أثار الحكم الصادر ضد المدير السابق لفرع مكافحة الإرهاب في الجزائر سخط الصحف والسياسيين الذين نددوا بتصفية حسابات في وقت أصبحت محاربة الإرهاب التي جسدها الجنرال حسان خلال 20 سنة أولوية في كل دول العالم. وتصدر خبر الحكم على المسؤول الأول السابق عن مكافحة الإرهاب أغلب الصحف الجزائرية فعنونت صحيفة الخبر «محاكمة الجنرال حسان تثير «تسونامي» سياسي» وكتبت صحيفة «ليبرتي» «قضية سياسية» و»لوسوار دالجيري» «إدانة مكافحة الإرهاب « أما صحيفة «الوطن» فعنونت «المحاكمة الفضيحة». وصدر الخميس الحكم بالسجن خمس سنوات مع النفاذ على المدير السابق لفرع مكافحة الإرهاب في الجزائر المعروف بالجنرال حسان واسمه الحقيقي عبد القادر آيت واعرابي، بعد محاكمة دامت يوما كاملا وجرت في جلسة مغلقة. ونطقت المحكمة العسكرية في وهران (شمال غرب) برئاسة قاض مدني ومساعدة ضابطين بنفس رتبة المتهم بأقصى عقوبة بالنسبة للجنحتين الملاحق بهما وهما «إتلاف وثائق ومخالفة التعليمات العسكرية». وبما أن القضاء العسكري لا يعطي الحق في استئناف الحكم فإن المحامين قرروا الطعن بالنقض لدى المحكمة العليا مباشرة. ووصف اللواء خالد نزار وزير الدفاع الأسبق الحكم ب»الجريمة والافتراء في حق الجنرال آيت وعرابي وعائلته». وأضاف الرجل القوي في النظام الجزائري بين 1992 و1994 «قساوة الحكم الصادر من المحكمة العسكرية في وهران أدهشتني، حيث محي فجأة كل التاريخ المهني لرجل كرس حياته في خدمة الوطن». والجنرال حسان يبلغ من العمر 68 سنة قضى 51 سنة في الجيش منها 20 سنة في مصلحة التنسيق العملياتي والاستعلام في مكافحة الإرهاب، وهي المصلحة التي كانت تنسق العمل بين جميع الأجهزة المكلفة بمكافحة الإرهاب في الجيش والشرطة والدرك. الحكم الصادر الخميس يعد الأول في حق ضابط رفيع في جهاز الاستخبارات الجزائرية، وقد أحيط ب»التعتيم» ما جعل رئيس حزب طلائع الحريات ورئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس يصف القضية بأنها «وجها من وجوه عملية التطهير السياسي بتهمة اللاموالاة». وأضاف المعارض الشرس للرئيس عبد العزيز بوتفليقة بعدما سانده للوصول إلى الحكم في 1999 «التعتيم الذي يطبع هذه القضية وكذا غياب المعلومات الرسمية بشأنها يؤديان لا محالة وبصفة تكاد أن تكون طبيعية إلى استقراء واشتمام خلفيات غير معلنة ونوايا خفية وتوظيفات لهذا الملف ليست تلك التي وضعت في واجهته». وأحيل الجنرال حسان على التقاعد في 2013 ووضع مباشرة تحت الرقابة القضائية قبل أن يتم توقيفه في غشت الماضي وأعطت إحالته على التقاعد مؤشرا إلى استعادة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة السيطرة على أجهزة الاستخبارات الجزائرية التي كانت تعتبر «دولة موازية». وأكمل هذه السيطرة بإقالة الفريق محمد لمين مدين المعروف بالجنرال توفيق مدير دائرة الاستعلام والأمن (جهاز الاستخبارات) في شتنبر بعد أن قضى 25 سنة على رأس الجهاز. واتهم الجنرال توفيق الذي كان يوصف ب»رب الجزائر» بمعارضته لترشح بوتفليقة لولاية رابعة، فاعتبر جهاز الاستخبارات كسلطة مضادة لسلطة الرئاسة وبالنسبة للواء خالد نزار فإن «الحكم جاء في وقت توجد صراعات بأعلى هرم السلطة منها مرض الرئيس والتسابق المحموم للوصول إلى الحكم وصراع الأجنحة، فالتصريحات والتصريحات المضادة من طرف وآخر دليل على أن شيئا ما ليس على ما يرام في الجزائر». وندد المحامي مقران أيت العربي في بيان نشره في الصحف بانتهاك حقوق الدفاع «ابتداء من إلقاء القبض عليه في بيته خارج القانون إلى النطق بالحكم في جلسة سرية». كما أشار إلى أن أحد الشهود ضد الجنرال «مهر ب كبير ومحل عدة أوامر بالقبض (...) ولكن العدالة العسكرية رفضت استدعاء الفريق توفيق، الرئيس المباشر للمتهم كشاهد أساسي لصالح المتهم». وتابع «وهنا أذكر بكل غضب أن المحاكم العسكرية الفرنسية خلال حرب التحرير كانت تحاكم الثوار الجزائريين، من بينهم البطلة جميلة بوحيرد، في جلسات علنية بحضور الصحافة». واعتبر المحاميان خالد بورايو واحمد توفالي، في رسالة نشراها الخميس، أن إدانة الجنرال حسان «ستكون إشارة لكل الذين حاربوا بكل شراسة الإرهاب الداخلي والعابر للأوطان الذي ضاعف من ضرباته في السنوات الأخيرة.»