من الصعوبة بمكان الإلمام الشامل بتاريخ مفهوم التواصل والوقوف عند الفترة المحددة التي أصبح معها التواصل يكتسي طابعه الواعي العلمي فقد اعتمد كآلية من آليات التبليغ والتلقين. وتعتبر محاولات أفلاطون نموذجا لذلك عندما استعمل هذا الفيلسوف الحوار أسلوبا في الكتابة ليعرف بأفكاره على لسان أستاذه سقراط بل قبل ذلك ظهر نوع من التواصل المتولوجي بين سحرة الأرض وملائكة السماء كما تناولت الكتب السماوية وعلى رأسها القرآن التواصل كمدخل لنسج العلاقات الإنسانية وتوطيد الوشائج بين الناس على اختلافهم وتنوعهم لقد أثبتت التجربة أن التواصل اللفظي اللاشكلي يساهم في خلق نوع من التوازن والانسجام داخل التنظيم أو أي مجموعة أو وحدة إنسانية. كما أن سوء تقدير التواصل الداخلي الذي قد يعني عند بعض المدراء والمسؤولين عن المقاولات مثلا، لاحتكاك اليومي والدائم بالمأجورين، يكشف عن تصور ساذج قد يأتي بنتائج عكسية، لأنه يهمل أن التواصل الداخلي له آلياته وأدواته وضوابطه ومراميه، في إطارات مدروسة ومحددة، تمر عبر التدبير المعقلن لمديرية لموارد البشرية، وليس ظهورا متكررا لأحد المسؤولين في الورشات والممرات ولا توزيعا مجانيا للأوامر والتعليمات بمناسبة وبدون مناسبة، اعتقادا منه بضرورة إظهار التواجد الصارم، حتى يحصل الانضباط المأمول. فإذا شعر العامل بضخامة المراقبة، وبفضاضة الخطاب، فإن لايستطيع تملك فعله الأنتاجي ولا الإحساس بإيجابية الانتماء الى مناخ المؤسسة، لأن التواصل الداخلي يفترض أن يكون منظما مستقرا وعبر قنوات، إنما غير مرئي بشكل سافر. وحتى لا يتحول الى نوع من الضيق والتضييق على العاملين بالمؤسسة يتعين أن يسري التواصل الداخلي بانتظام داخل جسد التنظيم، دون أن يرهق جسد ونفسية العامل فيها وإلا تم اختزاله في نوع من الرقابة القاتلة لتلقائية والارتياح للعمل ومناخ الشغل داخل المؤسسة. 2-1 أهم شروط التواصل الداخلي: إن التواصل الداخلي يدخل في إطار مسؤولية جميع الأفراد المكونين للمؤسسات. فهو يقوم على مجموعة من المرتكزات والشروط، ويشكل محددا قويا للنتائج والأهداف التي تحققها، أو سينتظر أو يحققها التنظيم. فمن أهم عوامل اللاتواصل التي تعيق سير المؤسسة وتحول دون إنجاز الأهداف المرجوة هو اختلال العلاقة العمومية داخل المؤسسة، إذ تبين أن المدير أو المسير الجيد هو الذي يثق في مؤسسته، ويقدر بشكل إيجابي العاملات والعاملين فيها ويمتلك القدرة على التواصل والاستماع والإنصات والفهم. ففي العقد الحالي وفي ظل التغيرات التي يعرفها العالم يفترض أن يقلص التواصل الداخلي المسافة الناتجة عن تراتبية المسؤوليات واختلاف المناصب من خلال سيولة المعلومة وانسيابيتها، وذلك لأن المعلومة أصبحت تمثل جزءا من الطاقة الضرورية للعمل وعنصرا ضروريا للتحكم في دوالب العمل لصالح كل الأطراف (المسؤول والعامل وعملته الانتاج). إن الشرط الأساسي لانجاح التواصل الداخلي بشكل جاد وفعال ينصب على المضامين