لا يكاد وهج الحديث عن ظاهرة التحرش بالفتيات والنساء في الشارع او أماكن العمل ان يخف حتى يعود الموضوع الى الواجهة من جديد، فرغم التطورات المدنية والحقوقية التي يعرفها المغرب، إلا ان ظاهرة التحرش او «المعاكسة» كما يسميها البعض مازالت حاضرة وبشكل كبير خصوصا في بعض الشوارع والاحياء الشعبية، اذ تجد الفتاة صعوبة في التصدي لبعض المواقف او الرد واللجوء الى المحاكم من اجل مقاضاة من يتطاول على حريتها، في ظل غياب مرجع قانوني واضح يكفل حقوقها، فبالرغم من تضمن مسودة القانون الجنائي الجديد لبند يجرم التحرش بشكل صريح، في المادة 503 التي تنص على معاقبة مرتكبي التحرش الجنسي بالحبس لمدة تصل لثلاث سنوات وغرامة مالية تصل الى 50000 درهم، إلا ان هذه القوانين لم يصادق عليها بعد، وهو ما ساهم في استمرار الظاهرة في ظل منظومة اجتماعية يسيطر فيها الرجل لا يكاد وهج الحديث عن ظاهرة التحرش بالفتيات والنساء في الشارع او أماكن العمل ان يخف حتى يعود الموضوع الى الواجهة من جديد، فرغم التطورات المدنية والحقوقية التي يعرفها المغرب، إلا ان ظاهرة التحرش او «المعاكسة» كما يسميها البعض مازالت حاضرة وبشكل كبير خصوصا في بعض الشوارع والاحياء الشعبية، اذ تجد الفتاة صعوبة في التصدي لبعض المواقف او الرد واللجوء الى المحاكم من اجل مقاضاة من يتطاول على حريتها، في ظل غياب مرجع قانوني واضح يكفل حقوقها، فبالرغم من تضمن مسودة القانون الجنائي الجديد لبند يجرم التحرش بشكل صريح، في المادة 503 التي تنص على معاقبة مرتكبي التحرش الجنسي بالحبس لمدة تصل لثلاث سنوات وغرامة مالية تصل الى 50000 درهم، إلا ان هذه القوانين لم يصادق عليها بعد، وهو ما ساهم في استمرار الظاهرة في ظل منظومة اجتماعية يسيطر فيها الرجل. كابوس يومي تحكي ليلى شوجار طالبة جامعية تشتغل بأحد مراكز الاتصال بفاس قصتها مع «المعاكسة» بشكل يومي، افكر يوميا قبل ان تطأ قدمي عتبة المنزل في كم الكلمات النابية التي من المرجح ان اسمعها خلال اليوم و اثناء انتظار الحافلة او سيارة الاجرة... اصبح الامر بالنسبة لي يشكل عبئا نفسيا خصوصا انني في بعض الاحيان لا استطيع الصمت امام بعض العبارات التي تمس بكرامتي وتحد من حريتي فأدخل في مشادة كلامية لا تنتهي، لا افهم كيف لشخص ان يتلفظ بكلمات نابية في أذن فتاة منتظرا منها ان تتجاوب معه، ان الامر مستفز جدا بالنسبة لي تضيف ليلى. طريقة اللباس اما كوثر الطيبي خريجة المعهد الوطني لتكوين الاطر فتعتبر ان ظاهرة التحرش الجنسي من بين الظواهر المستفحلة في المغرب بالخصوص، فهي تمس بالدرجة الأولى الإنسانية وجسم المرأة بالدرجة الثانية الذي يعتبره البعض محطة لإفراغ المكبوتات الجنسية بحجة المظهر العام للأنثى تقول كوثر التي تنحدر من مدينة وجدة، وتضيف ان طريقة اللباس او المظهر العام للأنثى لا يعتبر معيارا نقيس به الاحترام، اذ تعتبر ان التحرش الجنسي له علاقة بالنظرة التي يرى بها الرجل المرأة والتي تنحصر فقط في زاوية إشباع الحاجيات الجنسية. وترى كوثر ان من ببن الاسباب والدواعي التي ساعدت على توغل هذه الظاهرة بشكل مخل للأخلاق ومحرج للحريات الفردية التي تعتبر شيئا مقدسا يجب عدم المساس به حسب رأيها، هو عدم وجود قوانين صارمة تجرم هدا الفعل، قابلة لتنزيلها وتفعيلها ضمن قوانين العقوبات كما هو الشأن في شتى انحاء العالم، كما قد يكون من بين الأسباب نوع التربية المتلقاة في الأسرة والمحيط الذي تأثر به المتحرش