عقد المجلس البلدي لمدينة صفرو «الورشة التشاورية العامة» للمخطط الجماعي للتنمية، وهو المخطط الذي أعدته الجماعة الحضرية لمدينة صفرو، بتعاون مع عمالة إقليمصفرو، و برنامج الحكامة المحلية. والمخطط الجماعي للتنمية هو برنامج للحكامة المحلية اشتغلت عليه المديرية العامة للجماعات المحلية على مستوى 80 جماعة، وتم تعميمه على الجماعات الحضرية و الجماعات القروية التي تعرف كثافة سكانية محددة، يهدف إلى وضع مخطط تنموي متكامل للجماعة، و مدقق على مدى 6 سنوات لا تغطي بالضرورة مدة انتداب المجلس، و هو بالتالي ليس المخطط التنموي للجماعة المنصوص عليه في المادة 36 من الميثاق الجماعي التي تنص على « 1 - يدرس المجلس الجماعي مخطط التنمية الاقتصادية و الاجتماعية للجماعة و يصوت عليه طبقا لتوجهات و أهداف المخطط الوطني.و لهذه الغاية : - يضع برنامج تجهيز الجماعة في حدود وسائلها الخاصة و الوسائل الموضوعة رهن إشارتها . - يقترح كل الأعمال الواجب انجازها بتعاون أو بشراكة مع الإدارة و الجماعات المحلية الأخرى أو الهيئات العمومية». فمخطط التنمية الاقتصادية و الاجتماعية للجماعة، بالرجوع إلى النص المذكور أعلاه، اختصاص ذاتي للجماعة، بينما المخطط الجماعي للتنمية مشروع تشاركي تضعه الجماعة بشراكة مع الأحزاب السياسية و المصالح الخارجية للقطاعات الحكومية و المجتمع المدني و المواطنين ، و يهدف المخطط ليس فحسب إلى وضع مخطط تنموي للجماعة.بل أيضا لجعل الشأن العام شأنا عموميا.و تجديد النخب المحلية و «مأسسة التوافقات المحلية». و المخطط الجماعي للتنمية لبلدية صفرو سبق اقراره بمقرر جماعي تم التداول فيه بالدورة العمومية العادية لشهر أكتوبر الأخير في جلسة سرية، وتمت المصادقة على شراكة لبلورته ما بين الجماعة الحضرية لمدينة صفرو و الوكالة الأمريكية للتعاون الدولي و معهد البحوث المثلثية، و ذلك يوم 05 اكتوبر 2010 ، و أعطيت بعد ذلك صلاحية تنسيق و ضع المخطط للدكتورأحمد بوزيان عن الشريك الأجنبي ، علما بأن هذه الصلاحية تدخل ضمن اختصاصات الكاتب العام للجماعة. فما هي أهم الملاحظات الممكن رصدها في تنزيل المخطط الجماعي للتنمية لبلدية صفرو؟ 1 الملاحظة الأولى تتعلق باتفاقية الشراكة المبرمة مع الوكالة الامريكية للتعاون الدولي المحررة باللغتين الفرنسية و الانجليزية فحسب، في جماعة يسيرها حزب الاستقلال و حزب العدالة و التنمية « المنافحان» عن العروبة و الاسلام و في بلد يقر دستوره على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للمملكة... أية مشروعية لاتفاقية لا تحترم لغة الساكنة؟ 2 من المعلوم أن المقررات الجماعية لا تأخذ طابعها القانوني و التشريعي إلا بعد مصادقة سلطات الوصاية على تلك المقررات.فهل تمت المصادقة من طرف السلطات الوصية على المقرر المتخذ يوم 5 اكتوبر المنصرم؟ و في حال العكس، هل من الممكن العمل بالشراكة؟ و ما سر سكوت وزارة الداخلية عن هذا التجاوز للقانون؟ و ما رأي المجتمع المدني في هذه السابقة؟ 3 حول الاستدعاءات لم تستدع الجماعة الحضرية لمدينة صفرو الأحزاب السياسية لحضور الورشة التشاورية العامة و لا الورشات الموضوعاتية الأخرى، علما بأن الأحزاب السياسية ليست شريكا للجماعة فحسب، بل و للدولة أيضا، سيما في ما يتعلق بتدبير الشأن العام خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار الشعارات الكبرى المروج لها، خصوصا المفهوم الجديد للسلطة و التناوب ..الخ. هذا و يلاحظ على السياسة الخارجية للولايات المتحدةالأمريكية التي بقدر ما تتدخل في السياسات المحلية للدول، تحاول خلق نخب جديدة تتجاوز بها النخب السياسية. من جهة ثانية، اعتمدت الجماعة في استدعائها لشركائها في المخطط الجماعي للتنمية، على السلطة المحلية ليس في تبليغ دعوات المشاركة ، بل و في استدعائهم أيضا، و ذلك حسب ما صرح به أعضاء من تسيير الجماعة.