المتعلقة بمختلف شؤون المؤسسة المالية والتنظيمية والبشرية وآليات التسويق والاشتغال، أي كل ما يتعلق بالوجود المؤسساتي لهذا التنظيم. حيث يكون - العامل أو يفترض- ان يكون على علم بسلم التربية وتدرجه وكذا بشروط المؤهلين للاستفادة منه وأسمائهم أن يكون على علم باسترتيجيات التكوين داخل المؤسسة على مستوى التوعية والأهداف، وكذا الفئات المستفيدة والأهداف المتوقع الوصول إليها من خلال هذه البرامج التكوينية داخل المؤسسة أم خارجها بمكونيها الذاتيين أم بخبراء خارجين. فالولوجية إلى المعلومة بهذا النوع من اليسر والوضوح يكرس الطابع النسقي للمؤسسة، ويجعل العامل فيها دائم الإدراك بأنه عنصر مترابط مع باقي العناصر، تربطهم بهم علاقات وقواعد ضابطة ودائمة، حتى لا تصبح المعلومة امتيازا حصريا لفرد، أو عدد من الأفراد يمارسون بها نفوذا غير مؤسساتيا داخل المؤسسة. في غياب الشروط الأساسية أو بعضها، يفقد التواصل الداخلي جدواه وأهميته، ويتحول إلى مجرد تواصل اديولوجي فوقي أو متعال لا إجرائية ولا مصداقية له . أنه الجزء غير المباشر في العملية الانتاجية، جزء يستلزم خططا محكمة واستثمارا ماديا وبشريا وتقنيا، وميزانية محددة ومناسبة، لانه - كما سبقت الإشارة- آلية انتاجية، سواء على مستوى العاملين كأفراد أو على مستوى المؤسسة ككل، أو على مستوى المحيط السويواقتصادي العام. إن أي إهمال في مجال استراتيجية التواصل الداخلي، إهمال لا يمكن أن ينتج إلا عن عدم مواكبة التحولات التي تعرفها المؤسسات في العالم، ومنها تحديدا تلك المؤسسات ذات الطابع الانتاجي والتجاري والخدماتي. فمدى جدية أو ضعف التواصل الداخلي في هذه المؤسسات هو إحدى العلامات الأساسية الدالة على تخلف المؤسسة وعدم قدرتها على المواكبة لمختلف التطورات التي يعرفها المال والأعمال في هذا المجال. بالإضافة إلى ذلك فإن أي فوضوية أو ارتجال أو غياب المراقبة والتوجيه قد يحول هذا التواصل الداخلي إلى أداة تخريبية خطيرة، تنأى بالمؤسسة عن أهدافها. إذ هناك مؤسسات أفلست نتيجة غياب ثلاثة شروط أساسية يمكن أن يوفرها التواصل الداخلي الجيد والفعال: أولا محاولة التنسيق ومعالجة المفارقة المحتملة بين طرفين، بين مشاكل العمال واختلالاتهم الاجتماعية أساسا، وبين تحسين الأداء كهدف محوري للمؤسسة. ثانيا: العمل على ضرورة تجديد اندماج العاملين لتتنمى عندهم درجة الإحساس بالانتماء إلى المجموعة وبالتالي للمؤسسة. ثالثا، وهذه حالة أساسية ترتكز عليها مختلف المقاربات علم الانسانية السوسيولوجية: تحسين المناخ الاجتماعي والارتقاء به، على اعتبار أن هنالك علاقات تبادلية دائمة بين المؤسسة والمجتمع. فإذا كانت الحمولات الثقافية والفكرية والعقائدية ذات تأثير على التنظيم أو المؤسسة على مناخ العمل وكيف الأداء، فإن توطيد العلاقات الاجتماعية من خلال تجويد وسط الشغل، ينعكس بدوه على كيف الحياة والاستجابة لمتطلباتها في المجتمع، كمناخ أكبر وأوسع للعاملين. ويعتبر