تميزت المشاركة المغربية في المعرض الدولي للسياحة بإسبانيا «فيتور 2011» بالإعلان عن مطمح جلب مليون سائح إسباني في أفق سنة 2013، وباستثناء ذلك فإن المشاركة في أحد أكبر المعارض السياحية بالعالم لم تحمل أي جديد ولم تخرج عن المألوف. تميزت المشاركة المغربية في المعرض الدولي للسياحة بإسبانيا «فيتور 2011» بالإعلان عن مطمح جلب مليون سائح إسباني في أفق سنة 2013، وباستثناء ذلك فإن المشاركة في أحد أكبر المعارض السياحية بالعالم لم تحمل أي جديد ولم تخرج عن المألوف. الطموح المغربي الوارد على لسان المدير العام للمكتب الوطني المغربي للسياحة عبد الحميد عدو، بمناسبة انعقاد معرض فيتور بالعاصمة الإسبانية مدريد ما بين 19 و 23 يناير الجاري، لا يخرج في الواقع عن النهج المعتمد في التعاطي الرسمي مع الإستراتيجيات السياحية والذي حال دون بلوغ أهداف استراتيجية 2010 القائمة على جلب 10 ملايين سائح. من المحقق أن كل الفرص متاحة لتحويل المغرب إلى وجهة سياحية مفضلة من طرف الإسبانيين، فالبلدان مرتبطان بعدة رحلات جوية نظامية وغير نظامية، وهما مرتبطان كذلك بعدة خطوط بحرية تقل مدة الرحلة في بعضها عن ساعة واحدة، والبلدان معا تربطهما علاقات متنوعة ومصالح متبادلة ليس من مصلحة أي منهما التفريط فيها أو التقليل من أهميتها، ولذلك فإن الدفاع عن هذه المصالح يقتضي من السياسيين والدبلوماسيين ورجال الأعمال الإسبانيين التنقل باستمرار إلى المغرب، وقد لا نكون مبالغين إن نحن لاحظنا بأن مجرد استحواذ شركات إسبانية على النقل الطرقي للمسافرين والبضائع بين البلدين، يرفع من عدد السياح المسجلين في الاحصائيات الرسمية. فالسائق الإسباني الذي يعبر الحدود المغربية يعتبر سائحا حتى لو كان من الذين يستغنون عن خدمات الفنادق والمطاعم المصنفة طيلة إقامته بالمغرب. إن التعامل مع السياحة بمفهومها الترفيهي والثقافي يدفع إلى التساؤل عما إذا كان ارتفاع عدد السياح الإسبانيين من 500 ألف سنة 2008 الى 740 ألف سنة 2010 يعود إلى الأنشطة السياحية الصرفة أم إلى تعدد الملفات السياسية والاقتصادية، فإسبانيا التي تتوفر في المغرب على تمثيلية دبلوماسية هامة وعلى استثمارات في العديد من القطاعات الإنتاجية والخدماتية، بما فيها القطاع الفلاحي والصيد البحري اللذان يؤمنان مبادلات تجارية تفرض تعدد التنقلات في كلا الاتجاهين. المشاركة في معرض فيتور السياحي مهمة، ولكنها ليست هدفا في حد ذاتها، وحتى القول بأن نتائج المشاركة في معرض ما لا تظهر إلا بعد مرور عدة سنوات لم يعد مقبولا مادام أن المغرب شارك باستمرار في جل المعارض السياحية العالمية دون أن تظهر نتائج هذه المشاركة بشكل جلي في النتائج المحققة. لقد دخل المغرب مرحلة الاستعداد لتنفيذ المخطط الإستراتيجي الرامي إلى جلب 20 مليون سائح في أفق 2020، وقد بات من الواضح أن كل المستجدات المسجلة في المنطقة تساعد على تحويل المغرب إلى وجهة سياحية عالمية، وتساعد بشكل أكثر على جلب المزيد من السياح الإسبانيين والمزيد من السياح الأجانب الذين يقضون عطلهم في إسبانيا، فإذا كان المغرب يعاني من ضعف نسبة امتلاء الفنادق والمطاعم المصنفة، فإن إسبانيا غالبا ما تعاني من استحالة فتح المزيد من المنتجعات في المناطق السياحية وخاصة منها سواحل البحر الأبيض المتوسط. وبعد أن دخل ميناء طنجة المتوسطي مرحلة التشغيل، فقد بات من المؤكد أنه سيساهم بشكل جلي في رفع عدد العابرين للنقطة الحدودية المقامة به حتى ولو تم الاستغناء عن خدمات المكتب الوطني المغربي للسياحة. التعامل الموضوعي مع المشاركة المغربية في المعارض الدولية للسياحة يقتضي منا الانطلاق من كون العارضين المغاربة لا يحملون نفس الهم الذي يحمله المسؤولون عن تنفيذ المخطط الاستراتيجي، فما يهمهم هو البحث عن الزبناء الذين يرفعون نسب الامتلاء في الطائرات والبواخر والفنادق بغض النظر عما إذا كانوا أجانب يزورون المغرب أو مغاربة يسافرون إلى الخارج. وإذا كان من المفيد أن يقوم المكتب بتسهيل مهامهم من أجل بلوغ أهدافهم مادام انها تصب ضمنيا في المخططات الإستراتيجية، فإن الأهم هو أن يبدع المكتب في توفير الحلول الملائمة لجلب السياح الأجانب ولتحفيز مغاربة الخارج على قضاء عطلهم في أرض الوطن ولتشجيع مغاربة المغرب على تخصيص قسط من نفقاتهم السياحية التي تصرف بالعملة الصعبة في الاستمتاع بما يزخر به الوطن من ثروات طبيعية خلابة، فالأمر لا يتعلق بالملايين التي تفتقر إلى الدلالة، وإنما يتعلق بتأهيل قطاع ليقوم فعلا بدوره كقاطرة اقتصادية واجتماعية لم يعد من حق المغرب الاستغناء عنها.