في الوقت الذي تواجه شركة »سمير« لتكرير البترول اليوم صعوبات مالية جدية، فإن تاريخ هذه الشركة لا يمكن فصله عن تاريخ الاستقلال السياسي والاقتصادي للمغرب، فقد تأسست »سامير« ما بين 1958 و1961 من أجل مساعدة المغرب على بلوغ استقلاله الاقتصادي. غداة إعلان استقلال المغرب، تم تأسيس الشركة المغربية الايطالية للتكرير (شركة مجهولة) بشراكة بين المكتب الوطني الايطالي للمحروقات (ENI) والدولة المغربية، آنذاك كانت الشركة الايطالية (ENI) تقترح شراكات على الدول المتحررة حديثا من الاستعمار: 50% بالنسبة للدولة المعنية و50% بالنسبة للشركة الايطالية، وقد كانت هذه الشراكة منصفة بالمقارنة مع ما كانت تقترحه الشركات البترولية الأخرى (15% بالنسبة للدولة و85% بالنسبة للشركة). في سنة 1958 وقع المرحوم عبد الرحيم بوعبيد، وكان وقتها وزيرا للاقتصاد الوطني والفلاحة في حكومة أحمد بلا فريج، وقع الاتفاق الذي سيؤدي في ما بعد إلى تأسيس شركة »SAMIR« وبذلك أصبح المغرب البلد الوحيد غير البترولي الذي يتوفر على محطة للتكرير من بين دول العالم الثالث. في يونيه 1962 سجل العالم بإعجاب وحماس أن »المغرب أصبح يتوفر على محطة مهمة لتكرير النفط أكمل بناءها سنة 1961 في زمن قياسي، وقد ولدت (الشركة المجهولة المغربية الايطالية للتكرير (SAMIR) بمبادرة مشتركة لمكتب الدراسات والمساهمات الصناعية (BEPI) والشركة الايطالية التابعة للمكتب الوطني الايطالي للمحروقات (ENI) بقيادة رئيسها انريكو ماتيي (ENRICO MATTEI. وقد كتبت صحيفة لوموند دبلوماتيك أن »موقعها الجيد والتصور العصري لسلسلة العمليات والحلول التقنية المعتمدة في البناء، تضع "لاسمير" »في مستوى أفضل الانجازات التقنية الدولية في مجال البترول«. ولكن ما الذي دفع المكتب الوطني الايطالي للمحروقات (ENI) لقبول هذه الشراكة؟ الجواب يكمن في أن مؤسس الشركة الايطالية إنريكو ماتيي كان من المناصرين لدول العالم الثلاث ولا يتردد في الانتقاد والتنديد بالنهج الاستعماري للشركات البترولية العالمية آنذاك والتي كان يسميها »الاخوات السبع«. كما أن السيد انريكو ماتيي كان يساند ويدعم جبهة التحرير الوطني خلال حرب التحرير الجزائرية وهو ما جعل المنظمة المسلحة السرية (GAS) التي كانت تريد بقاء الجزائر فرنسية، تهدده بالقتل. مواقف السيد ماتيي وكذلك المنافسة الشرسة التي كانت يقودها تجاه الشركات البترولية الأخرى كلفته حياته حيث تمت تصفيته يوم 27 اكتوبر 1962 في عملية اغتيال تم تغليفها في حادث طائرة ولحد الآن لا يزال منفذو عملية اغتيال مايتي مجهولين حتى الآن.