هذا المطلب العنصر الأساسي الذي ركزت عليه ثقافة المقاولة ونظريات التفاعل الاجتماعي كما سنرى لاحقا. ومن أهم الشروط المهنية للدور الذي يطلع به التواصل الداخلي البنية المهيكلة للمؤسسة، لأنها تلعب دورا مهما في قنوات التواصل الداخلي. لذا لا يمكن تجاهل عناصر هذه البنية الهيكلية نذكر منها: n البنية البسيطة - astructurel facile: توجد عادة في المؤسسات ذات الحجم الصغير، تتكون عادة من مستويين أو ثلاثة، تعرف تراتبية ذات طبيعة عمودية ويكون التواصل فيها غير مقنن communication informelle، ويكون مصدر القرار مركزا على مدير المؤسسة شخصيا. فما يميز هذه البنية هو كونها بسيطة ومرنة مع أنها تحمل في ذاتها خطرا يهددها ارتباطا بصعوبات التدبير مستقبلا. في حالة تطور المؤسسة يمكن لمديرها أن يجد نفسه محاصرا بكم هائل من المعلومات، وأمام مجموعة من القرارات التي يجب أن تتخذ، كما أن هذه المؤسسة مهددة بالتفكك والإفلاس في حال غياب المدير وانقطاعه عن الحضور. فالمدير هو مركز التواصل مركز القرار، فهوي يساوي المؤسسة. n البنية الوظيفية structures parfanctions: في هذه البنية يتجمع الخبراء المهنيون في نفس الوظيفة fonction : وظائف التسويق، التطوير والتكوين، الإنتاج، التواصل. وتعتبر هذه البنية متمفصلة وتسمح بتفادي الخلط بين الوظائف، كما توفر سبل البحث عن التواصل بين الأفرد المكونين لنفس المصلحة أو الوظيفة. وما يخشى وقوعه في هذه الحالة على المستوى اللاتواصلي أن ما ينبغي لوقوعه والتحسب لعدم وقوعه هو أن يتقوقع الخبراء داخل مصلحتهم وحول خبراتهم وأن يركزوا على أفكارهم ومعتقداتهم، وأن يصابوا بنوع من الاكتفاء الذاتي والوثوقية، فلا يسمحون بمناقشة القرارات ولا يولون أهمية للأراء الأخرى التي تنتجها باقي الوظائف داخل المؤسسة. n البنية بالتقسيم Structures par divisions: إنها بنية متكونة من مجموعة من التنظيمات المصغرة organismes المستقلة، التي توكل لها مسؤولية عن نشاط محدد. وتكون هذه التنظيمات - تبعا لذلك- مسؤولة عن النتائج التي تتوصل إليها. من مزايا هذا التنظيم أنه يسمح للمؤسسة بتركيز اهتماماتها على النتائج من خلال اهتمامها بالتواصل الدائم بين مختلف هذه التنظيمات المصغرة، كما أنها توفر الجو المناسب لاتخاذ القرارات بشكل تشاركي. n البنية : Matricielle، إنها بنية تركز على " المشروع" Projet. ومع بداية كل مشروع سواء اعتمدته المؤسسة بشكل دائم أم مؤقت تسند المؤسسة هذا الأخير لمن يقوم بتدبيره Chef de projet ، ويجمع حوله هذا الشخص المكلف بالمشروع فرقة من الأفراد الموجودين داخل المؤسسة، كما يقوم بانتقاء مجموعة من الخبراء ذوي الصلة بما تتطلبه طبيعة المشروع بهدف النهوض والتأثيرعلى مختلف جوانبه ومتطلباته. إن هذا النوع من الهيكلة يمكن من التشاور والتعاون والمتابعة Le suivi لمختلف جوانب المشروع، كما أنه يلغي مبدأ أخذ القرار من الإدارة العامة. " فالأفراد المكونون لفرقة