فالسلطة المحلية هي التي مدت الجماعة بلائحة محينة للجمعيات، و هي اللائحة التي تم إغناؤها من طرف ممثلي المجتمع المدني، و هو قول مردود لما يلي: أ ليست هناك أية جهة يمكنها قانونا و واقعا أن تدعي تمثيليتها للمجتمع المدني بمدينة صفرو.فكما أنه ليس هناك حزب وحيد، فليست هناك جمعية واحدة. والقانون واضح في هذا المجال، وإذا كنا لا نجادل في حق بعض «الجمعيات المستنسخة» في أن تتكتل فيما بينها ، فهذا حق يكفله القانون، فإنه لا يحق لهذه الجمعيات أن تدعي احتكارها الحديث باسم الجمعيات.فهي لا تمثل إلا نفسها . ب لا نعتقد في أهلية السلطة المحلية لإسباغ الصفة القانونية على جمعية و حجبها عن أخرى.و الظهير المنظم لتأسيس الجمعيات لم يفوض لها و لا لتابعيها ( ونقصد هنا المخزن الجمعوي) مناقشة مدى قانونية الجمعيات.فهذا اختصاص واضح للنيابة العامة بنص صريح. 4 أرسلت الجماعة الدعوة لحضور أشغال الورشة التشاورية العامة مرفقة باستمارة معنونة ب «كيف نبني مستقبل صفرو 2030» و ورقة تتضمن مجموعة معطيات منوغرافية حول مدينة صفرو، حسب المراسلة المومأ إليها آنفا ، و هي المعطيات التي تثير تساؤلات حول مدى صدقيتها، فكما يعلم الجميع لا تتوفر مدينة صفرو سوى على فندق واحد، فأحرى الحديث عن فندقين مصنفين! و بالرجوع إلى الورقة المتضمنة للمعطيات المونغرافية، يلاحظ أن معديها قد مارسوا تأويلا مغرضا للمادة 36 من الميثاق الجماعي، التي تتحدث ، كما أسلفنا، عن مخطط التنمية الاقتصادية و الاجتماعية للجماعة، و ليس المخطط الجماعي للتنمية، و كان حريا بمعدي الوثيقة أن يعلنوا انخراطهم في الشراكة المبرمة بين المديرية العامة للجماعات المحلية و الوكالة الامريكية للتعاون الدولي و المتعلقة بالمخطط الجماعي للتنمية و استراتيجية التنمية الحضرية من جهة .و من جهة ثانية كان حريا بهم إيلاء المجتمع المدني مكانته الحقيقية عوض تقزيم دوره و تحجيمه و حصر مجال فعاليته في ورشة واحدة من الورشات الموضوعاتية ، وهو ما يعكس بجلاء نظرة القائمين على الشأن المحلي بمدينة صفرو للجمعيات ودورها في «تأثيث» الفضاءات التداولية و شرعنة القرارات السياسية. إن المعطيات المونغرافية المثبتة في الورقة المذكورة تعبر عن وجهة نظر محرريها و مخالفة لواقع المدينة، فعلى سبيل المثال تجمع كل التقارير التي صدرت بمناسبة الهزة الاجتماعية ل 23 شتنبر 2007 ، على أن مدينة صفرو تعاني من الهشاشة المتجلية في اتساع رقعة الفقر و الارتفاع المهول في عدد العاطلين و المعطلين، بيد أن معدي الورقة يدعون أن معدل الفقر بالمدينة هو أقل من المعدل الوطني ، و أن معدل السكان النشيطين كذلك، و هي معطيات يكذبها واقع الحال! كذلك تقدم الورقة فائض الميزانية و كأنه نقطة قوة، و الحال أنه من الممكن اعتبار فائض الميزانية نقطة ضعف و مؤشرا لعجز الجماعة عن تحقيق برنامجها و سوء تقدير لمجالات تدخلها، و ليس ترشيدا للنفقات،علما بأن الفائض المتحدث عنه في الورقة ليس الفائض التوقعي، و إنما الفائض الناتج عن عدم استخدام بعض فصول الميزانية الجماعية. 5 برنامج الحكامة المحلية للوكالة الأمريكية للتعاون الدولي، و الذي يتولى معهد البحوث المثلثة تصريفه يتوقع نهايته مع 2010 . فأية آفاق ممكنة للمخطط الجماعي للتنمية، خاصة و أن الأمريكان هم المتحكمون في البرنامج زمنيا؟ يفضل الأمريكان أن يكون المخطط جاهزا مع نهاية شهر يناير 2011 ، مما يجعل شروط «طبخ المخطط على نار هادئة» أمرا جد مستبعد، و بالتالي عوض أن يكون المخطط الجماعي للتنمية لبلدية صفرو إنتاجا جماعيا يقوم على التدبير التشاركي بما هو(أي التدبير التشاركي ) وسيلة لتلاقح التجارب و بوتقة لتجديد النخب ومختبر لحكامة مغايرة، سيتولى الخبراء و«العالمون» بلورة المخطط و سيساهم «المجتمع المدني» في النقاش، وسيعكس المخطط وجهة نظر الخبراء و من وراءهم الذين سيزعمون تضمين مقترحات المجتمع المدني و المواطنين و الأعيان و..و...ضمن المخطط الجماعي للتنمية،و تضيع المدينة فرصة أخرى للتصالح مع محيطها و أبنائها.