أصبحت ألسنة اللهب بمثابة العدوى التي لم تقف حدودها عند محمد البوعزيزي، الشاب التونسي الذي أشعل شرارة الاحتجاجات التي أطاحت بنظام بنعلي، بل تواصل مشهد إقدام عدد من الأشخاص على سكب البنزين على أجسادهم وإيقاد النيران فيها بعدد من الدول، من بينها الجزائر ومصر. ففي الجزائر بلغ عدد حالات محاولات الانتحار حرقا في الأيام الأخيرة ثمان ، منها حالة بائع متجول أب لستة أبناء حاول إضرام النار في جسده احتجاجا على محاولة شرطي منعه من عرض بضاعته في السوق، لكن المحيطين به نجحوا في منعه من ذلك. أما مصر فقد شهدت نحو 5 محاولات لحرق الذات، من بينها حالة مواطن حاول إضرام النار في نفسه وفي 14 فردا من أبنائه وأحفاده، لولا تدخل الجيران، وهي الخطوة التي أقدم عليها احتجاجا على قرار إداري يقضي بإفراغ حوالي 120 أسرة بالقوة العمومية من المنازل المتداعية للسقوط التي تقطن بها. في حين شهدت القاهرة محاولة أخرى ، أقدم عليها شاب لعجزه عن توفير مسكن عقب زواجه . إن التواتر هذا لإقدام مواطنين عرب على التضحية بحياتهم، آخر ما تبقى لهم، لأسباب اجتماعية ، يطرح سؤال الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والتوزيع العادل للثروات. وهو سؤال لا بد من الجواب عنه عمليا، وليس بالخطب والوعود و»الصدقات» و»الهبات» التي قد تؤدي بالشعوب العربية، رغم فتوى الأزهر، الى التضحية بأحد الحقوق النادرة المتوفرة لأبنائها: الحق في الحياة.