العمل يكونون على علاقة تواصلية منتظمة ودائمة مع مدير المشروع والمدير العام للمؤسسة، ويضمن جودة هذا التواصل وفعالية إمكانية الوصول إلى نفس الأهداف، وبالتالي الحفاظ على ديناميكية تواصلية فعالة ومؤثرة. n البنية العضوية structure organique: بما أن المؤسسة أو المقاولة تعيش اليوم في عالم اقتصادي مقولاتي متحول باستمرار ومن أجل مواجهة محيط تنافسي يتسم بعدم الاستقرار، مع ظهور العولمة وتداعياتها، أصبحت معظم المؤسسات تحاول بناء تنظيمات مرنة قابلة للتأقلم مع هذه الهزات والتحولات التي سيعرفها العالم. فالبنبة العضوية باعتبارها قابلة للتكيف وإعادة التكيف قابلة للتعديل السريع في الآجال القصيرة المدى، وذلك حسب الاحتياجات الموجودة. وهذه المرونة تفرض على العاملين والأفراد المكونين لهذه البنية معرفة ما يجب أن يفعلوا ويطبقوا في الوقت المناسب من أجل المواجهة الفورية للاكراهات والتطورات الطارئة، والتواصل هذا يصبح ضرورة يلجأ إليها أفراد البنية لتوحيد الرؤيا وتنسيق الجهود في أقل الآجال الممكنة. n البنية الأفقية Structure horizontalité : توجد هذه البنية في المؤسسات الكبيرة والتي تحتضن مفهوم البنية البسيطة المكونة من ثلاث إلى أربع مستويات إدارية عمودية، وبهذا يتم إلغاء جميع الحدود العمودية والأفقية التي قد تعيق أو تبطئ تنفيذ المهام، حيث يتم تكوين فرقة متعددة الاختصاصات، مكونة من جميع أفراد المؤسسة، فتكون صيرورة التواصل نافدة وإيجابية، تمكن من التنفيذ الملائم للمهام مع الاهداف. فالشرط، لنجاح ذلك هو توفر ديناميكية تواصلية داخلية داخل المؤسسة communication formelle. إن البنية القائمة على التراتبية ذات النظام التقليدي في المؤسسات تحتم على التواصل الرئيسي أن يطبق بطريقة عمودية من الأعلى إلى الأسفل ومن الأسفل إلى الأعلى. وفي هذا السياق يرى Henri Fayel « محدودية التواصل الأفقي، إذ لا يعترف به إلا في حالة الأزمات. فقانون التواصل العمودي يفرض على الفرد أن يتواصل بطريقة رسمية مع رئيسه المباشر، فقط وهذا الأخير بدوره لا يتواصل إلا مع مديره المباشر، وهكذا إلى أن يتم التواصل مع أعلى جهة إدارية للمؤسسة. وتحمل الرسائل في التواصل الرسمي من الأسفل إلى الأعلى مضامين بعينها، كتلك المتعلقة بالمعلومة العادية الروتينية والضرورية لجميع مستويات العمل بالمؤسسة. كما أنها قد تتضمن إجابات الفاعلين عن مختلف الأسئلة المتعلقة بخبراتهم وعن استجاباتهم المرتبطة بتطبيق المهام الموكولة، إليهم وتقاريرهم عن مختلف المشاكل والمعيقات المرافقة» لمراحل التنفيذ ولذا فمن جودة التدبير ذات علاقة قوية بجودة المعلومة الصاعدة وكذا على نجاعة نظام وتنظيم هذه المعلومات. كما أن صعود المعلومة في هذا النمط التواصلي سيمكن من نقل الآراء والاقتراحات، كما سيسمح بالكشف عن مدى رضى وقلق العاملين بالمؤسسة. كما يمكن ان تتحرك المعلومة من أعلى إلى أسفل، وغالبا ما تدور حول طلب معلومة روتينية كالبيانات