مع ان عملية السلام في كولومبيا حققت تقدما حاسما في الايام الاخيرة، إلا ان طريقها لا تزال مزروعة بالعقبات ولاسيما السياسية قبل وضع حد لأقدم نزاع مسلح في اميركا اللاتينية، كما يقول خبراء. وتلتزم القوات المسلحة الثورية في كولومبيا، ابرز حركات التمرد في البلاد، اعتبارا من الاثنين، بوقف احادي لاطلاق النار يستمر شهرا كما اعلن في البداية، لكنه بات اربعة اشهر، كما قال الرئيس خوان مانويل سانتوس. والأشهر الاربعة هي الفترة التي حددها لنفسه زعيم وسط اليمين ليقرر ما اذا كان سيواصل عملية السلام، بالنظر الى موقف القوات المسلحة الثورية. وكانت فارك وقعت للتو اتفاقا تاريخيا مع الحكومة ينص على تقليص عمليات الجيش للمرة الاولى منذ بدء المفاوضات اواخر 2012 في كوبا، مما مهد لوقف ثنائي محتمل لاطلاق النار كانت ترفضه السلطات حتى الان في غياب اتفاق سلام. فقد اعلنت فارك عدة هدنات منذ ثمانينات القرن الماضي لكن دون نتيجة. وكان آخر مثال وقف اطلاق نار احادي اعلنته القوات المسلحة الثورية في دجنبر الماضي ثم انتهك في ماي عبر سلسلة هجمات شنها كلا الطرفين. لكن امكانية التوصل الى وقف ثنائي لاطلاق النار بدأت تتبلور. فالتوصل الى اتفاق على هذه النقطة امر ممكن، لكن "مع بعض الخصائص"، على حد تعبير رئيس الفريق الحكومي للمفاوضات اومبرتو دولا كال. لان لدى القوات المسلحة الثورية "التي يبلغ عدد عناصرها ثمانية الاف في مقابل 500 الف (للقوات المسلحة) ميزة استراتيجية تتمثل بقدرتها على التحرك. فإذا ما تجمعت (في بعض المناطق) تنتهي الحرب"، كما اكد كريستيان فولكل من مؤسسة مجموعة الازمات الدولية في كولومبيا. وقبل التوصل الى هذه التهدئة الميدانية، ما زال يتعين مناقشة المسائل الشائكة المدرجة في جدول اعمال مفاوضات كوبا، خصوصا مسألة كيفية التعاطي مع المقاتلين الذين يتخلون عن السلاح. وبانتظار ذلك، فان موقف التمرد الميداني الذي يتناقض مع حسن النية الذي يعلنه يثير القلق. فقد شهد جنوب البلاد الخميس ثلاث هجمات نسبت الى فارك واستهدفت خصوصا منشآت نفطية. ويتفق المحللون على ان توقيع اتفاق سلام مع فارك لم يكن ليرتدي اهمية من دون التقارب بين الحكومة وجيش التحرير الوطني، حركة التمرد الاخرى والذي اجرت معه "اتصالات لجس النبض فقط. وتفيد الاحصاءات الرسمية ان النزاع المسلح في كولومبيا اسفر خلال نصف قرن عن حوالى 220 الف قتيل وتهجير ستة ملايين شخص.