من تندرارة إلى الناظور.. الجهة الشرقية في قلب خارطة طريق الغاز بالمغرب    هولندا.. تحقيقات حكومية تثير استياء المسلمين بسبب جمع بيانات سرية    شبكات إجرامية تستغل قاصرين مغاربة في بلجيكا عبر تطبيقات مشفرة    هولندا تقرر تمديد مراقبة حدودها مع بلجيكا وألمانيا للتصدي للهجرة    تصفية حسابات للسيطرة على "موانئ المخدرات" ببني شيكر.. والدرك يفتح تحقيقات معمقة    أخنوش يمثل أمير المؤمنين في مراسم جنازة البابا فرانسوا    البرغوثي في مؤتمر الPJD: استشهد أو جرح من سكان فلسطين 10%... تخيلوا أن يحدث ذلك لدولة عربية    بنهاشم يقود أول حصة تدريبية للوداد    تتويج الفائزين في مباريات أحسن رؤوس الماشية ضمن فعاليات المعرض الدولي للفلاحة بالمغرب 2025    كرانس مونتانا: كونفدرالية دول الساحل تشيد بالدعم الثابت للمغرب تحت قيادة الملك محمد السادس    المغرب يحرز 5 ميداليات منها ذهبيتان في اليوم الأول من النسخة ال46 لبطولة إفريقيا للجيدو    جلالة الملك يهنئ رئيسة جمهورية تنزانيا المتحدة بالعيد الوطني لبلادها    بدء مراسم تشييع البابا فرنسيس في الفاتيكان    اعتذار على ورق الزبدة .. أبيدار تمد يدها لبنكيران وسط عاصفة أزمة مالية    ولاية أمن الدار البيضاء توضح حقيقة فيديو أربعة تلاميذ مصحوب بتعليقات غير صحيحة    ماذا يحدث في بن أحمد؟ جريمة جديدة تثير الرعب وسط الساكنة    مناظرة تحدد ملامح جمهور المستقبل    بنكيران: لا أرشح نفسي لقيادة "العدالة والتنمية" .. والقرار بيد المؤتمرين    المرتبة 123 عالميا.. الرباط تتعثر في سباق المدن الذكية تحت وطأة أزمة السكن    انطلاق المؤتمر الوطني التاسع ل"البيجيدي" وسط شعارات تطالب بإسقاط التطبيع    المعرض الدولي للنشر والكتاب يستعرض تجربة محمد بنطلحة الشعرية    لقاء يتأمل أشعار الراحل السكتاوي .. التشبث بالأمل يزين الالتزام الجمالي    الشافعي: الافتتان بالأسماء الكبرى إشكالٌ بحثيّ.. والعربية مفتاح التجديد    شوكي: "التجمع" ينصت إلى المواطنين وأساسه الوفاء ببرنامجه الانتخابي    المنتخب الوطني لأقل من 20 سنة يبدأ تحضيراته الأخيرة لكأس إفريقيا بمصر    توقعات أحوال الطقس لليوم السبت    مصدر أمني ينفي اعتقال شرطيين بمراكش على خلفية تسريب فيديو تدخل أمني    كيوسك السبت | القطب المالي للدار البيضاء الأول إفريقيا وال 50 عالميا    فليك: الريال قادر على إيذائنا.. وثنائي برشلونة مطالب بالتأقلم    سيرخيو فرانسيسكو مدربا جديدا لريال سوسييداد    مؤتمر البيجيدي: مراجعات بطعم الانتكاسة    الصين تخصص 6,54 مليار دولار لدعم مشاريع الحفاظ على المياه    الهلال السعودي يبلغ نصف نهائي نخبة آسيا    فعاليات ترصد انتشار "البوفا" والمخدرات المذابة في مدن سوس (فيديو)    وثائق سرية تكشف تورط البوليساريو في حرب سوريا بتنسيق إيراني جزائري    الجهات تبصِم "سيام 2025" .. منتجات مجالية تعكس تنوّع الفلاحة المغربية    من فرانكفورت إلى عكاشة .. نهاية مفاجئة لمحمد بودريقة    أخنوش يمثل جلالة الملك في جنازة البابا فرانسوا    مجلس جهة طنجة يشارك في المعرض الدولي للفلاحة لتسليط الضوء على تحديات الماء والتنمية    جريمة مكتملة الأركان قرب واد مرتيل أبطالها منتخبون    الأخضر ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    قطار التعاون