العامة، والمعطيات الرقمية. والملاحظ أن الحصول على هذه المعلومات مسألة سهلة في المؤسسات العصرية من خلال اعتماد قناة للنظام المعلوماتي الداخلي، كما تحتوي هذه لرسائل مختلف الأوامر والتعليقات والقرارات النوعية الخاصة بالتدابير اللازمة لتحقيق المهام وتضع أيضا مختلف التدابير المؤسساتية، وكذا الشخصية الصادرة عن المؤسسة. نستنتج مما سبق ان هذه التراتبية من أسفل إلى أعلى ومن أعلى إلى أسفل(تركز قنوات التواصل وتعمل على استدامتها وتضمن القدرة على نقل المعلومات الخاصة بكل مستويات وأطراف المؤسسة، وتجسد دينامية التواصل الداخلي وتعزز قنواته وتطورها، باعتباره - أي التواصل الداخلي- أداة ضرورية لتحقيق المهام. وإذا كان التواصل الرسمي شرطا أساسيا لكل تنظيم يدخل في إطار القواعد والقوانين التي تفرضها، وتديرها وتطورها المؤسسة فإن التواصل غير الرسمي communication Informelle يخرج عن هذا الإطار المنظم. ففي التواصل الرسمي يتم مخاطبة وضعية اجتماعية محددة position social ، وليس شخصا معينا. لذا تستعمل قنوات مخصصة لهذا التواصل تبنى الرسائل بواسطة علامات اللغة الرسمية ومكونات المرجع الثقافي للمؤسسة. أما في التواصل غير الرسمي فنحن نخاطب من نشاء، متى نشاء، وحسب نوعية المخاطب. وليس بالضرورة حسب المنصب أو الوظيفة التي يقوم بها. كما نستعمل وسائل لغوية ومكونات مرجعية ورمزية تقدر على أنها الأكثر ملائمة لنوعية العلاقة التي تربطنا بالمخاطب، والمعلومة التي نريد تبليغها. إلا أن الملاحظ على مستوى الواقع والممارسة الموضوعية أنه نادر ما يتوفر تواصل رسمي صرف وبشكل كلي. فكثير ما يكون التواصل داخل المؤسسة رسميا وغير رسمي، يتعلق الأمر فقط بمدى طغيان احد النوعين على الآخر. إن التواصل غير الرسمي يلعب أيضا دورا في سيولة التواصل، وسهولته داخل المؤسسات، على اعتبار أن الأفراد العاملين بها هم قبل كل شيء كائنات إنسانية اجتماعية، وهم بحاجة إلى تعريف وتقييس سلوكاتهم وأفكارهم بطريقة مستقرة. مع كل ما يرتبط بمحيطهم الاجتماعي. والتي انتبهت المؤسسة الحديثة إلى هذه الحاجة المتزايدة لتواصل غير الرسمي عند العاملين بها، وأصبحت تويله اهتماما متناميا، وتعمل على إحداث مناسبات خاصة لبلورته وإشباعه، لأن أي مؤسسة لا يمكنها منع أفرادها من التواصل فيما بينهم بطريقة غير رسمية. لذا عليها أن توفر الفضاءات المناسبة داخل مجال الشغل لإشباع هذا النوع من الحاجة، في مقهى أو مطعم المؤسسة، وخلال لحظات الاستراحة مثلا، أو عند تواجد أفرادها بوسائل نقل المستخدمين أو الأماكن المخصصة للاجتمعلا النقابية. إن عدم الاهتمام بفرص التواصل غير الرسمي، على اعتبار أنه عديم الأهمية بالنسبة للمؤسسة يمكن أن تترتب عنه مشاكل بالنسبة لكل من الأفراد والمؤسسة عموما. فقد ينتج عن ذلك نوع من الاختلاق للمعلومة وتملكها والمساومة بها. لذا يتعين أن تضاعف المؤسسة من - اهتمامها بالتواصل الرسمي وأن تؤمن سيولته ومرونته. وأي