والظروف القاسية التي عاشها والمكبوتات الجنسية التي غرست فيه منذ الصغر ، تضيف كوثر، معتبرة ان الظاهرة تستدعي دراسة علمية نفسية، لمعالجتها والتصدي لها حيث ترى ان من بين الحلول الناجعة والفعالة إيجاد قانون صارم يجرم التحرش الجنسي يندرج ضمن قانون العقوبات بشكل واقعي وملموس. عقدة نقص.. صلاح الوردي شاب ينحدر من مدينة الدارالبيضاء، يرى أن ظاهرة التحرش تشكل تجنيا كبيرا على حرية الفتاة، وظلما اجتماعيا تساهم فيه طريقة التنشئة التي تعطي حرية اكبر للرجل باعتباره راجل «قاد براسو»، اما الفتاة فيتم الحد من حريتها خوفا من كلام الناس او ايمانا بكون مكانها الطبيعي هو بيت الزوجية، ويضيف صلاح الذي يشتغل كمهندس معلوميات، ان فكرة «المعاكسة» او التحرش تأتي من كون الرجل يشعر بالتهديد من طرف الانثى عندما تتقاسم معه بكل حرية مكانا ظل لفترة حكرا عليه، والمقصود هنا الشارع او مكان العمل، فبالرغم من كل الانجازات التي حققتها المرأة في جميع المجالات الا ان عقدة النقص الذي تربى عليه بعض الرجال تجعلهم لا يرون في المرأة الا ذلك الكائن الصالح فقط للبيت والزواج، وبالتالي فكل تواجد خارج هذا الاطار يستدعي التطاول والتحرش في بعض الاحيان كنوع من الانتقام وليس بسبب استفزاز الطرف الآخر او طريقة لباسه، يضيف صلاح. الصمت و تفشي الظاهرة اسماعيل اليعقوبي طالب بالمعهد العالي للتكنولوجيا التطبيقية، يرى ان التحرش موجود بشكل كبير وان الامر لا يقتصر على الفتيات فقط، فهناك شباب ايضا يتعرضون للتحرش الا ان الامر لا يثار اعلاميا بشكل كبير حسب رأيه، مضيفا ان بعض الفتيات يتعمدن الاستفزاز والاثارة، الا ان الامر لا يبرر «المعاكسة» او التحرش بهن او التعدي على حريتهن، «فأنا مؤمن بأن لكل شخص الحق في التصرف كيفما شاء وارتداء ماشاء شرط الا يمس بحرية الأخرين» يقول اسماعيل، معتبرا ان الصمت الذي تلجأ له الفتاة خوفا من نظرة المجتمع هو ما يجعل المشكل يتفاقم ، اذ يحصل المتحرش على فرص اخرى تمكنه من الاستمرار في تصرفاته الشاذة. مصطفى الشكدالي: «الذكر في مجتمعاتنا تربى على الجهر برغباته الجنسية» يرى مصطفى الشكدالي استاذ باحث في علم النفس الاجتماعي بخصوص موضوع التحرش في علاقته باللباس، انه يجب أولا أن نحدد مفهوم التحرش الذي لا يمكن الحديث عنه إلا في علاقته بالسلطة كالأستاذ والطالبة والمدير والموظفة... أما ما نراه في الشارع فهو أقرب للمعاكسة، مضيفا ان الذكر في مجتمعنا تربى على الجهر برغباته الجنسية ليكون «فحلا» لذلك فهو يُعبر عن ذلك بالكلام والمعاكسة، أما بالنسبة للأنثى فهي تُعبر عن رغباتها بلغة الجسد بما فيها اللباس، كما يرى ان المسألة مرتبطة بالتربية الجنسية في العمق وبأشكال الخطاب المختلفة ما بين الرجل وبين المرأة، فالرجل عندما يريد ان يعبر عن رغباته الجنسية يستعمل الكلام المنطوق، لان تربيته هي التي أعطته هذه الطريقة في التعبير، بينما المرأة لا تعبر عن ذلك لأنها تربت على الحفاظ على العذرية، مضيفا أن المشكلة لها علاقة وطيدة بالتنشئة الاجتماعية التي تقول للرجل كن فحلا وتقول للمرأة حافظي على عذريتك، مؤكدا أن بين الشيء ونقيضه يمكن التحرش. كما يعتبر الشكدالي ان المغزى من المعاكسة هو محاولة جس النبض ومعرفة ما اذا كان الطرف الآخر لديه رغبة وتبادل للاعجاب، مضيفا انه لا يُمكن فهم ما يجري حاليا بخصوص هذا الموضوع إلا بربطه بالتحولات القيمية التي يشهدها المجتمع حيث الصراع دائم بين القديم والجديد.