هناك إجماع عام محلي ، يكاد يكون وطنياً ، على أن الدارالبيضاء تعيش أزمة حكامة محلية أضحت ظاهرة للعيان، إلا أنه في ساعة الحسم يتنصل الفرقاء من مسؤولياتهم تجاه البيضاويين. فمن تداعيات الدورة الاستثنائية التي لم تكتمل، والتي كانت ستناقش مخلفات الأمطار التي حولت الدارالبيضاء إلى «بركة مائية» ومسؤولية شركة ليدك فيما وقع، شروع مستشارين بمجلس المدينة في طرح مشكل الحكامة، بشكل من الأشكال، بعد أن أيدوا في غالبيتهم، توقيف الدورة التي عقد عليها البيضاويون آمالا كبيرة! فقد علمنا أن مستشارين منتمين إلى أغلبية ساجد، أصبحوا يهددون بالخروج إلى المعارضة، «ما لم يلتحقوا بالتسيير الفعلي»، بل إن ممثليهم في المجلس، هم بصدد المطالبة بعقد دورة استثنائية، من أجل «دراسة موضوع الأراضي غير المحفظة، والمخصصة للمقابر والأضرحة والأراضي غير المحفظة المسترجعة، سواء تلك التي خصصت للفلاحة أو المقالع»، والتي يتهافث عليها اليوم بعض المنعشين العقاريين بطرق ملتوية، وقدر هؤلاء بأنه في مقاطعة واحدة توجد 40 هكتاراً، من هذه الأراضي، دون الحديث عن باقي المقاطعات، في الوقت الذي تتحدث فيه وزارة الإسكان عن انعدام أراض بالمدينة لإيواء القاطنين بالسكن غير اللائق، ويعد هذا الموضوع «قنبلة موقوتة» مسكوتا عنها ! وإذا كانت المطالبة بمناقشة هذا الموضوع، خطوة محمودة، فقد كان على هؤلاء المستشارين طرح مشكل ليدك، نظرا للقواسم المشتركة التي لها مع «المنهشين» العقاريين و بعض المستشارين، الذين يريدون الحفاظ على ماء وجه الشركة لغرض في نفس ساجد! ومن جانبهم، اشتكى مستشارون يعتبرون الحلفاء الأولون لساجد. لمسؤوليهم الوطنيين، يوم الجمعة الماضي، كونهم مهمشين في التسيير الحالي وأن ممثلهم في المكتب يساير رئيسه أكثر من حزبه، وطرحوا على مسؤوليهم «أفكاراً حول تحسين أداء المجلس وبعض الحلول، لإخراج المجلس من المأزق الذي يعيشه، خصوصاً في ظل العقم الذي يعانيه التدبير الحالي لشؤون المدينة». ولإسكات جزء من المعارضة داخل المجلس، لجأ ساجد إلى «تاكتيكه» المعهود، بإرسال «مبعوثين» إلى بعضهم، مقترحاً عليهم المشاركة في المسؤولية! مع العلم أن ساجد وأصدقاءه هم الذين «تناوروا» على هذا الطرف خلال عملية تشكيل المكتب ليسقطوا أعضاءه من الحساب، رغم أن الاتفاق تم بين الأمناء العامين للحزبين ولأحزاب أخرى! فهل هي خطوة نحو العد العكسي لممثي حزب العدالة والتنمية في أفق التنحية من المسؤولية وتعويضهم؟ أم هي مجرد «مناورة» لوقف اجراءات دعوى قضائية يعتزموا المستشارون المعنيون الذين اجتمعوا يوم الجمعة الماضي رفعها ضد ساجد بخصوص خرقه للقانون من خلال عدم إتمامه للدورة الاستثنائية الأخيرة، وكذا الدعوى القضائية التي سيرفعونها بخصوص رفض ساجد انتخاب لجنة التتبع لشركة ليدك، وكذا اعتزامهم المطالبة بالتصويت السري في دورة الحساب الإدارى المقبل ، مع اعتماد الافتحاص لهذا الحساب ، الذي عادة ما يمرر بطريقة ملتوية؟ كل هذه المستجدات، تبقى بطبيعتها، لا ترقى الى انتظارات الساكنة البيضاوية التي تتوخى «حكامة محلية» في مستوى «ميتروبول» يضم 4 ملايين نسمة، يتوقون الى مجلس يستشرف المستقبل له أجندة حلول للإشكالات الكبرى التي تعرفها المدينة، كمشكل النقل والتنقل والبنيات التحتية والسكن غير اللائق والنظافة وغيرها من الخدمات البلدية ، مع تفعيل مشروع ثقافي لمدينة الإسمنت ، و«منظور» رياضي وشبابي يمكن الشباب والصغار من فضاءات في المستوى، مع رسم خريطة لمدينة مستقبلية تهم الفضاءات التي ستفتح للتعمير كي لا تعاد الأفعال المشبوهة والأخطاء التي طالت العديد من مجالات المدينة. لكن هل كل هذا ممكن في ظل «الحكامة الحالية»، وفي ظل تضارب مصالح مسؤولين في المدينة هم أنفسهم «منهشون عقاريون»؟!