نقص في هذا المجال يمكن أن يؤدي إلى مواجهات غير رسمية بين مختلف المعلومات والآراء، وذلك لما تتضمنه قنوات التواصل غير الرسمي من تفسيرات وتحليلات وشائعات. لذا فإن الحل لمواجهة هذا الاختلال يكمن من جهة، في توفير مناسبات التواصل غير الرسمي داخل المؤسسة وكذا العمل على تعزيز وتقوية قنوات التواصل الرسمي. - لابد من توفر شرط تعزيز التواصل الداخلي، حيث ينبغي على كل الأفراد داخل المؤسسة وعلى جميع المستويات توفير الظروف الملائمة لسيرورة واستقرار التواصل الداخلي، اخذا بعين الاعتبار العلاقات الفردية، فعلى المؤسسة أن تعتبر أن كل عامل هو فرد متميز يعمل على تطويره والاهتمام به كما يمكن - واستكمالا لهذا الشرط، للمؤسسة أن توفر الظروف المناسبة لانسجام العاملين وانخراطهم في مشروع مشترك. فلا تواصل بدون تحفيز يجعل الفرد مستعد للتواصل، ولدي الاقتناع والإرادة والقابلية للفهم والاندماج لا يمكن أن يتواصل فرد لا يشعر بالحاجة إلى ذلك، فلابد أن يكون التواصل مصدر إشباع شخصي وأساس انسجام جماعي، لأنه داخل كل فرد توجد مجموعة من التجارب، له رغبة في أن يتقاسمها مع الآخرين عن طريق التواصل. وهو أيضا مصدر انسجام جماعي لانه يسمح بالتعبير والاستماع للآخر، الشيء الذي يعزز الإحساس بالانتماء الى المجموعة. 2-3 أهداف التواصل الداخلي: لا يمكن في الواقع الفصل بين شروط التواصل الداخلي والأهداف المراد تحقيقها إلا فصلا منهجيا وذلك لأنه متى توفرت شروط تواصل فعال وإيجابي، تحققت الأهداف المنشودة. إنما تجدر الإشارة إلى أنه لا توجد قواعد مضبوطة ومحددة ودائمة وصالحة لكل الوضعيات التواصلية standards من أجل تطبيق سياسة تواصلية صالحة، ودائما لجميع المؤسسات والتنظيمات. فكل مؤسسة مطالبة بنوع من الاجتهاد والإبداع لاختيار الشكل المناسب لها لجعل التواصل الداخلي بها مفيدا ويؤثر تأثيرا مباشرا وواضحا أداء كل من الأفراد والتنظيم، ليتحقق هدف بيداغوجي أساسي عند إمكانية توفير جو من التعاون و الحوار، تتقلص فيه الحدود والمسافات بين الرؤساء والمرؤوسين، ويتوفر فيه مناخ إنساني تشاركي، يسمح بالرضى ورفع الأداء. - يسمح التواصل الداخلي بإقرار السياسة الداخلية للمؤسسة المتجلية في مبدأ دمقرطة فضاء الشغل، من حيث الحق في التعبير والحق في الوصول إلى المعلومة. ولقد تحقق هذا الهدف من خلال تشريعين اثنين على الأقل الأول كان ببلجيكا: قانون 1948 من خلال التقارير الحكومية التي قسمت المعلومات إلى معلومات سنوية تسمح بالحصول على تصور محدد عن بنية العمل وتطوره وتصوراته المستقبلية، - معلومة تقدر بعد كل ثلاثة أشهر، تحمل الاحتمالات المستقبلية معلومة المدة، ومعلومة ظرفية تتضمن اخبارات يتعين على العمال الإحاطة بها، كحالات الطرد، والحالات التأديبية، وحالات التشغيل، وبرنامج التكاوين، ومخططات إعادة التأهيل الوظيفية والمهنية، والإخبار بالجديد في سياسة الموارد البشرية، وبالتنظيمات الجديدة الطارئة على الشغل.