كما كان منتظرا، قررت وزارة الفلاحة والصيد البحري إعفاء المدير الإقليمي للفلاحة ببنسليمان من مهامه وإلحاقه بمصالح الوزارة. خبر الإعفاء تم تداوله يوم الجمعة 12 يونيو الجاري وأكده موظفو المرفق العمومي المذكور وهو اليوم الذي توصل فيه المسؤول المعني بقرار إعفائه الذي لم تمض على تعيينه على رأس المديرية الإقليمية سوى مدة تقارب السنتين. ويأتي هذا القرار إثر الاختلالات والخروقات الكثيرة والمستمرة التي عرفها ، مؤخرا، قطاع الفلاحة بإقليم بنسليمان بسبب سوء تدبير المرفق العمومي للفلاحة. وهي الوضعية التي خلقت صراعا وتطاحنا كبيرا بين موظفي المديرية الإقليمية بعد انقسامهم إلى فريقين، الفريق الأول اصطف إلى جانب المدير الإقليمي في مواجهة الفريق الثاني بعد استحواذه على كل الملفات الفلاحية خاصة مشاريع وبرامج مخطط المغرب الأخضر والإعانات الفلاحية التي تسيل اللعاب لما تتضمنه من دعم مادي ومالي كبير، مما جعل هذا الفريق يحكم قبضته على تلك الملفات ويمسك بكل دواليب وخيوط التسيير. أما الفريق الثاني فقد وجد نفسه بعد تهميشه مضطرا إلى الانتفاضة ضدا أسلوب الإقصاء، الشيء الذي جعله يخلق متاعب ومشاكل للفريق الآخر من خلال توجيه عدة شكايات إلى المسؤولين على المستوى الإقليمي والجهوي وكذا إلى مصالح وزارة الفلاحةن وكذا تأطير الفلاحين و دفعهم إلى المطالبة بحقهم في الاستفادة من الدعم والإعانة الفلاحية. هذا الوضع غير السليم انعكس بشكل كبير على تدبير شؤون القطاع بالإقليم وكان من نتائجه وقوع العديد من التجاوزات والخروقات، خاصة تلك المتعلقة بمشاريع وبرامج مخطط المغرب الأخضر والإعانات الفلاحية، حيث عرفت هذه العملية اختلالات كبيرة. وهو ما جعل أعضاء المجلس الإقليمي يشرحون هذا الوضع خلال إحدى الدورات العادية للسنة الماضية بحضور عامل الإقليم ويطالبون بفتح تحقيق في الموضوع. ومن بين تلك التجاوزات التي تطرق لها الأعضاء، نجد الخروقات الخطيرة التي تم الكشف عنها والمتعلقة بالإعانات الممنوحة للإسطبلات التي تضاعفت مؤخرا بشكل كبير. علما بأن البعض من الإسطبلات لا يتوفر على رخص البناء، مما يحيل إلى أن السلطات المحلية لا علم لها بهذه البنيات أو أن هذه الإسطبلات قديمة وتم تقديمها على أساس أنها بنايات جديدة قصد الاستفادة من الدعم الفلاحي. وهو ما يطرح أكثر من علامات الاستفهام حول دور لجان المراقبة والتتبع في مواكبة المشاريع الفلاحية المدعمة؟ إضافة إلى «التلاعب» الذي وقع في الاستفادة من بعض مشاريع سلاسل الإنتاج الفلاحية، حيث أن مشروع تربية الماعز الحلوب، حسب ما راج في دورة المجلس الإقليمي، لا يوجد إلا في الأوراق، و أن مواصفات هذا الماعز المستورد ليست هي تلك المتواجدة بما تم توزيعه على التعاونيات الفلاحية. وذكرت بعض المصادر في هذا الإطار أن الثمن الذي تم تحديده يتجاوز 2000 درهم لكل معزة، في حين أن الثمن الحقيقي يقل بكثير عن ذلك. وكان من المفروض أن يستفيد الإقليم من حوالي 600 رأس من الماعز، لكن لحد الآن تم توزيع فقط 200 رأس. وهذا ما يؤكد ما أشار إليه أحد أعضاء المجلس الإقليمي كون رؤوس الماعز الحلوب يعاد بيعها في الأسواق الأسبوعية. نفس الخروقات عرفتها عملية توزيع المعدات الفلاحية وسيارات توزيع الحليب (بيكوب) في إطار سلسلة إنتاج الحليب حيث شابتها عدة اختلالات مسطرية مقارنة مع توجيهات الوزارة الوصية على القطاع خاصة في الجانب المتعلق بتكوين لجان استقبال المعدات والآليات الفلاحية ومراقبة مدى تطابقها لدفتر التحملات وكذا اللجنة المكلفة والمشرفة على عملية توزيعها على التعاونيات الفلاحية، حيث أن عمل اللجان لم يكن في المستوى المطلوب وأن عملية تحديد معايير موضوعية قصد الاستفادة من هذه المعدات الفلاحية ومن مشاريع مخطط المغرب الأخضر لم تحترم. مما جعل بعض التعاونيات الفلاحية المحظوظة، التي يعتبر رؤساؤها من المقربين للمسؤولين بقطاع الفلاحة، تحظى بحصة الأسد من المشاريع المدعمة من طرف الدولة وتستفيد أكثر من مرة عن طريق الزبونية والمحسوبية من بعض مشاريع سلاسل إنتاج الحليب، ومن مشاريع تربية المواشي وتربية النحل، ومن المعدات الفلاحية، وكذا من سيارات نقل الحليب (بيكوب) التي شوهدت وهي تستعمل لقضاء أغراض ومصالح شخصية عوض القيام بالمهمة التي منحت من أجلها. وفي المقابل، حسب ما أشارت إليه تدخلات أعضاء المجلس الإقليمي، تم إقصاء مجموعة من التعاونيات الفلاحية وتهميش مشاريعها الطموحة والجادة من طرف المديرية الإقليمية للفلاحة ببنسليمان. وسبق لعدة لجان إقليمية وجهوية أن حلت للتحقيق في تلك الاختلالات. لكن الوضع استمر واستمرت معه المشاكل والتطاحنات دون أن يتم تصحيح الوضع، إلى أن تم إعفاء المسؤول المشار إليه من مهامه. لكن الرأي العام الفلاحي ينتظر أن يفتح تحقيق في مصير الإعانات والدعم الفلاحي، لكون ملف الخروقات المرتكبة في هذا الشأن أكبر من اتخاذ قرار الإعفاء دون متابعة ومحاسبة ممن استفادوا من المشاريع الفلاحية خارج المساطر المتبعة.