ينطلق بسرعة فائقة بين الرباط وباريس: ماكرون يحتفي بثمرة الشراكة مع المغرب    العالم والخبير في علم المناعة منصف السلاوي يقدم بالرباط سيرته الذاتية "الأفق المفتوح.. مسار حياة"    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    متدخلون: الفن والإبداع آخر حصن أمام انهيار الإنسانية في زمن الذكاء الاصطناعي والحروب    مذكرة السبت والأحد 26/27 أبريل    مهرجان "كوميديا بلانكا" يعود في نسخته الثانية بالدار البيضاء    على حمار أعْرَج يزُفّون ثقافتنا في هودج !    الملك يقيم مأدبة عشاء على شرف المدعوين والمشاركين في الدورة ال 17 للملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب    الرباط …توقيع ديوان مدن الأحلام للشاعر بوشعيب خلدون بالمعرض الدولي النشر والكتاب    كردية أشجع من دول عربية 3من3    دراسة: النوم المبكر يعزز القدرات العقلية والإدراكية للمراهقين    إصابة الحوامل بفقر الدم قد ترفع خطر إصابة الأجنة بأمراض القلب    الحل في الفاكهة الصفراء.. دراسة توصي بالموز لمواجهة ارتفاع الضغط    المغرب يعزز منظومته الصحية للحفاظ على معدلات تغطية تلقيحية عالية    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوارات فكرية من أجل الفهم

درس الفيلسوف تشارلز تايلور في جامعة ماكغيل في مونتريال قبل الانتقال إلى كلية باليول بأكسفورد لدراسة الفلسفة والسياسة. وقد بدأ بكتابة سلسلة من المقالات المؤثرة حول مفاهيم الحرية وطبيعة التفسير في العلوم الاجتماعية مذ كان طالبا. أمّا كتبه فقد تمثّلت في قراءات نقدية للفلسفة الهيغلية، إضافة إلى كتاب بعنوان ?مصادر الذات: صناعة الهوية العصرية?. وقد صدرت أحدث أعماله في سنة 2007 تحت عنوان ?العصر العلماني?، وتزامن ذلك مع منحه جائزة تمبلتون تقديرا لما قدمه من أعمال طوال مسيرته العلمية. وقد قدّمت له هذه الجائزة مع منحة قدرها 1.5 مليون دولار، كما حصل هذا العام أيضا على جائزة كيوتو، والتي تضمنت منحة قدرها 50 مليون ين ياباني (حوالي 500 ألف دولار).
وعلى إثر حصول تايلور على هذه الجائزة قام معه كريس بلور (Chris Bloor) بحديث شيّق نشرته مجلّة الفلسفة الأمريكيّة الالكترونيّة (philosophy now) ضمن عددها لشهري جويلية وأوت 2009 رأينا إمتاع القارئ العربيّ به.
o لقد أشرت في عملك إلى أنّ الديمقراطية الليبرالية تدخل في حالة ارتباك عندما تعتبر نفسها محايدة. فأنت ترى أنّ ?الديمقراطية الليبرالية? هي قيمة في حد ذاتها، تدخل أحيانا في صراع مع القيم الأخرى، كما ينبغي أن يحدث، ويجب علينا الاعتراف بأن هذا أمر لا يمكن تجنبه.
n نعم. وأعتقد أنه لا يوجد أيّ شيء دائم الحياد، لا سيما في ما يتعلق بالمفاهيم التي تحدّد جودة الحياة. وعلى سبيل المثال، فإنّ مفهوم المشاركة، وكونك مواطنا، يعتبر جزءا من عملية تحديد مستقبلك ومستقبل مجتمعك، وأظن أن هذا لا يشكل ?فضيلة اختيارية?، كما هي في الواقع (يضحك): إنها مرتبطة بالشريان الحي لليبرالية، والمجتمع الديمقراطي، وينبغي علينا أن نكون صريحين حول هذا الأمر.
o سبق أن اقترحت أن يتمّ عند النظر في ادّعاءات المنظورات الثقافية المختلفة تبني ما أسميته ?لغة التغاير الواضح? حتّى يمكن إقامة شكل من أشكال الخطاب الذي يسلط الضوء على الاختلافات بين تلك الثقافات بدلا من محاولة صقلها والجمع بينها.
