كل إنسان، لذلك أخذت حقها، والآن هي ما تزال تأخذ حقها. وأمضى سامي كلارك متحدثا أنه متعدد المواهب، أي أنه فنان فرد بصيغة الجمع، وقال إنه "اختار الفن مهنة وحرفة"، مؤكدا أن الفن قدره، مشيرا أن أسرته في البداية أرادت توجيهه في مسار دراسته الأكاديمية والعلمية في عدة اتجاهات لكن نداء الفن يقول سامي كلارك "كان أقوى من كل شيء". من جهة أخرى، أكد الفنان اللبناني سامي كلارك في هذا الحوار حبه لبلده لبنان وقريته ضهور الشوير مسقط رأسه، وعلاقته الحميمية أيضا بأمه ووالده حيث ورث منهما موهبة الفن والموسيقى، أما عقيلته شيلم جعيس، الصبية الرسامة فقال في حواره مع الجريدة : إنها غيرت حياته وأعطته الاستقرار النفسي والعاطفي. وللإشارة فالسلسة الكرتونية "غراندايز" بدأ عرضها في بداية الثمانينيات من القرن الماضي على الشاشات العربية سواء في دول المغرب العربي أو في دول الخليج العربي، وعرض المسلسل في 74 حلقة. ولم يلاق نجاحا في اليابان مقارنة بالنجاح الهائل الذي حققه في الدول العربية. وفي هذا الحوار تطالعون خبايا وخفايا أخرى عن الفنان سامي كلارك، تلك التي ساهمت في نجاحه وشهرته، كما تطالعون أسرارا وأشياء أخرى عن مسيرته الفنية ورأيه في الواقع الفني العربي من خلال هذا البوح الصريح. وفي ما يلي تفاصيل الحوار، متمنيا لك عزيزي القارئ قراءة ممتعة ومفيدة: o أول سؤال أطرحه عليك الفنان سامي كلارك: ماهي أسرار وأسباب نجاح أغنيتك في المسلسل الكرتوني "غراندايز" ، باعتبار أن هذه الأغنية صارت اليوم نوستالجيا لجيل بعد جيل؟ n فعلا هي نوستالجيا من الأب إلى الجد....، فنص وكلمات "غراندايز" أنا غنيتها في الثمانينيات، ولما عرضت علي الأغنية في البداية، تريث قليلا، قبل أن أغنيها، لأنّني لم أكن أغني بالعربية، حيث كنت قد بدأت في مساري الفني، الغناء بالأجنبية، ولكن في هذه الفترة من سنة 1976 وما فوق، كنت قد ابتدأت الغناء بالعربية بنوع خاص وباللهجة اللبنانية . و"غراندايزر" كانت أول عمل يقدم لي بالعربية، ووجدت أن مطربين آخرين دعيا لأداء هذه الأغنية، ولم يوفقا، فطلبت أن أحضر حلقتين من المسلسل الكرتوني، كي أرى حقيقة جوهر الأغنية والرسالة من المسلسل ككل، وقررت أن أخذ الأغنية وأؤديها، أولا فصوتي أوبرالي، ثانيا وجدت فيها رسالة إلى العالم إلى مناصرة الضعيف، ومساعدته، إلى الحفاظ على الكرة الأرضية والنظافة ، إلى أمور ثانية تشجعني على غنائها، ولم أتصور أنها ستأخذ هذا النجاح ... o هل حصل بعض التشابه بين لحن أغنية "غراندايز" التي هي في الأصل باليابانية بعد ترجمتها وغنيتها بالعربية بصوتك الأوبرالي؟ n أنا قلت أن هذه الأغنية مصنوعة في اليابان، وكانوا يريدون أن أؤديها عربيا، لذا لم أقلد المطرب الياباني أبدًا، حيث حافظت على عربيتي، على كوني عربيا، وغنيتها بعنفوان وقوة، ومن ناحية أخرى أتقنت العاطفة في مقطع رومانسي الذي يقول: «هذي الأرض يا غراندايزر كوكب صغير *** يا غراندايزر فيها أعداء فيها حياة والخير كثير». o ما القيمة الفنية لترجمة النص الأصلي لأغنية «غراندايزر» من اليابانية إلى العربية... ؟ n ...ترجمة الأغنية لم تكن ترجمة حرفية أبدًا، أنا تصرفت في الكلمات، وأوقعنا الكلمة مع اللحن ومع الأداء، لأن من الضروري أن يكون الثلاثة متفقون. o هل كنت تتوقع في البداية أن تحقق أغنية "غراندايزر" كل هذا النجاح ؟ n الكلمات، واللحن والأداء كلها كانت ضرورية لنجاح الأغنية، من هنا كانت الصعوبة، ودرستها لمدة يومين وأديتها بالأستوديو ببيروت، وانتشرت عبر الأجيال من السبعينات إلى الثمانينات للتسعينات، إلى الألفين، وإلى يومنا هذا. وفي مجمل حفلاتي يطلبون مني أن أغنيها، مرة مرتين فثلاثة. فأنا تفاجأت لأنني لم أكن أنتظر أبدا أن تأخذ هذه الأغنية حقها الحقيقي، لأنها راقية حضارية وإنسانية، وتصل إلى قلب كل إنسان صغير كان أم كبيرا ، لذلك أخذت حقها... والآن هي تأخذ حقها. o ماهي أبرز المحطات في سيرتك الفنية منذ الطفولة إلى الشباب وما هي التي قادتك لاحتراف الفن... كما أريد أن أعرف منك هل الصدفة والحظ أم التجربة والتكوين الأكاديمي هم من أشعلوا فيك جمرة ولهب الإبداع لتكون فنانا متعدد الاهتمامات والمواهب أي فنان بصيغة الجمع؟ n أنا ابتدأت الغناء بالغربي، ولدت فنانا بصراحة، ولم أجيد أي مهنة أخرى، أو أي رسالة أخرى، لقد درست الحقوق في الجامعة السورية لسنتين ونصف وتركت الحقوق، ودرست في المعهد الوطني، وفزت بمنحة دراسية في النمسا، تسعة أشهر كي أنمي الاخراج الغنائي المسرحي، ودرست الاقتصاد أيضا في الجامعة السورية، ولم أوفق. أنا فنان، أردت أن أكون ضابطا في الجيش اللبناني، لكني وجدت نفسي في الفن، فكان الفن يلاحقني دائما، ابتدأت في التأليف والتلحين، وعمري تسع سنوات. غنيت باللغة الفرنسة وأتقنت غنائيا تسع لغات وأتكلم تسع لغات، الفن في نظري هو ثقافة، بحر واسع من الثقافة، مهما اصطدت منه، مهما كثر السمك والعطاء فيه، لذلك أحبه كثيرا، ولكن في مرحلة معينة وجدت نفسي أنني بحاجة إلى الدفء في المنزل، لأنني كنت أغني وأحصد النجاحات، والتصفيق... إلخ، ولكن بقيت برودة في قلبي، وهي العائلة، لذلك تزوجت في سن متأخرة في عام 1990، من شيلم جعيس، وهي صبية رسامة من قرية ضهور الشوير، ورزقنا بتوأم جامب، وسامبرا وهم يغنيان ويرسمان. فالعائلة هي الدفء الحقيقي للفن وهي تبعث الاستقرار للفنان وتدعمه في حياته، لأن الفن صعب جدا... لأن الفن يحتاج إلى حماية دائمة إلى الامتثال إلى أفخاخ في الحياة، لأن الفن مهنة غير مستقرة. o من كان له تأثير عليك هل الوالد أم الوالدة ؟ n والدي رجل مسرح، يكتب المسرحية، والدتي صوتها جميل، وتعزف بالبيانو، وبدوري أنا تعلمت البيانو، والأورك، والقيثار، والدرامز، والهرمونيكا، وإني أفتخر أنني أيضا رياضيا أجيد التنس، وكرة المضرب، وكرة الطاولة، وكرة السلة، والكرة الطائرة، والقفز العالي وفزت ببطولة لبنان في القفز العالي في المرحلة المدرسية. في نظري الفن والرياضة توأمان لاينفصلان، والوالد والوالدة لم يكونا ليشجعوني على الفن، لقد كانا دائما، يحذراني من أن الفن ليست مهنة مستقرة، وممكن أن لا يعيش منها الفنان، ويكسب عيشه منها، لأنها مهنة غير مستقرة، فكان في الحقيقة، تحدي كبير لي مني، ووالدي لم يكونا يريدان أبدا أن أغني، أرادوا أن أكون محاميا، أو مهندسا أو طبيبا، ولكني أصريت على الفن، وكان حافزهم منعهم لي أن أبرهن لهم أن الفن مهنة شريفة ورسالة إنسانية قبل أن تكون مهنة، الفنان هو سفير متجول في العالم هو قبل أن يكون فنانا، هو الصورة الحقيقة للوطن إذا أخذنا الفن من هذه الناحية الفنان هو السفير الحقيقي يمثل وطنه أينما ذهب، لذلك يكون مجبرا أن يكون راق، أن يكون مثقفا، يجيد اللغات، يَعرف ويعلم كيف يتكلم مع العالم، وأن يكون لديه الحس كي يفهم ويسمع الآخرين ، ليس فقط كي يتكلم. o بعد أغنية " غرندايزر" ما هي الأعمال الأخرى التي أعطتك شهرة أكثر؟ n في رصيدي 832 أغنية ، نصف غربي، ونصف شرقي عربي، يعني الأغاني الإيقاعية، والأغاني اللبنانية باللهجة اللبنانية والأغاني الرومانسية هي المفضلة عندي، وحتى الأغاني الخليجية كان لي تجربة كبيرة فيها ومنها: "أمرك حبيبي، " و"البنت الحلوة"، و"دلونا..على المجنونا"، أما الأغنية المصرية كان لي دور صغير فيها، لم أستطع أن أؤدي الأغنية المصرية كما يجب، ولكن المفضل عندي هي الأغاني الأجنبية، والأغاني اللبنانية الرائقة والراقصة. o مارأيك في الأغاني الموجهة للطفل والسلسلات الكرتونية التي تعرض اليوم في القنوات الفضائية بالمغرب والعالم العربي ؟ n أنا غنيت للسلسلات الكرتونية منها "غراندايزر"، و"جزيرة الكنز"، و" لمن تغني الطيور" ، كما غنيت لمسلسل لبناني (..) نجح كثيرا، أما أغاني أفلام أخرى لدي مجموعة كثيرة، تسعون أغنية للأطفال، متنوعة جدا عن الأم ،الطفولة، اليتيم، العصفور المشرد،وسلة الطفولة، لأنه كانت لي طفولة جميلة في قرية ضهور الشوير، حيث الطبيعة مثل شفشاون مشابهة جدا ، (ضهور الشوير تعلو عن سطح البحر 1250 متر) فيها الثلج وأيضا يمكننا أن نسبح عندما ننتقل لمدة نصف ساعة فقط نكون على البحر، لذا الأغاني الطفولية هي الأكثر شيء تمتعنا، أما الأغاني الوطنية، هي للوطن فقط للجيش اللبناني هي للبنان، للأرزة اللبنانية، يعني رصيدي كثير ومتنوع جدا، من يعرفني يحتار، يقول هذا يغني أجنبي وطورًا يغني عربي، وعربي هادئ، وعربي راق . أظن أن هذا من طبيعتي لأنني ولدت في شهر آيار (مايو) هو شهر تجدد الطبيعة، تجدد الحياة، أظن أن هذا انعكس على طبيعتي . o ماذا أفادتك الشهرة؟ n أنا لم أسعى إلى الشهرة، لأنني لم أتصور أنني سأكون فنانا، (يضحك) بدأت الفن ولاحقني، وسحرني وأخذني من مقاعد الحقوق، ليضفي على حياتي نَكهة وألوان جميلة، لم أختر الفن، الشهرة بالنسبة لي ليست مهمة بقدر محبة الناس، إني أسعى أكثر إلى محبة الناس وليس بالشهرة، لم أسعى يوما أن يكون الفن هو مورد رزق . المال هو نتيجة لأعمالي الفنية وليس هدف، لذا أفتخر كثيرا عندما أقول إنني يمكن أستحق كلمة فنان، لأنني فعلا أشعر وأعيش، وأكل وأشرب كفنان، لدي حياة واحدة، ليس لدي شخصيتين. شخصية واحدة، هي سامي كلارك، أو حبيقة الفنان،... فأنا ولدت فنانا. o من هو حبيقة هذا .. هل لديك اسم فني واسم شخصي مثبت في وثائقك الرسمية ؟ n اسمي سامي حْبَيقة، من الحَبَق، وتعرف أن الحبق له رائحة جميلة ... وغيرت اسمي لأنني كنت أغني أجنبي، وأجوب العالم وبرصيدي 14 مهرجان عالمي، ومثلت لبنان بالأغنية، وفزت بأربع جوائز أولية في ألمانياوالنمسا،وفي بلغاريا، لذلك فضلت اختيار اسم أسهل للغرب، ولم أكن أدري أني أعود وأغني ...ولهذا اسمي سامي كلارك سهل اللفظ وجميل. o ما رأيك في الأغاني الجديدة بالعالم العربي وتحديدا بلبنان؟ n إنه في الوقت الراهن هناك نوع من الانحطاط، في الكلمة وأيضا في اللحن، وفيه نوع من النسخ، إذا نجحت أغنية تجد خمسة عشر مطربا يقومون بأغنية مماثلة لها، ويغيرون شيئا قليلا منها، هذا العصر أظن أنه عصر السرعة، وعصر الأغنية التجارية الاستهلاكية، وهو ليس بالعصر الذي يمكن أن نفتخر بأنه عصر ازدهار الأغنية العربية، أظن أنه يلزمنا بعض الوقت، ونمط جديد،لنجدد في الأغنية، والصدق في الكلمة، هذا ما أتمناه من كل قلبي. والألحان تأتي عندما تكون الكلمة الصادقة، لأن اللحن يتقيد بالأغنية وبالكلمة، لذلك أظن أنه من الممكن القول أن الأغنية ستزدهر فجأة لأنها تتبع العصر، الذي هو عصر سرعة، فكل شيء يجب أن يكون سريعا، حتى المال الذي هو شيء غلط، لكن لسوء الحظ هذا هو الواقع.