أنجز المصريون جمعة غضبهم يوم أمس بتفوق على الإجراءات التي اتخذتها السلطات في محاولة منها لمنع تدفقهم الى الساحات والشوارع عقب صلاة الجمعة. في القاهرة التي شهدت أضخم مظاهرات في الأربعة عقود الماضية، حيث توجه المتظاهرون الى القصر الرئاسي مرددين شعارات تطالب برأس الرئيس حسني مبارك الذي تربع على كرسي الرئاسة منذ أكتوبر 1981 ويعتزم تمديد ولاية جديدة في هذا المنصب. وشهد يوم الغضب أول مبادرة من طرف رجال الشرطة في الانخراط في المظاهرات بعد أن نزع العديد منهم أزياءهم الرسمية وانضموا الى المحتجين مرددين شعاراتهم ومعرضين أجسادهم للرصاص المطاطي والحي وخراطيم المياه التي استعملتها السلطات. في دمياط والمنصورة والاسماعيلية، وحطم المتظاهرون مقرات الحزب الوطني الحاكم .وفي المينيا ودمنهور والزقازيق وكفر الشيخ والفيوم وأسيوط وملوي والقوصية وديروط ومدينة كوم امبو بمحافظة أسوان ترددت نفس الهتافات تطالب مبارك بالتنحي ومغادرة البلاد. وقام المحتجون الذين وصل عددهم الى مئات الالاف بنزع اللافتات التي تحمل اسم الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم من واجهة مقره وحطموها ورفعوا بدلا منها علم مصر. و في الساعات الاولى من يوم أمس، عمدت السلطات المصرية لقطع خدمات الإنترنت والرسائل النصية والهاتف الجوال في خطوة استباقية لمنع المظاهرات التي دعي إليها عبر وسائل الاتصال المختلفة لإحياء ما أطلق عليه اسم «جمعة الغضب». واستهدف هذا الاجراء المناطق التي تجتذب إليها الشباب المتظاهرين. واستخدمت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع والطلقات المطاطية لتفريق المتظاهرين في وسط القاهرة. من جهة أخرى دعا رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشورى العضو البارز في الحزب الوطني الحاكم مصطفى الفقي الرئيس المصري حسني مبارك الى التدخل وإجراء « إصلاحات قوية وغير مسبوقة». وقال الفقي ««لا يمكن للأمن أن يخمد ثورة في الدنيا كلها، الحل الامني وحده ليس كافيا والرئيس وحده ولا احد غيره يستطيع إيقاف ما يحدث». وأضاف الفقي ان المطلوب الآن هو «اصلاحات قوية وغير مسبوقة». وعمت تظاهرات واسعة غالبية احياء القاهرة ومحافظات أخرى الجمعة، مطالبة بإسقاط نظام الرئيس حسني مبارك. في السياق نفسه، كشفت مصادر مقربة من جبهة إنقاذ مصر أن ما لا يقل عن عشرين مصريا قتلوا في مدينة سيناء برصاص الشرطة المصرية، بعد أن حاصرت قوات الأمن المدينة متهمة الشرطة باستخدام الذخيرة الحية. وتشير التقديرات الى انه جرى اعتقال أزيد من الف شخص على الأقل وان العنف المستخدم من قبل الشرطة استهدف ايضا الصحفيين ووسائل الاعلام الاجنبية وليس المتظاهرين المصريين فحسب فضلا عن ان الحكومة تؤكد انها لن تتهاون قيد انملة مع المتظاهرين. وحثت الولاياتالمتحدة الرئيس مبارك صراحة على اجراء اصلاحات سياسية في ضوء الاحتجاجات التي تطالب باسقاطه مغيرة موقفها من حليف عربي رئيسي. أولى الضحايا الذين تم الاعلان عن سقوطهم يوم أمس، كانت فتاة في مقتبل العمر بميدان عبد المنعم رياض القريب من ميدان التحرير بوسط بالقاهرة، أرداها رصاص الشرطة قتيلة ، وأصاب العشرات معها بجروح. المعارض المصري أيمن نور الذي نافس الرئيس حسني مبارك في انتخابات عام 2005 أصيب بدوره في الاحتجاجات ونقل الى مستشفى في القاهرة، فيما تم اعتقال محمد البرادعي دقائق بعد خروجه من صلاة الجمعة بأحد مساجد العاصمة وقد تم الافراج عنه بعد ذلك. وكان البرادعى قد عاد أول أمس الى مصر للمشاركة في جمعة الغضب. المراقبون يتوقعون أن يعلن الرئيس مبارك مساء اليوم أو غدا عن إجراءات سياسية واقتصادية واجتماعية تتمثل في تعديل حكومي وقرارات تتوجه للمواد الاساسية للحد من الغلاء. فيما سيعزز مبارك الشارع المصري بقوات الجيش تحسبا للمزيد من اتساع المظاهرات.