n أعتقد أن هذا ما يجب أن نتوجه إليه إن كنا نرغب في نقل هذه الاختلافات إلى مجال يمكن أن نقيم حوله نقاشا هادئا وعقلانيا حول كيفية عيشنا المشترك في ظل التوتر القائم بين الجماعات المختلفة. إنّ العودة إلى هذه اللّغة هي القادرة وحدها على إثارة نقاش هادئ بعيد عن وصم الآخر. وهذا ليس أمرا مهما داخل الفصول الدراسية أو في دراسة الإناسة فحسب، بل هو مهم أيضا داخل مناقشاتنا العامة. فنحن بحاجة ماسة إلى هذا الأمر داخل مجتمعاتنا المتنوعة. وأنا مسرور جدا بخصوص ما حدث في الكيبيك من تشاور عام حول التطرف الديني. فحين بدأ الناس بالتفوه بأقوال تعبر عن خوفهم من الأجانب وكراهيتهم، تصدّى بعضهم، وخاصة المسلمون منهم لذلك وقالوا: ?هذا خطأ?. ومن هنا بدأ الحوار يكتسي صورة غير هزليّة لعرض الاختلافات. وأعتقد أن مثل هذه الحوارات هي ما يجب أن نسعى إليه دائما.
o في مقابلة أجراها معك براين ماغي (Bryan Magee) في سنة 1978، اقتبست درسا من ماركس مفاده أنه ?في نفس اللحظة التي طور فيها البشر إمكانيات هائلة للسيطرة على حياتهم وأن يكونوا ما يشاؤون، فإنّهم خسروا تلك القوة، في الواقع، بفعل انقساماتهم الداخلية?. كما كتبت في مؤلفك ?أخلاق الأصالة?، عن ?الكفاح المستمرّ? (la lutta continua)، وهي عبارة اقترضتها من الألوية الحمراء الإيطالية. فهل كنت تقصد أنّه لا مفرّ من وجود صراع واضطراب داخل المجتمعات الغربية؟
n آمل أن لا نضطر إلى الاعتياد على مثل هذه الدرجة من الفوضى في اقتصادنا! ولكن نعم، لا يوجد حلول نهائية محددة في معناها العامّ. توجد معضلات عميقة، ونحن ننجذب في اتجاهات مختلفة، لكننا في طريقنا الآن نحو إيجاد وسيلة أقل تدميرا تتيح لنا جمع الأشياء مع بعضها. وأعتقد أن هذا ينطبق على الأزمة الحالية أيضا، حيث توجد من جهة الأسواق التي تحتاج إلى عدد من الوكالات الحرة داخلها، ومن جهة أخرى، توجد الحاجة إلى تجنب العواقب الوخيمة التي تنجر عن ترك الأسواق دون قيود. ولسوف يكون القرار صعبا.
وينطبق الشيء ذاته على اتجاهين أسمّيهما ب?التكنولوجي? و?التّعبيري?. فأنا أعتقد أن معظمنا يميل إلى كليهما معا، لكن من الواضح أنه يوجد أشخاص يميلون إلى أحدهما أكثر من الآخر، وبذلك ينشأ الانقسام بيننا. ولذا فنحن لن نتمكن أبدا من التوصل إلى حل قاطع ونهائي. وهذا ما أعنيه ب?الكفاح المستمر? (La Lutta Continua). إنّنا نصطدم دائما بمشكل جمع وجهات النظر معا، ولسوف نجد دائما أشخاصا يدفعون بقوّة في اتجاه واحد دون أن يولوا انتباها إلى المتطلبات الأخرى. لذا فنحن دائما في حاجة ملحّة إلى أن نتوصّل معا إلى حلّ يمكنه الصمود لفترة ما في خضمّ الاتجاهات المتضاربة.
o إذن، هل يكون الأمل في القدرة على النّضال في سبيل مستوى أرفع تحلّ فيه الصراعات الأساسية للثقافة، مجرّد أمل كاذب؟
n نعم. هو أمل كاذب، وهو وإن كان حلما جميلا إلاّ أنّه خلّب. إنه مجرد أمل كاذب من النوع الذي نجده في الماركسية الأصلية. وهذا يعني أن الماركسية فلسفة تعتبر قراءتها في غاية الأهمية، لأنها تحمل في طياتها تعريفا هاما للتناقض الثقافي الرئيسي، إلاّ أنّني ضدّ خطئها المتمثّل في الاعتقاد بأنّه يمكننا حلّ ذلك التّناقض، وهذا أمر لا يقلّ سوءا عن عدم رؤيته أصلا، بل ربّما كان كلّ السّوء في تبنّي مثل هذه الرؤية النيو- ليبرالية العمياء التي لا ترى التناقضات الثقافية الكبرى على الإطلاق، وتعتقد بأن كل شيء سوف يسير بنجاح بمجرد عولمتها، وهذا هو الحدّ الأقصى للعمى. يجب على هؤلاء الليبراليين الجدد أن يقرؤوا ماركس، فلعلّ توجّههم نحو الماركسية يمكّنهم من إصلاحها بإدخال جرعة من الواقعية فيها !


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.